الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

كسر السفرة- زكريا محمد

هذا تعبير شائع في بلاد الشام وفي العراق، وربما في عدد من البلدان العربية الأخرى.
والسائد أن (الُّسفرة) هي مائدة الطعام، أو مائدة طعام الفطور، لأن التعبير يقال عن طعام الفطور، أي الترويقة، خاصة. بالتالي، يظن أن تعبير أن الكسر في الجملة يعني شيئا مثل (كسر الرغيف). أي أنك تأخذ بيدك من طرف السفرة- المائدة كأنك تكسرها.
لكن هناك من يعتقد أن الأصل هو (الصفرة) وليس (السفرة)، وان الأمر يتعلق بصفرة الوجه التي تتأتي من الانقطاع عن الطعام.
غير أن الأب، والعالم اللغوي الكبير، مرمرجي الدومنكي يرى أن الكسر هنا هو كسر للصوم. فالفطور هو كسر الصوم، من فطر بمعنى: كسر وشق:
(ومن "الفطر": الأكل بعد صيام رمضان. و"الفطور": أكله الصباح، أي بعد الانقطاع عن الأكل في الليل. والثلاثي منه "فطر" بمعنى شق أو كسر. ويقابله في الإنجليزية breakfast أي كسر الصيام، أو كما يقول البغاددة "كسر الصفرا"، أي الترويقة) (مرمرجي الدومنكي، معجميات عربية سامية، ص 210، طبعة مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونية، لبنان، 1950).
بالتالي، فمعنى كسر السفرة معادل عربي للكلمة الإنجليزية breakfast التي تعني في الأصل (كسر الصيام)، ثم أخذت معنى فطور الصباح. فكسر الصيام هو الأكل، وكسر السفرة هو تناول الطعام. فالحديث عن السفرة هو حديث عن الطعام. وهو ما يعني أن الأب مرمرجي افترض أن الصاد البغدادية منقلبة عن السين. أي أن المقصود (كسر السفرة) سفرة الطعام ومائدته وليس (كسر الصفرا).
غير أن هذا التفسير غير صحيح في اعتقادنا. ونحن نرى أن الصيغة البغدادية (الصفرا) بالصاد هي الصيغة الأقرب إلى القرب إلى الأصل. ونعتقد أنها في الأصل بتاء التأنيث: (الصفرة)، ثم صارت (الصفرا) حيث تحول التاء الساكنة إلى شيء بين هاء السكت والألف عند النطق بها في آخر الكلمات.
أما هذه (الصفرة) فليست هي صفرة الوجه، بل هي حية أسطورية عربية معروفة جدا. وهي موجودة في البطن، وتثور عند الجوع، وتسمى: الصّفْر: (وتزعم العرب أَن الرجل إذا طال جوعه تعرّضتْ له في بطنه حية يسمونها الشُّجاع والشِّجاع والصَّفَر. وقال أَبو خراش الهذلي يخاطب امرأَته:
أَردّ شجاع البطنِ لو تعلَمـينـه
وأوثر غيري من عيالك بالطعمِ).
يضيف اللسان في مكان آخر: (شجاع البطنِ: حية يذكر أَنها في البَطْنِ وتسمى الصَّفَر، تؤذي الإنسانَ إذا جاع). يزيد تاج العروس: (الشجاع: الصَّفَر الذي كون في البطن، وفي الصحاح: وتزعم العرب أن الرجلَ إذا طال جوعه تعرَّضت له في بطنه حية يسمونها الشجاع والصَّفَر) (الزبيدي، تاج العروس).
عليه، فأصل التعبير الشعبي هو (كسر الصَّفرة)، أي أن التعبير الشعبي أنث كلمة الصفر، على اعتبار أن الحية مؤنثة في العرف الشعبي، رغم أن القواميس عموما تراها مذكرا. بالتالي، فمعنى التعبير هو: وقف حركة احتجاجات حية البطن هذه. فالكسر هنا بمعني التفتير والتليين والتخفيف: (في حديث العجين: قد انْكَسَر، أَي لان واخْتَمر. وكل شيء فَتَر، فقد انكسر) (لسان العرب). وكسر حر الماء: فتر. وانكسر الحر: لان وخفت.
عليه، فقد كان أبو خراش يرد شجاع بطنه، أي حيته، ولا يمنحه الطعام الذي يسكته، ويتحمل ألم ذلك، مؤثرا أن يطعم أبناءه وأن يرد أذى الصفر، أو الصفرة، عنهم.
طبعا، من المحتمل جدا أن تكون أمعاء الإنسان هي التي صورت على أنها حية الصفر هذه. فهي تتلوى كحية، وحين تجوع تعض من الألم، وتطلق صفيرها، ربما.
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024