الحاج رفعت شناعة لموقع "هلا صور":إنَّ هذا الشعب الذي هزم (العماليق) قديماً واسترد فلسطين التوراتية، سيعيد فلسطين بمعناها الراهن إلى الحضن الذي كانت تغفو عليه قبل عام النكبة
حوار عماد سعيد
هو من الرعيل الأول الذي استفاق على نكبة لم تغادره يوماً، فصارت همه الذي يتداوله فكراً نضالياً، يُستشف منه مبعث خلاص.
تلك كلمات ليست كثيرة، بل هي حتى دونه مستوىً في التعبير عن مكانة أمين سر إقليم حركة "فتح" مسؤول مفوضية الإعلام والثقافة في لبنان الحاج رفعت شناعة.
فرغم التبدلات السياسية التي ألمَّت بحركة "فتح"، بقي هو الفلسطيني الهوى، العربي الانتماء، من الخاص إلى الكل والعكس، ليعبر عن مسيرة حياة ما تزال ترنو إلى أمل مفقود عند غيره، لكنَّه كائن وجودي، هو بمثابة هويته الوطنية والإنسانية.
الحاج رفعت شناعة من القلة الذين ما يزالون يحملون هموم وطن "مفقود" ويتطلعون بتفاؤل إلى تقادم الزمن مهما طال.
أسرة موقع هلا صور قامت بزيارة إلى مخيم الرشيدية، لاستطلاع الوضع المعيشي والاجتماعي الذي يعيشه هذا المخيم المنفي عن وطنه منذ العام ( 1948)، حيثُ الفقر والحرمان والانتقاص من أبسط الحقوق الإنسانية.
وللإطلاع على الواقع الفلسطيني الحالي، كان ل موقع "هلا صور" هذا اللقاء مع الحاج رفعت شناعة في مكتبه المتواضع في مخيم الرشيدية في صور.
الوحدة الوطنية الفلسطينية الفلسطينية
حول موضوع الوحدة الوطنية الفلسطينية الفلسطينية وأهدافها، أكد شناعة كون هذه الوحدة أولوية مطلقة لدى حركة "فتح" معلقاً بالقول: "وهكذا يجب أن تكون عند جميع الفصائل، والقوى، والتنظيمات، والشخصيات الفلسطينية على مختلف انتماءاتها الفكرية. لذا فعلينا ألا نكتفي بالمصالحة الشكلية، لأنَّ المصالحة شيء، والوحدة الوطنية شيءٌ آخر تماماً. فنحن نريد وحدة وطنية حقيقية كرد عملي فاعل ومباشر على سياسة الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا الفلسطينية، وكي نقول لقادة العدو الصهيوني ولأمريكا وغيرها بأنَّنا شعب واحد، أرضنا واحدة، لهدف واحد هو فلسطين وهو مطلب الشعب الفلسطيني في الداخل وفي سائر بلاد الشتات. ونقولها بكل وضوح وصراحة ومحبة للجميع، كفى عبثاً وتضييعاً للوقت ومناورة من هنا وأخرى من هناك لأن التاريخ لا يرحم"، لافتاً إلى أنَّ أية حركة تحرر وطني لم تتمكن من تحقيق الانتصار التاريخي والكامل دون تحقيق شرط الوحدة الوطنية.
ملامح وضع الفلسطينيين في لبنان
في حديثه عن الوضع الفلسطيني في لبنان، أشار شناعة إلى الأهمية التي يحتلها هذا الموضوع لدى الرئيس محمود عباس، خاصة بعد تجربة "مخيم نهر البارد" المأساوية، مشيداً بالأثر الذي حققته حالة الوعي اللبناني الفلسطيني المشترك والمعالجة المتواصلة والتعاون المشترك بين مختلف الفصائل الفلسطينية والدولة اللبنانية والجيش اللبناني، وهو العامود الفقري للمعالجة على حد قوله، لجهة قضائها على أحلام المصطادين بالماء العكر، والذين لا يريدون للعلاقات اللبنانية الفلسطينية أن تستقيم وتستقر.
من جهة ثانية، أكد شناعة ضرورة إعطاء الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين، على قاعدة التمسك بحق العودة للشعب الفلسطيني، وفقاً للقرار الدولي رقم "194"، والتمسك بهذا القرار دون التنازل عنه مهما كلف الأمر. مشيراً إلى أنَّ ما يعانيه الشعب الفلسطيني من مشاكل في لبنان على الصُعُد الاقتصادية والاجتماعية، يدفع إلى ضرورة الإسراع في طرح معظم هذه المشاكل والعمل على إيجاد السبل الآيلة لحله، بالتعاون مع الحكومات اللبنانية المتعاقبة، لافتاً في السياق ذاته إلى أنَّ الشعب الفلسطيني معني بدوره باستقرار لبنان وأمنه وسيادته، وبأمن المخيمات الفلسطينية واستقرارها، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التعاون المشترك بين السلطات اللبنانية والقوى والفصائل الفلسطينية على قاعدة تعزيز التعاون المشترك بحسب شناعة.
مقعد فلسطين ... والمنال البعيد
حول آخر التطورات الفلسطينية لجهة المطالبة بمقعد في الأمم المتحدة قال شناعة: "لقد خاض الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومعه الشعب الفلسطيني معركة شرسة وصعبة طيلة الفترة الماضية على الصعيدين الدبلوماسي والإعلامي بهدف إنتزاع إعتراف دول العالم بالدولة الفلسطينية ودخولها إلى الأمم المتحدة تكريساً لنضال وتضحيات الشعب الفلسطيني، وعلى قاعدة أن حق العودة للفلسطينيين ثابت ويكفله قرار الأمم المتحدة رقم 194. فهذا الحق ليس منة من أحد بل هو حق طبيعي ومشروع لكل الشعوب التي تطالب بحرية غير منقوصة كانت لهم قديماً وما تزال حقهم الراهن ومستقبلهم الذي يتطلعون إليه. ومع ذلك فإنَّ العالم الذي يُسمى حراً، هو بالحقيقة يتجاوز حرية الآخرين إلى استنساخ عبوديتهم على قاعدة مصالحه الاقتصادية، بعيداً عن إدعاءات (البروباغندا) التي صارت عند "العربان" قماشةً وزياً يتباهون به، فالشكل يبدو عندنا أهم بكثير من قراءة المضمون".
أمَّا عن الوضع في الداخل عموماً وفي الضفة الغربية وغزة خصوصاً، لفت شناعة إلى أنَّ الفلسطينيين كشعب على خلاف انتماءاتهم السياسية يعيشون حالة وجدانية تتطلع بمضامينها كافة إلى وحدة وطنية كحاضن لمستقبل يرنو إلى حرية وديموقراطية وحياة بعيداً عن الإملاءات الفوقية، متابعاً بالقول: "الجميع يدرك صعوبة الواقع الذي يعيشه المواطن الفلسطيني يومياً تحت الاحتلال والقتل المباح، وهذا ما يتطلب وحدة الجميع تحت سقف واحد : هزيمة الاحتلال".
وختم شناعة بالقول: "إنَّ هذا الشعب الذي هزم (العماليق) قديماً واسترد فلسطين التوراتية، سيعيد فلسطين بمعناها الراهن إلى الحضن الذي كانت تغفو عليه قبل عام النكبة"، مقدماً الشكر لموقع هلا صور على "الاهتمام الوطني الشامل الذي يتخطى مسافات الأمكنة الضيقة إلى متسع الهموم الوطنية والقومية أينما وكيفما وُجدت في العالم العربي، ويتطلع إلى مواكبة الربيع العربي بكافة اتجاهاته وتوجهاته".