صبرا وشاتيلا .. مجزرة كان يمكن منعها
سعيد عريقات – في الذكرى الثلاثين لمجزرة صبرا وشاتيلا، نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) اليوم الاثنين مقالاً للباحث المرشح لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ الدولي من جامعة كولومبيا الشهيرة، سيث آنزيسكي الذي أمضى فترة طويلة ينقب في تفاصيل هذه المجزرة المروعة في كل أرشيف وسجل متاح أميركياً وإسرائيلياً.
ويفتتح آنزيسكي مقاله الذي خصصت له الصحيفة ثلثي صفحة آرائها ذات المكانة المرموقة والأكثر اعتباراً في منابر الإعلام الأميركي بالقول "سمح الجيش الإسرائيلي في ليل 16 أيلول (سبتمبر) 1982 للمليشيات اللبنانية اليمينية المرتبطة بمليشيا الكتائب المارونية دخول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا والبدء باهتياج إجرامي من الاغتصاب والقتل وتقطيع أطراف وأجسام 800 فلسطيني على الأقل، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين في المجزرة التي استدامت لمدة ثلاثة أيام تحت سمعها وبصرها".
ويقول آنزيسكي أن وثائق الاجتماعات بين المندوب الأميركي إلى الشرق الأوسط آنذاك موريس دريبر والمسؤولين الإسرائيليين تكشف مدى تواطؤ واشنطن "غير المتعمد" في حدوث مأساة مجزر صبرا وشاتيلا "الأمر الذي أضعف بشكل كبير نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وقلل كثيراً من سلطتها الأخلاقية، وإن واشنطن شعرت غداة المذبحة بالذنب وهو الأمر الذي دفعها لإعادة نشر قواتها بالمنطقة وتغادر بعد فترة محدودة بدون رسالة واضحة".
ويورد المقال تفاصيل اجتماع المندوب الأميركي دريبر ووزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك إسحق شامير ووزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون الذي كان موجوداً في المنطقة وعدد آخر من كبار المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية يوم 17 أيلول (سبتمبر) 1982، اي بعد ساعات قليلة فقط من بدء المذبحة ، وهي تفاصيل تدين كل من شامير وشارون وتظهر انهما كانا على دراية كاملة بتفاصيل ما يجري داخل المخيمين، دون ان يشيرا لذلك مطلقا، وأن شارون سبق وأن ضلل واشنطن بإبلاغها بوجود ما بين ألفين وثلاثة آلاف من "الإرهابيين" في المخيمين، وهو ما كان سببا وراء التقاعس الأميركي وتأخرها في منع المذبحة".
ويبين أنزيسكي أن سجلات الأرشيف تكشف حجم الخداع الإسرائيلي الذي أضعف الجهود الأميركية لمنع وقوع المذبحة ، مشيراً إلى أن "واشنطن كانت تتصرف اعتمادا على معرفة جزئية بالحقيقة على الأرض وسلمت بالحجج الإسرائيلية الكاذبة والتكتيكات المتحايلة التي سمحت للمذبحة بالاستمرار على مدى ثلاثة أيام".
وينسب أنزيسكي لشارون قوله للأميركيين أن ما يجري في المخيمين هو عبارة عن عمليات تمشيط وملاحقة للإرهابيين وانه عندما يتعلق الأمر بأمننا، فإننا لا نسأل أبدا وعندما يتعلق الأمر بالوجود والأمن، فإننا نعتبر أن ذلك من صلب مسؤولياتنا ولا نتخلى عن التقرير بشأنه لأي أحد كان" في إشارة تدين التواطؤ الأميركي والاعتماد على المعلومات الإسرائيلية المشوهة بشأن حقيقة ما كان يجري في مخيمي صبرا وشاتيلا.
ويحمل آنزيسكي المندوب الأميركي انذاك دريبر مسؤولية توفير الغطاء لإسرائيل بالسماح لقوات الكتائب اللبنانية بالبقاء في المخيمين وإكمال المذبحة بسبب "استسلامه للخداع والكذب الإسرائيليين، وبالتالي فإن الأكثر إشكالاً هو أن الولايات المتحدة التي كانت في موقع يسمح لها بمنع المجزرة لم تفعل ذلك".
كما يبين آنزيسكي في مقاله الطويل أن"الرئيس الأميركي في حينه رونالد ريجان الذي أيد إسرائيل في بداية غزو لبنان وأتاح لها المجال لمواصلة القصف الشرس ألذي أدى إلى خسائر فادحة بين المدنيين، أٌستفز من الإفراط في القصف من قبل إسرائيل وكتب في مدونته أنه قال لرئيس وزراء إسرائيل آنذاك مناحيم بيغن بأنه يجب على القصف أن يتوقف وإلا فإن العلاقة الأميركية الإسرائيلية المستقبلية ستتعرض للخطر".
كما ينسب كاتب المقال لنائب وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت لورانس إيجلبيرغر قوله لسفير إسرائيل في واشنطن موشيه آرنس عندئذ "إن مصداقية إسرائيل قوضت بشدة وأننا (واشنطن) نبدو للآخرين وكأننا ضحية الخداع الإسرائيلي المتعمد".
ويخلص آنزيسكي للقول بأن "الدرس المستفاد من مذبحة صبرا وشاتيلا واضح، ففي بعض الأحيان يتصرف حتى الحلفاء الوثيقين بعكس ما تقتضي المصالح والقيم الأميركية، وأن الفشل في استخدام القوة الأميركية للحفاظ على هذه المصالح والقيم من الممكن أن تكون له نتائج كارثية على حلفائنا، وموقفنا الأخلاقي، وقبل كل شيء على الأبرياء الذين يدفعون الثمن".
وكان إيلي حبيقة، أحد زعماء القوات اللبنانية الذين شاركوا في المجزرة والذي قتل في انفجار غامض فيما بعد، صرح للإعلام الفرنسي "إن أعداد القتلى جراء هذه المجزرة تفوق بأضعاف العدد المعلن وهو 800 فلسطيني".
وتفيد كافة التقييمات أنه على الرغم من مرور السنين، فلا تزال ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا جاثمة على صدور الفلسطينيين، لا سيما من عايش تلك المجزرة وكان شاهدا عليها.
ويفتتح آنزيسكي مقاله الذي خصصت له الصحيفة ثلثي صفحة آرائها ذات المكانة المرموقة والأكثر اعتباراً في منابر الإعلام الأميركي بالقول "سمح الجيش الإسرائيلي في ليل 16 أيلول (سبتمبر) 1982 للمليشيات اللبنانية اليمينية المرتبطة بمليشيا الكتائب المارونية دخول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا والبدء باهتياج إجرامي من الاغتصاب والقتل وتقطيع أطراف وأجسام 800 فلسطيني على الأقل، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين في المجزرة التي استدامت لمدة ثلاثة أيام تحت سمعها وبصرها".
ويقول آنزيسكي أن وثائق الاجتماعات بين المندوب الأميركي إلى الشرق الأوسط آنذاك موريس دريبر والمسؤولين الإسرائيليين تكشف مدى تواطؤ واشنطن "غير المتعمد" في حدوث مأساة مجزر صبرا وشاتيلا "الأمر الذي أضعف بشكل كبير نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وقلل كثيراً من سلطتها الأخلاقية، وإن واشنطن شعرت غداة المذبحة بالذنب وهو الأمر الذي دفعها لإعادة نشر قواتها بالمنطقة وتغادر بعد فترة محدودة بدون رسالة واضحة".
ويورد المقال تفاصيل اجتماع المندوب الأميركي دريبر ووزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك إسحق شامير ووزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون الذي كان موجوداً في المنطقة وعدد آخر من كبار المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية يوم 17 أيلول (سبتمبر) 1982، اي بعد ساعات قليلة فقط من بدء المذبحة ، وهي تفاصيل تدين كل من شامير وشارون وتظهر انهما كانا على دراية كاملة بتفاصيل ما يجري داخل المخيمين، دون ان يشيرا لذلك مطلقا، وأن شارون سبق وأن ضلل واشنطن بإبلاغها بوجود ما بين ألفين وثلاثة آلاف من "الإرهابيين" في المخيمين، وهو ما كان سببا وراء التقاعس الأميركي وتأخرها في منع المذبحة".
ويبين أنزيسكي أن سجلات الأرشيف تكشف حجم الخداع الإسرائيلي الذي أضعف الجهود الأميركية لمنع وقوع المذبحة ، مشيراً إلى أن "واشنطن كانت تتصرف اعتمادا على معرفة جزئية بالحقيقة على الأرض وسلمت بالحجج الإسرائيلية الكاذبة والتكتيكات المتحايلة التي سمحت للمذبحة بالاستمرار على مدى ثلاثة أيام".
وينسب أنزيسكي لشارون قوله للأميركيين أن ما يجري في المخيمين هو عبارة عن عمليات تمشيط وملاحقة للإرهابيين وانه عندما يتعلق الأمر بأمننا، فإننا لا نسأل أبدا وعندما يتعلق الأمر بالوجود والأمن، فإننا نعتبر أن ذلك من صلب مسؤولياتنا ولا نتخلى عن التقرير بشأنه لأي أحد كان" في إشارة تدين التواطؤ الأميركي والاعتماد على المعلومات الإسرائيلية المشوهة بشأن حقيقة ما كان يجري في مخيمي صبرا وشاتيلا.
ويحمل آنزيسكي المندوب الأميركي انذاك دريبر مسؤولية توفير الغطاء لإسرائيل بالسماح لقوات الكتائب اللبنانية بالبقاء في المخيمين وإكمال المذبحة بسبب "استسلامه للخداع والكذب الإسرائيليين، وبالتالي فإن الأكثر إشكالاً هو أن الولايات المتحدة التي كانت في موقع يسمح لها بمنع المجزرة لم تفعل ذلك".
كما يبين آنزيسكي في مقاله الطويل أن"الرئيس الأميركي في حينه رونالد ريجان الذي أيد إسرائيل في بداية غزو لبنان وأتاح لها المجال لمواصلة القصف الشرس ألذي أدى إلى خسائر فادحة بين المدنيين، أٌستفز من الإفراط في القصف من قبل إسرائيل وكتب في مدونته أنه قال لرئيس وزراء إسرائيل آنذاك مناحيم بيغن بأنه يجب على القصف أن يتوقف وإلا فإن العلاقة الأميركية الإسرائيلية المستقبلية ستتعرض للخطر".
كما ينسب كاتب المقال لنائب وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت لورانس إيجلبيرغر قوله لسفير إسرائيل في واشنطن موشيه آرنس عندئذ "إن مصداقية إسرائيل قوضت بشدة وأننا (واشنطن) نبدو للآخرين وكأننا ضحية الخداع الإسرائيلي المتعمد".
ويخلص آنزيسكي للقول بأن "الدرس المستفاد من مذبحة صبرا وشاتيلا واضح، ففي بعض الأحيان يتصرف حتى الحلفاء الوثيقين بعكس ما تقتضي المصالح والقيم الأميركية، وأن الفشل في استخدام القوة الأميركية للحفاظ على هذه المصالح والقيم من الممكن أن تكون له نتائج كارثية على حلفائنا، وموقفنا الأخلاقي، وقبل كل شيء على الأبرياء الذين يدفعون الثمن".
وكان إيلي حبيقة، أحد زعماء القوات اللبنانية الذين شاركوا في المجزرة والذي قتل في انفجار غامض فيما بعد، صرح للإعلام الفرنسي "إن أعداد القتلى جراء هذه المجزرة تفوق بأضعاف العدد المعلن وهو 800 فلسطيني".
وتفيد كافة التقييمات أنه على الرغم من مرور السنين، فلا تزال ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا جاثمة على صدور الفلسطينيين، لا سيما من عايش تلك المجزرة وكان شاهدا عليها.