صحفي والشرطة ينقذان حياة اسيرة حاولت حرق نفسها
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
علي السمودي -انقذ صحفي وشرطة مدينة رام الله يوم الخميس حياة الاسيرة المحررة عبير محمود حسن عودة (30 عاما ) التي حاولت اضرام النار واحراق نفسها على دوار المنارة وسط رام الله احتجاجا على ظروفها المعيشية وعدم الاستجابة لمطالبها وخاصة علاجها ، في وقت اكد فيه وزير الاسرى ان السلطة قدمت للمحررة كافة المساعدات وصرفت لها مستحقاتها وجرى تفريغها ضمن اجهزة الامن الفلسطينية وتحمل رتبة مقدم في الامن الوطني .
تفاصيل الاحداث
المحررة عبير التي تنحدر من بلدة صيدا قضاء طولكرم ، والتي تحررت في المرحلة من صفقة "وفاء الاحرار" في تشرين اول من العام الماضي توجهت صباح امس الى المقاطعة في مدينة رام الله لمقابلة الرئيس محمود عباس او أي مسؤول في القياده الفلسطينية كما ابلغت الصحفي جهاد بركات الذي يعمل مراسلا لقناة "فلسطين اليوم" في رام الله للمطالبة بعلاجها والاحتجاج على اهمال حالتها الصحية .
ويقول الصحفي بركات "للقدس":"عندما كنت اؤدي عملي في بيرزيت تلقيت عبر هاتفي الخلوي اتصالا من المحررة عودة والتي كانت غاضبة جدا وتصرخ انها ستنتقم وتثأر احتجاجا على اهمال حالتها من كافة الجهات وعدم متابعتها من كافة الجهات التي توجهت لها لمساعدتها كونها تعاني عدة امراض من اثار اعتقالها ".
وتابع الصحفي جهاد يقول "حاولت تهداتها والتخفيف عنها ولكنها انفجرت غاضبة، وقالت " رايحة افرجيهم واخليهم عبرة وبدي اعمل شي عمره ما صار على دوار المنارة بدي اخلص من حياتي لانه الموت ارحم ".
استمر الصحفي جهاد في محاولاته للتخفيف من ثورة وغضب المحررة عودة واقناعها بالتوقف وعدم الاقدام على أي سلوك يعرض حياتها للخطر،و يقول " طلبت منها التريث وعدم التسرع وشرح حكايتها ومطالبها ومنحي فرصة لاثارتها في الاعلام لان هدفي كان حمايتها ومنعها من تعريض حياتها للخطر ولكنها استمرت تصرخ وتردد منعوني ادخل المقاطعة عشان اقابل الرئيس لاني بدي اتعالج وما بقدر اتعالج عل حسابي ، احنا ناضلنا وضحينا وقدمنا كل شيء وما بدهم يساعدونا ".
وتابع الصحفي جهاد " لم تستمع لكلامي لانها كانت تتحدث بطريقة اسرع مني، وقبل ان تغلق الهاتف قالت انا رايحه على المنارة ومعي البنزين بدي احرق حالي ".
طلب النجدة والشرطة
سارع الصحفي جهاد لبذل كل جد مستطاع لانقاذ حياة عودة ،ويقول "اتصلت بالشرطة وابلغتها للمسارعة لاتخاذ اللازم قبل وصولها للدوار،واتصلت بمقر التلفزيون برام الله طالبا المساعدة وفورا توجهت زميلتي جيهان عوض للموقع للوصول الى عبير قبل الاقدام على أي شيء وعندما وصلت كانت الشرطة هناك وتمكنت من انقاذها ".
الشرطة تنقذ حياتها
وسط رام الله ، سكبت عودة الوقود على جسدها وقبل نجاحها في إشعال النار بنفسها وصلت الشرطة وانقذت حياتها ، وصرح مدير شرطة رام الله المقدم عمر البزور، لـ" القدس": أن "الاسيرة المحررة عبير عودة، اقدمت بالفعل على سكب البنزين على جسدها، وتمكن افراد الشرطة من منعها والسيطرة عليها، ونقلها لمركز الشرطة في المدينة . وأضاف :"أن الشرطة اجرت اتصالات مع عدة مؤسسات لتحديد اسباب الحادث ومعالجته وحماية عودة "، مشيرا الى ان فريق من الشرطيات والشرطة تمكنوا من تهدئتها، كما تم احضار طبيب لفحصها إن كانت تعاني من اي اضرار على صحتها بعد سكبها البنزين على نفسها .
رواية الصحفية
من جانبها ، قالت الصحفية جيهان عوض مراسلة قسم البرامج في قناة " فلسطين اليوم" لمراسل "القدس":"انها عندما وصلت لمركز شرطة رام الله شاهدت عودة تجلس بجانبها شرطية ويحيط بها مجموعة من الشرطة وهم يحاولون مساعدتها وتهدئتها والاستماع لها، واضافت " كانت منهارة وتبكي بشدة وعندما شاهدتني بدات تبكي اكثر وبدت في حالة غضب شديد وقالت لي انها اقدمت على محاولة احراق نفسها احتجاجا على اهمال المؤسسات لها حيث ان لها حقوق كاسيرة لم تحصل عليها خلال الاعتقال وبعد التحرر ".
وتضيف الصحفية جيهان " اوضحت عبير لي وللشرطة انها ذهبت للمقاطعة صباحا لايصال قصتها للرئيس بعدما ياست من التنقل بين المؤسسات ولكن منعت من الدخول فقالت لافراد الامن انها اذا لم تدخل ستحرق نفسها ، وبحسب ما اكدته عبير " فان الضابط رد عليها بالقول احرقي نفسك ".
تحقيق ومحاسبة
وذكرت الصحفية جيهان " انها وافراد الشرطة والشرطية تمكنوا من التخفيف من غضبها،وبينما سجلت الشرطة افادتها ابلغوها ان رسالتها وقصتها وصلت للرئيس وسيجري تحقيقا فيما حدثومحاسبة الضابط الذي قال لها احرقي نفسك ، وطلبوا منها التوجه الى محافظ رام الله والبيرة التي ارسل اليها الرئيس تعليمات بمتابعة وحل قضيتها ".
في البداية رفضت عبير التوجه للمحافظة بعدما قالت انها راجعتها كباقي المسؤولين ولم تهتم بقضيتها،لكنها رافقت مجموعة من ضباط الشرطة وممثل المحافظة امين عنساوي وتوجهت الى مقابلة الدكتور ليلى غنام لاطلاعها على كافة التفاصيل .
قبل ذلك ، كانت الصحفية جيهان اشترت ملابس لعبير واستبدلتها قبل مغادرة مقر الشرطة ،كما وناشدتها ايصال رسالتها لوسائل الاعلام ، مؤكدة انها اقدمت على محاولة احراق نفسها احتجاجا على اهمال المؤسسات وتنكرها لها رغم معاناتها في السجن وبعد الحرية لاها لن تاخد حقوقها ومستحقاتها .
وزير الاسرى
من جهته ،قال وزير الاسرى عيسى قراقع "للقدس": أن " المحررة المناضلة عبير عودة حظيت برعاية ودعم السلطة الوطنية ووزارة الاسرى منذ اللحظة الاولى للافراج عنها ولم يجر اهمالها اطلاقا". واضاف "قمنا بتفريغها برتبة مقدم في صفوف قوات الامن الوطني كباقي الاخوة والاخوات المحررين في صفقة شاليط وهي تقبض راتب شهري بشكل منتظم وفق رتبتها العسكرية التي تكفل لها حياة كريمة خاصة وان لديها تأمين طبي من الخدمات العسكرية يوفر لها أي علاج تحتاجه ".
واضاف قراقع ان المحررة عبير حصلت على منحة الحياة الكريمة وقيمتها 13 الف دولار وصرفنا لها منحة الافراج التي يحصل عليها كل اسير بعد تحرره والبالغة 4 الاف دولار"، مشيرا الى ان "السلطة لم ولن تقصر مع عبير او غيرها من المحررين رغم كل الظروف الصعبة"، واكد انه سيتابع شخصيا اوضاعها وفي حال برز أي مشاكل او معاناة لديها ستجري معالجتها فورا.
ردود فعل
من جانبه ، اعتبر مركز أسرى فلسطين للدراسات إقدام عوده على محاولة إحراق نفسها مؤشر خطير على تردى الأوضاع وحدث لا يمكن المرور عنه مر الكرام لأهميته وخطورته . ولكن في الوقت نفسه رفض المركز التصريحات التي نشرت على بعض وسائل الإعلام ووصفت الأسيرة المحررة بالمريضة النفسية ، وإنها تعانى من ظروف نفسية نتيجة عزلها لشهور طويلة في سجون الاحتلال، لذلك أقدمت على هذا العمل ، لان هذا الوصف يعتبر اهانة لقضية الأسرى ، وتحقير للمحررين ، وتجيير قضية الأسرى لخدمة مواقف سياسية معينة ، حيث ان الأسيرة تحررت من سجون الاحتلال منذ عام تقريباً ، وكانت تمارس حياتها بشكل طبيعي ، وهى موظفة لدى السلطة على كادر الأمن الوطني نظرا للمدة التي قضتها فى سجون الاحتلال ، ولم يظهر عليها اى علامات تدل على أنها غير سوية .
متابعة واهتمام
في نفس الوقت تداعت محافظة رام الله والبيرة بكافة دوائرها بتعليمات من الرئيس محمود عباس وتوجيهات د.ليلى غنام لمتابعة حالة عودة .وأكدت غنام انه وبعد استقبالها اليوم المحررة عوده لمساندتها ودراسة حالتها، أن المواطنة تتقاضى راتبا بصفتها مقدما في السلطة الوطنية الفلسطينية ولديها تأمين صحي متكامل وملفها متابع في وزارة شؤون الأسرى والمحررين، مبينة أن شعبنا الفلسطيني بشكل عام وعمالقة الصبر أسرانا وأسيراتنا والمحررين منهم بشكل خاص يتحلون بإرادة وعزيمة لا مثيل لها ومن المستغرب القيام بتصرفات حرمتها شريعتنا ونبذتها أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا، حامدة الله على عدم تعرضها لأي مكروه.
وشددت المحافظ أن أبواب مؤسساتنا مفتوحة دائمة لاستقبال المواطنين وهمومهم كل باختصاصه، مشيرة أن محافظة رام الله والبيرة تبنت الموضوع بتعليمات من الرئيس علما أن الأسيرة المحررة تتبع لمحافظة طولكرم للتأكيد على أن كافة مؤسسات هذا الوطن شركاء في خدمة مجتمعنا بكافة الطرق والوسائل المتاحة، مؤكدة أنه وبالرغم من كون موضوعها متابع من كافة جهات الإختصاص إلا أن المحافظة ستقوم بجدولة متطلباتها وفقا للأولويات لإخراجها من حالة اليأس والإحباط التي تمر بها، مبينة أن على المؤسسات الأهلية التي تأخذ ميزانيات طائلة من مساعدات شعبنا لتقديم خدمات نفسية وتأهيلية، ممارسة دورها وتحمل مسؤولياتها.
وأهابت المحافظ بوسائل الإعلام ضرورة تحلي الدقة وعدم اثارة الأمور دون الرجوع إلى أصلها وحقيقة حيثياتها، مشيرة إلى خصوصية المواطنين وظروفهم التي تعتبر أهم بكثير من التسابق على سبق صحفي يمكن أن يسيء لحالات نضالية لها خصوصيتها.
من جانبهظ، بين خطيب الأسيرة المحررة عودة أن الإحتلال وسياسة السجانين و10 سنوات من الإعتقال نصفها في العزل الإنفرادي وغرف الشبح هي المسبب الحقيقي لتصرف من هذا النوع، مشيرا أن الإحتلال لا يزال يتعقب خطيبته ويراقب مكالماتها وتحركاتها ما ساهم في توترها وسوء وضعها الصحي والنفسي.
وأكد خطيبها أن مشكلتها ليست مادية وليست بسبب تقاعس المؤسسات عن واجبهم تجاهها، مبينا أنها تحظى بمحبة كافة أبناء شعبنا خصوصا وأنها مناضلة يعتز بها كل من يعرفها.
وبين أن معلومات لديه تؤكد أن هناك من يحاول جرها لمثل هذه التصرفات من أجل استغلال اسمها كمناورة لخدمة أجندات غريبة عن شعبنا وثقافتنا ووحدتنا، مشددا أنه سيواصل دعمه ووقوفه إلى جانب خطيبته ولن يسمح بتمرير أجندات على حسابها وحساب تاريخها، قائلا: " يشرفني أن أكون دائما معها وأن تكون شريكة حياتي مناضلة عتيدة كعبير".
وبدوره ،أدان العميد خليل النقيب مدير الخدمات الطبية العسكرية سياسة الهروب من بعض ظروف الحياة من خلال هذه الأساليب، مشيرا أن الرئيس وجه تعليمات واضحة بعلاج كافة الأسرى المحررين عسكريين ومدنيين، مؤكدا أن هذه التعليمات تنفذ بحذافيرها. وبين النقيب أن المحررة عودة سبق وأن توجهت للخدمات الطبية لعلاج مشكلة بالقولون لديها والذي من الممكن التعامل معه وبشكل متميز من خلال الخدمات او تحويلها إلى أحد المستشفيات الحكومية، إلا أنها أصرت على أن تعالج في أحد المستشفيات الخاصة في مدينة نابلس، حيث تم بالفعل وبناء على خصوصيتها كمناضلة نعتز بها جميعا الموافقة على تحويلها حيث ترغب.
عبير عودة
وتنحدر عودة من عائلة تعرض جميع افرادها للاعتقال واستشهد شقيقها الطفل محمد برصاص الاحتلال خلال انتفاضة الاقصى التي اعتقلت خلالها في 15-3-2003 ، وتعرضت للعزل الذي عانت فيه من مضايقات وعقوبات كثيرة مثل حرمانها من الأدوات الكهربائية، ومنع زيارة الأهل وإرسال الرسائل وإدخال الكنتين، وقد فرضت عليها أكثر من مرة غرامات عالية لأتفه الأسباب وتعرضت للشتم والضرب حتى أغمي عليها داخل الزنازين، كما عانت من عدة أمراض حتى وصلت الى وضع سيء جدا، ولم تعد قادرة على الوقوف.