عن صديقي الذي ذاب في الملحمة- ناصر ثابت
الى الأسير مسلمة ثابت، وكل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية
شعر ناصر ثابت
غائباً في ثنايا الحنينْ
أخذتكَ البطولةُ منا
فزرعنا لأجلكَ زيتونة في الفؤادْ
وانتظرناكَ، قلنا:
"سوف يُدهشُنا، ويطلُّ علينا
...
باكراً في الصباحْ"
كنتَ تطرقُ أبوابَنا في الصباحْ
حاملاً بندقيتك الرائعة
وتقول:
"كنتُ أقطفُ بعضَ الأملْ
وأدلِّكُ صدرَ السلاحْ
بالندى..."
ثمَّ تنهضُ مبتسماً.. وتقولْ:"سأعودُ غدا.."
وتسافرُ في رحلة البحثِ عن وطنِ العندليبْ
وتقبلُ كفَّ الردى
وتغيبْ
في ثنايا الغروبْْ
أيها العاشق الفوضويْ
لمَ أسرفَ قلبُكَ في عشقِه؟
كيفَ أوقعكَ العشقُ في الأسرِ؟
كنتَ طليقاً... وأصبحتَ حُراً
كنتَ حين تجوبُ الدروبْ
باحثاً عن رفاق السلاحْ
تتحدى غموضَ الهويةِ،
والجندَ،
والمخبرينْ..
عندما عدتَ من رحلةِ البحثِ، ذاتَ حنينْ
"أين كنتَ" سألناكَ بعد البكاءْ
"كنتُ أقطفُ بعض الأملْ
وأقلمُ أغصانَ حريتي
كنتُ أكملُ ما بدأ الشهداءْ.."
ثمَّ تنهضُ مبتسماً وتقول: "سوف أرجعُ قبل المساءْ"
وتغيبْ
في ثنايا الدروبْ
***
لصديقي الذي ذاب في الملحمة
لصديقي الذي يتسلى بترويض حقدِ الطغاةِ
أقول:
صمتتْ، عندما غبتَ في السجن، كلُّ البنادق
صمتتْ، عندما غبتَ كلُّ الخطاباتْ
نضبتْ بغيابك كلُّ البطولاتْ
وتراجعت الملحمة
لم يعد بيننا من يرابط عند الخنادقْ
يا صديقي الذي ذابَ في الملحمة
خذ من الفخر كأسا
والمسِ الشمسَ لمسا
أنت وحدك ما زلتَ حراً تقاومْ
وتروِّضُ حقدَ الطغاةِ
فقل لرفاقك في السجن أن يفخروا
وأن يصبروا
يا صديقي الذي ذابَ في الملحمة
إن سجانك المترددَ يأسره وهمُه الأكبرُ
أنت حرٌّ، وسجانكَ الدمويُّ أسيرٌ
وهو يعرفُ أنكَ أنت الذي يأسرُ
أيلول 2012