ظهر المالح.. سجن صغير تربطه بوابة وحيدة بالعالم الخارجي
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
علي سمودي- في سجن صغير يرزح اهالي قرية ظهر المالح شمال غرب مدينة جنين بعدما عزلها الاحتلال داخل جدار الفصل العنصري، واصبحت محاصرة من جهاتها الاربع، بينما يتحكم الجنود على البوابة الوحيدة التي تربطها بالعالم الخارجي بحياتهم ويقيدون حركتهم بتصاريح.
وقال عضو المجلس القروي احمد الخطيب "إن القرية تعاني من دمار شامل ويعيش سكانها ظروف السجن نفسه في اطار مخطط لتهجيرهم وتشريدهم منها لأنها القرية الوحيدة الصامدة رغم عزلها بالجدار والمستوطنات التي تحاصرها".
رقابة وعزل
ويخضع اهالي القرية البالغ تعداد سكانها 350 نسمة لرقابة اسرائيلية مشددة تضاعفت منذ 2002 عقب بناء جدار الفصل العنصري الذي حاصرها وعزلها والتهم مساحات واسعة من اراضيها، وذكر الخطيب "حتى انفاسنا محاصرة وخطواتنا مرصودة ومقيدة بما في ذلك الطلبة والمرضى فهناك سياسة مبرمجة تمارس بحقنا للضغط علينا وتضييق الخناق لانهم لا يريدون ان يروا فلسطينيا في المنطقة".
وتحصر القرية المستوطنات من جهاتها الثلاث، وبحسب الخطيب فمن الشرق مستوطنة "شاك" ، و"حنانيت" من الشمال، ومن الغرب يحيط بها حاجز كبير حيث ان هذا الحاجز يسبب ازعاجا لاهالي القرية شبه يومي، ومن الجنوب جدار الفصل العنصري، مضيفا "منذ تأسيس اول نواة للمستعمرات التي اقيمت على اراضينا الزراعية الخصبة صادر الاحتلال معظم اراضي ظهر المالح لصالح المستعمرات، وبعد اقامة معسكر لجيش الاحتلال تم الاستيلاء على كافة اراض الجهة الغربية"، وتابع "ومع بدء مشروع بناء جدار الفصل العنصري اكتملت دائرة النهب والمصادرة فأقيم الجدار بعد القرية التي اصبحت معزولة عن العالم الخارجي اضافة لمصادرة المزيد من الاراضي المملوكة لاهالي القرية بموجب اوراق الطابو ومستندات ووثائق رسمية".
بوابة جهنم
هو الاسم الذي يطلقه اهالي قرية ظهر المالح على الحاجز الذي اقامه الجنود على مدخلها الوحيد على العالم الخارجي، وأشار الخطيب إلى "أنه حاجز للحصار والمعاناة والاذلال ويعتبر بمثابة ثكنة عسكرية يخضع لاوامر وتعليمات مشددة تتحكم بحياة كل مواطن وكل من يخالف يخضع للعقوبات"، مضيفا "جنود الحاجز يتحكمون بحركة دخول وخروج الاهالي بطريقة لم يشهد لها العالم مثيل، فالبوابة تفتح في فترات معينة وعلى كل مواطن ان يبرمج حياته وفق المواعيد التي لا يمكن تغييرها ابدا ولكنها قابلة للتعديل بما يضاعف اعباء ومعاناة المواطنين".
نظام قهر
وبموجب النظام الذي يمارسه الجنود تفتح البوابة على مدخل ظهر المالح من الساعة السابعة صباحا وحتى العاشرة صباحا ثم يجري اغلاقها لساعتين، ثم يعاد فتحها من الساعة الثانية عشرة وحتى السابعة والنصف مساء، وأوضح الخطيب "من يتأخر دقيقة عن المواعيد مهما كانت ظروفه حتى لو كان مريضا، لا يمكنه المرور ويمكن ان يعاقب ويصدر بحقه منع امني".
تلك الاجراءات تشمل حتى الحالات المرضية رغم أن القرية تفتقر لمركز او عيادة صحية، ويبين عضو المجلس القروي الخطيب "لا يوجد مراعاة حتى للمرضى ويوم السبت احتجز الجنود المواطن فتحي محمد خطيب البالغ من العمر 62 عاما رغم مرضه وكان عائدا من المستشفى بعد اجراء عملية جراحية"، ويضيف "الاشد مرارة أن الجنود وبعد احتجازه رغم اطلاعهم على اوراقه الطبية وبطاقته التي تؤكد انه من سكان القرية فوجئنا بهم يمنعونه من العبور للعودة لمنزله"، ويكمل "بعد فحص بطاقة الهوية اخبره جيش الاحتلال انه ممنوع امني من دخول القرية ويجب عليه ان يذهب الى معسكر "سالم" حيث قاعدة الجيش والادارة المدنية لفحص سبب المنع مع انه لايستطيع الوصول الى تلك المنطقة لوضعه الصحي".
استمرت معاناة المريض الخطيب عدة ساعات رغم تدخل الارتباط العسكري الفلسطيني ثم وافقت سلطات الاحتلال على السماح له بالمرور.
المنع الامني
لا تقتصر معاناة اهالي القرية على ذلك، فمنذ فترة بدأت بتطبيق سياسة المنع الامني، وأوضح الخطيب "إنهم يتفننون في ابتداع كل اشكال القهر والتعذيب بحقنا، ففي أي لحظة يمكن للجنود ان يحتجزوا أي مواطن من القرية ومنعه من العودة اليها بذريعة المنع الامني غير المبرر والذي يحتاج لاجراءات ومعاناة كبيرة لمعالجته"، مضيفا "هناك خوف وقلق نعيشه في كل لحظة لان كل فرد معرض للنفي والحرمان من العودة لمنزله بسبب المنع الامني دون ادنى حراك من المؤسسات الانسانية والدولية لذلك تستغل سلطات الاحتلال الاوضاع لتفريغ المنطقة".
واشار الى ان "أهالي القرية يتعرضون لاستهداف مستمر بسياسة المنع الامني التي تحرمهم من دخول بيوتهم لفترات طويلة واحيانا يستمر المنع الامني اكثر من عامين، مؤكدا مخاطر تلك السياسة التي ادت لمغادرة نحو 20 عائلة القرية والانتقال للاقامة في قرى مجاورة رغم ان اصلها وجذورها واراضيها ومنزلها تقع هناك للخلاص من جحيم المعاناة اليومية بسبب اجراءات ومضايقات الاحتلال".
صور اخرى
وبينما تنعم المستوطنات المجاورة بكل سبل العيش الرغيد ومقومات الحياة، فإن الاحتلال يحاصر القرية حتى في بنيتها التحتية لتفتقر لكل احتياجاتها، فعلى صعيد المدارس يضطر طلاب هذه القرية للذهاب الى قرية طورة الغربية المجاورة للدراسة وهي تقع خارج جدار الفصل العنصري، وذكر الخطيب أن "الطلاب يعيشون يوميا كل صور العذاب ذهابا وايابا بسبب تحكم جنود الاحتلال في الوقت، ما يؤثر على دراستهم اضف لذلك التأثير النفسي لما يمارس بحق الاطفال من اجراءات وهم يتعرضون للاحتجاز والتفتيش ومعاملة الجنود التي لا تفرق بين كبير او صغير".
ومنذ سنوات طويلة، حرم الاحتلال القرية من كافة مستلزمات الحياة، وبين الخطيب "في عصر التطور والتكنولوجيا تفتقر للمؤسسات الحكومية، فلا يوجد فيها ادنى الخدمات الصحية، كما تفتقر للكهرباء بسب معارضة جيش الاحتلال لتزويدها بالتيار بسب قربها من المستوطنات وجدار الفصل العنصري"، مضيفا "معظم منازل الاهالي في القرية اصدر الاحتلال بحقها قرارات وقف البناء ويرفض ترخصيها، وحتى المسجد الوحيد غير مرخص ولايوجد فيه امام ولامؤذن".
مناشدة
وأفاد الخطيب بأن الاحتلال دمر مقومات الحياة والمعيشة للقرية التي يعتمد اهلها على الزراعة والعمالة في الداخل، وقال "بسبب الجدار لم يبق ارض للزراعة وبعد الجدار والحصار توقفت التصاريح وبالتالي ارتفعت معدلات البطالة والفقر بينما لم تحظ القرية بأي دعم او مساندة".
وناشد الخطيب باسم اهالي القرية الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور سلام فياض التدخل الفوري لوضع حد لمعاناة المواطنين التي تزداد يوميا ووضعها على رأس قائمة المناطق المتضررة ودعمها بالمشاريع والبنية التحتية لتعزيز صمود من تبقى من اهلها الذين يرفضون الخضوع لمخططات ورغبات الاحتلال القديمة الجديدة للاستيلاء على اراضيهم ومسح وجودهم والغاء قريتهم عن الخريطة.