السلام البعيد..
مضارب البدو في الأغوار
جميل ضبابات- يوم عادي، ينقلب إلى نفير، عندما ينتشر خيالة مسلحون في الأودية ويرن هاتف مفاجئ لأحد الرعاة يعلن بدء حملة لسجن الأبقار. فالجيش الإسرائيلي يغير إيقاع الهدوء ويفتح بوابات الجحيم: إنها جولة جديدة من الحرب اليومية.
لكن عندما تحين ساعة الهجوع إلى الفراش بعد يوم شاق، يظهر ليلاً الأمل المفقود بالسلام أمام الرعاة الفلسطينيين عبر أضواء الجدران الجديدة للمستوطنات التي تفصل "الجيران الأعداء" عن بعضهم.
ترتفع الجدران بشكل متواصل أمام ناظر الفلسطينيين في الغور، وفي سكون راحة عيد العرش(سوكوت) وهو العيد الذي يخلد إيواء العرش للعبرانيين في خروجهم من مصر، تضرب ريح مغبرة قوية عروش هشة للفلسطينيين ليس بعيدا عن الجدران الجديدة لمستوطنة "مسكيوت
قد تهدم الريح هذه العروش، او قد يهدمها المحتفلون بعيد العرش لاحقا. فثمة لا أمل بالجوار المفروض بالقوة على عائلة ال زامل وغيرها هنا في المنطقة التي تسيطر عليها اسرائيل بالكامل.
والشعور بالمرارة قديم وظاهر بشكل واضح.
ووصل مستوى اليأس من تحقيق السلام المنشود إلى الصفر. فلا القيادة السياسية الفلسطينية باتت مقتنعة بالمطلق بنية إسرائيل بتحقيق السلام، ولا المواطنين الفلسطينيين أيضا. وفيما كان يلقي الرئيس خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو الذي وصف بخطاب الفرصة الأخيرة، كانت الجدران حول المستوطنة تبنى. إنها إشارات على الأرض لتغييب السلام.
فتحي وقدري زامل يسكنان هنا قبل أن تبنى "مسكيوت"، وهما يشهدان على حالة اليأس المستمرة من تحقيق السلام.
الفراغ شاسع، وأيضا الخوف واسع في الجزء الشرقي من الضفة الغربية المحاطة بجدار فاصل. وعائلة زامل مثل غيرها من العائلات التي تسكن على خط المواجهة المستمرة معرضة بأي لحظة للتهجير. والاعتقاد بالسلام عدمي. قالوا لنا" السلام بيد أميركا" قال قدري." انا تحدثت إليهم. تحدثت للجيش وللمستوطنين هنا في "مسكيوت". لا يؤمنون بالسلام.انها القوة التي تحكم".
"جاؤوا قبل سنوات قليلة وسيطروا على عيون المياه. فقط قبل أيام سجنوا الأبقار.نحن نعيش تحت رحمتهم".
وتضرب ريح متغيرة الاتجاه أطراف المساكن الخيشية بقوة وقد تغير الريح اتجاهها فجأة لتغلق الأفق وتحجب الزوابع المتكورة المستوطنة الهادئة في احتفالات العرش.
في نهار العيد يمكن اليوم للرعاة ان يشعروا بسلام مؤقت، فلا دبابات الجيش تطلق القذائف ولا مستوطنين راديكاليين يسوون حساباتهم مع رعاة عزل.
"لا معنى للجوار هنا. فالقانون النافذ هو قانون سيطرة القوي على الضعيف. "ذات ليلة هرب حصان من المستوطنة إلى المضارب. أعدته إليهم. قالوا لي: لو لم نكن أقوياء ما أعدته". قال فتحي.
السلام أمر مضحك جدا. فالحقيقة التي تسري في يوم رعي طويل وشاق في الجبال هي حقيقة الحرب المستمرة منذ 1967. فقط خلال أعوام قليلة وهي الأعوام التي تجمدت فيها المفاوضات الإسرائيلية اخطر 80% من السكان بهدم منازلهم.
داخل الأراضي الفلسطينية يصعب العثور على متفائل بانفراج سياسي. وفي الغور يصعب العثور على امل في حياة مستقرة. فبطاقات الهوية دائما جاهزة وأيضا الاستعداد للهدم والبناء من جديد بعد كل عملية طرد وترحيل.
ومثل حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين بجانب دولة إسرائيل روح وجوهر المصالحة التاريخية التي أقترحها اتفاق أوسلو لإعلان المبادئ الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل قبل 19 عاما تحت رعاية الولايات المتحدة في حديقة البيت الأبيض بإقامة دولة على 22 % من أراضي فلسطين التاريخية.
لكن شهدت السنوات الأخيرة تسارعا وتكثيفا ممنهجا للخطوات الإسرائيلية الهادفة لتفريغ هذا الاتفاق (أوسلو) من محتواه، ولبناء وقائع على الأرض الفلسطينية المحتلة تجعل من تنفيذه أمراً بالغ الصعوبة أن لم يكن مستحيلا.
هذا الأمر واضح على طول الحدود الشرقية للضفة الغربية التي أفرغت مساحات واسعة منها واستبدلت بمشاريع زراعية تعود للكيبوتسات الزراعية المدعومة من الحكومات الإسرائيلية.
تظهر في إحدى الملصقات المناطق التي يغلقها الجيش في الضفة الغربية وتسيطر عليها المستوطنات. وقال عارف دراغمة مسؤول المضارب الرعوية " انظر.يغلقون كل شيء. الجيش يغلق والمستوطنون. لا أريد الحديث عن السلام على الورق".
بالرغم من انه ليست هناك رقم واضح لعدد من المتفائلين بالسلام الذي يعيشون في هذه الجبال الجرداء، إلا أن العدد قد يقترب من الصفر." لا لا. لا سلام تحت رحمة القوي." قال قدري.
وسط مضارب متداعية وحصار بالمناطق المعدة تتابع النساء الحياة التي يعتقدن أنها طبيعية. لكن الرجال أكثر اهتماما بالسياسية، واقل إيمانا بالسلام.
الرئيس محمود عباس قال في خطابه أمام الأمم المتحدة "الخطاب السياسي الإسرائيلي لا يتردد في إبراز المواقف العدوانية المتطرفة، ويقود في كثير من جوانبه وفي تطبيقاته العملية على الأرض إلى مهاوي الصراع الديني، وهو ما نرفضه بحزم انطلاقا من مبادئنا وقناعاتنا، ولإدراكنا لما يعنيه من إذكاء للنار في منطقة بالغة الحساسية ومليئة بنقاط التفجر الساخنة، ولما يقدمه من وقود للمتطرفين من مختلف الجهات خاصة أولئك الذين يحاولون استخدام الأديان السماوية السمحة كمبرر أيديولوجي لإرهابهم".
أل زامل وجيرانهم ال النجادة يفهمون هذا الأمر على ارض الواقع ويواجهونه يوما. إنهم يخشون من الحرب المستمرة التي يواجهونها يوميا. "اليهود يقومون بالحرب الأخيرة في نهاية المطاف" قال قدري. انا لم اعد أؤمن بالسلام. العالم لم يقدم شيئا.
ويسري يأس فظيع من تحقيق السلام في أوساط الفلسطينيين. وتشير استطلاعات نشرت سابقا إلى تدني نسب التفاؤل بشكل كبير. لكن سالم النجادة وهو بدوي منحدر من قبيلة الكعابنة البدوية التي تسكن في مناطق مختلفة من الضفة الغربية يضحك من فكرة السلام. فالرجل الذي يعيش وأبناؤه الأربعة على مقربة من إحدى الملاجئ التي بناها الجيش الإسرائيلي استعدادا لأي حرب محتملة لا يرى اي بشرى للسلام أمام فوهة الملجأ.
zaلكن عندما تحين ساعة الهجوع إلى الفراش بعد يوم شاق، يظهر ليلاً الأمل المفقود بالسلام أمام الرعاة الفلسطينيين عبر أضواء الجدران الجديدة للمستوطنات التي تفصل "الجيران الأعداء" عن بعضهم.
ترتفع الجدران بشكل متواصل أمام ناظر الفلسطينيين في الغور، وفي سكون راحة عيد العرش(سوكوت) وهو العيد الذي يخلد إيواء العرش للعبرانيين في خروجهم من مصر، تضرب ريح مغبرة قوية عروش هشة للفلسطينيين ليس بعيدا عن الجدران الجديدة لمستوطنة "مسكيوت
قد تهدم الريح هذه العروش، او قد يهدمها المحتفلون بعيد العرش لاحقا. فثمة لا أمل بالجوار المفروض بالقوة على عائلة ال زامل وغيرها هنا في المنطقة التي تسيطر عليها اسرائيل بالكامل.
والشعور بالمرارة قديم وظاهر بشكل واضح.
ووصل مستوى اليأس من تحقيق السلام المنشود إلى الصفر. فلا القيادة السياسية الفلسطينية باتت مقتنعة بالمطلق بنية إسرائيل بتحقيق السلام، ولا المواطنين الفلسطينيين أيضا. وفيما كان يلقي الرئيس خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو الذي وصف بخطاب الفرصة الأخيرة، كانت الجدران حول المستوطنة تبنى. إنها إشارات على الأرض لتغييب السلام.
فتحي وقدري زامل يسكنان هنا قبل أن تبنى "مسكيوت"، وهما يشهدان على حالة اليأس المستمرة من تحقيق السلام.
الفراغ شاسع، وأيضا الخوف واسع في الجزء الشرقي من الضفة الغربية المحاطة بجدار فاصل. وعائلة زامل مثل غيرها من العائلات التي تسكن على خط المواجهة المستمرة معرضة بأي لحظة للتهجير. والاعتقاد بالسلام عدمي. قالوا لنا" السلام بيد أميركا" قال قدري." انا تحدثت إليهم. تحدثت للجيش وللمستوطنين هنا في "مسكيوت". لا يؤمنون بالسلام.انها القوة التي تحكم".
"جاؤوا قبل سنوات قليلة وسيطروا على عيون المياه. فقط قبل أيام سجنوا الأبقار.نحن نعيش تحت رحمتهم".
وتضرب ريح متغيرة الاتجاه أطراف المساكن الخيشية بقوة وقد تغير الريح اتجاهها فجأة لتغلق الأفق وتحجب الزوابع المتكورة المستوطنة الهادئة في احتفالات العرش.
في نهار العيد يمكن اليوم للرعاة ان يشعروا بسلام مؤقت، فلا دبابات الجيش تطلق القذائف ولا مستوطنين راديكاليين يسوون حساباتهم مع رعاة عزل.
"لا معنى للجوار هنا. فالقانون النافذ هو قانون سيطرة القوي على الضعيف. "ذات ليلة هرب حصان من المستوطنة إلى المضارب. أعدته إليهم. قالوا لي: لو لم نكن أقوياء ما أعدته". قال فتحي.
السلام أمر مضحك جدا. فالحقيقة التي تسري في يوم رعي طويل وشاق في الجبال هي حقيقة الحرب المستمرة منذ 1967. فقط خلال أعوام قليلة وهي الأعوام التي تجمدت فيها المفاوضات الإسرائيلية اخطر 80% من السكان بهدم منازلهم.
داخل الأراضي الفلسطينية يصعب العثور على متفائل بانفراج سياسي. وفي الغور يصعب العثور على امل في حياة مستقرة. فبطاقات الهوية دائما جاهزة وأيضا الاستعداد للهدم والبناء من جديد بعد كل عملية طرد وترحيل.
ومثل حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين بجانب دولة إسرائيل روح وجوهر المصالحة التاريخية التي أقترحها اتفاق أوسلو لإعلان المبادئ الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل قبل 19 عاما تحت رعاية الولايات المتحدة في حديقة البيت الأبيض بإقامة دولة على 22 % من أراضي فلسطين التاريخية.
لكن شهدت السنوات الأخيرة تسارعا وتكثيفا ممنهجا للخطوات الإسرائيلية الهادفة لتفريغ هذا الاتفاق (أوسلو) من محتواه، ولبناء وقائع على الأرض الفلسطينية المحتلة تجعل من تنفيذه أمراً بالغ الصعوبة أن لم يكن مستحيلا.
هذا الأمر واضح على طول الحدود الشرقية للضفة الغربية التي أفرغت مساحات واسعة منها واستبدلت بمشاريع زراعية تعود للكيبوتسات الزراعية المدعومة من الحكومات الإسرائيلية.
تظهر في إحدى الملصقات المناطق التي يغلقها الجيش في الضفة الغربية وتسيطر عليها المستوطنات. وقال عارف دراغمة مسؤول المضارب الرعوية " انظر.يغلقون كل شيء. الجيش يغلق والمستوطنون. لا أريد الحديث عن السلام على الورق".
بالرغم من انه ليست هناك رقم واضح لعدد من المتفائلين بالسلام الذي يعيشون في هذه الجبال الجرداء، إلا أن العدد قد يقترب من الصفر." لا لا. لا سلام تحت رحمة القوي." قال قدري.
وسط مضارب متداعية وحصار بالمناطق المعدة تتابع النساء الحياة التي يعتقدن أنها طبيعية. لكن الرجال أكثر اهتماما بالسياسية، واقل إيمانا بالسلام.
الرئيس محمود عباس قال في خطابه أمام الأمم المتحدة "الخطاب السياسي الإسرائيلي لا يتردد في إبراز المواقف العدوانية المتطرفة، ويقود في كثير من جوانبه وفي تطبيقاته العملية على الأرض إلى مهاوي الصراع الديني، وهو ما نرفضه بحزم انطلاقا من مبادئنا وقناعاتنا، ولإدراكنا لما يعنيه من إذكاء للنار في منطقة بالغة الحساسية ومليئة بنقاط التفجر الساخنة، ولما يقدمه من وقود للمتطرفين من مختلف الجهات خاصة أولئك الذين يحاولون استخدام الأديان السماوية السمحة كمبرر أيديولوجي لإرهابهم".
أل زامل وجيرانهم ال النجادة يفهمون هذا الأمر على ارض الواقع ويواجهونه يوما. إنهم يخشون من الحرب المستمرة التي يواجهونها يوميا. "اليهود يقومون بالحرب الأخيرة في نهاية المطاف" قال قدري. انا لم اعد أؤمن بالسلام. العالم لم يقدم شيئا.
ويسري يأس فظيع من تحقيق السلام في أوساط الفلسطينيين. وتشير استطلاعات نشرت سابقا إلى تدني نسب التفاؤل بشكل كبير. لكن سالم النجادة وهو بدوي منحدر من قبيلة الكعابنة البدوية التي تسكن في مناطق مختلفة من الضفة الغربية يضحك من فكرة السلام. فالرجل الذي يعيش وأبناؤه الأربعة على مقربة من إحدى الملاجئ التي بناها الجيش الإسرائيلي استعدادا لأي حرب محتملة لا يرى اي بشرى للسلام أمام فوهة الملجأ.