استمروا يا شباب.. الوظيفة ما رح تيجي إلا بالاعتصام
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
رشا حرزالله
يركن أحد المارين سيارته بجانب الرصيف المحاذي لمبنى مجلس رئاسة الوزراء في رام الله، يفتح النافذة قائلا بأعلى صوته:"استمروا يا شباب، الوظيفة ما رح تيجي إلا بالاعتصام"، ضحك الشبان الثلاثة وهزوا برؤوسهم مؤيدين.
الشبان الثلاثة من حملة شهادة الدكتوراه، قرروا قبل ثلاثة أيام التمرد على الواقع المرير الذي يعيشونه، بعد أن ضاقت بهم السبل في الحصول على الوظيفة المناسبة التي تليق بدرجاتهم العلمية، فلم يجدوا إلا باب مجلس رئاسة الوزراء ملجأ لهم، لعله يكون باب الفرج لضيق حالهم، حيث غطت شهاداتهم وخبراتهم وسيرتهم الذاتية الأبواب والجدران الحديدية للمجلس.
وفي كل صباح، يترك سعيد نزال والحاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الزراعية من جامعة "خاركوف" الأوكرانية عام 2005 بتقدير ممتاز، عائلته ووالدته المريضة في مدينة قلقيلية، ليطالب بحق كفله القانون له:" كنت أعمل بشكل متقطع، وبراتب متدنٍ بغرض الحصول على شهادات خبرة، ولكن بعد أن استطعت تطوير نفسي، وتدربت انتقلت لمرحلة البحث عن وظيفة جدية أعتاش منها أنا وعائلتي، قدمت للعديد من المؤسسات والوزارات، ولغاية اللحظة جميعهم يعطوننا وعودا".
يبتسم سعيد: "هذه السيرة الذاتية لي، علقتها هنا على حديد مجلس الوزراء، حتى يتمكن الجميع من رؤيتها، قدمتها للعديد من المؤسسات في القطاع الخاص، كانوا يضحكون من درجة شهادتي بدعوى أنها دون مستوى الراتب الذي سأحصل عليه في حال تم توظيفي في مؤسساتهم".
يعيد سعيد ترتيب أوراقه وشهاداته التي توشك على السقوط، يحاول أن يجعلها واضحة للعيان: "الدراسة مكلفة، بذلت فيها وقتا وجهدا، دفعت مبالغ تقدر بـ50 ألف دولار، للحصول على هذه الشهادات، كنت متشوقا جدا للعودة إلى أرض الوطن لأعمل هنا، ولكن جميع أحلامي ذهبت أدراج الرياح، هاجرت إلى النرويج أنا وعائلتي للعمل عام 2009، رفضوا استقبالنا وتوظيفي بدعوى أن في فلسطين وظائف شاغرة!!".
يتدخل الشاب حسين اليمني من مدينة الخليل، والحاصل على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية الاقتصادية من جامعة أوكرانيا: "نحن هنا منذ 4 أيام، نأتي في تمام الساعة الثامنة صباحا، ونستمر في اعتصامنا حتى الساعة الرابعة، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا سنحضر عائلاتنا وزوجاتنا للتضامن معنا هنا، أنا أحمل شهادة الدكتوراه، ماذا علي أن أفعل حتى أحصل على وظيفة؟".
يقول حسين إنه عمل بوظيفة جزئية في جامعة القدس المفتوحة، وكان يتقاضى راتب لا يتجاوز 100 دينار، إلا أنه لم يعد هناك شاغر، ما اضطره للبحث عن وظيفة أخرى.. ولا يزال البحث جاريا.. دون جدوى.
وليس الشاب أشرف حماد من مدينة الخليل أفضل حالا، فهو الآخر حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الإداري من مصر، إلا أنه اضطر اليوم لترك الاعتصام ليعمل بشكل جزئي في البناء.
اعتصم هؤلاء الشبان للمطالبة بحق لهم، متسلحين بالمادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على أن "لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية، كما أن له حق الحماية من البطالة".
كما نص القانون الأساسي الفلسطيني المعدل والذي تشير فيه المادة 24 الفقرة الأولى إلى أن العمل حق لكل مواطن وهو واجب وشرف وتسعى السلطة الوطنية إلى توفيره لكل قادر عليه".