أم محمد الداية شاهد على تفشي الفقر في القدس
ام محمد الداية في منزلها بالقدس
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
كريستين ريناوي
كأي أم تعمل أم محمد الداية في المطبخ لإعداد الطعام، ولكن المفارقة أن الطعام ليس ليتناوله أطفالها، بل لتبيعه لزبائنها من الجيران والمعارف، بعد أن اكتسبت من الطهي في منزلها مهنة تعتاش وأطفالها منها.
إيمان الداية (41 عاما)، جاءت من غزة إلى القدس قبل 20 عاما، تزوجت المقدسي ناصر محمد الداية، وأنجبت منه 6 أبناء وبنات، إسراء (18 عاما)، آلاء (15 عاما)، ومحمد (12 عاما)، فاطمة (11 عاما)، وأحمد (8 أعوام)، ونور (5 أعوام).
ولا يعيش أبناء إيمان محمد وأحمد، مع الأسرة في بيتها المتواضع في عقبة السرايا من البلدة القديمة بالقدس، فهما يسكنان في مدرسة داخلية في مجد الكروم بأراضي العام 48، نظرا لفقر العائلة المدقع وغياب الأب القسري.
تقول إيمان، "لا شيء أصعب من ألا يعيش ابنك في أحضانك وأن تحرم منه وأنت على قيد الحياة"، فأنا أرسلت أطفالي ليتلقوا الحياة الكريمة مقابل ثمن رمزي أدفعه شهريا، وتعيش عندي الآن البنات فقط، الكبرى إسراء تدرس الخياطة في كلية، والصغريات في مدارسهن في القدس.
وتضيف، أصنع الزعتر والشطة والبهارات والفلافل وأبيعها لجيراني والمعارف على التوصيات، إضافة إلى الكعك والمعمول في مواسم الأعياد، ولكن هذا العمل مُتعب وغير مجدٍ، فمثلا عندما أصنع المعجنات ولساعات طويلة أتلقى إيجار لا يتجاوز الـ10 شواقل مقابل عمل 4 ساعات.
وعن غياب زوجها تقول إيمان، زوجي يعاني مشكلة صحية في العظام وهو عاطل عن العمل منذ سنوات، ويقضي الآن حكما بالسجن وترك لي مسؤولية كبيرة أتعبتني وأنهكتني.
وتقول إيمان بمرارة شديدة: "أتحمل المذلة والمهانة ولا يصبرني إلا أن لا ينام أطفالي جوعى...هذا الضغط لم يقتصر على تعب جسدي، فأنا عانيت أمراضا نفسية وعصبية مثل الصرع وانفصام الشخصية والاكتئاب، وتعالجت وتماثلت للشفاء بعد علاج بالصعقات الكهربائية في مصحة ببيت لحم".
الابنة الصغرى لإيمان، نور ذات الخمس سنوات، تمسك دميتها وتنظر إلى أمها وهي تطهو الطعام، تعلم أن أمها لا تعده لها ولأخواتها، ولكنها تحظى بفرصة التذوق والأكل أحيانا، فالوالدة إيمان تطبخ وتبيع الطعام ولكنها تحرص على عدم حرمان أطفالها قدر المستطاع.
نور طفلة مقدسية ولكنها تعرف غزة جيدا من أمها، تعرف مخيم البريج والزيتون وتسمي أسماء محلات وشوارع في غزة، فوالدتها غزية الأصل وتحمل تصريح إقامة للعيش في القدس من دون لم شمل أو هوية مقدسية.
نور وأخواتها أطفال مقدسيون يصنفون تحت خط الفقر، غياب شقيقيها أحمد ومحمد وارتيادهما المدرسة الداخلية منذ أشهر خلّف أثرا في نفس نور، فحين تشتاق لهما تجلس على الطاولة الخشبية القديمة في الصالة، وتحمل قلمها الرصاصي الصغير وتبدأ برسمهما، وتكتب لهما ما تعلمت في الروضة من كلمات.
وتقول نور: "عندما يخرج والدي سيعمل ويساعد أمي ويجلب النقود لنعيش جميعنا هنا، وسيعود أحمد ومحمد لنلعب مع بعضنا ونذهب للمدارس برفقتهما".
ويؤكد مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، أن نسبة الفقر بالقدس تعدت 80% من السكان، أما نسبة الفقر لأطفال القدس تجاوزت 86% وهي نسبة غير مسبوقة ولم تُسجل حتى في غزة أو إفريقيا.
ويوضح مدير مركز القدس، أن الاكتظاظ في البلدة القديمة سببه عدم السماح بالتوسع والبناء من قبل الاحتلال ما ساعد في إفقار فلسطينيي القدس.
ويعيش في البلدة القديمة بالقدس المحتلة ما يزيد عن 32 ألف فلسطيني إضافة إلى 4 آلاف مستوطن يهودي وهي نسبة كثافة سكانية عالية مقارنة بمساحتها.
ويؤكد الحموري أن فقر المجتمع المقدسي اليوم هو نتيجة مخطط قائم منذ 45 عاما وليس وليد اللحظة، ويتمثل بالحصار وتغيير معالم المدينة ومقدساتها وتهويدها وطرد المقدسيين منها وإبدالهم باليهود، ويشير إلى أن أوامر الهدم تجاوزت عشرات الآلاف لبيوت الفلسطينيين في القدس وذلك دعما لهدف واحد وحيد هو تفريغ القدس من محتواها العربي وتهجير الفلسطينيين منها".
zaكريستين ريناوي
كأي أم تعمل أم محمد الداية في المطبخ لإعداد الطعام، ولكن المفارقة أن الطعام ليس ليتناوله أطفالها، بل لتبيعه لزبائنها من الجيران والمعارف، بعد أن اكتسبت من الطهي في منزلها مهنة تعتاش وأطفالها منها.
إيمان الداية (41 عاما)، جاءت من غزة إلى القدس قبل 20 عاما، تزوجت المقدسي ناصر محمد الداية، وأنجبت منه 6 أبناء وبنات، إسراء (18 عاما)، آلاء (15 عاما)، ومحمد (12 عاما)، فاطمة (11 عاما)، وأحمد (8 أعوام)، ونور (5 أعوام).
ولا يعيش أبناء إيمان محمد وأحمد، مع الأسرة في بيتها المتواضع في عقبة السرايا من البلدة القديمة بالقدس، فهما يسكنان في مدرسة داخلية في مجد الكروم بأراضي العام 48، نظرا لفقر العائلة المدقع وغياب الأب القسري.
تقول إيمان، "لا شيء أصعب من ألا يعيش ابنك في أحضانك وأن تحرم منه وأنت على قيد الحياة"، فأنا أرسلت أطفالي ليتلقوا الحياة الكريمة مقابل ثمن رمزي أدفعه شهريا، وتعيش عندي الآن البنات فقط، الكبرى إسراء تدرس الخياطة في كلية، والصغريات في مدارسهن في القدس.
وتضيف، أصنع الزعتر والشطة والبهارات والفلافل وأبيعها لجيراني والمعارف على التوصيات، إضافة إلى الكعك والمعمول في مواسم الأعياد، ولكن هذا العمل مُتعب وغير مجدٍ، فمثلا عندما أصنع المعجنات ولساعات طويلة أتلقى إيجار لا يتجاوز الـ10 شواقل مقابل عمل 4 ساعات.
وعن غياب زوجها تقول إيمان، زوجي يعاني مشكلة صحية في العظام وهو عاطل عن العمل منذ سنوات، ويقضي الآن حكما بالسجن وترك لي مسؤولية كبيرة أتعبتني وأنهكتني.
وتقول إيمان بمرارة شديدة: "أتحمل المذلة والمهانة ولا يصبرني إلا أن لا ينام أطفالي جوعى...هذا الضغط لم يقتصر على تعب جسدي، فأنا عانيت أمراضا نفسية وعصبية مثل الصرع وانفصام الشخصية والاكتئاب، وتعالجت وتماثلت للشفاء بعد علاج بالصعقات الكهربائية في مصحة ببيت لحم".
الابنة الصغرى لإيمان، نور ذات الخمس سنوات، تمسك دميتها وتنظر إلى أمها وهي تطهو الطعام، تعلم أن أمها لا تعده لها ولأخواتها، ولكنها تحظى بفرصة التذوق والأكل أحيانا، فالوالدة إيمان تطبخ وتبيع الطعام ولكنها تحرص على عدم حرمان أطفالها قدر المستطاع.
نور طفلة مقدسية ولكنها تعرف غزة جيدا من أمها، تعرف مخيم البريج والزيتون وتسمي أسماء محلات وشوارع في غزة، فوالدتها غزية الأصل وتحمل تصريح إقامة للعيش في القدس من دون لم شمل أو هوية مقدسية.
نور وأخواتها أطفال مقدسيون يصنفون تحت خط الفقر، غياب شقيقيها أحمد ومحمد وارتيادهما المدرسة الداخلية منذ أشهر خلّف أثرا في نفس نور، فحين تشتاق لهما تجلس على الطاولة الخشبية القديمة في الصالة، وتحمل قلمها الرصاصي الصغير وتبدأ برسمهما، وتكتب لهما ما تعلمت في الروضة من كلمات.
وتقول نور: "عندما يخرج والدي سيعمل ويساعد أمي ويجلب النقود لنعيش جميعنا هنا، وسيعود أحمد ومحمد لنلعب مع بعضنا ونذهب للمدارس برفقتهما".
ويؤكد مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، أن نسبة الفقر بالقدس تعدت 80% من السكان، أما نسبة الفقر لأطفال القدس تجاوزت 86% وهي نسبة غير مسبوقة ولم تُسجل حتى في غزة أو إفريقيا.
ويوضح مدير مركز القدس، أن الاكتظاظ في البلدة القديمة سببه عدم السماح بالتوسع والبناء من قبل الاحتلال ما ساعد في إفقار فلسطينيي القدس.
ويعيش في البلدة القديمة بالقدس المحتلة ما يزيد عن 32 ألف فلسطيني إضافة إلى 4 آلاف مستوطن يهودي وهي نسبة كثافة سكانية عالية مقارنة بمساحتها.
ويؤكد الحموري أن فقر المجتمع المقدسي اليوم هو نتيجة مخطط قائم منذ 45 عاما وليس وليد اللحظة، ويتمثل بالحصار وتغيير معالم المدينة ومقدساتها وتهويدها وطرد المقدسيين منها وإبدالهم باليهود، ويشير إلى أن أوامر الهدم تجاوزت عشرات الآلاف لبيوت الفلسطينيين في القدس وذلك دعما لهدف واحد وحيد هو تفريغ القدس من محتواها العربي وتهجير الفلسطينيين منها".