منسيون في أرضٍ صفراء عودة
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
فاطمة إبراهيم
يستلُّ الفرح لحظة ليصل إلى وجه الصغيرة اعتدال، وهي تلهو مع شقيقها أمام خيمتهما المنصوبة في مساحة واسعة من الأراضي الصفراء، وعلى الجانب الآخر تنتشر مجموعة من الخيام بتبعثر منظّم، تقاوم ضربات رياح مسرعة أحيانا ولفحات الشمس الحارقة كل حين. إنها مضارب البدو في وادي المالح إلى الشرق من محافظة طوباس.
أمام الخيمة وقف محمد الزغير عليان يرقب أطفاله يمرحون، وقال: "حياتنا قاسية لكننا لا نفكر بالرحيل، كيف لنا أن نجابه مكاناً آخر؟ يكفينا ما نجابهه هنا".
يعيش محمد في خيمته في وادي المالح منذ 30 عاما، بلا ماء ولا كهرباء، والحياه هنا لا تتغير إلا للأسوأ.
"من هذه الصهاريج نتزود بالماء، تأتينا من القرى المجاورة، نحتاج واحدا منها كل يومين تقريبا، وهذه هي ثلاجتنا"، يقول عليان مشيراً إلى دلو ماء ملفوف بقطعة خيش.
على الطرف الآخر تعالى صوت النسوة تنادى محمد، الذي راح يشتكف الأمر، ليجد أن إحدى الشياه تحتضر.
"هذه هي حياتنا الآن يمكنكم أن تروها على حقيقتها"، قال محمد وهو يمسك نصل السكين الحاد ويهم بذبح الشاة ليستخرج صغيرها من رحمها قبل أن يلحق بوالدته التي تموت، لكن الصغير كان قد فارق الحياه ولم تفلح محاولات إنقاذه.
لم يكن محمد وعائلته يسكنون هذا المضرب قبل ثلاثة أشهر تقريبا، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي هدم خيامهم وطردهم من أرضهم، فرحلوا مع مواشيهم إلى مضارب "عين الحلوة".
"حتى الخيام نبلغ بإخطارات لوقف بنائها. بالأمس اقتلعوا الأعمدة الحديدة والخياش التي كنت أعدّ بها حظائر لأنقل المواشي إليها على التلة تلك، قالوا لي إنها منطقة مصادرة وممنوع البناء فيها. يتعبرون الخيام أبنية، ويأمرون بهدمها، لكنهم يقيمون مستعمرات على طول الجبال حولنا" يقول عليّان.
على الجبل المقابل لخيمة محمد تنتصب ابنية بلون أصفر يقارب لون الارض المقامة عليها، يقول السكان إنها أقيمت قبل 4 سنوات، بعد أن قدم إليها مستوطنو "غوش قطيف"، المستوطنة التي تم اخلاؤها من قطاع غزة عام 2005، لتصبح اليوم مستوطنة "مكسيوت"، وهي واحدة من 7 مستوطنات مقامة على أراضي وادي المالح.
يقول عارف دراغمة رئيس مجلس قروي المضارب، إن المستوطنات تبنى خلال وقت قصير وتزود بكل مقومات الحياة الكريمة، أما ساكني المضارب فلا يجدون الماء، وأطفالهم يدرسون في قرى عين البيضا وتياسير التي تبعد عشرات الكيلومترات عن مضاربهم، وكل مطالبنا للمسؤولين للاهتمام بساكني وادي المالح والأغوار الشمالية باءت بالفشل، لا يقدمون لنا سوى الحجج.
ما انفك كبار المسؤولين وصغارهم يزورون مناطق المالح، ويقدمون الوعود لساكنيها، محمد عليّان نفسة وُعد بتحسين ظروف معيشته، وبمساندته للثبات في أرضة المنوى مصاردتها، لكن الوعود كثرت ولم يتحقق منها شيئا.
"قدمنا اقتراحات لإمداد المنطقة بمولدات الكهرباء والمياه، وتلقينا تعهدات بتنفيذ المقترحات، ولم يتحقق شي. هنا لا نرى إلا زيادة في عدد المستوطنات" يؤكد دراغمة.
يسكن المالح 450 عائلة فلسطينية، يتنقلون في المضارب باستمرار بحثا عن المراعي لمواشيهم، لكن أعداد المراعي في تناقص مستمر، لأن جيش الاحتلال الاسرائيلي يفرض سيطرة على الأراضي، ويصنفها على أنها مناطق عسكرية، كما أنه يرغم السكان على مغادرة مضاربهم ويستولي عليها.
على الشارع الرئيسي امام المضارب تتوقف حافلة مدرسية، يخرج منه مجموعة من طالبات المدرسة، من بينهن بيسان ابنة أخ محمد.
بيسان التي تذهب إلى المدرسة على كرسيها المتحرك؛ هُدمت خيمة ذويها في حزيران (يونيو) الماضي، وبقيت وعائلتها وكرسيها المتحرك في العراء.
لم يكترث أحد لوضع بيسان في ذلك اليوم، ولم يكترث أحد حتى الآن، أما هي فتنتقل من الباص المدرسي إلى خاصرة شقيقتها التي تحملها قبل وضعها على الكرسي المتحرك لتصل إلى مأواها الجديد.
zaفاطمة إبراهيم
يستلُّ الفرح لحظة ليصل إلى وجه الصغيرة اعتدال، وهي تلهو مع شقيقها أمام خيمتهما المنصوبة في مساحة واسعة من الأراضي الصفراء، وعلى الجانب الآخر تنتشر مجموعة من الخيام بتبعثر منظّم، تقاوم ضربات رياح مسرعة أحيانا ولفحات الشمس الحارقة كل حين. إنها مضارب البدو في وادي المالح إلى الشرق من محافظة طوباس.
أمام الخيمة وقف محمد الزغير عليان يرقب أطفاله يمرحون، وقال: "حياتنا قاسية لكننا لا نفكر بالرحيل، كيف لنا أن نجابه مكاناً آخر؟ يكفينا ما نجابهه هنا".
يعيش محمد في خيمته في وادي المالح منذ 30 عاما، بلا ماء ولا كهرباء، والحياه هنا لا تتغير إلا للأسوأ.
"من هذه الصهاريج نتزود بالماء، تأتينا من القرى المجاورة، نحتاج واحدا منها كل يومين تقريبا، وهذه هي ثلاجتنا"، يقول عليان مشيراً إلى دلو ماء ملفوف بقطعة خيش.
على الطرف الآخر تعالى صوت النسوة تنادى محمد، الذي راح يشتكف الأمر، ليجد أن إحدى الشياه تحتضر.
"هذه هي حياتنا الآن يمكنكم أن تروها على حقيقتها"، قال محمد وهو يمسك نصل السكين الحاد ويهم بذبح الشاة ليستخرج صغيرها من رحمها قبل أن يلحق بوالدته التي تموت، لكن الصغير كان قد فارق الحياه ولم تفلح محاولات إنقاذه.
لم يكن محمد وعائلته يسكنون هذا المضرب قبل ثلاثة أشهر تقريبا، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي هدم خيامهم وطردهم من أرضهم، فرحلوا مع مواشيهم إلى مضارب "عين الحلوة".
"حتى الخيام نبلغ بإخطارات لوقف بنائها. بالأمس اقتلعوا الأعمدة الحديدة والخياش التي كنت أعدّ بها حظائر لأنقل المواشي إليها على التلة تلك، قالوا لي إنها منطقة مصادرة وممنوع البناء فيها. يتعبرون الخيام أبنية، ويأمرون بهدمها، لكنهم يقيمون مستعمرات على طول الجبال حولنا" يقول عليّان.
على الجبل المقابل لخيمة محمد تنتصب ابنية بلون أصفر يقارب لون الارض المقامة عليها، يقول السكان إنها أقيمت قبل 4 سنوات، بعد أن قدم إليها مستوطنو "غوش قطيف"، المستوطنة التي تم اخلاؤها من قطاع غزة عام 2005، لتصبح اليوم مستوطنة "مكسيوت"، وهي واحدة من 7 مستوطنات مقامة على أراضي وادي المالح.
يقول عارف دراغمة رئيس مجلس قروي المضارب، إن المستوطنات تبنى خلال وقت قصير وتزود بكل مقومات الحياة الكريمة، أما ساكني المضارب فلا يجدون الماء، وأطفالهم يدرسون في قرى عين البيضا وتياسير التي تبعد عشرات الكيلومترات عن مضاربهم، وكل مطالبنا للمسؤولين للاهتمام بساكني وادي المالح والأغوار الشمالية باءت بالفشل، لا يقدمون لنا سوى الحجج.
ما انفك كبار المسؤولين وصغارهم يزورون مناطق المالح، ويقدمون الوعود لساكنيها، محمد عليّان نفسة وُعد بتحسين ظروف معيشته، وبمساندته للثبات في أرضة المنوى مصاردتها، لكن الوعود كثرت ولم يتحقق منها شيئا.
"قدمنا اقتراحات لإمداد المنطقة بمولدات الكهرباء والمياه، وتلقينا تعهدات بتنفيذ المقترحات، ولم يتحقق شي. هنا لا نرى إلا زيادة في عدد المستوطنات" يؤكد دراغمة.
يسكن المالح 450 عائلة فلسطينية، يتنقلون في المضارب باستمرار بحثا عن المراعي لمواشيهم، لكن أعداد المراعي في تناقص مستمر، لأن جيش الاحتلال الاسرائيلي يفرض سيطرة على الأراضي، ويصنفها على أنها مناطق عسكرية، كما أنه يرغم السكان على مغادرة مضاربهم ويستولي عليها.
على الشارع الرئيسي امام المضارب تتوقف حافلة مدرسية، يخرج منه مجموعة من طالبات المدرسة، من بينهن بيسان ابنة أخ محمد.
بيسان التي تذهب إلى المدرسة على كرسيها المتحرك؛ هُدمت خيمة ذويها في حزيران (يونيو) الماضي، وبقيت وعائلتها وكرسيها المتحرك في العراء.
لم يكترث أحد لوضع بيسان في ذلك اليوم، ولم يكترث أحد حتى الآن، أما هي فتنتقل من الباص المدرسي إلى خاصرة شقيقتها التي تحملها قبل وضعها على الكرسي المتحرك لتصل إلى مأواها الجديد.