السباق مع الوقت.. حين يمتلك الفلسطيني أرضه لأربعة أيام في السنة !
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عواد الجعفري- فقط حين يشاءُ جيش الاحتلال الاسرائيلي، تستطيع عائلة عبد الباسط النوباني من قرية اللبن الشرقية، ان تصل أرضها لفلاحتها او قطف ثمار زيتونها، ومشيئة الاحتلال محصورة بتصاريح خاصة يحكمها مزاج العسكر، ومسقوفة بعدة أيام تتقلص تدريجيا كل عام.
ببساطة، عائلة النوباني، لم تعد تمتلك أرضها الا لبضعة أيام في السنة، والحال مماثل لمئات العائلات الفلسطينية في ارجاء الضفة، لا سيما اولئك الذين تقع مزارعهم على مقربة من المستوطنات، ومراكز الجيش المنتشرة في مختلف محافظات الضفة.
هكذا اصبح الجندي يحدد مواعيد الحراثة والعناية بالاشجار وقطف ثمارها، وما على مئات المزارعين الفلسطينين سوى انتظار اعلان يحدد لهم متى عليهم التوجه الى مزارعهم وفي اي ساعة ووفق اي ترتيب، وما عليهم سوى تقبل رؤية اشجارهم ومزارعه تذوي ويمتد اليها الخراب.
ويحاول عبد الباسط النوباني، أن يتأقلم مع هذا الواقع لحراثة أرضه وقطف زيتونه، في منطقة "وادي علي" أسفل مستوطنة "عيلي" المقامة على اراضي قرية اللبن الشرقية، وعدة قرى فلسطينية جنوب نابلس.
ويقول عبد الباسط، الذي يحاول استغلال كل لحظة من الوقت الذي اتيح للمزارعين لقطف زيتونهم، وقد بدا الاجهاد عليه وعلى زوجته واشقائه وعائلاتهم الذين كانوا يعملون بكامل طاقتهم:" كانت مساحة أرضنا 720 دونما، وتقلصت إلى 300 دونم، بعد ان تمت مصادرة اجزاء منها لصالح مستوطنة عيلي، منذ منتصف الثمانينيات".
وحسب النوباني (36عاما) فان المساحة المتبقية لهم من هذه الاراضي مزروعة بنحو 5 الاف شجرة زيتون، ما يجعلهم عاجزين عن العناية بها، خلال ايام او حتى مجرد قطف جزء من ثمارها. ويقول بأسى" المدة الممنوحة لنا لقطف الزيتون حُددت هذا العام باربعة أيام فقط، نحاول جميعنا، وبعض العمال الذين نستعين بهم مسابقة الزمن لقطف ما أمكن من ثمار الزيتون، لكن المثير للسخرية أن أسعى أنا صاحب الأرض عبر مختلف وسائل المماطة كي يتاح لى البقاء في ارضي او الوصول لها ليومين اضافيين".
ويتابع" عادة ما يعمدون (الجيش الاسرائيلي) لمنحنا تصاريح في غير مواعيد الفلاحة، فاحيانا كانت تصاريح الحراثة تصدر في حزيران، علما أن موعد الحراثة في شهر آذار، وقد منحونا تصريحا لقطف الزيتون في منتصف الشهر الجاري (تشرين اول) ولمدة أربعة أيام، علما أن موعد قطاف الزيتون في نهاية تشرين الأول، وخلال تشرين الثاني".
ويضيف" يتصل بي ضابط في الإدارة المدنية الإسرائيلية يدعى"مخلص"، ويملي علي أية أيام يمكنني أن أدخل الأرض، ويحدد لي عدد الساعات التي يجب أن أمكثها هناك، وكأني عامل عند رب عمل إسرائيلي، ولست مالكا لأرض ورثتها أبا عن جد" موضحا انه وخلال هذه الساعات المحدودة المقيدة بتصريح اسرائيلي فانه تعرض وعائلته اكثر من مرة، للطرد من ارضه اثناء ذلك من قبل حراس المستوطنة، اما رد الجيش عند ابلاغهم للتدخل فهو "لا نستطيع فعل شيء".
ويشير الى ان إنتاج الأرض تقلص من 200 صفيحة زيت عام 2000، إلى 70 العام الماضي، وحسب توقعاته فإن إنتاجها هذا العام لن يتجاوز 40 صفيحة زيت، وذلك نتيجة عدم القدرة على العناية بها وفلاحتها كما يجب.
وتتنوع الإجراءات والاعتداءات، التي تستهدف مزارع الفلسطينيين خاصة تلك القريبة من المستوطنات كما اراضي عائلة النوباني الذي اشار الى موجة اعتداءات شرسة نفذها المستوطنون بين خلال الاعوام الممتدة من 2000-2008، موضحا ان هذه الاعتداءات شملت تقطيع أشجار الزيتون، وسرقتها، وتوجيه مياه النضح الصحي عليها، كي تجف اشجارها وتبور الأرض وتكون الحجة جاهزة على الاستيلاء
ويتابع عبد الباسط: "انظر إنهم يحاولون زراعة أشجار الصنوبر قرب الزيتون، كي يقضوا على اشجار الزيتون، وينمو الصنور على حسابه، وعندها ستأتي سلطات الاحتلال الاسرائيلية، وتستولي عليها بحجة أنها أراض حرجية".
وكنتيجة لما سلف فان ما تبقى من اشجار الزيتون في أرض عائلة النوباني اصبح يصارع للبقاء، بعضها جف، وكثير من الاغصان بدت شبه جافة" وهذا ما يخيف عبد الباسط الذي قال :"سنوات قليلة تفصلنا عن موت هذه الأشجار، بعدما ماتت نحو 2000 شجرة لوز كانت هنا".
ويضيف" هذه الأرض تعاني كثيرا، ولا تتلقى أي مساعدة، جيمع المؤسسات الحكومية والأهلية تكتفي بالوعود، لكن رغم ذلك فاننا لن نتخلى عن هذه الأرض ما حيينا، وبعد الظهر سيأتي أطفالي الـ6 من المدراس مباشرة الى هنا، ليشاركوني وأمهم في قطف الزيتون".