مبدأ الحجاج... "الأجر على قدر المشقة"
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد أبو فياض
لم تحل حالة الازدحام التي شهدتها مكة المكرمة حيث بيت الله العتيق منذ نفير الحجاج من عرفات الله وحتى اليوم دون إكمال الحجاج لمناسكه.
وتقاطر الحجاج من كل فج عميق ومن شتى بقاع الأرض للحج للبيت العتيق تلبية لنداء أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عيه السلام منذ آلاف السنين تنفيذا للركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج لبيت الله لمن استطاع إليه سبيلا.
وشهدت شوارع وأزقة مكة ازدحامات خانقة، حيث انتشر الحجاج والحافلات وسيارات الأجرة في الشوارع بشكل مكتظ وباتت الانتقال من مكان لأخر متعذرا، واعتمد الحجاج لتنقلهم السير على الأقدام لأداء مناسك الحج بسبب الازدحام قاطعين في ذلك عشرات الكيلو مترات اعتمادا لمبدأ الأجر على قدر المشقة، لأداء مناسك المكوث والمبيت في منى ورمي الجمرات وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة.
وفي الشوارع يمكن مشاهدة مئات الحالات الفريدة، فهذا كهل تجاوز العقد السابع من عمرة حاملا حاجياته متغلبا على ضعفه وإرهاقه مصرا على أداء المناسك، وذاك شاب يدفع أحد والديه على كرسي متحرك كي يؤدي الفريضة طمعا في رحمة الله ومحاولة منه لرد بعض ما قدمه والداه له، وثالث أم أو أب يحمل طفلة الرضيع على رقبته متزاحما بين الحجاج في محاولة منه لأداء أحد المناسك بنجاح وبتجنيب رضيعه أقل الضرر، ورابع شاب قرر مساعدة كهل لا يعرفه في أداء هذه المناسك طمعا في رحمة ومغفرة الله ولأن ديننا يحثنا على احترام الكبير والرحمة بالصغير.
وفي الحج لا فرق بين عربي أو عجمي ولا أسود ولا أبيض فكل منهم يتزاحم تحت حر الشمس الحارقة، محاولا أداء النسك في اقل فترة زمنية والعودة لمخيمه أو فندقه والاستراحة مؤديا بذلك ما عليه من فريضة بعد توافر الاستطاعة المادية والبدنية.
وفي عرفات ومنى وحول الكعبة وفي الصفا والمروة يمكنك مشاهدة كافة الأجناس والألوان والأزياء فهذا الطويل والقصير وذاك الأبيض والأشقر والأسود، وفي الحج كل هؤلاء تفرقوا في الجنس واللون ولكنهم اتحدوا في مطلبهم الوحيد وهو مطالب واحد لا ثاني له وهو طلب الرحمة والمغفرة من الغفور الودود.
وخلال تجولك في مخيمات منى تشتم رائحة شتى المأكولات والأطعمة والتي تتميز بها كل دولة عن الأخرى والتي تحرص كل بعثة صناعتها وتناولها ومحاولة إبرازها كتراث لبلده.
ورغم كل هذا الاختلاف إلا أن جميع من حج للبيت العتيق لا توجد بينهم وسيلة اتصال واحدة لتبادل الألفاظ والمعاني فلغاتهم مختلفة، غير أنهم وجدوا في جملتي "حج يا حج"، "يا محمد" وسيلة اتصال ولغة مشتركة للتواصل وتلبية الحاجات.
وعلى الفور ما إن أراد أحد الحجاج عبور قافلة حج، حتى ينادي قائلا "طريق يا حج"، "طريق يا محمد"، وإذا ما أخطا أحدهم في حق الأخر نتيجة التدافع يرد عليه بعفوية قائلا "حج يا حج".
وفي الطرقات وتحت الجسور افترش ألاف الحجاج الأرض والتحفوا السماء للراحة خلال مناسك الحج في حين نصب مئات آخرين خاصة النساء منهم خيما صغيرة جدا للنوم بداخلها والراحة والاستعداد لنسك آخر.
ومقابل كل ذلك بينت إحصائيات غير رسمية أن 30000 حافلة تشارك في عملية نقل الحجاج وسط انتشار ألاف الأفراد من الشرطة السعودية، وتحليق الطائرات المروحية على مدار الساعة لتوفير أفضل الخدمات للحاج وتسهيل عمليات تنقلهم والحفاظ على أمنهم.