جمال زحالقة يحلل جنوح اسرائيل الى اليمين داعياً الى فرض عقوبات دولية على حكومتها المقبلة
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم الاثنين مقالاً كتبه رئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي احد النواب العرب في البرلمان الاسرائيلي تحت عنوان "جنوح اسرائيل الى اليمين" يقول فيه ان اندماجاً حزبياً جديداً في اسرائيل، بين "ليكود" و"اسرائيل بيتنا" سيعطي دوراً حكومياً مهماً لشخصية متطرفة. وان على العالم ان يعمل لوقف ذلك. وهنا نص المقال:
"قبل الانتخابات الاسرائيلية المقررة في كانون الثاني (يناير) المقبل، تم الإعلان عن اندماج بين حزب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحزب وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان. ومن المقرر أن يخوضا الانتخابات على قائمة مشتركة، بهدف أن يشكلا أكبر كتلة في الكنيست.
وتعتبر هذه الخطوة إنجازا للرجلين معا. فقد اهتز نتنياهو بسبب الهبوط اخيراً في شعبية حزبه (ليكود) بمعدل مقعد واحد كل أسبوع. وبشكل أكثر تحديدا، فإن قلقه تمحور حول عودة ممكنة لرئيس الوزراء السابق إيهود اولمرت، كزعيم لتحالف معارض يضم تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة، وشاؤول موفاز زعيم حزب "كاديما"، ويائير لابيد وهو نجم سياسي صاعد.
والهدف الذي يبذل نتنياهو جهده لتحقيقه هو تجميع قوة سياسية كبرى يمكن أن تضمن إعادة انتخابه وضمان سيطرته على اليمين الاسرائيلي. وليبرمان هو المستفيد الرئيسي من هذا التحالف: فهو يضمن القوة لحزبه، "اسرائيل بيتنا"، وبموجب الاتفاق يمكن لليبرمان أن يختار تسلم أي وزارة يريدها، بما في ذلك وزارة الدفاع المهمة. وسيحصل على الشرعية السياسية، وينتقل من كونه مجرد شريك في ائتلاف حكومي إلى لاعب رئيسي. وإذا كانت الحكومة خلال السنوات الأخيرة مكونة أساسا من نتنياهو وإيهود بارك وزير الدفاع، فالحكومة المقبلة ستتكون حكومة نتنياهو- ليبرمان. ويمكن لليبرمان أن يتنافس على زعامة "ليكود" بعد نتنياهو.
ويعكس التحالف اندفاعا نحو اليمين، في وقت يتزايد فيه التطرف في السياسات الاسرائيلية. وفي السابق كان ليبرمان إلى حد كبير على الهامش. وعندما أصبح وزيرا للنقل استقال وزير من حزب العمل، رافضا الجلوس معه الى نفس الطاولة.
بعد ذلك أصبح ليبرمان وزيرا للخارجية. واعتقد الكثيرون أن ذلك سيثير نقمة المجتمع الدولي. لكنه استقبل بحرارة في العواصم الأوروبية. ولو قال شخص قبل 10 سنوات إن ليبرمان سيصبح وزيرا للخارجية، فربما كان سيتهم بالجهل إن لم يكن بالعداء والتحريض ضد اسرائيل.
ومن بين النتائج الواضحة للائتلاف الجديد حقيقة أن "ليكود" قد اصبح أكثر تطرفا، وأن ليبرمان أصبح أكثر نفوذا وخطورة. وقبل اشهر قليلة طالب ليبرمان بالإطاحة بالرئيس محمود عباس، على الرغم من أن عباس حافظ على السلام في ظلال الاحتلال، ويواصل السعي الى المفاوضات- حتى في غياب أي شريك اسرائيلي. كما طالب ليبرمان بعقوبات سياسية واقتصادية وأمنية على السلطة الفلسطينية بعد أن بدأت تحركها الدبلوماسي للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية.
لقد تبنى ليبرمان سياسات معادية لمواطني اسرائيل العرب، الذين يشكلون 17 في المائة من السكان. وشعار حزبه هو "لا مواطنة من دون ولاء"، وهو يسعى لإجبار العرب على إعلان ولائهم للدولة الصهيونية كشرط من أجل المواطنة، بما في ذلك الحق في التصويت وعضوية الكنيست. وحيث أن خطر العنصرية لا يعتمد فقط على تهورها ولكن على قوتها ونفوذها، فلن هذا الائتلاف في صميم الحكومة يشير إلى تصاعد حاد في مستويات العنصرية، وإلى هبوط شديد في الديموقراطية.
من الامور المركزية في سياسات ليبرمان الاعتراف الرسمي بضم القدس وشرعية المستوطنات، في مقابل تهجير سكان التجمعات العربية الرئيسية داخل الخط الاخضر إلى فلسطين. وبالإجمال، فإن هدف ليبرمان هو جعل مواطنة الفلسطينيين العرب مشروطة وموقتة. ومن الحتمي أن ذلك سيؤدي إلى دولة يهودية نقية، خالية من المواطنين العرب.
وعندما دخل يورغ هايدر وحزبه اليميني المتطرف الحكومة النمساوية، فرضت عدة دول أوروبية عقوبات على تلك الحكومة. وليبرمان اكثر خطورة من هايدر. ووضعه دليل على أن التطرف على وشك أن يسيطر على اسرائيل. فهل يتم التساهل في الأراضي المقدسة مع هذا النوع من السياسات الذي تم رفضه في أوروبا؟.
لقد كانت أخر حكومة وكنيست في اسرائيل، والتي انتهت ولايتها قبل فترة قصيرة، الأكثر تطرفا حتى الآن، ومن المحتمل أن يتغير الوضع بعد الانتخابات المقبلة نحو الأسوأ. إذن، ما الذي علينا القيام به؟ أعتقد أن محاولة إقناع نتنياهو وحكومته بتبني سياسات معتدلة هو مضيعة للوقت والجهد. والطريقة الوحيدة لضمان التغيير هي من خلال الضغط والعقوبات على الحكومة الاسرائيلية. فسلوك نتنياهو سياسيا يظهر أنه لا ينحني إلا عندما تتم مواجهته. وكل من يريد السلام والحيلولة دون الحروب التي تحوم في الأفق، وكل من يريد وضع حد للجرائم التي يرتكبها الاحتلال، وكل من يريد مكافحة العنصرية عليه أن يساعد في فرض تلك العقوبات".