الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

استهداف المقرّات الحكومية والشرطية في قطاع غزة من منظور القانون الدولي الإنساني

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية 
 معتصم عوض
مرّة أخرى يتكرر مشهد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من خمس سنوات، ولعله يذكرنا بالأيام الدامية التي شهدها القطاع خلال العملية العسكرية الإسرائيلية أواخر العام 2008 والتي استمرت مدّة اثنان وعشرون يوماً، وراح ضحيتها أكثر من 1320 شهيداً، من بينهم 446 طفلاً و110 نساء و108 مسنين و14 فرداً من الطواقم الطبية و3 صحفيين، و230 شرطياً، ونحو 5450 جريحاً من بينهم 1855 طفلاً و795 إمرأة و24 جريحاً من الطواقم الطبية أصيبوا خلال العملية العسكرية، ناهيك عن الدمار الذي حل بالبنية التحتية والممتلكات الخاصة والعامة المحلية والدولية. 
وبعد مضي حوالي أربعة سنوات يتكرر ذات المشهد بذات السلوك، لكن بزمن مختلف. فقد قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن عملية عسكرية، استهلتها باغتيال أحمد الجعبري قائد كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس. وتتوالى الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع منذ أربعة أيام، على ما تدعيه أهداف عسكرية مشروعة، وكعادتها في الحروب لم ترحم آلة الحرب الإسرائيلية أحداً، ولم تسلم أي من الفئات المحمية من قبضة هذه الآلة المتغطرسة، وبالنظر إلى حصيلة تلك الغارات نجد أن أكثر من 80% ممن سقطوا شهداء أو جرحى، هم من الأطفال والنساء والشيوخ العزّل.
إن إستهداف المدنيين والممتلكات، التي يحظر إستهدافها على نحو لا تقتضيه ضرورة حربية ملحة يشكل مخالفة جسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني، وهي بمثابة جرائم حرب يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي، وقضاء الدول التي تمارس محاكمها إختصاصاً جنائياً عالمياً. لكن ماذا عن استهداف إسرائيل للمقرّات الحكومية والشرطية منها؟ هل هذا الفعل مشروع حسب القانون الدولي للنزاع المسلح أم غير مشروع؟ وهنا سأحاول أن أبين مدى قانونية إستهداف إسرائيل، كقوة إحتلال حربي، أفراد الشرطة الفلسطينية.
إن الأرض الفلسطينية هي أرض محتلة، بما فيها قطاع غزة، وعلية، فإن الصفة القانونية للمواطنين فيها هي انهم مدنيون، بما فيهم موظفي الحكومة المدنيين، وأفراد الشرطة، والدفاع المدني، ما داموا غير مشاركين في أعمال قتالية تضر بالخصم. وفي حال ثبوت مشاركتهم في أعمال قتالية ضده، فإن الحماية المقررة لهم تعلّق على مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور. وهنا تبرز نقطة مهمة، وهي أن إستهداف الإنسان المدني يكون فقط عند إشتراكه المباشر في العمليات العسكرية، خلافاً لإستهداف المحارب بوصفه القانوني، الذي يكون عرضة للهجوم طيلة فترة الحرب، ما لم يصبح من الفئات المحمية، كأن يصاب أو يمرض أو يقع في قبضة العدو كأسير حرب.
إن القانون الدولي للنزاع المسلح، أو ما يعرف أيضاً بالقانون الدولي الإنساني، لم يعرّف وضعية الإشتراك المباشر في العمليات القتالية. لكن الفقرة (3) من المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، أكدت على تمتع المدنيين بالحماية التي وفرها القسم الرابع من البروتوكول، ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية، وعلى مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور.
من هنا نستنتج أن هناك ثلاثة عناصر أساسية يجب أن تتوفر لكي ترفع الحماية عن شخص مدني أو منشاة مدنية:
 اولاً: يجب أن يكون للشخص أو للمنشاة دور حربي مباشر، أي الإشتراك المباشر في العمليات القتالية، وهذا له علاقة بالسلوك، وبأي تصرف ذو تأثير مباشر على حياة، وعتاد، ومنشآت العدو، بحيث تشكل خطراً مباشراً وآنياً عليه.
ثانياً: عنصر المكان، ويقصد به منطقة الإشتباك، أو منطقة النشاط في الجهد العسكري.
ثالثاً: عنصر الوقت، بمعنى أن المدني المشارك في العمليات العسكرية يصبح معرضاً للإستهداف على مدى الوقت الذي يقوم به بذلك الدور. أي أن الإطار الزمني هنا يبدأ بإنتشار الشخص المدني استعداداً للهجوم وينتهي بانسحابه من منطقة الأعمال العدائية.
 وبإعتقادي أن الفقرة (3) من المادة (51) من البروتوكول الإضافي الأول، كان المراد بها تحديد مفهوم الإشتراك المباشر في إطار المفهوم الضيق للإشتراك، مثل تنفيذ عمل عسكري، أو نقل عتاد، أو خلال التنقل من وإلى المواقع القتالية؟ وطيلة فترة المشاركة فقط، وذلك حفاظأ على مبدأ التمييز وحماية المدنيين.  وبالإستناد إلى تفسير  تلك الفقرة، فقد ربط موضوع فقدان الحماية بفترة معينة تتعلق بالسلوك نفسة، وهو الإشتراك المباشر، على أن تعود تلك الحماية لذلك الشخص حال توقفه عن الإشتراك المباشر في العمليات العسكرية، وإلا فلماذا لم تنص الفقرة على فقدان المدني المشارك في العمليات العسكرية وضعه كمدني ونصت على فقدان حقه في الحماية كمدني فحسب؟ ولماذا لم تعتبره مقاتلاً، ما يحوله إلى هدف مشروع طيلة فترة النزاع، وأبقت على وضعة كمدني؟ ولماذا حددت وقت المشاركة، علماً أن المحارب هو هدف مشروع طيلة فترة النزاع؟
وعليه فإن إستهداف المحارب، مثل الجندي المنتمي لجيش نظامي في دولة ما، يكون بالأساس بسبب وضعه كمحارب وليس لسلوكه. أما المدني المشارك في العمليات القتالية، فإن إستهدافه يكون بسبب سلوكه وليس بسبب وضعه.   
إن مهمة أفراد الشرطة الفلسطينية وأفراد الدفاع المدني هي مهمة مدنية، وبالتالي ولا ينطبق عليهم وصف المحارب، حسب التعريف الدولي له. ومهمتهم تتمثل في حفظ الأمن العام. وهذا الدور لا علاقة له بالمشاركة في العمليات العسكرية، لذا هم مدنيون محميون، بغض النظر عن إنتمائهم السياسي، ولا يجوز أن يكونوا هدفاً لأي هجوم، لأنهم محسوبون على هذا الفصيل أو ذاك، طالما لم يشتركوا في العمليات العسكرية. وقد أكدت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة، أن أفراد الشرطة المدنيين لا يفقدون وضعهم هذا. 
إن إستهداف إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين، والممتلكات العامة والخاصة، ومن ضمنها مقرّات الحكومة المدنية والشرطية، لا يمكن إلا ان تكون جريمة حرب، يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي. لكن تقاعس الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، ومنظمة الأمم المتحدة راعية الأمن والسلم العالميين، وصمتهم  غير المبرّر بوجه الانتهاكات وجرائم الحرب الإسرائيلية، وتجاهلهم لمطلب الحماية الدولية، والتدخل لرفع معاناة السكان المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، قد ساهم في رفع حدة الانتهاكات الإسرائيلية، ولامبالاة دولة الاحتلال الإسرائيلي وتجاهلها الكلي لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني.
ومن خلال تجاربنا السابقة أعتقد أن الدول والمنظمات الدولية ستكون عاجزة عن القيام بالملاحقة القضائية للمسؤولين الإسرائيليين، لأن من عجز على وقف العدوان رغم كل ما شاهده من قتل للأبرياء، وآلام لا مبرر لها، وعدم الإكتراث للكرامة الإنسانية، وتدمير عشوائي للممتلكات المدنية والعامة، وإستخدام القوة المفرطة وأسلحة محرمة على المدنيين، لن يمتلك العزيمة والإرادة لمعاقبة المسؤولين على جرائمهم. لكن في المقابل يعوّل الكثيرون على الدور الذي ستلعبه دول الربيع العربي لوقف العدوان ومحاسبة إسرائيل على جرائمها مع تحفظي الشديد على رفع سقف التوقعات من تلك الدول التي عجزّت حتى الآن على وقف الإبادة الجماعية التي ينتهجها النظام السوري بحق مواطنيه، والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 35 ألف مواطن سوري على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، بمن فيه دول الربيع العربي.
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025