الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

سلوك دولة الاحتلال الإسرائيلي في ظل المتغيرات الإقليمية - معتصم عوض

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
يتكرر اليوم المشهد المؤلم ذاته، ولكن في زمن مختلف، الصور ذاتها، والمعاناة هي نفسها. في العام 2008 شاهدنا مأساة عائلة السموني، واليوم نشاهد المأساة ذاتها متجسدة في عائلة الدلو. هو السلوك العسكري الإسرائيلي المبني على عدم التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية ذاته، واستخدام القوّة المفرطة، وعدم التناسب في استخدام القوّة، واستخدام وسائل وأساليب حربية تؤدي إلى آلام لا مبرر لها.
لقد ظنّ الكثيرون أن تراجع التأييد الدولي لإسرائيل جرّاء الفظائع التي ارتكبتها في عدوانها على قطاع غزّة عام 2008، وصدور تقرير غولدستون الذي بقي حبراً على ورق، والصدى الإعلامي العالمي الذي نتج عن ذلك العدوان، وتراجع الدعم الرسمي (في عدد قليل من الدول مثل تركيا) وغير الرسمي في العديد من الدول لسياسة دولة الاحتلال، والتغيّر في بعض أنظمة الحكم نتيجة الربيع العربي، ووصول أحزاب إلى الحكم هي أقرب إلى القضية الفلسطينية من سابقاتها، سيغيّر من سلوك إسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
فقد استمرت إسرائيل في بناء المستعمرات ومصادرة الأراضي الفلسطينية لبناء وحدات سكنية عليها للمستعمرين، واستمرت في بناء جدار الضم والتوسع، وتهويد القدس، وهدم المنازل، الذي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حسب تقارير مؤسسات الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية. وتبرهن دولة الاحتلال اليوم للعالم بأسره أنها مستمرة في سلوكها العسكري ذاته، ضاربة عرض الحائط بكافة القواعد والأحكام الملزمة لها في القانون الدولي الإنساني. وهي تؤكد أن آلتها العسكرية لن ترحم أحداً، وبالفعل لم تسلم أي من الفئات والممتلكات المحمية في الحروب (أطفال، نساء، شيوخ، أطقم طبية، أطقم صحفية، رجال شرطة مدنية، منازل ومقار حكومية مدنية،...الخ) من قبضة هذه الآلة المتغطرسة.
ترى ما هو السبب الرئيس وراء إصرار الاحتلال الإسرائيلي على الاستمرار بالنهج والسياسة العنصرية والدامية ذاتها، خاصة مع تنامي العداء للاحتلال الإسرائيلي إقليمياً ودولياً؟  أعتقد أن السبب الرئيس يعود إلى سياسة إفلات دولة إسرائيل من العقاب، بتواطئ الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، تجاه الجرائم كافة التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها استهداف عائلة الدلو في قطاع غزة، والتي راح ضحيتها أحد عشرة مدنياً أعزلاً، من بينهم خمسة أطفال. فأي مجرم، إن كان فرداً أو جماعة أو دولة لا يمكن له أن يرتدع إلا إذا عوقب على أفعاله، وإلا فإنه سيستمر بارتكاب جرائمه، بحدة وبشاعة متصاعدتين.
إن الآليات الدولية لمحاسبة الدولة المعمول بها هي للأسف تصب في مصلح دولة إسرائيل. فمجلس الأمن الذي تم تخويله حفظ الأمن والسلم العالمي يعمل حسب ما تقرره الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس. وما دامت القرارات في المجلس تؤخذ بناء على مصالح الدول، وليس استناداّ إلى الحق، والعدالة، والأخلاق، والأعراف العامة، وما دامت  الولايات المتحدة، الحليف العضوي لدولة إسرائيل، تتربع على عرش النظام الدولي، فإنه لن يتم اتخاذ أي قرار ذي فعالية بحق دولة الاحتلال.   
ومن الأسباب الرئيسية أيضاً هي عدم الخسارة، فماذا خسرت إسرائيل حتى الآن نتيجة ما تقوم به من ممارسات ضد الفلسطينيين؟ صحيح أنها خسرت بعض التأييد العام العالمي، لكنها حتى الآن تحافظ على علاقات قوية مع الجانب الرسمي في الدول المحورية في النظام الدولي. وبمقارنة تصريحات تلك الدول على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، مع تصريحاتها خلال العدوان السابق، يمكن الاستنتاج أن موقف تلك الدول لم يتغير. فالولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وألمانيا حمّلوا كعادتهم المسؤولية لحركة حماس، وأكدوا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، في المقابل كان الرد الفرنسي فاتراً كعادته فهو لم يدين أحداً، وإنما شدد على ضرورة وقف المواجهات العسكرية، لكي لا يتدهور الوضع أكثر من ذلك. كذلك لم يتغير الموقف الروسي الذي رفض الهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع، ووصفها بالقوة المفرطة وغير المتكافئة، في حين رفض قصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ. أما الصين فمسكت العصا من المنتصف وعبّرت عن قلقها الشديد نتيجة ما يحدث، وطالبت طرفي النزاع بضبط النفس.      
ومن خلال تجاربنا السابقة أعتقد أن الدول، والمنظمات الدولية، ستكون عاجزة عن القيام بالملاحقة القضائية للاحتلال الإسرائيلي كدولة وأفراد، لأن من عجز على وقف العدوان، رغم كل ما شاهده من قتل للأبرياء، وآلام لا مبرر لها، وعدم الاكتراث للكرامة الإنسانية، وتدمير عشوائي للممتلكات المدنية والعامة، واستخدام القوة المفرطة وأسلحة محرمة على المدنيين، لن يمتلك العزيمة والإرادة لمعاقبة المسؤولين على جرائمهم.
كذلك ما زالت المنظومة العربية، رغم امتلاكها العديد من وسائل الضغط وأهمها النفط، غير قادرة على الخروج من الوعاء التي وجدت نفسها فيه منذ انهيار الإتحاد السوفيتي، وتحوّل النظام الدولي إلى نظام أحادي القطبية، وهي ما زالت تلعب ضمن المربع الذي يحدده رأس ذاك النظام (الولايات المتحدة)، وغير قادرة على الخروج عن تلك المحددات، نتيجة ضعف المنظومات الفرعية على المساومة في ظل النظام الدولي السائد.
إن مصالح الدول هي المحرّك الأساس لعلاقاتها وسياساتها الخارجية، حتى دول الربيع العربي ما يحركها تجاه أية قضية إقليمية ودولية هي مصالحها في الأساس، وحسابات الربح والخسارة، وليس الحلال والحرام. فإن رأت أنها ستخسر من اتخاذها لموقف ما فلن تتردد في الابتعاد عنه، للخروج بدون أضرار أو بأقلها على أبعد تحديد. فماذا فعلت دول الربيع العربي حتى الآن لوقف الاعتداءات الإسرائيلية (دولة ومستوطنين) في الضفة الغربية بما فيها القدس، ولوقف العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر؟ الجميع شاهد اجتماع وزراء الخارجية العرب بتاريخ 17/11/2012، الخاص بمناقشة العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، والذي لم يختلف عن أي اجتماع عربي عقد في السابق، فهو لم يخرج إلا ببيانات شجب واستنكار، وطلبات بضرورة مساعدة قطاع غزة المحاصر ووقف العدوان. لكن السؤال الذي لم نعرف إجابته بعد، هو كيف؟ وماذا قررت الدول العربية بخصوص العمل الفعلي على الأرض من أجل ذلك؟ هذا إن قررّت أصلاً.  
ومن هنا أتحفظ على التعويل كثيراً على الدور الذي ستلعبه دول الربيع العربي لوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي، ليس في غزّة، فحسب، بل في الضفة الغربية بما فيها القدس، وإلزام الاحتلال بإعادة الحقوق إلى أصحابها، ومحاسبته على جرائمه.
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025