في غزة.. صمّ وبكم يتابعون الحرب - سامي أبو سالم
محمد النيرب
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
في فناء البيت التي تتناثر فيها شجيرات الزيتون في مخيم جباليا شمال غزة، لم تفارق عينا الأصم والأبكم محمد النيرب، السماء وهو يرقب حركة الطائرات الحربية الإسرائيلية وطائرات الاستطلاع.
محمد (16 عاما)، هو أحد الفتية الصُم الذين يتابعون بمختلف حواسهم، اللمس والشم والنظر، تفاصيل الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على غزة لليوم السابع على التوالي.
وقالت رحاب النيرب، والدة محمد، إن ابنها يستشعر القصف وقت حدوثه وليس قبل. "يكون جالسا أو واقفا ويشعر بارتجاج الأرض مع قوة القصف. عند ذلك يبدو الرعب على وجهه.
ولفتت الوالدة إلى أن محمد يستعيض أيضا بحاسة البصر حيث يركز معظم الوقت نظره في السماء يرقب طائرات الاستطلاع والطائرات الحربية.
وأضافت رحاب، التي تعمل مدرسة، أن ابنها محمد يلجأ أحيانا لحاسة الشم لاستكشاف ما إذا كان هناك قصف أم لا.
وقالت: "أحيانا يحاول التقاط رائحة الانفجار ويلتفت إلى اتجاه الريح ليحدد الاتجاه. إنه يستخدم كل حواسه."
ويتبع محمد أيضا بعينيه الدخان الأبيض الناجم عن إطلاق مقذوفات محلية الصنع يطلقها مسلحون فلسطينيون من غزة باتجاه البلدات الإسرائيلية.
ويزعم محمد، الذي يهوى كرة القدم ويتردد على ناد لكمال الأجسام، أنه لايخشى الحرب ولا القصف، على اعتبار أنه أضحى رجلا قويا.
يشمر عن ساعده ويظهر عضله النامي ويبتسم: "لقد بت رجلا، أنا لا أخاف" قال- بلغة الإشارة- وهو يبتسم.
وقالت أمه إن الخوف يبدو واضحا على وجهه عندما يدرك أن هناك انفجارا أو قصفا. "يبدو وجهه شاحبا ويميل الى الاصفرار... أنا أمه وأعرف ابني. يكون مرتعبا لكنه يعمل جاهدا أن يُخفي ذلك، لكن دون جدوى."
وكشفت أنه وفي ساعات المساء يخشى من التوجه للحمام إذا كان الجميع يرقد في غرفته. "يرقد بين إخوته يشاهد التلفاز وعندما يرى حركة شخص ما في الصالون يذهب للحمام.
وقال صابر النيرب، والد محمد، إن ابنه يعاني من الإعاقة السمعية منذ الولادة، مشيرا إلى أن قوة السمع لدى محمد لا تتجاوز 15%، وبالتالي لا يسمع الأحداث من حوله، لكن شدة القصف غير المعتاد يسمعها أحيانا.
"هذا قصف بيخللي اللي ما بيسمع يسمع" قال صابر النيرب في وصفه لشدة القصف الذي تشهده غزة.
ويتسم القصف في الهجوم الإسرائيلي على غزة بالقوة غير المعتادة. "أسمع الانفجار وأعتقد أنه في بيت جاري لأتفاجأ أنه بعيدا عدة كيلو مترات" قال صابر.
ولم يُخف صابر خوفه على محمد بسبب "تهوره واندفاعه". حيث ينطلق خارج البيت مسرعا ليرى ما يجري على الأرض عندما يسمع انفجارا قريبا أو عندما يعرف أن هناك حدث ما.
وأشار والده أن محمد سمع قصف طائرات الاحتلال لمنزل آل صلاح غير البعيد عن منزلهم.
وقصفت طائرات الاحتلال منزلا فوق رؤوس قاطنيه وهم نيام يعود لعائلة صلاح في مخيم جباليا فجر السبت ما أدى إلى إصابة نحو 30 مواطنا بجروح.
وقال محمد لمراسل "وفا" إنه سمع القصف وتوجه للبيت ورأى البيت مدمر والسيارات مدمرة ومسعفون ينقذون امرأة من تحت الركام.
وأضاف في حديثه بلغة الإشارة، حيث قام الوالد بالترجمة، إنه يسمع القصف أحيانا أو يشعر به ويرى الطائرات ويرى الصواريخ تتجه لإسرائيل.
وأشار إلى أنه يتوقع أن يشهد قطاع غزة المزيد من القصف حيث سيتم استهداف أحد المنازل أو البيوت في الحي الذي يسكن فيه.
وقال صابر إن محمد يتابع كل التفاصيل ويسأل عن كل شاردة وواردة، "إذا عرف أو شكّ أن هناك قصفا أو انفجارا يسأل عن التفاصيل، ويتابع الأخبار في محطات التلفزة."
وقال رئيس مجلس إدارة نادي البسمة للمعاقين عيد شقورة، إنه لا تتوفر إحصائية رسمية تتعلق بالصم والبكم، لكن تقديرات المؤسسات المختصة بهم تقدر عددهم بـ20,000 في الضفة الغربية وقطاع غزة، نصفهم في القطاع الذي يبلغ تعداد سكانه 1.7 مليون نسمة.
وأشار شقورة إلى أن المؤسسات المعنية بالصم تنظم دورات إرشادية أو ورش عمل خاصة بكيفية التعامل وقت الكوارث، لذوي الحاجات الخاصة يستفيد منها الصم والبكم، نافيا وجود تقنيات خاصة لربطهم، على سبيل المثال، بنظام تحديد المكان والإسعاف والدفاع المدني.
ولفت إلى أن ما يساعد الصم والبكم في فلسطين هو أنهم يعيشون وسط ذويهم وهذا يساعدهم في التعامل مع المواقف الصعبة.
وبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة حتى ظهر اليوم الثلاثاء 116 شهيدا من بينهم 26 طفلاً و10 نساء و13 مسناً، فيما ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 885 مواطنا، منهم 280 طفلاً و145 امرأة و57 مسناً.
zaفي فناء البيت التي تتناثر فيها شجيرات الزيتون في مخيم جباليا شمال غزة، لم تفارق عينا الأصم والأبكم محمد النيرب، السماء وهو يرقب حركة الطائرات الحربية الإسرائيلية وطائرات الاستطلاع.
محمد (16 عاما)، هو أحد الفتية الصُم الذين يتابعون بمختلف حواسهم، اللمس والشم والنظر، تفاصيل الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على غزة لليوم السابع على التوالي.
وقالت رحاب النيرب، والدة محمد، إن ابنها يستشعر القصف وقت حدوثه وليس قبل. "يكون جالسا أو واقفا ويشعر بارتجاج الأرض مع قوة القصف. عند ذلك يبدو الرعب على وجهه.
ولفتت الوالدة إلى أن محمد يستعيض أيضا بحاسة البصر حيث يركز معظم الوقت نظره في السماء يرقب طائرات الاستطلاع والطائرات الحربية.
وأضافت رحاب، التي تعمل مدرسة، أن ابنها محمد يلجأ أحيانا لحاسة الشم لاستكشاف ما إذا كان هناك قصف أم لا.
وقالت: "أحيانا يحاول التقاط رائحة الانفجار ويلتفت إلى اتجاه الريح ليحدد الاتجاه. إنه يستخدم كل حواسه."
ويتبع محمد أيضا بعينيه الدخان الأبيض الناجم عن إطلاق مقذوفات محلية الصنع يطلقها مسلحون فلسطينيون من غزة باتجاه البلدات الإسرائيلية.
ويزعم محمد، الذي يهوى كرة القدم ويتردد على ناد لكمال الأجسام، أنه لايخشى الحرب ولا القصف، على اعتبار أنه أضحى رجلا قويا.
يشمر عن ساعده ويظهر عضله النامي ويبتسم: "لقد بت رجلا، أنا لا أخاف" قال- بلغة الإشارة- وهو يبتسم.
وقالت أمه إن الخوف يبدو واضحا على وجهه عندما يدرك أن هناك انفجارا أو قصفا. "يبدو وجهه شاحبا ويميل الى الاصفرار... أنا أمه وأعرف ابني. يكون مرتعبا لكنه يعمل جاهدا أن يُخفي ذلك، لكن دون جدوى."
وكشفت أنه وفي ساعات المساء يخشى من التوجه للحمام إذا كان الجميع يرقد في غرفته. "يرقد بين إخوته يشاهد التلفاز وعندما يرى حركة شخص ما في الصالون يذهب للحمام.
وقال صابر النيرب، والد محمد، إن ابنه يعاني من الإعاقة السمعية منذ الولادة، مشيرا إلى أن قوة السمع لدى محمد لا تتجاوز 15%، وبالتالي لا يسمع الأحداث من حوله، لكن شدة القصف غير المعتاد يسمعها أحيانا.
"هذا قصف بيخللي اللي ما بيسمع يسمع" قال صابر النيرب في وصفه لشدة القصف الذي تشهده غزة.
ويتسم القصف في الهجوم الإسرائيلي على غزة بالقوة غير المعتادة. "أسمع الانفجار وأعتقد أنه في بيت جاري لأتفاجأ أنه بعيدا عدة كيلو مترات" قال صابر.
ولم يُخف صابر خوفه على محمد بسبب "تهوره واندفاعه". حيث ينطلق خارج البيت مسرعا ليرى ما يجري على الأرض عندما يسمع انفجارا قريبا أو عندما يعرف أن هناك حدث ما.
وأشار والده أن محمد سمع قصف طائرات الاحتلال لمنزل آل صلاح غير البعيد عن منزلهم.
وقصفت طائرات الاحتلال منزلا فوق رؤوس قاطنيه وهم نيام يعود لعائلة صلاح في مخيم جباليا فجر السبت ما أدى إلى إصابة نحو 30 مواطنا بجروح.
وقال محمد لمراسل "وفا" إنه سمع القصف وتوجه للبيت ورأى البيت مدمر والسيارات مدمرة ومسعفون ينقذون امرأة من تحت الركام.
وأضاف في حديثه بلغة الإشارة، حيث قام الوالد بالترجمة، إنه يسمع القصف أحيانا أو يشعر به ويرى الطائرات ويرى الصواريخ تتجه لإسرائيل.
وأشار إلى أنه يتوقع أن يشهد قطاع غزة المزيد من القصف حيث سيتم استهداف أحد المنازل أو البيوت في الحي الذي يسكن فيه.
وقال صابر إن محمد يتابع كل التفاصيل ويسأل عن كل شاردة وواردة، "إذا عرف أو شكّ أن هناك قصفا أو انفجارا يسأل عن التفاصيل، ويتابع الأخبار في محطات التلفزة."
وقال رئيس مجلس إدارة نادي البسمة للمعاقين عيد شقورة، إنه لا تتوفر إحصائية رسمية تتعلق بالصم والبكم، لكن تقديرات المؤسسات المختصة بهم تقدر عددهم بـ20,000 في الضفة الغربية وقطاع غزة، نصفهم في القطاع الذي يبلغ تعداد سكانه 1.7 مليون نسمة.
وأشار شقورة إلى أن المؤسسات المعنية بالصم تنظم دورات إرشادية أو ورش عمل خاصة بكيفية التعامل وقت الكوارث، لذوي الحاجات الخاصة يستفيد منها الصم والبكم، نافيا وجود تقنيات خاصة لربطهم، على سبيل المثال، بنظام تحديد المكان والإسعاف والدفاع المدني.
ولفت إلى أن ما يساعد الصم والبكم في فلسطين هو أنهم يعيشون وسط ذويهم وهذا يساعدهم في التعامل مع المواقف الصعبة.
وبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة حتى ظهر اليوم الثلاثاء 116 شهيدا من بينهم 26 طفلاً و10 نساء و13 مسناً، فيما ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 885 مواطنا، منهم 280 طفلاً و145 امرأة و57 مسناً.