"ثورة الخيام" والعد التنازلي لحكم الساحر نتنياهو
محرّر الشؤون السياسية للشؤون الإسرائيلية في مفوّضية الإعلام والثقافة
صباح كل يوم يجد بنيامين نتنياهو على طاولة مكتبه إستطلاعاً للرأي حول الموقف منه ومن قضايا المجتمع الإسرائيلي، فيصدر التصريحات ويبني سياساته المنسجمة مع نتائج الإستطلاعات، خاصة بالنسبة لعملية السلام والمفاوضات مع الفلسطينيين.
نتنياهو الذي استطاع أن يحصل على تأييد الجمهور الإسرائيلي في القضايا السياسية، اعتقد أنه لا يمكن أن يخسر التأييد في المجتمع الإسرائيلي، خاصة اليمين السياسي، لكن خيمة الإحتجاج الأولى التي نصبت في جادة روتشيلد في تل أبيب، كانت المسمار الأول الذي زعزع نتنياهو ووضعه في دوامة غير مسبوقة، وكلامه المعسول لم يسعفه.
ذهل نتنياهو عندما تصفح من نتائج الإستطلاع الذي أجرته صحيفة هارتس (عدد الثلاثاء) من هذا الأسبوع ذهل حول خيام الإحتجاج، إذ تبين أن 87% من الجمهور الإسرائيلي يؤيد ( ثورة الخيام )، وأن شعبيته هبطت من 52% قبل حوالي الشهرين إلى 32%.
بينت نتائج الإستطلاع أن اليمين الذي دعم نتنياهو سياسياً تخلى عنه بسبب الأزمة الاقتصادية والنقص في شقق الإسكان وأسعارها الغالية والتي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي.
عقد نتنياهو اجتماعات مع وزراءه ومستشاريه حتى ساعات متأخرة من الليل في محاولة لإيجاد حل سحري للأزمة يقنع من خلالها شبان الخيام من العودة إلى بيوتهم ووقف إحتجاجهم، لكنه نسي أمراً هاماً هو أنه لا يوجد لهؤلاء بيت يعودون إليه لأنهم لا يستطيعون دفع أجرة البيوت الغالية جداً. نتنياهو حاول التملص من مسؤوليته عن الأزمة متهماً "دائرة أراضي إسرائيل" ولجان التنظيم والبناء بالمسؤولية عن أزمة السكن، بسبب البيروقراطية الزائدة، لكنه فشل في مهمته وأتهم بشكل مباشر عن الأزمة، وحاول دق إسفين بين طلاب الجامعات وقادة الإحتجاج بالإعلان عن تسهيلات للطلاب في المواصلات العامة وبناء سكن للطلاب ودعمهم مالياً خلال دراستهم، لكنه فشل مرة أخرى لأن طلاب الجامعات رفضوا اقتراح نتنياهو وقرروا مواصلة الإحتجاج مع الآخرين حتى يتم إيجاد حلول لأزمة السكن وإقرار قانون حول الإسكان الشعبي من أجل أن يتمكن كل شخص من شراء بيت أو استئجار بأسعار معقولة.
المؤتمر الصحفي الذي عقده نتنياهو وأعلن من خلاله عن السياسة الجديدة في البناء، قوبل بالرفض الكامل وخلال مؤتمره الصحفي طالبه المحتجين بالإستقالة. عندما بدأت حملة الإحتجاج طالب المحتجين إيجاد الحلول لمشاكلهم السكنية، لكن الإحتجاج تحول إلى المطالبة بإستقالة نتنياهو "الشعب يريد العدل الاجتماعي، نتنياهو ارحل" كان الرد عليه في تل أبيب والقدس وحيفا وبئر السبع وأماكن أخرى.
نتنياهو يعيش أزمة داخلية وأخرى دولية، مرتبك لا يجد الحلول لهذه الأزمات، على الرغم من أنه معروف "بشطارته" في استعمال الكلمات المقنعة، فقد أطلق عليه لقب " الساحر" لأنه كان يطلق الوعود ويقنع الآخرين بوجهة نظره، لكن الساحر نتنياهو فقد القدرة على مواصلة السحر، ولم يعد يجد الكلمات المناسبة والمقنعة فحبل الكذب قصير.
أخيراً اكتشف الجمهور في إسرائيل أن نتنياهو، هو ساحر فاشل، لم يقدر على إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية وحتى السياسية. فإسرائيل تواجه أزمات اقتصادية صعبة وسياسية أصعب. إسرائيل معزولة دولياً بسبب سياستها الإستيطانية ورفضها لعملية السلام، وستواجه أزمة في أيلول، وستفشل في منع تقديم الطلب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة للإعتراف بالدولة المستقلة، فشل نتنياهو في جولاته الدولية إقناع الدول خاصة الغربية من عدم الإعتراف بالدولة.
الثورة الإجتماعية في إسرائيل سيكون لها إبعاد سياسية أيضاً لأن نجاح المحتجين على مشكلة السكن ستكون بمثابة الرافعة إلى الإحتجاج السياسي ضد الاحتلال ومن أجل إحلال السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.