قصة معاناة المناضلة زينة .. لا اعلم من أين أبدأ ومن أين أنتهي؟
صورة رمزية
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
نصر فؤاد أبو فول
تلك الكلمات وتلك اللحظات الضوئية على معبر رفح البرى جنوب قطاع غزة فى اللحظات الأولى من صباح الجمعة الماضة , جعلت لى أختاً جديدة ومناضلة عنيدة وابنة فلسطين برغم الشدائد التى أحاطت بها . إنها الفلسطينية الأصل زينة صالح محمد النعرانى 40 عام , من مدينة عكا التى هُجروا منها قصراً عام 1948م , لتهاجر إلى مخيمات اللجوء والشتات فى لبنان , وبعد هجرة هذه العائلة لم تسلم من بطش الإحتلال الإسرائيلى , بل لاحقتهم فى مجزرة صبرا وشاتيلا وشٌردوا إلى بلدان وقد استقرت فى اليونان 25عام! من منا لم يعرف أو يقرأ عن مجزرة صبرا وشاتيلا في 16 أيلول 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي بقتل المدنيين بشكل متعمد وبشكل لا يقبله أى إنسان على وجه هذه الحياة . تلك المرأة المناضلة أصيبت فى مجزرة صبرا وشاتيلا وهى أخت الشهيد " محمود صالح النعرانى " (32 عاماً) الذى اغتالته إسرائيل بعد ان أصيب بعدة عيارات نارية فى بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتاريخ 1/12/2002م, وأيضا والدها رئيس جمعية الصداقة اللبنانية الفلسطينية المناضل " أبو ناصر " ولها أخ واحد الان ومتزوج , زينة لديها من الأبناء " أحمد – سناء " يبلغ أعمارهم فى العشرينيات من العمر , وعائلتها أغلبهم استشهد فى نكبة 48م ومجزرة صبرا وشاتيلا . الأخت المناضلة بدأت بكلماتها البسيطة عند إستقبالى لها مع زميلى محمد وحيد عوض نائب المشرف العام فى الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام , حيث قالت " على هذه الأرض ما يستحق الحياة " , فقد دخلت قلبي مباشرة وأحسست بمعاناتها ووجعها من ألم الغربة والتى هُجرت من لبنان إلى قبرص فى البحر الأبيض المتوسط , حيث وجدت نفسها بأرض فلسطين وأرضها التى ستعود يوما من الأيام لها . مباشرة ندخل إلى معبر رفح ونحمل أمتعتها ونذهب بها إلى المنطقة الوسطى حيث مكان الإقامة عند أخت عزيزة تدعى " أم حمادة " وهى صديقتها منذ 23 عام , ورافقتها فى رحلتها إلى غزة , فكانت الانطلاقة بعد ذلك إلى الجامعات والمؤسسات العاملة فى قطاع غزة بصفتها مندوبة قطاع غزة فى المؤسسة العالمية لمساعدة المرآة والطفل ومقرها الرئيسي اليابان ومقرها الإقليمي اليونان . قبل أن ننطلق لهذه المؤسسات نظرت لأختي " زينة " وقلت لها كيف حالك اليوم وكيف تنظرين لغزة , فردت بسرعة البرق هذه فلسطين وما أحلم إلا أن أبقى فى فلسطين , كان هذا الرد كفيل أن يخلق الفخر والعزة بفلسطين التى أعيش بها , وتمنيت أن تكون معنا وكل المشردين والمهجرين أن يعودوا للوطن الغالي علينا . تحركنا نحو الجامعات الفلسطينية والمؤسسات والجمعيات لأخذ تفاصيل الخطط لديهم وعجزهم فى تقديم المساعدات لأبناء غزة , فقد كانت ترى غزة فى عينيها ودمعتها تأبى النزول من عينها خوفا من جرحنا وجرح مشاعرنا الجياشة للوطن الغالى والتى هى منه .
وقد كانت جميع زياراتها موفقة بها من كافة النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية , وتحمل هّـم غزة للمؤسسة التى تعمل بها , حيث رحبت المؤسسة بكل ما فعلته فى زيارتها وأثنت عليها المؤسسة . عشرة أيام فى قطاع غزة قابلت فيها الكثير من القيادات السياسية والاجتماعية والفصائل والقوى الوطنية والإسلامية ومن بينهم رئيس وزراء غزة إسماعيل هنية , فأنا وزميلي محمد عوض كنا متلازمين لها وبرفقتها وكنت من أنسق لتلك المواعيد ومنهم من اتصل ليجلس مع الأخت زينة ولم ترفض أى طلب .
وقد قامت بزيارة منزلى وكان برفقتنا الصحفى القدير حسن جبر والزميل محمود القصاص مدير المراسلين فى الشبكة الفلسطينية للإعلام, لتقُبل ابنتى – ريماس – فهي تعلم أن غلاوة إبنتى قد ازدادت بعد أن قبلتها , فقد تعرفت على عائلتي ووالدتي واخوانى , وتعرفت على قصص ومشاهد التهجير التى مُورست فى فلسطين على يد العصابات الإسرائيلية .
ذهبنا لمنزل جدتها برفقة أخ عزيز الأخ شادى صقر فى أبراج المقوسى غرب مدينة غزة , لتجلس فى ذلك البيت وترى جدتها وعائلتها التى لم تكن تعرف أن من عائلتها وجيرانها فى غزة , فقد تفاجأت وتفاجأ الجميع وبكى الجميع من شدة الفرح باللقاء , جلسنا نحتسى القهوة عند جدتها المسنّة وأخذت تشرح عن العائلة منذ التهجير لتعرف أخبار جديدة عنهم وتبحث عنهم . فجأة الأخت زينة سألت جدتها بهدوء وبحزن " كيف أستشهد أخوى محمود ؟ " كان هذا السؤال كالصاعقة على عقلي وقلبي فلم أستطع أن أتماسك أعصابي فانفجرت من البكاء , إنها قصة " المأساة " هذا السؤال فتح لى جروحا كثيرة وكبيرة وغائرة , كيف لهذا السؤال أن يًسأل هكذا وهى تطأطئ رأسها بعد السؤال .. إن هذا السؤال كانت نقطة صامتة لمدة خمس دقائق فى المنزل الذى جلسنا فيه حيث هدأت أعصابي بعد ذلك .
إنها قصة الحياة والموت , إنها قصة لشعب فلسطيني كافح وناضل ولم يجد أداة للنجاة من بطش الإحتلال وحلفائه , فقد تعلق قلبى بأختي الغالية زينة كثيرا بعد ذلك نظرا لأنها مفقودة العائلة ومفقودة الوطن . فى طريقنا للمعبر فتحت الأخت المناضلة لى ولزميلي محمد قلبها الملئ بـ " الأحزان والذكريات " التى تبحث عن قبر شقيقها الشهيد وعن أهلها التى لا تعلم عنهم شيئا فقد أنجزت مهمة العمل المرسلة إليها فى غزة , مع تعرفها على عائلتها وقد شكرت كل من ساعدها فى البحث عنهم , تحدثت فى السيارة أنها تحب غزة وستعود لغزة قريباً وأننا سنبقى إخوتها ولن يفرق الزمن بيننا وبينها حتى وإن جار الزمن عليها . هنا كانت اللحظات الأكثر ألما وحزنا فى معبر رفح أثناء المغادرة فلم أبين تلك الدمعة المتهالكة على عيني من شدة نظري لأحزانها , وهى تستقل باص العودة للقاهرة لتغادر لقبرص اليوم , لقد كانت كل ثانية تمر أتمنى ألا تمر , لكن هذه حياة ويجب أن تستمر , فدعوتها أن تكون بأحسن حال وألا تقلق علينا وأن تبلغني عند وصولها الجانب المصرى , فقد قام الأخوة فى المعبر الفلسطينى بمعاملتها أفضل معاملة وتسهيل مهاما فورا ونظرا لإتصالى فى مدير المعبر فقد أوصى عليها وقد تم عمل اللازم لها لسفرها . مثلما استقبلتها مثلما ودعتها ودموع الحنين تشدها للوطن مرة أخرى فهي كل لحظة تنادى علىّ " نصر " لا أريد أن أغادر , فأقول لها ستعودين فقد كانت كلماتها تخفى دموعا كثيرة وكبيرة كنت أخفف عنها , غادرت زينة ووصلت بسلام .
فعندما تحركت للعودة من المعبر وكنت أضحك مع زملائى فى السيارة وصلتني رسالة على جوالى تقول " راح أشتاقلكم واشتاق لغزة , بحبكم كثير " فما كان فى قلبى كل الحزن والألم أن يخرجه وألا يتحمل ما حدث فقد فقدت السيطرة على نفسي من هذه الرسالة وأدعو , ربنا يرجعها بالسلامة للوطن وأن تمسح دموعها بكل حبة تراب من أرض فلسطين .
لقد كانت إحدى أمثلة مأسى الشعب الفلسطينى بفعل البطش الإسرائيلى وتشريد الفلسطينيين وتهجيرهم , لقد كان ذلك أصعب موقف فى حياتي وفى عمري ومنذ قرأت التاريخ الفلسطينى ودخولي لعمل الصحافة والإعلام وأن تصٌعب علىّ مشاهدة أخت مناضلة وعزيزة تبكى وتخفى دموعها , وحتى إن أخفتها فلن تجد مكان فى عينياها أبلغ من الصمت وهو أبلغ من كل الكلام .
ما أصبح واضحا وجليا وبما لايثبت للإنسان الفلسطينى أنا مقصرون بحق هؤلاء الناس المهجرين بالشتات وعزمت من موقعي كصحفي وإعلامي فلسطيني أعيش لحظة الألم والوجع أن أسافر إلى مخيمات الشتات وأقوم بعمل دراسة تفصيلية عن معاناتهم وأحوالهم , وقد باشرت بذلك بالتنسيق مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين ووزارة الإعلام الفلسطينية وعدد من السفارات الفلسطينية التى يتواجد بها فلسطيني " اللجوء " , وعاهدت الله أن أكون جنديا فى موقعي لأنقل معاناة هؤلاء المشردين فى كل المحافل الدولية ولفضح ما يحدث لهم ونحن لا نعلم شيئا عنهم بقدر ما نحس بألمهم وحزنهم . شكرا لكي أختى زينة , وشكرا مرة أخرى زينة , وأشكرك مجددا أختى زينة , لأنكي عرفتني ما يعانيه اللاجئين الفلسطينيين من ظلم ومعاناة , وسأبقى على العهد , وفى أخر كلامى قلتها لكى أثناء المغادرة " أعاهدك أن أنقل صورتكم " وإنا على العهد باقون و " لنا عودة لفلسطين " .
zaنصر فؤاد أبو فول
تلك الكلمات وتلك اللحظات الضوئية على معبر رفح البرى جنوب قطاع غزة فى اللحظات الأولى من صباح الجمعة الماضة , جعلت لى أختاً جديدة ومناضلة عنيدة وابنة فلسطين برغم الشدائد التى أحاطت بها . إنها الفلسطينية الأصل زينة صالح محمد النعرانى 40 عام , من مدينة عكا التى هُجروا منها قصراً عام 1948م , لتهاجر إلى مخيمات اللجوء والشتات فى لبنان , وبعد هجرة هذه العائلة لم تسلم من بطش الإحتلال الإسرائيلى , بل لاحقتهم فى مجزرة صبرا وشاتيلا وشٌردوا إلى بلدان وقد استقرت فى اليونان 25عام! من منا لم يعرف أو يقرأ عن مجزرة صبرا وشاتيلا في 16 أيلول 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي بقتل المدنيين بشكل متعمد وبشكل لا يقبله أى إنسان على وجه هذه الحياة . تلك المرأة المناضلة أصيبت فى مجزرة صبرا وشاتيلا وهى أخت الشهيد " محمود صالح النعرانى " (32 عاماً) الذى اغتالته إسرائيل بعد ان أصيب بعدة عيارات نارية فى بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتاريخ 1/12/2002م, وأيضا والدها رئيس جمعية الصداقة اللبنانية الفلسطينية المناضل " أبو ناصر " ولها أخ واحد الان ومتزوج , زينة لديها من الأبناء " أحمد – سناء " يبلغ أعمارهم فى العشرينيات من العمر , وعائلتها أغلبهم استشهد فى نكبة 48م ومجزرة صبرا وشاتيلا . الأخت المناضلة بدأت بكلماتها البسيطة عند إستقبالى لها مع زميلى محمد وحيد عوض نائب المشرف العام فى الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام , حيث قالت " على هذه الأرض ما يستحق الحياة " , فقد دخلت قلبي مباشرة وأحسست بمعاناتها ووجعها من ألم الغربة والتى هُجرت من لبنان إلى قبرص فى البحر الأبيض المتوسط , حيث وجدت نفسها بأرض فلسطين وأرضها التى ستعود يوما من الأيام لها . مباشرة ندخل إلى معبر رفح ونحمل أمتعتها ونذهب بها إلى المنطقة الوسطى حيث مكان الإقامة عند أخت عزيزة تدعى " أم حمادة " وهى صديقتها منذ 23 عام , ورافقتها فى رحلتها إلى غزة , فكانت الانطلاقة بعد ذلك إلى الجامعات والمؤسسات العاملة فى قطاع غزة بصفتها مندوبة قطاع غزة فى المؤسسة العالمية لمساعدة المرآة والطفل ومقرها الرئيسي اليابان ومقرها الإقليمي اليونان . قبل أن ننطلق لهذه المؤسسات نظرت لأختي " زينة " وقلت لها كيف حالك اليوم وكيف تنظرين لغزة , فردت بسرعة البرق هذه فلسطين وما أحلم إلا أن أبقى فى فلسطين , كان هذا الرد كفيل أن يخلق الفخر والعزة بفلسطين التى أعيش بها , وتمنيت أن تكون معنا وكل المشردين والمهجرين أن يعودوا للوطن الغالي علينا . تحركنا نحو الجامعات الفلسطينية والمؤسسات والجمعيات لأخذ تفاصيل الخطط لديهم وعجزهم فى تقديم المساعدات لأبناء غزة , فقد كانت ترى غزة فى عينيها ودمعتها تأبى النزول من عينها خوفا من جرحنا وجرح مشاعرنا الجياشة للوطن الغالى والتى هى منه .
وقد كانت جميع زياراتها موفقة بها من كافة النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية , وتحمل هّـم غزة للمؤسسة التى تعمل بها , حيث رحبت المؤسسة بكل ما فعلته فى زيارتها وأثنت عليها المؤسسة . عشرة أيام فى قطاع غزة قابلت فيها الكثير من القيادات السياسية والاجتماعية والفصائل والقوى الوطنية والإسلامية ومن بينهم رئيس وزراء غزة إسماعيل هنية , فأنا وزميلي محمد عوض كنا متلازمين لها وبرفقتها وكنت من أنسق لتلك المواعيد ومنهم من اتصل ليجلس مع الأخت زينة ولم ترفض أى طلب .
وقد قامت بزيارة منزلى وكان برفقتنا الصحفى القدير حسن جبر والزميل محمود القصاص مدير المراسلين فى الشبكة الفلسطينية للإعلام, لتقُبل ابنتى – ريماس – فهي تعلم أن غلاوة إبنتى قد ازدادت بعد أن قبلتها , فقد تعرفت على عائلتي ووالدتي واخوانى , وتعرفت على قصص ومشاهد التهجير التى مُورست فى فلسطين على يد العصابات الإسرائيلية .
ذهبنا لمنزل جدتها برفقة أخ عزيز الأخ شادى صقر فى أبراج المقوسى غرب مدينة غزة , لتجلس فى ذلك البيت وترى جدتها وعائلتها التى لم تكن تعرف أن من عائلتها وجيرانها فى غزة , فقد تفاجأت وتفاجأ الجميع وبكى الجميع من شدة الفرح باللقاء , جلسنا نحتسى القهوة عند جدتها المسنّة وأخذت تشرح عن العائلة منذ التهجير لتعرف أخبار جديدة عنهم وتبحث عنهم . فجأة الأخت زينة سألت جدتها بهدوء وبحزن " كيف أستشهد أخوى محمود ؟ " كان هذا السؤال كالصاعقة على عقلي وقلبي فلم أستطع أن أتماسك أعصابي فانفجرت من البكاء , إنها قصة " المأساة " هذا السؤال فتح لى جروحا كثيرة وكبيرة وغائرة , كيف لهذا السؤال أن يًسأل هكذا وهى تطأطئ رأسها بعد السؤال .. إن هذا السؤال كانت نقطة صامتة لمدة خمس دقائق فى المنزل الذى جلسنا فيه حيث هدأت أعصابي بعد ذلك .
إنها قصة الحياة والموت , إنها قصة لشعب فلسطيني كافح وناضل ولم يجد أداة للنجاة من بطش الإحتلال وحلفائه , فقد تعلق قلبى بأختي الغالية زينة كثيرا بعد ذلك نظرا لأنها مفقودة العائلة ومفقودة الوطن . فى طريقنا للمعبر فتحت الأخت المناضلة لى ولزميلي محمد قلبها الملئ بـ " الأحزان والذكريات " التى تبحث عن قبر شقيقها الشهيد وعن أهلها التى لا تعلم عنهم شيئا فقد أنجزت مهمة العمل المرسلة إليها فى غزة , مع تعرفها على عائلتها وقد شكرت كل من ساعدها فى البحث عنهم , تحدثت فى السيارة أنها تحب غزة وستعود لغزة قريباً وأننا سنبقى إخوتها ولن يفرق الزمن بيننا وبينها حتى وإن جار الزمن عليها . هنا كانت اللحظات الأكثر ألما وحزنا فى معبر رفح أثناء المغادرة فلم أبين تلك الدمعة المتهالكة على عيني من شدة نظري لأحزانها , وهى تستقل باص العودة للقاهرة لتغادر لقبرص اليوم , لقد كانت كل ثانية تمر أتمنى ألا تمر , لكن هذه حياة ويجب أن تستمر , فدعوتها أن تكون بأحسن حال وألا تقلق علينا وأن تبلغني عند وصولها الجانب المصرى , فقد قام الأخوة فى المعبر الفلسطينى بمعاملتها أفضل معاملة وتسهيل مهاما فورا ونظرا لإتصالى فى مدير المعبر فقد أوصى عليها وقد تم عمل اللازم لها لسفرها . مثلما استقبلتها مثلما ودعتها ودموع الحنين تشدها للوطن مرة أخرى فهي كل لحظة تنادى علىّ " نصر " لا أريد أن أغادر , فأقول لها ستعودين فقد كانت كلماتها تخفى دموعا كثيرة وكبيرة كنت أخفف عنها , غادرت زينة ووصلت بسلام .
فعندما تحركت للعودة من المعبر وكنت أضحك مع زملائى فى السيارة وصلتني رسالة على جوالى تقول " راح أشتاقلكم واشتاق لغزة , بحبكم كثير " فما كان فى قلبى كل الحزن والألم أن يخرجه وألا يتحمل ما حدث فقد فقدت السيطرة على نفسي من هذه الرسالة وأدعو , ربنا يرجعها بالسلامة للوطن وأن تمسح دموعها بكل حبة تراب من أرض فلسطين .
لقد كانت إحدى أمثلة مأسى الشعب الفلسطينى بفعل البطش الإسرائيلى وتشريد الفلسطينيين وتهجيرهم , لقد كان ذلك أصعب موقف فى حياتي وفى عمري ومنذ قرأت التاريخ الفلسطينى ودخولي لعمل الصحافة والإعلام وأن تصٌعب علىّ مشاهدة أخت مناضلة وعزيزة تبكى وتخفى دموعها , وحتى إن أخفتها فلن تجد مكان فى عينياها أبلغ من الصمت وهو أبلغ من كل الكلام .
ما أصبح واضحا وجليا وبما لايثبت للإنسان الفلسطينى أنا مقصرون بحق هؤلاء الناس المهجرين بالشتات وعزمت من موقعي كصحفي وإعلامي فلسطيني أعيش لحظة الألم والوجع أن أسافر إلى مخيمات الشتات وأقوم بعمل دراسة تفصيلية عن معاناتهم وأحوالهم , وقد باشرت بذلك بالتنسيق مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين ووزارة الإعلام الفلسطينية وعدد من السفارات الفلسطينية التى يتواجد بها فلسطيني " اللجوء " , وعاهدت الله أن أكون جنديا فى موقعي لأنقل معاناة هؤلاء المشردين فى كل المحافل الدولية ولفضح ما يحدث لهم ونحن لا نعلم شيئا عنهم بقدر ما نحس بألمهم وحزنهم . شكرا لكي أختى زينة , وشكرا مرة أخرى زينة , وأشكرك مجددا أختى زينة , لأنكي عرفتني ما يعانيه اللاجئين الفلسطينيين من ظلم ومعاناة , وسأبقى على العهد , وفى أخر كلامى قلتها لكى أثناء المغادرة " أعاهدك أن أنقل صورتكم " وإنا على العهد باقون و " لنا عودة لفلسطين " .