موقع دير سمعان التاريخي في شمال الضفة الغربية بؤرة نزاع فلسطيني إسرائيلي
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
تقرير ميساء بشارات- إلى الغرب من قرية كفر الديك في جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية تظهر أعمدة قديمة وكهوف تخطف الأنظار وتحكي تاريخا لمدينة كانت في يوم من الأيام تعج بالحياة.
ويطلق على هذه المنطقة التي اكتشفت في سبعينيات القرن الماضي وتقع على بعد (35 كم جنوب غرب نابلس)، و(35 كم شمال غرب رام الله) في الضفة الغربية، وترتفع حوالي 360 مترا عن سطح البحر "دير سمعان".
ويقول الفلسطينيون إن السلطات الإسرائيلية تحاول تهويد الموقع كما تمنع وصولهم اليه لزيارته، بسبب وقوعه ضمن المناطق المصنفة (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية حسب اتفاق (أوسلو) مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
ويحتوي الدير على العديد من البرك المائية المقطوعة في الصخر، وآبار مياه، ومعصرة للعنب (النبيذ) وأخرى للزيتون، وإسطبلات للخيول، وأعمدة قديمة وكهف وقبور نحتت في الصخر.
ويقف الستيني إسماعيل داوود "أبو علاء" وسط (دير سمعان) واضعا بعض الأوراق التي مازال يحتفظ بها على عمود صخري روماني صغير، قائلا: "رغم هذه الأوراق الثبوتية عبر الأجيال منذ 300 عام الدالة على ملكيتي أرض الدير إلا أن إسرائيل تحاول سرقتها ونسب دير سمعان المعلم الأثري التاريخي لها".
ويتابع أبو علاء وهو يقف بجانب معصرة للعنب (النبيذ) نحتت في الصخر "كنا نعيش هنا بعض الوقت من السنة ونزرع هذا الدير قبل اكتشافه في بداية سبعينيات القرن الماضي بالقمح والطماطم والكوسة .. كانت أرضا خصبة".
ويقول إنه "يشعر بضيق شديد كلما زار الدير، كما يتعرض لمضايقات كبيرة من قبل جيش الاحتلال".
ويمضي أبو علاء قائلا "كلما آتي لزيارة الدير أنا ومن معي من أصحاب الأراضي المجاورة يعلنه الجيش الإسرائيلي منطقة عسكرية مغلقة ويمنعني من الوصول إليه (...) وفي المرات التي استطيع الوصول يلحقون بي ويطردونني ويقومون بمضايقتي، مدعين أن الدير لهم".
ويضيف "كان أخي يحرس الأرض في الليل وينام هنا، مشيرا بسبابته إلى كهف طويل، وقد وجدناه في صباح أحد الأيام ميتا في فراشه، وذلك قبل سنوات".
ويتابع أبو علاء "كان لهذا الكهف باب صلب من الصخر وسكرة ومفتاح، وكنا نخزن فيه محصول القمح، لكن الاحتلال لم يترك هذا المكان بحاله فقد شوهوه وكسروا باب الكهف الصخري وتركوه مفتوحا... إنهم يحاولون سرقة كل شيء منا حتى الآثار وينسبونها لهم".
ويشير إلى أنه "في ظل محاولات إسرائيل تهويد المنطقة يقابله تهميش من قبل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية لهذا المعلم الروماني".
ويقاطعه منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في قرية كفر الديك فارس الديك قائلا "إن الاحتلال الإسرائيلي قام بحفر أرضية الدير عام 2006 وسرق الفسيفساء لاستخدامها في أغراض مستوطناته المحيطة بالدير".
ويضيف الديك أن "مطامع الاحتلال في هذا الموقع الأثري بالذات والمتمثلة في إرادته السيطرة عليه تأتي من أجل تأمين مطار تل أبيب الذي يطل عليه الموقع".
ويتابع "الدير منطقة قوة اقتصادية دينية تمثل تاريخ الكنيسة، ونادرا ما نجد مواقع أثرية ضخمة (كدير سمعان) وهذا يدل على أهمية المنطقة اقتصاديا ودينيا عبر الزمن".
ويقول إن إسرائيل "تعمل على الترويج لهذا الموقع الأثري الضخم على انه معلم أثري يهودي، وذلك عن طريق جلب سياح يهود بالتعاون مع شركات سياحية إسرائيلية".
ويعتبر أن "الزحف الاستيطاني يتربص بدير سمعان من كل اتجاه لأن إسرائيل تريد طمس ما تبقى من معالم أثرية فلسطينية... تريد زوال الفلسطينيين عن الخارطة".
ويضيف أن "إسرائيل قبل ستة أشهر أعلنت أن (دير سمعان) دير يهودي، وفي عام 1992 قامت بأعمال حفر فيه".
واتهم الديك إسرائيل "باستخدام فسيفساء أرضية الدير في بناء مستوطنة (عيلي زهاف) المجاورة لإثبات أن المستوطنة لها جذور تاريخية لخداع الرأي العالمي بقانونيتها".
وعلى بعد أمتار قليلة من الدير تقع مستوطنات (عيلي زهاف) التي تأسست عام 1982، و(بدوئيل) عام 1984 و(بدوئيل الصناعية) عام 1991، و(بروخين) التي تأسست عام 1999.
وتقول إحصاءات فلسطينية إن هذه المستوطنات صادرت أكثر من 992 دونما من أراضي قرية كفر الديك، وأن توسعتها على حساب أراضي القرية مازالت قائمة.
ويرى الديك أن "إحاطة الدير بالعديد من المستوطنات وخاصة مستوطنة (عيلي زهاف) ووقوعها ضمن المناطق المصنفة (ج) سهل على إسرائيل سرقة الدير والاستيلاء على الأراضي المجاورة له".
ويقول مدير دائرة تسجيل المواقع الأثرية في دائرة الآثار الفلسطينية عوني شوامرة إن الدير "يصنف ضمن المواقع الرئيسية والمهمة في فلسطين وذلك من قبل دائرة الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني".
ويشير شوامرة إلى أن الدير يعود إلى الفترة الرومانية، وكان في القرن الميلادي الثاني عبارة عن مزرعة أو عزبة زراعية.
ويتابع "عندما أصبح الدين المسيحي هو الدين الرسمي للدولة البيزنطية بعد اعتناق الإمبراطور قسطنطين له أصدر مرسوم ميلانو 313 ، والذي ساهم في إنشاء الكنائس والأديرة في فلسطين بشكل كبير".
ويمضي شوامرة قائلا "بالتالي أعيد استخدام الموقع في الفترة البيزنطية مابين (325-638 م) حيث بني الدير والكنيسة والكثير من المباني الخدماتية الأخرى".
"وقد أعيد استخدام الموقع في الفترات الإسلامية الأموية والعباسية، وفي الفترة اللاحقة استخدم المكان كعزبة لأغراض الزراعة والرعي من قبل بعض العائلات الفلسطينية"، حسب شوامرة.
ويعتبر أن اسرائيل "تخالف الاتفاقيات الدولية، وخاصة اتفاقية (لاهاي) لعام 1954، والتي ركزت على ضرورة الحفاظ على الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، ومنع المحتل من العبث بتراث الأرض الواقعة تحت احتلاله، كذلك اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) عام 1972 التي تعتبر من أهم التوصيات الدولية واشملها في مجال حفظ التراث الثقافي وحمايته".
ويتطلع شوامرة بتفاؤل الى ان يساهم انضمام فلسطين كعضو دائم في (اليونسكو) في نهاية أكتوبر الماضي في طرح كافة القضايا التي تتناول "تدمير المواقع الأثرية، وتسهم في فضح الممارسات الإسرائيلية بحق التراث الثقافي الفلسطيني".
zaتقرير ميساء بشارات- إلى الغرب من قرية كفر الديك في جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية تظهر أعمدة قديمة وكهوف تخطف الأنظار وتحكي تاريخا لمدينة كانت في يوم من الأيام تعج بالحياة.
ويطلق على هذه المنطقة التي اكتشفت في سبعينيات القرن الماضي وتقع على بعد (35 كم جنوب غرب نابلس)، و(35 كم شمال غرب رام الله) في الضفة الغربية، وترتفع حوالي 360 مترا عن سطح البحر "دير سمعان".
ويقول الفلسطينيون إن السلطات الإسرائيلية تحاول تهويد الموقع كما تمنع وصولهم اليه لزيارته، بسبب وقوعه ضمن المناطق المصنفة (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية حسب اتفاق (أوسلو) مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
ويحتوي الدير على العديد من البرك المائية المقطوعة في الصخر، وآبار مياه، ومعصرة للعنب (النبيذ) وأخرى للزيتون، وإسطبلات للخيول، وأعمدة قديمة وكهف وقبور نحتت في الصخر.
ويقف الستيني إسماعيل داوود "أبو علاء" وسط (دير سمعان) واضعا بعض الأوراق التي مازال يحتفظ بها على عمود صخري روماني صغير، قائلا: "رغم هذه الأوراق الثبوتية عبر الأجيال منذ 300 عام الدالة على ملكيتي أرض الدير إلا أن إسرائيل تحاول سرقتها ونسب دير سمعان المعلم الأثري التاريخي لها".
ويتابع أبو علاء وهو يقف بجانب معصرة للعنب (النبيذ) نحتت في الصخر "كنا نعيش هنا بعض الوقت من السنة ونزرع هذا الدير قبل اكتشافه في بداية سبعينيات القرن الماضي بالقمح والطماطم والكوسة .. كانت أرضا خصبة".
ويقول إنه "يشعر بضيق شديد كلما زار الدير، كما يتعرض لمضايقات كبيرة من قبل جيش الاحتلال".
ويمضي أبو علاء قائلا "كلما آتي لزيارة الدير أنا ومن معي من أصحاب الأراضي المجاورة يعلنه الجيش الإسرائيلي منطقة عسكرية مغلقة ويمنعني من الوصول إليه (...) وفي المرات التي استطيع الوصول يلحقون بي ويطردونني ويقومون بمضايقتي، مدعين أن الدير لهم".
ويضيف "كان أخي يحرس الأرض في الليل وينام هنا، مشيرا بسبابته إلى كهف طويل، وقد وجدناه في صباح أحد الأيام ميتا في فراشه، وذلك قبل سنوات".
ويتابع أبو علاء "كان لهذا الكهف باب صلب من الصخر وسكرة ومفتاح، وكنا نخزن فيه محصول القمح، لكن الاحتلال لم يترك هذا المكان بحاله فقد شوهوه وكسروا باب الكهف الصخري وتركوه مفتوحا... إنهم يحاولون سرقة كل شيء منا حتى الآثار وينسبونها لهم".
ويشير إلى أنه "في ظل محاولات إسرائيل تهويد المنطقة يقابله تهميش من قبل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية لهذا المعلم الروماني".
ويقاطعه منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في قرية كفر الديك فارس الديك قائلا "إن الاحتلال الإسرائيلي قام بحفر أرضية الدير عام 2006 وسرق الفسيفساء لاستخدامها في أغراض مستوطناته المحيطة بالدير".
ويضيف الديك أن "مطامع الاحتلال في هذا الموقع الأثري بالذات والمتمثلة في إرادته السيطرة عليه تأتي من أجل تأمين مطار تل أبيب الذي يطل عليه الموقع".
ويتابع "الدير منطقة قوة اقتصادية دينية تمثل تاريخ الكنيسة، ونادرا ما نجد مواقع أثرية ضخمة (كدير سمعان) وهذا يدل على أهمية المنطقة اقتصاديا ودينيا عبر الزمن".
ويقول إن إسرائيل "تعمل على الترويج لهذا الموقع الأثري الضخم على انه معلم أثري يهودي، وذلك عن طريق جلب سياح يهود بالتعاون مع شركات سياحية إسرائيلية".
ويعتبر أن "الزحف الاستيطاني يتربص بدير سمعان من كل اتجاه لأن إسرائيل تريد طمس ما تبقى من معالم أثرية فلسطينية... تريد زوال الفلسطينيين عن الخارطة".
ويضيف أن "إسرائيل قبل ستة أشهر أعلنت أن (دير سمعان) دير يهودي، وفي عام 1992 قامت بأعمال حفر فيه".
واتهم الديك إسرائيل "باستخدام فسيفساء أرضية الدير في بناء مستوطنة (عيلي زهاف) المجاورة لإثبات أن المستوطنة لها جذور تاريخية لخداع الرأي العالمي بقانونيتها".
وعلى بعد أمتار قليلة من الدير تقع مستوطنات (عيلي زهاف) التي تأسست عام 1982، و(بدوئيل) عام 1984 و(بدوئيل الصناعية) عام 1991، و(بروخين) التي تأسست عام 1999.
وتقول إحصاءات فلسطينية إن هذه المستوطنات صادرت أكثر من 992 دونما من أراضي قرية كفر الديك، وأن توسعتها على حساب أراضي القرية مازالت قائمة.
ويرى الديك أن "إحاطة الدير بالعديد من المستوطنات وخاصة مستوطنة (عيلي زهاف) ووقوعها ضمن المناطق المصنفة (ج) سهل على إسرائيل سرقة الدير والاستيلاء على الأراضي المجاورة له".
ويقول مدير دائرة تسجيل المواقع الأثرية في دائرة الآثار الفلسطينية عوني شوامرة إن الدير "يصنف ضمن المواقع الرئيسية والمهمة في فلسطين وذلك من قبل دائرة الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني".
ويشير شوامرة إلى أن الدير يعود إلى الفترة الرومانية، وكان في القرن الميلادي الثاني عبارة عن مزرعة أو عزبة زراعية.
ويتابع "عندما أصبح الدين المسيحي هو الدين الرسمي للدولة البيزنطية بعد اعتناق الإمبراطور قسطنطين له أصدر مرسوم ميلانو 313 ، والذي ساهم في إنشاء الكنائس والأديرة في فلسطين بشكل كبير".
ويمضي شوامرة قائلا "بالتالي أعيد استخدام الموقع في الفترة البيزنطية مابين (325-638 م) حيث بني الدير والكنيسة والكثير من المباني الخدماتية الأخرى".
"وقد أعيد استخدام الموقع في الفترات الإسلامية الأموية والعباسية، وفي الفترة اللاحقة استخدم المكان كعزبة لأغراض الزراعة والرعي من قبل بعض العائلات الفلسطينية"، حسب شوامرة.
ويعتبر أن اسرائيل "تخالف الاتفاقيات الدولية، وخاصة اتفاقية (لاهاي) لعام 1954، والتي ركزت على ضرورة الحفاظ على الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، ومنع المحتل من العبث بتراث الأرض الواقعة تحت احتلاله، كذلك اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) عام 1972 التي تعتبر من أهم التوصيات الدولية واشملها في مجال حفظ التراث الثقافي وحمايته".
ويتطلع شوامرة بتفاؤل الى ان يساهم انضمام فلسطين كعضو دائم في (اليونسكو) في نهاية أكتوبر الماضي في طرح كافة القضايا التي تتناول "تدمير المواقع الأثرية، وتسهم في فضح الممارسات الإسرائيلية بحق التراث الثقافي الفلسطيني".