الدراما الغائبة - محمود ابو الهيجاء
في مهرجانات المسابقات الاذاعية والتلفزيونية التي اقيمت مؤخرا في القاهرة وتونس، فازت فلسطين بقطاعيها العام والخاص بعشر ذهبيات، ثمان من مهرجان اتحاد الاذاعات العربية في تونس، واثنتان من مونديال الاذاعة والتلفزيون في القاهرة، ذهبيات فلسطين اقتصرت على الاعمال الوثائقية والاخبارية وحسن الاداء، ولم يكن هناك اي اثر لاعمال الدراما لا التلفزيونية ولا الاذاعية..!!!
الدراما في تعريف بسيط هي وصف التفاعلات الانسانية في اطاراتها الاجتماعية، وصف التداعيات والتطلعات معا في صراعاتها الاخلاقية، وفي ظني فان فلسطين منجم من مناجم الدراما، خاصة في جانبها التراجيدي والملحمي وثمة تاريخ مفعم بواقعية الاسطورة يسمح بتنوع ابداعي لاعمال درامية، يمكن ان تكون لامثيل لها، فلماذا تغيب حتى الان الاعمال الدرامية الفلسطينية على هذا النحو الوجع..؟؟
الدراما ايضا ثقافة حرية، كلما كانت جريئة وواقعية، اقول ذلك حتى اسقط ذريعة الشعار السياسي الذي لايرى دروبا للحرية إلا عبر خطاباته التعبوية المباشرة، ثم ان الرأي العام في جوهره هو تلك التفاعلات الانسانية في اطاراتها الاجتماعية بتجلياتها الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها من تجليات، ولهذا فان الدراما تصبح من اعمال تشكيل الرأي العام بهذه الصورة او تلك.
اعرف طبعا ان المال ضروري جدا للعمل الدرامي كي يكون ابداعيا ومبهرا، لكنه بالتأكيد ليس الضرورة الوحيدة، الامر يتعلق اولا بالنص الدرامي، بحريته في وعيه الاجتماعي وعلاقات هذا الوعي التي ارى انها ما زالت تقليدية و زبائنية في المحصلة. بهذا المعنى فان الازمة بهذا الشأن عندنا هي ازمة النص اولا، ازمة الكتابة التي ما زالت تجنح نحو مغالبات نخبوية وسياسية لا علاقة لها بتلك التفاعلات الانسانية...!!!