مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

حكاية أحمد موسى الدلكي .. أول شـهيـد في الثورة الفلسطينية

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عندما قررت القيادة الفتحاوية تنفيذ عمل عسكري يهز الاحتلال الإسرائيلي، درس أبو عمار في بادئ الأمر احتمالات الانطلاقة، آخذاً بالحسبان تدارك بعض المخاطر والصعوبات التي قد تحول دون النجاح في التنفيذ، فاستقر الرأي على أن  تكون الانطلاقة من الأردن.
وتوجه أبو عمار إثر ذلك إلى الأردن، مجتمعاً مع أحمد موسى الدلكي، الذي كان في طليعة المنتسبين إلى حركة "فتح" في منطقة الشونة الأردنية، وفيما بعد أو شهيد في الثورة الفلسطينية، حيث أسند إليه مهمة تدمير منشآت نفق عيلبون والتحويلات المائية، والمولدات، والمكاتب التي أقامتها سلطات الاحتلال لسرقة مياه نهر الأردن لري مشاريعها الزراعية والسمكية، والحيوانية، فتقلد بذلك مهمة كانت باكورة انطلاقة الثورة الفلسطينية مع مجموعة من المناضلين، كانوا جميعاً أبناء عمومة أحمد.
على إثر ذلك قام أحمد باستطلاع منطقة نفق عيلبون، برفقة حسين إبراهيم الدلكي، وحسن حميدي الدلكي، ووحش إبراهيم الدلكي، وذلك في شهر أيلول من العام 1964، وأثناء عودتهم من منطقة النفق، شرق مستوطنة قيشر، كانت دورية إسرائيلية عائدة من النهر إلى المستعمرة، والتقى الطرفان في طريق ضيق عرضه متران، تحيطه من الجانبين بحيرة للسمك، لكن الله قدّر أن تكشف مجموعة الدلكي المجموعة اليهودية قبل أن تكشفهم، وانتظروا حتى اقتربوا منهم، وفتحوا النار عليهم، فقُتل أفراد المجموعة جميعاً، وقدر عددهم بسبعة عشر جندياً، ثم تابع المناضلون مسيرهم باتجاه الأردن، لكن أحد الجنود الإسرائيليين كان جريحاً ولم يمت، فأطلق النار على المجموعة التي كانت قد ابتعدت ما يقارب مئتي متر عن موقع الاشتباكات، فأصيب حسين إبراهيم الدلكي في قدمه اليُمنى، ولكنه لم يشعر بالإصابة لحظتها، حيث قال: إنها شوكة وخزت قدمي.
بعد ذلك جرى إرسال المعلومات عن النفق للقيادة العامة لقوات العاصفة في سوريا، وتحديداً إلى أبو عمار، ليهندسها ويقدّر كم تحتاج من الديناميت.
وفي شهر تشرين الثاني 1964، توجه أفراد المجموعة الفدائية إلى سوريا، وبالتحديد إلى منطقة الحمى السورية، لتلقي دورة مكثفة لتدريبهم على المتفجرات وزرع الألغام، واستخدام ساعات التوقيت، بقيادة النقيب يوسف عرابي، الذي كان عسكرياً، وخبيراً بالمتفجرات، ثم التحق بهم ثلاثة مناضلين من سوريا، كان مقرراً مشاركتهم في تنفيذ العملية، فاستمر التدريب على مدار أسبوعين، ثم رجعوا إلى الأردن ينتظرون الأوامر لتنفيذ أول عملية عسكرية.
بدأت عملية نقل الأسلحة والمتفجرات من سوريا إلى أفراد المجموعة الأولى لحركة فتح في الأردن عن طريق النقيب عرابي وهاشم سردانة، وتم تخزينها في منزل حسن حميدي الدلكي، وعبدو حميدي الدلكي في منطقة القطاف، غرب منطقة الشونة الشمالية قرب نهر الأردن.
وبتاريخ 28 كانون الأول 1964، عند الساعة السادسة مساءً، تجمع أفراد المجموعة الأولى لقوات العاصفة، في منزل أحمد موسى الدلكي، وتألفت من: أحمد موسى إبراهيم الدلكي (قائد المجموعة)، وحسين إبراهيم الدلكي الملقب بـ"حسين غورو" (نائب قائد المجموعة)، والمقاتلون حسن حميدي الدلكي، ومحمد عبد الله الدلكي ، ووحش إبراهيم الدلكي، ومحمود صالح أبو الهيجاء (أبو فتحي)، وعلي مفلح أبو الهيجاء، ومحمود قاسم القصاص (أبو العبد)، وعلي اللافي (أبو حنا)، وكان المنسق بين القيادة والمجموعة، وقايض أحمد موسى الدلكي، وهو ابن أحمد موسى، وكان دوره استطلاعي للمنطقة، وحمود موسى إبراهيم الدلكي، وأبو ناصر الحايك، وأحضر مواداً من حبال وغيرها لعبور النهر.
وطلب أحمد موسى من ابنه قايض استطلاع الطريق من المنزل إلى النهر، والتأكد من أن الطريق آمن، وخالٍ بين الساعة الرابعة والسادسة مساء، بعدها أمر أحمد ابنه بتوزيع التموين، وكذلك تم توزيع الأسلحة الرشاشة، وكانت عبارة عن (سنوبال) و(بور سعيد)، بالإضافة إلى متفجرات الـ(تي.أن.تي)، وقنابل يدوية بسيطة.
وتحركت المجموعة من منزل أحمد  الدلكي، مساء الخميس 28 كانون الأول 1964عند الساعة السابعة مساءً، حتى وصلوا إلى النهر الذي كان فائضاً بسبب غزارة الأمطار، عندها أصدر قائد المجموعة أحمد أمراً إلى حسن حميدي الدلكي، وهو سبّاح ماهر، بعبور النهر لاستطلاع إمكانية عبوره، فقام بالسباحة في النهر، ثم عاد قائلاً: هناك إمكانية للعبور، لكن بصعوبة كبيرة، فقال أحمد موسى الدلكي: معنا ثلاثة رجال من مخيم إربد لا يجيدون السباحة، وهم: أبو فتحي أبو الهيجاء، وأبو العبد القصاص، وعلي مفلح نمر أبو الهيجاء، فجلس أحمد يفكر في طريقة سليمة تخرجهم من هذا المأزق.. في تلك الأثناء خرجت طلقة نارية من غير قصد من رشاش أبو العبد القصاص، فغضب أحمد لأنهم بالقرب من نقطة مراقبة للجيش الإسرائيلي، فأصدر أمراً بالرجوع فوراً إلى المنزل.
رجع أفراد المجموعة إلى منزل أحمد، بعدها أصدر قراراً للذين لا يجيدون السباحة بالرجوع فوراً إلى إربد، ولم يبقَ في المجموعة سوى خمسة أفراد يجيدون السباحة، وهم أبناء العمومة: أحمد موسى الدلكي، وحسين إبراهيم الدلكي، وحسن حميدي الدلكي، ووحش إبراهيم الدلكي، ومحمد عبد الله الدلكي.
ولدى عودتهم إلى المنزل، سألت أم قايض زوجها أحمد عن سبب استبعاده ثلاثة أفراد من المجموعة، فأجابها: لا أستطيع أخذهم معي، من الممكن أن يحصل اشتباك مع العدو، فكيف سيتصرفون وهم لا يجيدون السباحة، فإذا سلموا من إسرائيل، فلن يسلموا من الغرق في النهر، ثم بدأ أحمد التفكير بطريقةٍ لعبورهم النهر، فكان أمامه خياران: الأول اقترحه واحد منهم، يقضي بإحضار حبال وتيوبات للعبور، وقد قام بإحضارها أبو ناصر الحايك والدكتور سعيد دهمش (من إربد)، وأتوا بها إلى النهر، والثاني العبور عن طريق جسر المجامع، وهو عبارة عن سكة حديدية قديمة كانت لا تزال تربط شرق النهر وغربه عند قرية المشروع، ولكن هذا الجسر عليه كمين للجيش الإسرائيلي.
فضلاً عن ذلك، يجب إتمام تنفيذ العملية بتاريخ 1 كانون الثاني 1965، وعدم التأخر، لأن البيان رقم 1، يجب أن يكون في هذا اليوم، لإعلان انطلاقة الثورة الفلسطينية الحديثة.
درس أحمد الخيارين، وقرر العبور عن طريق جسر المجامع، أما بالنسبة للكمين فوجد له حلاً، بأن يعبروا عند الساعة الخامسة والنصف مساءً يوم الجمعة 29 كانون الثاني 1964.
اجتاز أفراد المجموعة الخمسة النهر لتنفيذ العملية، وتنقلوا بين الجبال والوديان سيراً على الأقدام، يحملون المتفجرات، مختبئين نهاراً، ومستأنفين المسير ليلاً، وظلوا على هذه الحال ثلاثة أيام، حيث التقوا بدليل كان ينتظرهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ساعدهم في الوصول بتاريخ 31 كانون الأول إلى المنطقة التي سيتم فيها تنفيذ العملية، فقام وحش إبراهيم وحسن حميدي بزرع المتفجرات داخل النفق، ثم ضبطا ساعة التوقيت للتفجير بتاريخ 1 كانون الثاني، أي صبيحة اليوم الأول من السنة الجديدة، وعادوا أدراجهم باتجاه النهر، فتناولوا طعام السحور، ثم توضأوا وأقاموا صلاة الفجر، بعدها انقسموا إلى فرقتين، أخذت كل منهما طريقاً تختلف وجهته عن الأخرى، وكانوا قد فرغوا أسلحتهم  قبل دخول الحدود الأردنية، ليدخلوا إليها من دون أسلحة.
الفرقة الأولى تألفت من: حسن حميدي، وحسين غورو، ووحش إبراهيم، الذين ما إن وصلوا إلى الحدود الأردنية، حتى سُمع دوي انفجار اهتزت له المنطقة بأسرها، بعدها وصلت الفرقة الثانية المؤلفة من: أحمد موسى ومحمد عبد الله، وتعرضت لإطلاق نار، أصيب جرّاءه أحمد موسى برصاصة في القلب، أدت إلى استشهاده ظُهرَ الأول من كانون الثـاني، وهـو على مـســافـة لا تـبـعد أكثر من 500 متر عن مسكنه في منطقة الشونة الشمالية في الأردن،  فكان أول شهيد يسقط في الثورة الفلسطينية، وجرى تشييع جثمانه بعد صلاة عصر اليوم نفسه في منطقة الشونة الشمالية.
وأعلنت حركة فتح البلاغ العسكري رقم 1 الصادر عن القيادة العامة لقوات العاصفة، مُطلقة العمل العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث اعتبر هذا التاريخ بداية انطلاقة الثورة الفلسطينية.
وجاء رد الفعل الإسرائيلي في شهر أيار 1965، بعد أن قامت مخابراته بجمع معلوماتها عن الذين نفذوا عملية عيلبون، فعلمت من خلال جواسيسها وعملائها أن الذين نفذوا العملية هم من عشيرة الدلايكة، ويسكنون في مدينة الشونة الشمالية، فجهزت قوات الاحتلال وحدة خاصة، وقامت بمهاجمة منازل القرية والقطاف والشونة، وبدأت تنسف المنازل، عندها قام قايض، بأخذ والدته وإخوته، واختبأوا في بستان بجانب القرية، حيث كانت قوات الاحتلال تبحث عن منزل أحمد موسى الدلكي، ولكنها أخطأت وقامت بنسف منزل أبو فايق، فاستشهدت زوجته وأولاده، وفق ما ذكر موقع جنوبيات الالكتروني، ثم قتلوا أحد أقربائه ويُدعى بنيان الدلكي وابنته، وانسحبوا بعدها إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فكان ذلك الفعل ردّاً واضحاً على العملية التي أوجعت المحتل الإسرائيلي.
من الجدير بالذكر أن الشهيد الدلكي من مواليد قرية ناصر الدين قضاء طبريا، في العام 1913، وكان متزوجا من تمام محمد عيسى الشولي، ولهما تسعة أولاد (أربعة ذكور، هم: قايض، محمد، محمود، وفايز، وخمس بنات، هن: قيضة، وحمامة، وربحية، وفاطمة، وفايزة).
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024