الطقس نكبها والاحتلال لم يرحم اهلها..بلدية جبع تستغيث لانقاذها من دمار المنخفض
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
علي السمودي - توقفت عقارب الساعة وجمد البرد اجساد المئات من المواطنين بينهم نساء واطفال ومسنين لم يغمض لهم جفن في بلدة جبع لليوم الثالث على التوالي بعدما شردوا من منازلهم التي غمرتها السيول والامطار ودمرت ممتلكاتهم واثاثهم وبعضهم لم يبقى لهم مجرد شيء من ذكرياتهم بعدما جرفت المياه الغزيرة والعواصف كل شيء ، وبينما ما زال الاهالي وبلدية جبع والدفاع المدني يواصلون حملات الانقاذ والبحث عن حلول لايواء العائلات المشردة واصلاح الاضرار التي لحقت بكل مقومات الحياة ، لم يراعي جيش الاحتلال هذه الوقائع المؤلمة والرهيبة فاقتحم البلدة وشن حملات دهم وتفتيش واعتقال وكأن ما حل باهالي البلدة لم يكن كافيا ليمارس جنوده القمع والاحتجاز بالبرد والاعتقال .
لحظات لا تنسى
وتلبية للارشادات والاخطارات التي اطلقت مع دخول المنخفض الجوي، عاد المواطن الستيني توفيق حسني ملايشة مبكرا لمنزله لتامين اسرته والاطمئنان على سلامة الاجواء دون ان يتنبأ بالمصير الكارثي الذي حملته السيول سريعا نحو منزله الذي اقتحمته الصخور والاتربة بعدما لم يقوى الجبل المجاور على احتمال ضغط المطر المنهمر بغزارة ، ويقول " لا اصدق انني نجوت وعائلتي من الموت ، ففي لمح البصر غرقنا في مياه الصخور التي قذفتها السيول من شدة ضغط انهيار الجبل المجاوزر دمرت كل شيء ".
المياه حاصرت ملايشة وعائلته المكونة من 8 انفار ولكنه قاوم ولم يفقد الامل، ويضيف " لم اتوقع في اسوا كوابيسي ان اعيش لحظات كان فيها الموت اقرب من كل شيء عندما حاصرتنا المياه وكتمت حتى صرخاتنا لكن بفضل الله نجونا ورغم خسارتي الفادحة فان سلامة اسرتي هي الاهم "، انضم ملايشة لوالدته بعدما تمكن من تجاوز الحصار وانتشلته وعائلته طواقم الدفاع المدني والمواطنين .
المياه في كل مكان
وبعكس كل التوقعات ، بدى المشهد في بلدة جبع كما الطوفان ، فالشوارع تحولت لانهر تتدفق فيها السيول وتجرف الاخصر واليابس وتغرق المواطنين ، كما حدث مع المواطن جواد سليم خليلية ( 40 عاما ) وعائلته المكونة من 6 انفار ، ويقول "عندما كنا نتابع اخبار المنخفض ونتالم لما وقع من احداث في عدة مناطق فوجئنا بالمياه الغزيرة تتدفق بسرعة الى داخل منزلنا "، منظر مروع لن ينساه خليلية الذي هب لانقاذ اسرته وحمد الله كثيرا عندما تمكن من اخراجهم من بين جدران المنزل الذي سرعان ما غمرت المياه الطابق الاول منه .
لم ينتهي المشهد في جبع ، فالامطار الغزيرة والسيول كانت تقتحم حياة العشرات من العائلات في كل ارجاء البلدة لتتحول ساعات الليل الاولى من مساء الاربعاء لاهوال ومخاطر ما زال ينتفض جسد المواطن احمد محمد ابو عون (42 عاما ) كلما تذكر بدايتها ، ويقول " اجواء الطقس اثارت خوفنا لذلك جلست وزوجتي وابنائي الاربعة في منزلنا بعدما اتخذنا الاحتياطات العادية ككل المواطنين لاننا كنا نتوقع انقطاع الكهرباء مثلا "، المواطن الذي يعاني من اعاقه في يده اليمنى فوجيء عندما بدات الامطار تنهمر من اعلى المنزل ، ويضيف " توقعنا كل شيء الا ان ينهمر المطر فوق رؤوسنا داخلنا منزلنا الذي عجزت جدرانه وسقفه عن حمايتنا ، لان منزلنا يقع في منطقة منخفضة وبسبب انهيار اجزاء من الجبل اندفعت السيول الغزيرة من الجبل وخلال دقائق غرق المنزل ".
باعجوبة بالغة نجا احمد وعائلته ، وكذلك عائلة شقيقه سمير الذي يقع منزله بجواره مباشره ، ويقول سمير (50 عاما ) :" تخوفنا من تسرب المياه لمنازلنا من الشوارع ولكن بحياتي لم اتوقع المنظر المروع عندما شاهدت المياه تقتحم منزلنا من الاعلى ولولا رعاية الله لكانت النتيجة كارثية وكتب الله لنا حياة جديدة ".
صور مروعة
تكررت المشاهد المروعة في بلدة جبع التي اعلنت بلديتها وفريق الدفاع المدني الاستنفار وانتشرت في الاحياء التي عمت فيها اجواء الرعب بعدما استمر تدفق السيول والمياه التي غمرت الشوارع واقتحمت المزيد من منازل ومتاجر المواطنين الذين اضطروا للهرب للشوارع مذعورين وكان طوفان كما يقول المواطن مروان خليلية " ضرب البلدة التي تعالت فيها صرخات الاستغاثة فهب الاهالي لمساندة فرق الطواريء والدفاع المدني لمنع كارثة كنا نتوقعها في اي لحظة بعدما انهارت شبكة الكهرباء واقتعلت الرياح اعمدة الكهرباء والاشجار واصبح الخطر في كل مكان ".
وسط تلك الاجواء ، اصبحت حتى المنازل غير امنة ، فعندما تبنه المواطن غازي محمد غنام للامطار الغزيرة وهي تنهمر منزله لم يتمكن من الهرب مع زوجته وطفلته لانها اغلقت البوابة الرئيسية واصبح كما يقول " محاصرا وسط تدفق المياه فاستغاث بطواقم الدفاع المدني التي حفرت فتحة في جدار المنزل وانقذتهم ".
اما المواطن امين صبحي علاونة (42 عاما ) الذي يقع منزله في منطقة منخفضة من القرية فاقتحمت المياه منزله وحاصرته وعائلته المكونة من 8 انفار ، ويقول " الكارثة وقعت بثواني محدودة وشاهدت الموت والمياه تحصار اطفالي الذين انتزعتهم وانقذتهم بمساعدة الدفاع المدني بصعوبة "، ويضيف " احيانا لا اصدق ما حدث فرحمة الله نجتنا رغم انني خسرت كل تعب وشقى العمر فالمياه اتلفت الاثاث وكل محتويات منزلي ولم يبقى لنا شيء ".
مشهد اخر سببته الامطار وتدفق السيول حول عمارة المواطن حسن خليلية الذي يقيم فيها وعائلته المكونة من 12 نفر بينهم 6 ابناء متزوجين ، وافاد ان المياه هدمت الجدار الخارجي فتضرر الطابق الاول من العمارة بينما جرفت المياه تركتورين يملكهما وهدمت بركسات يمكلها ويستخدمها لتربية الماشية كونه يعمل في الثروة الحيوانية مما ادى لنفوق عدة رؤوس ماشية .
اثار اخرى
امام تلك الماسي التي لم تتوقف ، اعلن الدفاع المدني وبلدية جبع البلدة منكوبة ، واستمرت الطواقم في العمل ليل نهار رغم الامطار الغزيرة والسيول والرياح العاتية التي كانت تشكل خطرا على سلامة المنقذين ، وقال مدير الدفاع المدني في جنين المقدم سامي حمدان " ان ما حدث في جبع لم يكن متوقعا ورغم ذلك فان طواقم الدفاع المدني عملت بشجاعة وبطولة على مدار اللحظة لانقاذ حياة المواطنين واستجابت لكل النداءات وتحركت بجراة تحت اقصى درجات الخطر واخلت المحاصرين ووفرت الحماية والسلامة لعشرات العائلات "، واضاف " رغم نتائج المنخفض ، فان خبرة وشجاعة فرقنا رغم قلة الامكانيات وبحمد الله منعت وقوع خسائر بشرية ".
نتائج خطيرة
في المقابل ، كشف رئيس بلدية جبع سام جرار امس، ان الامطار التي اجتاحت البلدة الحقت خسائر فادحة ودمار بالعديد من المنازل والمنشات ،وذكر ان عدد المنازل المنكوبة بلغ حوالي 110 منزلا منها 50 منزلا اصيبت باضرار كاملة، و60 اخرى تم اخلاؤها بالكامل.
وقال جرار " في كل ركن وزاوية من البلدة ترك المنخفض اثره فقد اغرقت المياه المزروعات والاشجار والمحلات والمعدات الصناعية والزراعية والبركسات التي تستخدم لتربية المواشي ونفق جراء ذلك العديد من المواشي والاغنام ".
ولم تسلم البنية التحتية من الدمار ، واضاف جرار " هناك دمار شامل في شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والشوارع الداخلية والمحيط وشملت شارع جبع نابلس المؤدي الى قرية عصيرة الشمالية الذي اغلق مع العديد من الشوارع الداخلية بشكل تام او جزئي وذلك بس الدمار الهائل في تلك الشوارع لانها تشكل خطورة على حياة المواطنين ".
استغاثة للرئيس
مع توقف المنخفض ، وعودة اجواء الطقس للهدوء ، بدا اهالي البلدة المنكوبين في العودة لمنازلهم وسط مشاعر الحزن والالم لما حل بها ، لذلك اطلق جرار نداء استغاثة للرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور سلام فياض لاغاثة البلدة المنكوبة باسرع وقت ممكن ومساعدتها كي تنهض من الدمار الذي حل بها، وقال " لا نملك اي مقومات لاعادة الاعمار وهناك خسائر فادحة وبالغة خاصة لاصحاب المنازل المنكوبة ونامل بوقفة عاجلة لاصلاح ما دمر وتامين حياة كريمة للمواطنين ".
الاحتلال والمنخفض
وفي غمرة الاجواء العاصفة التي كانت تعيشها البلدة ، لم يتورع الاحتلال عن التنغيص على اهلها ، فبعد صلاة الصبح فجر الخميس اقتحمت الدوريات العسكرية البلدة ، وافاد منسق العلاقات العامة في البلدية حمزة علاونة ، انه في الوقت الذي تعاني فيه القرية من ظروف ماساوية بسبب الدمار الذي الحقته السيول بالمنازل والحياة ، اقتحمت دوريات الاحتلال البلدة وحاصرت عدة منازل واقتحمتها واحتجزت سكانها بالعراء لتقوم بتفتيشها . وذكر المواطن شلاش حمامرة ، ان الجنود ارغموه وعائلته على مغادرة منزلهم واحتجزوهم بالعراء رغم البرد الشديد وفتشوا المنزل واعتقلوا نجله ، وعاث الجنود فسادا في منزل محمود امين علاونة الذي احتجز لساعة تحت المطر ، وعندما غادر الجنود منزله اعتقلوا نجله دون ابداء الاسباب ، ولم يملك سوى القول " لا حول ولا قوة الا بالله ، في الليل السيول حاصرتنا وروعتنا وفي الصباح الجنود نغصوا علينا عيشتنا ".