"لاعب النرد"- يوسف أبو لوز
إذا كانت قصيدة الشاعر محمود درويش “لاعب النرد” قد نشرت في 2/7/،2008 فإن بين نشر القصيدة وبين يوم رحيله 9/8/2008 شهراً وأسبوعاً واحداً، وبذلك يكون الشاعر الفلسطيني الضمير والرمز قد كتب قصيدته الأخيرة، وأسرع إلى الموت قبل أن يجف حبرها، ليتركها وحيدة يتيمة بين أيدي النقّاد الذين كما قال “يحبونني ميتاً”، ولكن في الواقع هناك من النقّاد وأشباه النقّاد من كره درويش وهو حيّ ويكرهه وهو ميت، وهذا ما تابعناه وقرأناه في السنوات الأخيرة بعد موت شاعر عالمي نقل اسم فلسطين إلى الجوزاء، وقد تمثل هذا الهجوم على درويش بدءاً من الطعن في الديوان الذي نشر بعد رحيله، إلى درجة أن سمح أحدهم لنفسه بأن يقول إن درويش لديه أخطاء عروضية في هذا الديوان الغامض .
ليس موضوع هذا العمود الإشارة إلى درويش ومن ينهشون في لحمه حياً وميتاً، فقد كتب الكثير في هذا الموضوع، ولكنني أعود تحديداً إلى قصيدة “لاعب النرد” التي تبدو قصيدة حدسية بامتياز، وفيها ما يشبه الاعترافات الأخيرة قبل الموت . في القصيدة أيضاً غنائية حزينة كعادة درويش دائماً عندما يتوهج ويصبح قمراً ذهبياً في سماء ليلية .
خذ اعترافات درويش في هذه القصيدة الأخيرة:
ولد محمود درويش بلا زفّة وبلا قابلة، ورث عن عائلته الملامح والصفات والخلل في الشرايين وضغط الدم المرتفع . كان خجولاً عندما كان يخاطب أمه وأبيه وجدّته التي يسمّيها “الشجرة” ملول في ليالي الشتاء، وفاشل فشلاً فادحاً في الغناء، وله أخت ماتت بعد ولادتها بساعة واحدة .
بالطبع ما قلته عن اعترافات لدرويش في القصيدة في الواقع ما هو سوى شرح مبسّط للقصيدة، أي تحويل الشعر إلى نثر، وبكلمة ثانية فإن القصيدة واضحة وضوح الشمس، كتبها شاعر يلعب النرد “درويش حقاً لاعب نرد”، ولكنه وكما في القصيدة يقول إنه يربح أحياناً، ويخسر في أحيان أخرى، شأنه شأن أي لاعب قد يربح، وقد يخسر .
هذا مربط الفرس . . الربح والخسارة . . ولكن ما رأيك صديقي القارئ في أولئك الخاسرين دائماً وأبداً وعلى طول الخط . . الخاسرون في الشعر وفي النرد وفي النقد؟ . . ما رأيك؟