انتخابات إسرائيل بنتائج معروفة : نتنياهـو رئيسـاً بتحالـف يمينـي
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
حلمي موسى_انطلقت المعركة الانتخابية في إسرائيل رسمياً قبل أسابيع وشهدت في الأيام الأخيرة تصعيداً كبيراً في الاتهامات المتبادلة بين جميع القوى الفاعلة فيها. ومع ذلك، وقبل أسبوع من موعد الوصول إلى صناديق الاقتراع، يصعب القول ان الانتخابات الإسرائيلية مثيرة، بل هناك من يعتبرها مضجرة. ويرى البعض أن أخطر ما فيها أنها برغم حشد القضايا مثار النقاش فيها إلا انها عصية على الإثارة. ومن الجائز أنه برغم الفوارق في استطلاعات الرأي التي تنشرها الصحف فإن تشكيلة الحكومة الإسرائيلية المقبلة ورئيسها لن يشكلا مفاجأة لأحد، فالحكومة يمينية بامتياز ورئيسها هو بنيامين نتنياهو. ولا يغير في هذه المعادلة اتهام عدد من قادة أجهزة الأمن السابقين، ورئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، وقادة أحزاب المعارضة لنتنياهو وحكومته بتبذير الأموال وتخريب الاقتصاد وإبعاد السلام وتدمير العلاقة الإستراتيجية مع أميركا. كما لا يهم في هذا السياق اتهام وزارة الخارجية ووزيرها، أفيغدور ليبرمان، بانتهاج سياسة تقود إلى فرض عزلة دولية على الدولة العبرية. وإذا كان الإسرائيلي لا يهتم بما يحدث في العالم أو بالعرب من حوله أو تحت سلطته فمن الضروري أن يهتم بمصلحته اليومية المباشرة. لكن ذلك لا يحدث جدياً، فمحافظ مصرف إسرائيل ستانلي فيشر كشف النقاب عن فجوة هائلة في ميزانية الدولة تتمثل في عجز يبلغ ضعف العجز المقرر سلفاً، ويبلغ 39 مليار شيكل (أكثر من عشرة مليارات دولار). وإذا كان ثمة معنى لذلك فإن كل عائلة إسرائيلية، وفقاً لزعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش، ستتحمل في العام المقبل ضرائب إضافية تقدر بـ18 ألف شيكل (ما يقرب من خمسة آلاف دولار). لكن شيئاً لا يغير من وجهة نظر الناخب الإسرائيلي الذي لم يعد يرى شيئاً إلا عبر عينه اليمنى. ولذلك، ما كادت محاولة تجميع أحزاب وقوى الوسط في كتلة تنسيقية انتخابية تولد كفكرة حتى دفنت قبل أن تجد من يحتضنها. فالخيط الجامع لهذه المحاولة، وهو إسقاط نتنياهو أو تشكيل قوة مانعة، كان واهياً لدرجة أنه لم يحتمل عقد أول اجتماع تنسيقي. وبديهي أن عين كل أطراف هذه المحاولة كانت مصوبة نحو ما يريده الجمهور. والجمهور، وفق دلائل كثيرة، اعتبر خطوة كهذه عملاً عدائياً تجاه اليمين فسارع إلى معاقبة الضالعين فيه. وهكذا تراجعت في الاستطلاعات قوة ليس فقط حزب العمل وإنما «حركة» تسيبي ليفني أيضاً. وجوهرياً، انحصر النقاش الفعال والمثير بين القوى الأشد يمينية وخصوصاً بين «الليكود بيتنا» و«البيت اليهودي» و«شاس». والنقاش الفعال هنا لم يكن مجرد أفكار وشعارات تطرح هنا وهناك، وإنما أصوات ومقاعد تنتقل في استطلاعات الرأي بين هذه القوى الثلاث أساساً وخصوصاً بين القوتين الأوليين. فقد تشكلت كتلة «الليكود بيتنا» بين حزبي الليكود و«إسرائيل بيتنا» بأمل امتلاك 45 مقعدا في الكنيست تسمح «لرئيس حكومة قوي» بتشكيل «حكومة قوية» لا تخضع لابتزاز قوى أصغر. لكن هذه الكتلة خلقت شعوراً مضاداً في أوساط اليمين قاد إلى تنامي قوة «البيت اليهودي»، ونقله من مكانه الهامشي تقريباً إلى مركز الحلبة بجعله الحزب الثالث في قوته بعد الليكود والعمل. وعملياً، أظهرت استطلاعات الرأي الإسرائيلية واقع تشكل ثلاثة معسكرات في الوسط اليهودي. ويتكون المعسكر الأول من اليمين التقليدي ممثلا بـ«الليكود بيتنا» وسينال حتى الآن ما يزيد على
ثلاثة إلى خمسة مقاعد فوق الثلاثين مقعداً. أما المعسكر الثاني الجديد وله أكثر من 30 مقعداً فهو المعسكر اليميني الديني الذي لم يعد ملحقا باليمين القومي وإنما يسعى لنيل استقلاله ويضم «البيت اليهودي» و«شاس» و«يهدوت هتوراه» وربما «عوتسما ليسرائيل». ويبقى المعسكر الثالث ويضم حزب العمل و«هناك مستقبل» بزعامة يائير لبيد، و«حركة» تسيبي ليفني، ويملك أيضا قوة بحدود 30 مقعدا. وعلى هامش هذه المعسكرات تقف الأحزاب العربية وحركة «ميرتس»، وهي في كل الأحوال خارج اللعبة السياسية الدائرة وبقوة تبلغ حوالي 15 مقعداً. وربما لهذه الأسباب تطرح منذ الآن احتمالات الحكومة المقبلة. وبديهي أنه برغم الصراع الانتخابي الدائر حالياً بين المعسكرين الأول والثاني إلا انه يصعب تخيل أنهما في طريق إنهاء الشراكة الطبيعية بينهما. لذلك فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يشكل «الليكود بيتنا» ائتلافاً مع كل من «البيت اليهودي» و«شاس» و«يهدوت هتوراه» فيملك بالتالي بين 67 و69 مقعدا. وإذا أراد نتنياهو فإن بوسعه توسيع هذا الائتلاف بضم حزب يائير لبيد أو «حركة» تسيبي ليفني. وعمليا يبتعد نتنياهو عن ضم «عوتسما ليسرائيل» وهو الحزب الأشد يمينية والذي يعتبر خليفة حركة «كاخ» العنصرية. غير أن هناك من يعتقدون أن نتنياهو، ربما بسبب عداء أفيغدور ليبرمان وحزبه لـ«شاس» والحريديم، قد يذهب إلى التحالف مع حزب العمل وحزبي الوسط (لبيد وليفني) على أمل تنفيذ التغيير الذي وعد به في النظام الانتخابي وإقرار قانون تجنيد الحريديم. لكن من يعرف طبيعة الانتماءات داخل الليكود ووجهة نتنياهو الأيديولوجية يتعذر عليه ترجيح هذا الاحتمال. فالأمر ينطوي على تغيير واضح للوجهة وفض للشراكة الطبيعية في وقت غير مناسب. فالقوة التي يمنحها الجمهور لـ«البيت اليهودي» و«شاس» في الانتخابات وطبيعة الخلافات الجوهرية القائمة بين الليكود وأحزاب الوسط ستجعل صمود سيناريو كهذا أمرا مستبعدا. صحيح أن هناك في الليكود من يعتقدون أن الظروف الجديدة ستقود إلى تغليب الاحتمال الثاني، لكن مثل هذا الاعتقاد ينبع من صراع في زمن المعركة الانتخابية وليس في مرحلة الإدارة السياسية والاقتصادية للدولة. عموما إذا كانت هناك مفاجآت في الانتخابات الإسرائيلية فهي على الأغلب ليست في النتائج وإنما في مرحلة تأليف الحكومة
shحلمي موسى_انطلقت المعركة الانتخابية في إسرائيل رسمياً قبل أسابيع وشهدت في الأيام الأخيرة تصعيداً كبيراً في الاتهامات المتبادلة بين جميع القوى الفاعلة فيها. ومع ذلك، وقبل أسبوع من موعد الوصول إلى صناديق الاقتراع، يصعب القول ان الانتخابات الإسرائيلية مثيرة، بل هناك من يعتبرها مضجرة. ويرى البعض أن أخطر ما فيها أنها برغم حشد القضايا مثار النقاش فيها إلا انها عصية على الإثارة. ومن الجائز أنه برغم الفوارق في استطلاعات الرأي التي تنشرها الصحف فإن تشكيلة الحكومة الإسرائيلية المقبلة ورئيسها لن يشكلا مفاجأة لأحد، فالحكومة يمينية بامتياز ورئيسها هو بنيامين نتنياهو. ولا يغير في هذه المعادلة اتهام عدد من قادة أجهزة الأمن السابقين، ورئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، وقادة أحزاب المعارضة لنتنياهو وحكومته بتبذير الأموال وتخريب الاقتصاد وإبعاد السلام وتدمير العلاقة الإستراتيجية مع أميركا. كما لا يهم في هذا السياق اتهام وزارة الخارجية ووزيرها، أفيغدور ليبرمان، بانتهاج سياسة تقود إلى فرض عزلة دولية على الدولة العبرية. وإذا كان الإسرائيلي لا يهتم بما يحدث في العالم أو بالعرب من حوله أو تحت سلطته فمن الضروري أن يهتم بمصلحته اليومية المباشرة. لكن ذلك لا يحدث جدياً، فمحافظ مصرف إسرائيل ستانلي فيشر كشف النقاب عن فجوة هائلة في ميزانية الدولة تتمثل في عجز يبلغ ضعف العجز المقرر سلفاً، ويبلغ 39 مليار شيكل (أكثر من عشرة مليارات دولار). وإذا كان ثمة معنى لذلك فإن كل عائلة إسرائيلية، وفقاً لزعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش، ستتحمل في العام المقبل ضرائب إضافية تقدر بـ18 ألف شيكل (ما يقرب من خمسة آلاف دولار). لكن شيئاً لا يغير من وجهة نظر الناخب الإسرائيلي الذي لم يعد يرى شيئاً إلا عبر عينه اليمنى. ولذلك، ما كادت محاولة تجميع أحزاب وقوى الوسط في كتلة تنسيقية انتخابية تولد كفكرة حتى دفنت قبل أن تجد من يحتضنها. فالخيط الجامع لهذه المحاولة، وهو إسقاط نتنياهو أو تشكيل قوة مانعة، كان واهياً لدرجة أنه لم يحتمل عقد أول اجتماع تنسيقي. وبديهي أن عين كل أطراف هذه المحاولة كانت مصوبة نحو ما يريده الجمهور. والجمهور، وفق دلائل كثيرة، اعتبر خطوة كهذه عملاً عدائياً تجاه اليمين فسارع إلى معاقبة الضالعين فيه. وهكذا تراجعت في الاستطلاعات قوة ليس فقط حزب العمل وإنما «حركة» تسيبي ليفني أيضاً. وجوهرياً، انحصر النقاش الفعال والمثير بين القوى الأشد يمينية وخصوصاً بين «الليكود بيتنا» و«البيت اليهودي» و«شاس». والنقاش الفعال هنا لم يكن مجرد أفكار وشعارات تطرح هنا وهناك، وإنما أصوات ومقاعد تنتقل في استطلاعات الرأي بين هذه القوى الثلاث أساساً وخصوصاً بين القوتين الأوليين. فقد تشكلت كتلة «الليكود بيتنا» بين حزبي الليكود و«إسرائيل بيتنا» بأمل امتلاك 45 مقعدا في الكنيست تسمح «لرئيس حكومة قوي» بتشكيل «حكومة قوية» لا تخضع لابتزاز قوى أصغر. لكن هذه الكتلة خلقت شعوراً مضاداً في أوساط اليمين قاد إلى تنامي قوة «البيت اليهودي»، ونقله من مكانه الهامشي تقريباً إلى مركز الحلبة بجعله الحزب الثالث في قوته بعد الليكود والعمل. وعملياً، أظهرت استطلاعات الرأي الإسرائيلية واقع تشكل ثلاثة معسكرات في الوسط اليهودي. ويتكون المعسكر الأول من اليمين التقليدي ممثلا بـ«الليكود بيتنا» وسينال حتى الآن ما يزيد على
ثلاثة إلى خمسة مقاعد فوق الثلاثين مقعداً. أما المعسكر الثاني الجديد وله أكثر من 30 مقعداً فهو المعسكر اليميني الديني الذي لم يعد ملحقا باليمين القومي وإنما يسعى لنيل استقلاله ويضم «البيت اليهودي» و«شاس» و«يهدوت هتوراه» وربما «عوتسما ليسرائيل». ويبقى المعسكر الثالث ويضم حزب العمل و«هناك مستقبل» بزعامة يائير لبيد، و«حركة» تسيبي ليفني، ويملك أيضا قوة بحدود 30 مقعدا. وعلى هامش هذه المعسكرات تقف الأحزاب العربية وحركة «ميرتس»، وهي في كل الأحوال خارج اللعبة السياسية الدائرة وبقوة تبلغ حوالي 15 مقعداً. وربما لهذه الأسباب تطرح منذ الآن احتمالات الحكومة المقبلة. وبديهي أنه برغم الصراع الانتخابي الدائر حالياً بين المعسكرين الأول والثاني إلا انه يصعب تخيل أنهما في طريق إنهاء الشراكة الطبيعية بينهما. لذلك فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يشكل «الليكود بيتنا» ائتلافاً مع كل من «البيت اليهودي» و«شاس» و«يهدوت هتوراه» فيملك بالتالي بين 67 و69 مقعدا. وإذا أراد نتنياهو فإن بوسعه توسيع هذا الائتلاف بضم حزب يائير لبيد أو «حركة» تسيبي ليفني. وعمليا يبتعد نتنياهو عن ضم «عوتسما ليسرائيل» وهو الحزب الأشد يمينية والذي يعتبر خليفة حركة «كاخ» العنصرية. غير أن هناك من يعتقدون أن نتنياهو، ربما بسبب عداء أفيغدور ليبرمان وحزبه لـ«شاس» والحريديم، قد يذهب إلى التحالف مع حزب العمل وحزبي الوسط (لبيد وليفني) على أمل تنفيذ التغيير الذي وعد به في النظام الانتخابي وإقرار قانون تجنيد الحريديم. لكن من يعرف طبيعة الانتماءات داخل الليكود ووجهة نتنياهو الأيديولوجية يتعذر عليه ترجيح هذا الاحتمال. فالأمر ينطوي على تغيير واضح للوجهة وفض للشراكة الطبيعية في وقت غير مناسب. فالقوة التي يمنحها الجمهور لـ«البيت اليهودي» و«شاس» في الانتخابات وطبيعة الخلافات الجوهرية القائمة بين الليكود وأحزاب الوسط ستجعل صمود سيناريو كهذا أمرا مستبعدا. صحيح أن هناك في الليكود من يعتقدون أن الظروف الجديدة ستقود إلى تغليب الاحتمال الثاني، لكن مثل هذا الاعتقاد ينبع من صراع في زمن المعركة الانتخابية وليس في مرحلة الإدارة السياسية والاقتصادية للدولة. عموما إذا كانت هناك مفاجآت في الانتخابات الإسرائيلية فهي على الأغلب ليست في النتائج وإنما في مرحلة تأليف الحكومة