هل يثق المواطن الفلسطيني بإجراء معاملاته البنكية إلكترونياً؟
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد عبد الله - على الرغم من ثقافته التكنولوجية المقبولة حسب رأيه، ما زال حسن عمارنة الذي يعمل مدرسا، يذهب إلى البنك كلما احتاج ذلك، ويقطع "تأشيرة انتظار" لحين مجيء دوره الذي قد يستغرق أكثر من نصف ساعة لسحب مبلغ من المال، رافضاً الحصول على بطاقة صرافٍ آلي.
حسن لديه قناعة بأن التكنولوجيا تشكل خطراً على رصيده المودع في البنك، لأنه يقرأ كثيراً عن عمليات احتيال الكترونية للبطاقات حول العالم، فيخشى أن يكون واحداً من ضحايا هذه العمليات، على الرغم من أن أصدقاءه يخبرونه بأن التطور التكنولوجي المصرفي يمكِّنه الان من اجراء أية معاملة بنكية من خلال المواقع الالكترونية للمصارف.
قد لا تكون الحالة السابقة نادرة في مجتمعنا الفلسطيني، لأنه وحسب مسح عشوائي أجرته دوت كوم على خمسة وعشرين عميلاً بنكياً، وجدت أن سبعة عشر منهم لا يبدون رغبة في استخدام التكولوجيا المصرفية لأكثر من بطاقة الصراف الآلي، ولخدمات محددة فيها فقط.
يقول أحد الرافضين بشدة أنه لا يقبل إجراء أية معاملة بنكية من خلال بطاقة الصراف الآلي أو موقع البنك الالكتروني، بحجة أن كل البيانات ستكون كغيرها من المعلومات موجودة في الهواء وبإمكان أي موهوب او خبير في الكمبيوتر التقاطها.
دوت كوم التقت رئيس دائرة تطوير القنوات الالكترونية في بنك فلسطين أكرم حمدان، والذي عمل سابقاً في البنك العقاري المصري والعربي والبنك العربي، الذي أوضح أسباب وجود أزمة ثقة لبعض عملاء البنوك في التكنولوجيا المصرفية.
يقول حمدان، "من خلال مشاهدتي للعملاء في البنوك الفلسطينية، ألاحظ أن هنالك ثقة أقل في القنوات الإلكترونية، خاصة فيما يتعلق بتلك التي تحتاج إلى انترنت أو الهاتف الخلوي، وهذا الموضوع له عدة أسباب مرتبطة بالبنك والعميل والثقافة السائدة".
وفيما يتعلق بالمستهلك، فإن أزمة ثقة تتملكه عند التعامل مع الانترنت، في قضايا تتعلق بالأموال لأنها حسب رأي حمدان "أمور حساسة"، فالمستهلك لا يجد الكمبيوتر وسيلة تواصل مباشر بينه وبين البنك أو المؤسسة المالية.
وفي مقارنة الكمبيوتر بالصراف الآلي من حيث خلق نوع من الثقة النفسية للعميل، فإن الأخير يعد آلة مركبة داخل البنك، أو على الأقل هنالك جسم مادي يتعامل معه ويعطي نمطاً من الطمأنينة بالنسبة للمستهلك.
لكن في الانترنت، فإن الأوامر والتعاملات تمر من خلال شبكات أخرى، عبر شركات الانترنت، ما يجعله متخوفا من وضع اسمه وكلمة المرور لحسابه، خاصة في ظل حالات اختراق الحسابات المصرفية في دول العالم.
ويشير حمدان إلى أن غالبية الأجهزة والبرامج في فلسطين "للأسف تفتقر إلى license، أي شهادة ترخيص لاستخدام برنامج ما مصنع من الشركة الأم، ما يجعلها عرضة للقرصنة.
كما يتحدث حمدان عن غياب ثقافة العميل في استخدام الانترنت والخدمات المتاحة، "ولاستخدام الخدمات المصرفية البنكية عبر الانترنت يلزمك بعض المهارات التكنولوجية، وهذا قد يكون موجوداً لدى فئة الشباب على الأغلب، لكن العديد من عملاء البنوك من تجار وحرفيين يفتقرون إلى هذه المهارات.
وتحاول المصارف من خلال مواقعها الالكترونية أن تكون بسيطة في عرضها للخدمات، حتى لا يواجه المستهلك صعوبة في البحث عن خدمة أو معلومة ما، لكنها أيضاً تقدم دليل مستخدم لزبائنها سواء نسخة مطبوعة أو الكترونية.
ومن بين الأمور الهامة التي تبعد المستهلك عن الخدمات الالكترونية، هي أن غالبية عملاء البنوك من الموظفين، يعرفون متى يصرف الراتب، كما ان لديهم ترتيبا معينا حول صرف هذا الراتب، لذا فإن الذهاب الى البنك مرة واحدة شهرياً كاف بالنسبة له. أي أن العلاقة مع البنك تنتهي خلال ساعتين كل شهر.
وحول عدم وجود ثقافة الكترونية لدى المستهلك، يقول حمدان أنها موزعة على عدة أطراف: "البنك، وسلطة النقد، والتربية، والثقافة الشخصية، والإعلام، وهذا الأخير يربك المواطن دائماً من خلال نشره لأخبار التحايل العالمية".
"أن المواطن يتملكه خوف وقت دخوله على موقع البنك، ويتفاجأ بقائمة تعليمات مكونة من صفحتين تنبهه من عدة أمور عليه الحذر منها، وكثرة تكرار عبارة (البنك غير مسؤول) … الخ، حيث يتبادر إلى ذهنه أن البنك يبدو أيضاً لديه أزمة ثقة مع خدماته الالكترونية، علماً أن البنك عملياً هو الذي يقوم بتوعية عميله، لكن الأخير لا يفهم القضية كما يريد المصرف".
وحول امكانية اعتبار الخدمات الالكترونية كنوع من الموضة المصرفية، يقول حمدان أنها حتى لو كانت كذلك في الوقت الحاضر، إلا أنها ستكون عنصراً أساسياً في المستقبل القريب، لأن الجيل الناشئ تربى على الثقافة التكنولوجية، سواء في البيت أو المدرسة أو الجامعة، كما سينتقل إلى البنك.
ويؤدي استمرار المستهلك في استخدام البنك أو الفرع لأية خدمة، على الرغم من أنها موجودة على بطاقة الفيزا أو الموقع الالكتروني، إلى تحمل البنك تكاليف إضافية هو بالغنى عنها، فأي خدمة يطلبها المستهلك فإنها ستضع جهداً إضافياً على عدد من موظفي البنك الذي لهم دور في تنفيذ ومتابعة وأغلاق الخدمة التي طلبها.
عن القدس