... عندما يدفع المواطن الثمن
وفا- بدوية السامري
لم تعلم عطاف، ابنة صبحية عبد الرحمن كيلاني (75 عاما)، التي وافتها المنية الأحد الماضي كيف تتصرف عندما غادرت المستشفى الوطني بنابلس، ولم تحظ والدتها بفرصة تلقي العلاج، بسبب تصعيد الأطباء لاحتجاجاتهم وإعلانهم الإضراب.
"صبحية"، التي كانت تعاني من أمراض عدة وضعف في عضلة القلب، توجهت إلى المستشفى الوطني بنابلس قبل أيام للفحص الدوري، في موعد حدد لها مسبقا في عيادة المستشفى، ولم تكن تعلم بتصعيد الاحتجاجات، ما اضطرها للعودة إلى مجمع السيارات الشرقي بمدينة نابلس لتتوجه إلى منزلها بمنطقة الفارعة، لكنها فقدت حياتها هناك.
تقول ابنتها عطاف: "رفض طواقم عيادة المستشفى تقديم العلاج لأمي لعدم وجود أطباء مختصين، بسبب الإضراب، فتوجهت للطوارئ ولم يستقبلوني، ولم يعتبروا وضع أمي طارئا".
واحتارت كيف تتصرف حينها، فاختارت العودة إلى المنزل بعد أن انتظرت فترة تتوسل داخل المستشفى، فأمسكت بيد والدتها متوجهة إلى مجمع السيارات، وبعد لحظات سقطت والدتها أرضا، لتعود إلى ذات المستشفى ميتة".
وقال تحسين براهمة أحد أقارب المرحومة، إن نسبة المياه ارتفعت لدى كيلاني بسبب ضعف عضلة قلبها، ما أدى إلى اختناقها، ولو أن طواقم المستشفى قامت بفحصها لربما لم يصل الأمر إلى الوفاة.
وأضاف: "نحن لسنا ضد احتجاجات الأطباء، فهم يريدون الحصول على حقوقهم، لكننا نخشى أن يتكرر ما حصل مع قريبتنا، فحياة المواطنين ليست لعبة، يجب أن تكون هناك آلية لمراقبة مثل هذه الأمور".
ويشير مدير مستشفى الوطني حسام الجوهري إلى أن المتوفاة، كانت تعاني من عدة أمراض كالسكر، وتصلب الشرايين، وضعف عضلة القلب، وارتفاع كمية المياه في جسدها، وكانت قد دخلت المستشفى أكثر من مرة.
ونوه إلى أنها حضرت إلى المستشفى في موعد عيادتها وليست في حالة طارئة، وعندما قدمت بطاقة العيادة للطوارئ لم يستجيبوا، لأنهم اعتبروها مراجعة عادية لا غير، وليست طارئة، ولم تشرح ابنتها وضعها جيدا لكي يقدموا لها المساعدة.
وأشار إلى أن طواقم الطوارئ في المستشفى الوطني استقبلت يوم أمس 63 حالة طارئة وقدمت العلاج لها، مؤكدا الاهتمام بمصلحة المواطن وعدم تعريض صحته للخطر بغض النظر عن الإضراب أو غيره.
ورفض وزير الصحة فتحي أبو مغلي التعقيب على الموضوع، إلا بعد التحقيق فيه.
من جهته، قال نقيب الأطباء جواد عواد: إنه وفي حالة إضراب الأطباء، فإن وزارة الصحة هي من يتحمل مسؤولية ترتيب العمل داخل المستشفيات والعيادات ومديريات الصحة.
وأشار إلى أن وزير الصحة، لم يتواصل مع الأطباء طوال فترات التصعيد الاحتجاجية.
وأضاف: "يعاني الأطباء في القطاع الحكومي من وضع مأساوي فيما يتعلق برواتبهم، وعلاواتهم، وساعات العمل، ما يؤدي إلى هجرة الكثير من العقول إلى دول أخرى تعطي مغريات أكثر، لكن صحة المواطن لدينا هي الأهم، وتعلو على كل شيء، لذا قمنا باستثناء مرضى السرطان، ومرضى الكلى، والثلاسيميا، والهيموفيليا، والولادة، وقسم الطوارئ، والحالات الطارئة، والعمليات الطارئة، ومستشفى الأمراض النفسية من عدم تقديم العلاج لهم.
وكانت أعلنت نقابة الأطباء في التاسع عشر من الشهر الجاري عن سلسلة من الخطوات التصعيدية، استكمالا للإضراب الذي بدأته في السادس من شهر نيسان/ ابريل الماضي، وكانت أعلنت عنه النقابات الصحية.
وبدأت الخطوات التصعيدية لكافة الأطباء الأحد الماضي في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، وطالت العمليات الاختيارية والعيادات الخارجية في كافة المشافي الحكومية ومديريات الصحة.
وقال رئيس لجنة حقوق الأطباء في النقابة رمزي أبو يمن في اتصال مع "وفا": إن النقابة تسعى إلى تحقيق كرامة الطبيب وتوفير حقوقه كاملة، لحثه على البقاء داخل الوطن وعدم الهجرة إلى الخارج.
وأشار إلى أن هناك عددا من التراكمات تحتاج إلى حل، منها القضايا العالقة للأطباء بين الوزارة وديوان الموظفين والمالية.
وبين أن الأطباء لا يأخذون استحقاقاتهم كاملة، فيما يتعلق بالعمل الإضافي، وعلاوة المخاطرة، والدرجات، وسلم الرواتب، ورفع علاوة المخاطر، بينما لا يصرف لهم تأمين ضد الأخطاء الطبية.