"مدار" حول نتائج الانتخابات الإسرائيلية: "يمين الوسط" يكسب.. والأولوية للأجندة الداخلية
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
نظم المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في رام الله، اليوم الثلاثاء، ندوة بعنوان "نتائج الانتخابات الإسرائيلية وأثرها على الخارطة السياسية"، تناولت مستجدات المشهد السياسي الإسرائيلي على خلفية نتائج انتخابات الكنيست 19، شارك فيها مدير وحدة المشهد الإسرائيلي في "مدار"، انطوان شلحت، ومحرر فصلية "قضايا إسرائيلية" الدكتور رائف زريق.
وأشارت هنيدة غانم مدير عام "مدار"، في تقديمها، أن الندوة ستحاول الإجابة على الأسئلة المهمة التي تطرحها نتائج الانتخابات، وقراءة الظواهر التي نتجت عنها، وخلفيات هذه الظواهر مجتمعيًا، ودلالاتها السياسية الآنية والمستقبلية.
ولفتت غانم إلى ظواهر انتخابية "فاقعة"، من نوع إنجاز يائير لبيد الذي حصد 19 مقعدًا دفعة واحدة، وما يؤشر إليه ذلك من دلالات حول الواقع السياسي الاسرائيلي ودوافعه وتوجهاته، وما إذا كانت التغيرات بمجموعها ستشكل تغييرًا تجاه الموضوع الفلسطيني، وفرص المسار السياسي.
واستعرض شلحت في مشاركته محاور عدة غطت التوقعات المتداولة حول تركيبة الحكومة الجديدة، وما أسفرت عنه الانتخابات من مفاجآت نسبية، وأسباب صعود حزب "البيت اليهودي"، وصيرورة ما يسمى باليسار الإسرائيلي.
وأشار شلحت إلى أن أمر تولي نتنياهو رئاسة الحكومة المقبلة بات واضحًا، كونه يمتلك أكثر من ستين مقعدًا يمينيًا في الكنيست الجديدة، إلى جانب امتلاكه القدرة على انفاذ عدة سيناريوهات ائتلافية، مضيفًا ان نتنياهو يحلم بائتلاف عريض يضم حوالي 90 مقعدا، ويتشكل من: "الليكود بيتنا" وحزب لبيد "يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي" و"الحركة" و"كديما"، مرجحًا ان تتصدر الأجندة الداخلية أولويات المرحلة المقبلة، خاصة الاقتصادية منها.
ولفت شلحت إلى ما تشهده الساحة السياسية والإعلامية الإسرائيلية حاليًا من تهييج للمخاوف الأمنية خدمة لأهداف نتنياهو التفاوضية الائتلافية، حيث يجري تصعيد الحديث عن الكيماوي السوري والنووي الايراني.
وحول مطالب الشركاء المحتملين، أشار شلحت إلى المطالب الاستيطانية لحزب "البيت اليهودي"، إلى جانب المطالب الاقتصادية ومطالب "الشراكة في تحمل العبء" في الخدمة العسكرية التي يحملها لبيد، مستبعدًا أن تسبب الاختلافات، بسبب طبيعتها، مانعًا حقيقيًا من الشراكة، حيث أن الرؤية الأمنية العميقة للبيد لا تختلف عن رؤية نتنياهو وإن كان يعلي مطلب الذهاب إلى مفاوضات، ثم ان "البيت اليهودي" لا يمانع من الإشارة العامة الى رغبة بالسلام، فيما أن المفاوضات بصيغتها الدارجة منذ سنوات لا تحقق أي تقدم، وفيما يتعلق بموضوع تقاسم عبء الخدمة العسكرية، يرى شلحت أن رافعي الشعارات في هذا الموضوع يدركون صعوبة تطبيقها بدون توافق، لأسباب تاريخية وقانونية وواقعية، كل هذا برأي شلحت سيتيح لنتنياهو تشكيل ائتلاف مريح.
وتناول شلحت صعود حزب "يوجد مستقبل" بقيادة لبيد وتصدره المشهد باحتلال الوسط، مذكرًا بخصوصيات أحزاب الوسط تاريخيًا في اسرائيل، والتي امتازت دائما بمواقف ضبابية سياسيًا، وهذا ما ينطبق على لبيد، إضافة إلى تلاشيها السريع خاصة إذا ما اختارت البقاء خارج السلطة.
واعتبر شلحت صعود لبيد تعبيرًا عن رغبات "دولة تل ابيب" (التي تغلب الشريحة الوسطى على تركيبتها)، في تغيير الأمر الواقع لصالح اليهود أولاً، وهذا ما يفسر التركيز على القضايا الاقتصادية، وأيضًا كبح التوجه اليميني القريب من الفاشية فيما يتعلق بهوية الجهاز القضائي، لكن الأمر لن يختلف كثيرًا عندما يتعلق الأمر بالأقلية الفلسطينية في إسرائيل.
وأشار شلحت إلى تقدم "البيت اليهودي" مستعرضًا خلفيته اليمينية الدينية الاستيطانية، موضحًا ان الحزب حقق مكاسب واضحة، وأنه استقطب أصواتًا من داخل الليكود، والأهم من الأرقام التي حققها برأي شلحت هي امتلاك حزب استيطاني لأول مرة رؤية استراتيجية لعموم اسرائيل، وامتلاك رئيسه طموحًا بأن يكون زعيمًا قوميًا وليس زعيمًا للمستوطنين وحدهم، وتزداد أهمية ذلك عندما يلتقي مع تيار قوي وعريض داخل الليكود يحمل شعار الزعامة اليهودية؛ بمعنى أن الصيغة الاشكنازية العلمانية لم تعد صالحة، وان اسرائيل الحالية تحتاج زعامة يهودية بالمعنى الديني القومي للكلمة.
وختم شلحت استخلاصاته بأن اليسار الذي تعبر عنه حالة حزب العمل وصلت إلى الإفلاس، ما يفسر مضاعفة ميرتس مقاعده من ثلاثة مقاعد إلى ستة، حيث بات ميرتس التعبير الوحيد عن اليسار التقليدي الصهيوني.
وواصل د. رائف زريق تحليل المشهد الانتخابي، بداية من ظروف التوجه إليها، حيث أن نتنياهو عاش فترة حكم مستقرة سياسيًا واقتصاديًا، إلى أن داهمته الاحتجاجات الاجتماعية، وقرار المحكمة العليا الذي يلزم وزير الدفاع استدعاء الحريديم للخدمة في الجيش، وعلى الرغم من وجود جمود سياسي، إلا أن الجمود ظل في خلفية المشهود، ولم يؤرق المجتمع الإسرائيلي.
ونبه زريق إلى أن الانتخابات الأخيرة هي الانتخابات الأولى التي تجري إسرائيليًا في ظل غياب صراع بين اتجاهين، إذ كانت النتائج معروفة مسبقًا، من جهة فرص نتنياهو، كما ان الصراع والحراك تركز داخل الكتل نفسها، بين أحزاب الكتلة الواحدة ، فنتنياهو يتصارع مع بينيت، ولبيد مع ليفني مع يحيموفيتش، فيما كانت سهولة التنقل من حزب إلى آخر مثيرة للدهشة.
وعلى الرغم من التركيز على الاجندات الداخلية وعلى القضايا الاقتصادية، وعلى الرغم من خسارة الأحزاب التي ركزت على العناوين السياسية، لفت زريق إلى أن حركة الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة لم تترجم في الانتخابات إلى قوة ذات مغزى، بحيث تعبر عن رغبة حقيقية في تغيير جذري.
وأشار زريق إلى حقيقة وجود كنيست فيه الكثير من الوجوه الجديدة (50%)، وإلى أن استرخاء اليمين، واطمئنانه لفرص نتنياهو العالية، شجّع على حدوث تصويت ايديولوجي داخل كتلة اليمين، حيث ذهب الأكثر تطرفًا مع بينيت، والراغبون في يمين وسطي إلى لبيد.
وأوضح زريق أن لبيد يعبر بوضوح عن حلة اشكنازية، إذ ينتمي جمهوره للطبقة الوسطى الأقرب للدنيا، وهي شريحة يمينية، مهتمة بالشأن الداخلي، وتعتبر أن الموضوع الفلسطيني صار وراءها.
وخلص زريق إلى ان الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة لا تخلو اختلافات عن سابقاتها، حيث كبحت جماح التوجه نحو اليمين الفاشي، مختارة التموضع في يمين الوسط.
وحول انعكاسات ذلك على المسار السياسي فيما يتعلق بالاحتلال والقضية الفلسطينية، يرى زريق أن الصيغة الجديدة إذا ما ترافقت مع ضغط دولي يمكن في أحسن الأحوال أن تفتح هامشًا سياسيًا ضيقًا، لكنه لن يتيح أكثر من حلول مؤقتة تكرّس الأمر القائم مع تحسينات طفيفة.
shنظم المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في رام الله، اليوم الثلاثاء، ندوة بعنوان "نتائج الانتخابات الإسرائيلية وأثرها على الخارطة السياسية"، تناولت مستجدات المشهد السياسي الإسرائيلي على خلفية نتائج انتخابات الكنيست 19، شارك فيها مدير وحدة المشهد الإسرائيلي في "مدار"، انطوان شلحت، ومحرر فصلية "قضايا إسرائيلية" الدكتور رائف زريق.
وأشارت هنيدة غانم مدير عام "مدار"، في تقديمها، أن الندوة ستحاول الإجابة على الأسئلة المهمة التي تطرحها نتائج الانتخابات، وقراءة الظواهر التي نتجت عنها، وخلفيات هذه الظواهر مجتمعيًا، ودلالاتها السياسية الآنية والمستقبلية.
ولفتت غانم إلى ظواهر انتخابية "فاقعة"، من نوع إنجاز يائير لبيد الذي حصد 19 مقعدًا دفعة واحدة، وما يؤشر إليه ذلك من دلالات حول الواقع السياسي الاسرائيلي ودوافعه وتوجهاته، وما إذا كانت التغيرات بمجموعها ستشكل تغييرًا تجاه الموضوع الفلسطيني، وفرص المسار السياسي.
واستعرض شلحت في مشاركته محاور عدة غطت التوقعات المتداولة حول تركيبة الحكومة الجديدة، وما أسفرت عنه الانتخابات من مفاجآت نسبية، وأسباب صعود حزب "البيت اليهودي"، وصيرورة ما يسمى باليسار الإسرائيلي.
وأشار شلحت إلى أن أمر تولي نتنياهو رئاسة الحكومة المقبلة بات واضحًا، كونه يمتلك أكثر من ستين مقعدًا يمينيًا في الكنيست الجديدة، إلى جانب امتلاكه القدرة على انفاذ عدة سيناريوهات ائتلافية، مضيفًا ان نتنياهو يحلم بائتلاف عريض يضم حوالي 90 مقعدا، ويتشكل من: "الليكود بيتنا" وحزب لبيد "يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي" و"الحركة" و"كديما"، مرجحًا ان تتصدر الأجندة الداخلية أولويات المرحلة المقبلة، خاصة الاقتصادية منها.
ولفت شلحت إلى ما تشهده الساحة السياسية والإعلامية الإسرائيلية حاليًا من تهييج للمخاوف الأمنية خدمة لأهداف نتنياهو التفاوضية الائتلافية، حيث يجري تصعيد الحديث عن الكيماوي السوري والنووي الايراني.
وحول مطالب الشركاء المحتملين، أشار شلحت إلى المطالب الاستيطانية لحزب "البيت اليهودي"، إلى جانب المطالب الاقتصادية ومطالب "الشراكة في تحمل العبء" في الخدمة العسكرية التي يحملها لبيد، مستبعدًا أن تسبب الاختلافات، بسبب طبيعتها، مانعًا حقيقيًا من الشراكة، حيث أن الرؤية الأمنية العميقة للبيد لا تختلف عن رؤية نتنياهو وإن كان يعلي مطلب الذهاب إلى مفاوضات، ثم ان "البيت اليهودي" لا يمانع من الإشارة العامة الى رغبة بالسلام، فيما أن المفاوضات بصيغتها الدارجة منذ سنوات لا تحقق أي تقدم، وفيما يتعلق بموضوع تقاسم عبء الخدمة العسكرية، يرى شلحت أن رافعي الشعارات في هذا الموضوع يدركون صعوبة تطبيقها بدون توافق، لأسباب تاريخية وقانونية وواقعية، كل هذا برأي شلحت سيتيح لنتنياهو تشكيل ائتلاف مريح.
وتناول شلحت صعود حزب "يوجد مستقبل" بقيادة لبيد وتصدره المشهد باحتلال الوسط، مذكرًا بخصوصيات أحزاب الوسط تاريخيًا في اسرائيل، والتي امتازت دائما بمواقف ضبابية سياسيًا، وهذا ما ينطبق على لبيد، إضافة إلى تلاشيها السريع خاصة إذا ما اختارت البقاء خارج السلطة.
واعتبر شلحت صعود لبيد تعبيرًا عن رغبات "دولة تل ابيب" (التي تغلب الشريحة الوسطى على تركيبتها)، في تغيير الأمر الواقع لصالح اليهود أولاً، وهذا ما يفسر التركيز على القضايا الاقتصادية، وأيضًا كبح التوجه اليميني القريب من الفاشية فيما يتعلق بهوية الجهاز القضائي، لكن الأمر لن يختلف كثيرًا عندما يتعلق الأمر بالأقلية الفلسطينية في إسرائيل.
وأشار شلحت إلى تقدم "البيت اليهودي" مستعرضًا خلفيته اليمينية الدينية الاستيطانية، موضحًا ان الحزب حقق مكاسب واضحة، وأنه استقطب أصواتًا من داخل الليكود، والأهم من الأرقام التي حققها برأي شلحت هي امتلاك حزب استيطاني لأول مرة رؤية استراتيجية لعموم اسرائيل، وامتلاك رئيسه طموحًا بأن يكون زعيمًا قوميًا وليس زعيمًا للمستوطنين وحدهم، وتزداد أهمية ذلك عندما يلتقي مع تيار قوي وعريض داخل الليكود يحمل شعار الزعامة اليهودية؛ بمعنى أن الصيغة الاشكنازية العلمانية لم تعد صالحة، وان اسرائيل الحالية تحتاج زعامة يهودية بالمعنى الديني القومي للكلمة.
وختم شلحت استخلاصاته بأن اليسار الذي تعبر عنه حالة حزب العمل وصلت إلى الإفلاس، ما يفسر مضاعفة ميرتس مقاعده من ثلاثة مقاعد إلى ستة، حيث بات ميرتس التعبير الوحيد عن اليسار التقليدي الصهيوني.
وواصل د. رائف زريق تحليل المشهد الانتخابي، بداية من ظروف التوجه إليها، حيث أن نتنياهو عاش فترة حكم مستقرة سياسيًا واقتصاديًا، إلى أن داهمته الاحتجاجات الاجتماعية، وقرار المحكمة العليا الذي يلزم وزير الدفاع استدعاء الحريديم للخدمة في الجيش، وعلى الرغم من وجود جمود سياسي، إلا أن الجمود ظل في خلفية المشهود، ولم يؤرق المجتمع الإسرائيلي.
ونبه زريق إلى أن الانتخابات الأخيرة هي الانتخابات الأولى التي تجري إسرائيليًا في ظل غياب صراع بين اتجاهين، إذ كانت النتائج معروفة مسبقًا، من جهة فرص نتنياهو، كما ان الصراع والحراك تركز داخل الكتل نفسها، بين أحزاب الكتلة الواحدة ، فنتنياهو يتصارع مع بينيت، ولبيد مع ليفني مع يحيموفيتش، فيما كانت سهولة التنقل من حزب إلى آخر مثيرة للدهشة.
وعلى الرغم من التركيز على الاجندات الداخلية وعلى القضايا الاقتصادية، وعلى الرغم من خسارة الأحزاب التي ركزت على العناوين السياسية، لفت زريق إلى أن حركة الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة لم تترجم في الانتخابات إلى قوة ذات مغزى، بحيث تعبر عن رغبة حقيقية في تغيير جذري.
وأشار زريق إلى حقيقة وجود كنيست فيه الكثير من الوجوه الجديدة (50%)، وإلى أن استرخاء اليمين، واطمئنانه لفرص نتنياهو العالية، شجّع على حدوث تصويت ايديولوجي داخل كتلة اليمين، حيث ذهب الأكثر تطرفًا مع بينيت، والراغبون في يمين وسطي إلى لبيد.
وأوضح زريق أن لبيد يعبر بوضوح عن حلة اشكنازية، إذ ينتمي جمهوره للطبقة الوسطى الأقرب للدنيا، وهي شريحة يمينية، مهتمة بالشأن الداخلي، وتعتبر أن الموضوع الفلسطيني صار وراءها.
وخلص زريق إلى ان الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة لا تخلو اختلافات عن سابقاتها، حيث كبحت جماح التوجه نحو اليمين الفاشي، مختارة التموضع في يمين الوسط.
وحول انعكاسات ذلك على المسار السياسي فيما يتعلق بالاحتلال والقضية الفلسطينية، يرى زريق أن الصيغة الجديدة إذا ما ترافقت مع ضغط دولي يمكن في أحسن الأحوال أن تفتح هامشًا سياسيًا ضيقًا، لكنه لن يتيح أكثر من حلول مؤقتة تكرّس الأمر القائم مع تحسينات طفيفة.