عرب الكعابنة .. الموت يرافق أطفالهم إلى المدرسة
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد ابو الريش - تغفو الطفلة بيان محمد الكعابنة (7 اعوام) وأخواها عبد الله وعلي وغيرهم من تجمع بدو الكعابنة، لكنّ أحلامهم الوردية في الليل لا تنتهي، صباحا، بحياة هادئة ووادعة كأي طفل، حيث تنتظرهم "عبّارة الموت" التي يمرون خلالها ليصلوا مدرستهم، علاوةً على ما يعانيه التجمع البدوي ككل.
الأطفال في تجمع بدو عرب الكعابنة القريب من قرية جبع شمال غرب القدس والمتاخم لمستوطنة ادم يستعدون كل صباح لرحلة الشقاء اليومية للوصول الى مدرسة جبع الابتدائية، وليس الوصول عاديا، إذ عليهم المرور في عبارة مخصصة لمياه الأمطار والسيول.
تمتد مسافة الرحلة الشاقة والمحفوفة بالمخاطر حد الموت على طول 5 كيلو مترات تبتدئ بالعبارة التي تضعهم بين فكي كماشة الموت، فإذا ما سها أحدهم جرفته المياه!
وما ان يتنفس الاطفال الصعداء لخروجهم سالمين من العبارة، حتى يقابلهم المستوطنون الذين لا يوفرون حجارة يلقونها عليهم تحت حماية جنود الاحتلال، لتمتلئ قلوب الاطفال بالذعر، ناهيك عن ان الجسر المغلق منذ اعوام بات مرتعا للمخمورين ومتعاطي المخدرات.
رحلة العذاب هذه كانت سببا في تدني التحصيل العلمي للطلبة وعدم اكمالهم تعليمهم، وتعطلهم عن الدوام لفترات طويلة.
"كان يمكن الوصول الى الطريق العام دون التعرض للمخاطر قبل أن يغلق الاحتلال الطريق" يقول محمد سالم كعابنة الذي يرى أبناءه يصارعون الموت يوميا أمام عينيه ولا يملك من أمر مساعدتهم شيئا.
خمسة وثلاثون طالبا وطالبة تشفق عليهم إدارة المدرسة وتطالبهم بالعودة الى منازلهم بعدما يستنفدون قواهم بين خوف وتعب وأقدام غمرتها مياه العبارة.
الفصل الآخر من معاناة عرب الكعابنة - وعددهم 150 فردا - بدأ منذ عام 1978، ومؤخرا كان اصدار قرار هدم لمنازل خمس عشرة عائلة خلال 21 يوما غير قابلة للتجديد، وصدر القرار بعد جلسة حضرها محامو مركز القدس للشؤون القانونية في معسكر بيت ايل، استطاع خلالها المحامون تاجيل الهدم الذي كان مزمعا تنفيذه في الاسبوع الاول من شهر شباط.
التجمع البدوي المحاصر من مستوطنة ادم شرقا وجدار الفصل العنصري من الجنوب والغرب والشارع الرئيسي (الخط السريع) من الشمال مهدد بمخطط اسرائيلي قديم يهدف لتوسيع المستوطنة.
يقول مسؤول تجمع الكعابنة، محمد سالم الكعابنة (45 عاما) انه يملك الوثائق التي تدلل على أن الأرض المهددة هي ملك والده، مشيرا إلى أن المستوطنين حاولوا شراء الأرض التي تبعد 150 مترا عن مستوطنة ادم ولكن والده سالم الكعابنة رفض الفكرة واوصى ابناءه من بعده بان يسيروا على خطاه.
محمد سالم الكعابنة بدأ اليوم بالتفكير مليا في خيارات بديلة للسكن على اطراف المدن الاخرى، اذا ما هدمت سلطات الاحتلال منزله الذي لم يساعده احد من الجهات المسؤولة في تعزيز صموده على أرضه.
ويضيف: صمدنا فترة طويلة وناكفناهم كثيرا ولم يبق سلاح الا واستخدمناه للتصدي للهجمة الاستيطانية، الا ان يدا واحدة لا تصفق، (...) ناشدنا الجهات المسؤولة الوقوف الى جانبنا الا أن أحدا لم يدق بابنا ليمد لنا يد العون.
"لو كانت هناك مقومات أكثر للصمود لكان في الامكان اطالة أمد التحدي حتى كسب المعركة باعتبار ان الارض فيها اخراج قيد باسم الوالد، وان محاميا اسرائيليا قدم عرضا باستصدار قرار محكمة لرخص بناء في الأرض مقابل مبلغ 30 الف شيقل لا يتسلمها المحامي الا بعد اصدار قرار الحكم، ولكن هذا مبلغ كبير جدا"، يقول الكعابنة.