الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

رغم اتفاق الحزبين..أزمة الدين الأميركي لم تنته بعد

د. محمد نصر
 
وأخيرا اتفق الحزبان، الجمهوري والديمقراطي، على رفع سقف الدين العام بمبلغ 2.4 تريليون دولار (التريليون يساوي ألف مليار). فما هي قصة هذه أزمة الدين الأميركي؟ وكيف يمكن أن تؤثر على الاقتصاد العالمي؟.
مثل أي دولة في العالم، تحتاج الحكومة الأميركية إلى أموال لتنفقها على مشاريعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها. وهي تحصل على الجزء الأكبر من هذه الأموال عن طريق فرض ضرائب متنوعة، مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات وغيرها.
وفي الأصل، تكون النفقات والإيرادات متساوية، ولكن في كثير من الأحيان تزيد النفقات عن الإيرادات مما يعني وجود عجز في الموازنة العامة للدولة، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات لتغطية هذا العجز. الخيار الأول هو زيادة الضرائب بغية زيادة الإيرادات، والخيار الثاني هو تقليص عدد من المشاريع الحكومية لتقليل النفقات، والخيار الثالث هو الاستدانة من الأفراد والمؤسسات والبنوك (داخل البلد أو خارجه)، على أن يتم تسديد هذا الدين عندما يتحقق فائض في الموازنة العامة للدولة.
 وتكون الاستدانة عادة على شكل سندات حكومية تستحق الدفع بتاريخ معين وتحمل سعر فائدة معين.  وتفرض هذه السندات نوعين من الالتزامات، أولها سداد الفوائد في مواعيدها (وهو ما يسمى خدمة الدين)، وثانيها تسديد قيمة السند (الدين) في موعد استحقاقه. وعندما يتكرر العجز في الموازنة العامة سنة بعد سنة، وتصدر وزارة المالية سندات حكومية إضافية لتمويل هذا العجز المستمر، يبدأ الدين العام بالتراكم تدريجيا حتى يصل إلى أرقام ضخمة تصبح فيها خدمة الدين عبئا كبيرا وتسديده عبئا أكبر.
هذا، بالضبط، ما حدث في أميركا. فقد عانت الحكومة الأميركية من عجز مستمر وكبير منذ مطلع القرن الحالي نتيجة مجموعة من العوامل، من بينها الركود الذي أصاب الاقتصاد الأميركي بعد أزمة الرهن العقاري، وحروب أميركا البعيدة والطويلة، خصوصا حربي أفغانستان والعراق، والإنفاق الكبير جدا على البرامج الداخلية، وخصوصا برامج التأمين الصحي والرعاية الاجتماعية، والاقتطاعات الكبيرة في ضريبة الدخل خلال عهد جورج بوش والكونغرس الجمهوري (عامي 2001 و2003)، إضافة إلى تآكل القدرة التنافسية للولايات المتحدة الأميركية أمام الاقتصادات الصاعدة. ونتيجة لذلك كله، كان هناك عجز سنوي مستمر في موازنة الحكومة، وارتفع الدين العام الأميركي من حوالي 5.7 تريليون عام 2000 إلى حوالي 14.3 تريليون في شهر أيار 2011.
حسب القانون الأميركي، يجب موافقة الكونغرس على أي قروض تقوم بها الحكومة الأميركية. وقد بدأ تحديد سقف للدين الحكومي (الحدّ الأعلى لما يمكن أن تقترضه الحكومة) منذ العام 1917 عندما سمح الكونغرس للحكومة باقتراض 11.3 مليار دولار لتمويل مشاركة أمريكا في الحرب العالمية الأولى، ثم قام بعد ذلك برفع السقف عشرات المرات حتى بلغ حاليا 14.3 تريليون دولار. وقد وصلت الحكومة هذا الحد في شهر أيار من هذا العام.
إذا لم يتم رفع سقف الدين من قبل الكونغرس، فلن يكون بإمكان الحكومة أن تقترض أي مبالغ، وبالتالي لن تتمكن من دفع المستحقات عليها (مثل رواتب الموظفين ورواتب الجيش ومستحقات الضمان الاجتماعي وخدمة الدين وغيرها). وإذا حدث ذلك، سوف يفقد المستثمرون ثقتهم بقدرة الولايات المتحدة على خدمة ديونها، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى فزع كبير في الأسواق العالمية وإلى تقويض النظام المالي بأكمله.  وقد أدت هذه الاحتمالية فعلا إلى زيادة عصبية المستثمرين وقلقهم، ووضعت ضغطا كبيرا على الدولار الأميركي، كما جعل ذلك مؤسسة موديز تضع تصنيف الائتمان الأميركي تحت المراقبة. وقالت شركة ستاندرد أند بور أنها ستخفض تصنيف ائتمان الحكومة الأميركية من AAA (التصنيف الأعلى) إلى D (أقل تصنيف)، ما يعني أن البنوك لا تستطيع، فنيا على الأقل، استخدام سندات الدين الأميركي كضمان لدى البنوك المركزية، كما سيرفع تكلفة الاقتراض للحكومة الأميركية بشكل كبير.
نتيجة لذلك، بدأت مفاوضات شاقة ومضنية دامت عدة أسابيع بين مجلسي الكونغرس، مجلس الشيوخ (الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي) ومجلس النواب (الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري)، للتوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين. ويتفق الطرفان على أن العجز الحكومي يجب أن يظل تحت السيطرة، ويدركان ضرورة رفع سقف الدين العام حتى تتمكن الحكومة من دفع الرواتب والمستحقات الأخرى وحتى لا تتأثر مصداقية الحكومة الأميركية في الداخل والخارج، ولكنهما يختلفان في كيفية معالجة ذلك. فالجمهوريون يعتقدون أنه يجب أولا تقليص عجز الموازنة قبل أي اتفاق على رفع سقف الدين، وأن يكون ذلك عن طريق تخفيض النفقات وليس عن طريق زيادة الضرائب. أما الديمقراطيون فيرون أنه لا يمكن تخفيض النفقات لأن ذلك سيؤدي إلى المس ببرامج الرعاية الصحية لكبار السن والفقراء، كما سيؤدي إلى مخاطر الركود الاقتصادي الذي تسببت به الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وقد تم أخيرا التوصل إلى صيغة توافقية يتم بموجبها رفع سقف الدين بمقدار 2.4 تريليون دولار، وخفض الإنفاق خلال السنوات العشر المقبلة بنفس قيمة رفع سقف الدين، مع عدم فرض ضرائب جديدة، على أن تستثنى من الاقتطاعات بعض البرامج الأساسية، مثل برامج الرعاية الصحية وبرنامج المعونات الغذائية وبرنامج الرعاية الاجتماعية. ويعتقد البعض أن هذا الاتفاق يعد انتصاراً للحزب الجمهوري، لكن الكثيرين يشعرون بأن الاقتطاعات التي تم الاتفاق عليها لن تكون كافية لأنها لن تصل بأي حال من الأحوال إلى نصف المبلغ الذي تحتاج إليه البلاد للسيطرة على الدين، مما يعني أن الأزمة المالية للولايات المتحدة سوف تستمر.

* يذكر أن د. محمد نصر عميد كلية التجارة والاقتصاد في جامعة بيرزيت

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025