أحيتها فرقة "ترشيحا"...رام الله تعيش ليلة من الطرب العربي الأصيل
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد عواد
أعادت فرقة "ترشيحا" للموسيقى العربية جمهورها من مسرح قصر رام الله الثقافي، في رحلة عبر الطرب الأصيل القديم، إلى مسارح العراق ومصر القديمة، من خلال تقديمها موشحات ومقطوعات موسيقية للموسيقار الفلسطيني الراحل روحي الخماش.
استهلت فرقة ترشيحا عرضها الذي قدمته، مساء اليوم السبت، بأغنية "وطني" للفنانة اللبنانية فيروز، مهيئة جمهورها بقيادة الملحن نسيم دكور، لموشحات الخماش، في مشهد أعاد إلى أذهان الكثيرين أكثر من 60 عاما إلى الوراء أثناء وجودهم أمام المذياع مستمعين إلى صوت فلسطين "هنا القدس".
وعلى مدار ساعتين متواصلتين، قدمت الفرقة خمسة موشحات من ألحان الخماش وثلاث مقطوعات إضافة إلى أغنية موال عراقي، هي مقطوعة "سماعي كار كورد"، وموشح "ما بال عينيك" من كلمات نزار جواد في أداء جماعي، وموشح "ليلي نغم" من كلمات عبد الجبار عاشور، أداء المجموعة وغناء فردي مبدع لماجد عزام، وأغنية "حياك بابا حياك" لناظم الغزالي في غناء فردي لماجد عزام، ثم معزوفة استهلال، وموشح "هاجك الذكر" وهو شعر قديم من ألحان الخماش، أداء المجموعة وغناء فردي حبيب سمعان، وموال عراقي "هلا هيا" غناء فردي إلياس معيكي، وموشح "نسي العهد" كلمات نزار جواد أداء المجموعة وغناء فدي حبيب سمعان، لتختتم الأمسية برائعة خماش مقطوعة "لونغا نهاوند".
يشار إلى أن فكرة توثيق وأرشفة التراث الموسيقي الفلسطيني ما قبل عام 1948، عبر غناء الموشحات جاء من قلب مؤسسة (نوى) الفلسطينية، التي بادرت لتسجيل الأسطوانة الأولى للموسيقار الخماش، وأطلقتها في السوق تحت اسم "هنا القدس".
وقال مدير مؤسسة "نوى" نادر جلال إن "الإنتاجات الثقافية والفنية للشعب الفلسطيني مشتتة، والوقت حان للعمل على وصل ما انقطع منذ النكبة بعد 64 عاما، والعمل على إحياء تراث المبدعين الرواد الذي أثروا الموسيقى والفن والتراث العربي لأنه واجب علينا".
وأضاف جلال أنه تم جمع العديد من الإنتاجات الكلاسيكية من الشتات الفلسطيني بمختلف أماكنه إلى رام الله من خلال مشروع هو أقرب إلى "لم الشمل"، في الطريق لإنشاء أرشيف موسيقي فلسطيني.
وأشار إلى أن الخماش يعتبر من الموسيقيين الفلسطينيين الرواد الذين ساهموا في النهضة الموسيقية العربية منتصف القرن الماضي، هاجر إلى العراق وساهم بتطوير الحركة الموسيقية هناك، واليوم نحتفي بهذا الفنان الفلسطيني العربي، مبينا أن لدى المؤسسة مشاريع جديدة تحضر لها وسترى النور قريبا.
ولد الموسيقار الفلسطيني الراحل روحي الخماش، في مدينة نابلس، ودرس المرحلة الابتدائية بمدرسة الخالدية ثم مدرسة النجاح، أولع بالموسيقى منذ طفولته، فرعاه والده، واشترى له عودا صغيرا، ودفعه ليدرس الموسيقى على يد قريب له اسمه أحمد عبد الواحد الخماش، وفي عام واحد أجاد روحي عزف بعض السماعيات والدواليب، وفي عام 1932 غنى "أحب أشوفك" أمام عازف الكمان السوري سامي الشوا بالقدس فأعجب به وشجعه على متابعة الدراسة والتدريب، وفي عام 1933 عزف على عوده أول مرة أمام الجمهور فنال إعجابه، كما غنى أمام محمد عبد الوهاب وأم كلثوم في أثناء زيارتهما للقدس فأعجبا به.
وفي عام 1935، سافر إلى بغداد بدعوة من الملك غازي ملك العراق، فعزف وغنى أمامه، فطرب له الملك، وفي سنة 1936، وعند افتتاح إذاعة القدس، كان روحي الخماش من أوائل من عمل فيها عازفاً ومطرباً ومقدماً للبرامج، وفي عام 1937، سافر إلى القاهرة بمنحة دراسية بمعهد فؤاد الأول الموسيقي، ودرس المناهج المقررة للسنوات الخمس بسنتين فقط، وحصل بعد تخرجه على منحة دراسية إلى إيطالية، لكن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون سفره، فعاد إلى إذاعة القدس وتولى قيادة فرقتها الموسيقية.
وفي منتصف الأربعينيات، تعرف على الموسيقي السوري الشيخ علي الدرويش الذي كان يعمل في إذاعة القدس، وتعلم الخماش منه فن الموشحات وأصول تلحينها، وحفظ منه الكثير، كما تردد على سورية في الأربعينيات، وغنى في إذاعتها، وفي عام 1948 عام وقوع النكبة، اضطر للرحيل إلى بغداد ثانية، حيث كانت إقامته فيها هذه المرة دائمة.