الحاجة حسيبة شحادة..30 عاما من الانتظار
الحاجة حسيبة شحادة تحمل صورة ابنها أحمد الذي دخل اليوم عامه الـ28 في سجون الاحتلال - عدسة: محمد نوفل
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
رشا حرزالله
عام 1978، لا يختلف كثيرا عن 2013، طوال هذه السنوات الطويلة، والحاجة حسيبة شحادة (70عاما) من مخيم قلنديا جنوب رام الله معتادة على ترقب ساعات الفجر بشغف، لتحمل تصريح الزيارة قاصدة زيارة أبناءها الثمانية المعتقلين في سجون الاحتلال، جميعهم تم الإفراج عنهم لاحقا إلا أحمد، حيث لا زال يقضي حكما بالمؤبد أمضى منه 28 عاما، ويقبع حاليا في سجن عسقلان.
أحمد من منعته جدران السجن أن يكبر طفولته على صدر أمه، ليشيب على برد زنزانته وقساوة جدرانها، ورغم مرور سنين طويلة على اعتقاله غير أن ذاكرة حسيبة لا زالت تسعفها على تذكر اقتحام جنود الاحتلال غرفة احمد، ألبسوا وجهه الغطاء الأسود، قيدوه بالسلاسل، خرج في ذلك اليوم ولا زالت والدته تتزود بأمل اسمه 'الحرية'.
تصول عيناها الغائرتان وتجول على صوره المعلقة على جدران المنزل، وفي أزقة المخيم، تمتلئ مآقي عيونها بلوعة الفقدان، تلمس براحة يدها آخر صورة جمعتها به في السجن، قبل أن يقف المرض حائلا بينهما، يبقيها حبيسة المنزل، غير قادرة على تحمل مشقات السفر عبر الحافلات.
'العديد من أمهات الأسرى كن يرافقنني لزيارة أبنائهن، جميعهن تذوقن فرحة الإفراج عن فلذات أكبادهن، وأنا اللوعة لا زالت تنهش قلبي'، قالت شحادة.
خمس دقائق من الصمت، تموج الذكريات الشحيحة في رأسها، ويذهب بها الحنين إلى سنين طويلة خلت قائلة:' ذكرياتي مع أحمد قليلة، اعتقل وعمره 21 عاما، واليوم عمره 51 عاما، من يمكنه أن يحتمل فكرة انتظار عودة غائب طوال هذه السنين الطويلة، كبرنا على الألم وسنموت في الحسرة'.
سلخت المأساة ضحكاتها، لتخدش دمعتها الخرساء الوجنتين المتجعدتين متحدثة حول أخر مرة رأت فيها ابنها أحمد: 'رأيته قبل ثلاثة أعوام من وراء الزجاج، كنت أحضر الكلام الذي سأقوله له في الليل، وعندما أراه، أنسى كل شي، لا أتفوه بكلمة، أبقى في حالة شرود، أقول له أريد أن تمتلئ عيناي بصورتك يما، توسلني عبر التلفون المخصص لأهالي الأسرى أن أسمعه صوتي، ولا أستطيع!'.
ابتسامة خافتة اعتلت محياها، بعدما تذكرت كيف كانت تتنقل في اليوم الواحد بين خمسة سجون مختلفة، حينما كان أبناؤها أسرى' ست سنوات وأنا على هذه الحالة، غير أن التعب يتلاشى بمجرد رؤيتهم'، قالت شحادة.
وأضافت: 'زوجة ابني أنجبت طفلا، حملته بين ذراعي، تذكرت أحمد، تساءلت في نفسي هل يمكن أن أرى طفله يوما ما؟، لم أستطع البكاء، في اليوم ذاته أصبت بالجلطة، لكن أملي بالإفراج عنه قوي، ولكن عندما يسوء وضعي الصحي أخشى الموت قبل رؤيته'.
في أزقة مخيم قلنديا، صور أحمد، في المنزل رائحته وذكرياته، 'أحمد الكوني في هذا الصفيح الضيق المتمزق الحالم وهو الرصاص البرتقالي..البنفسجة الرصاصية، وهو اندلاع ظهيرة حاسم في يوم حرية'، هكذا قال شاعرنا درويش، ترى هل سيعود أحمد؟.
zaرشا حرزالله
عام 1978، لا يختلف كثيرا عن 2013، طوال هذه السنوات الطويلة، والحاجة حسيبة شحادة (70عاما) من مخيم قلنديا جنوب رام الله معتادة على ترقب ساعات الفجر بشغف، لتحمل تصريح الزيارة قاصدة زيارة أبناءها الثمانية المعتقلين في سجون الاحتلال، جميعهم تم الإفراج عنهم لاحقا إلا أحمد، حيث لا زال يقضي حكما بالمؤبد أمضى منه 28 عاما، ويقبع حاليا في سجن عسقلان.
أحمد من منعته جدران السجن أن يكبر طفولته على صدر أمه، ليشيب على برد زنزانته وقساوة جدرانها، ورغم مرور سنين طويلة على اعتقاله غير أن ذاكرة حسيبة لا زالت تسعفها على تذكر اقتحام جنود الاحتلال غرفة احمد، ألبسوا وجهه الغطاء الأسود، قيدوه بالسلاسل، خرج في ذلك اليوم ولا زالت والدته تتزود بأمل اسمه 'الحرية'.
تصول عيناها الغائرتان وتجول على صوره المعلقة على جدران المنزل، وفي أزقة المخيم، تمتلئ مآقي عيونها بلوعة الفقدان، تلمس براحة يدها آخر صورة جمعتها به في السجن، قبل أن يقف المرض حائلا بينهما، يبقيها حبيسة المنزل، غير قادرة على تحمل مشقات السفر عبر الحافلات.
'العديد من أمهات الأسرى كن يرافقنني لزيارة أبنائهن، جميعهن تذوقن فرحة الإفراج عن فلذات أكبادهن، وأنا اللوعة لا زالت تنهش قلبي'، قالت شحادة.
خمس دقائق من الصمت، تموج الذكريات الشحيحة في رأسها، ويذهب بها الحنين إلى سنين طويلة خلت قائلة:' ذكرياتي مع أحمد قليلة، اعتقل وعمره 21 عاما، واليوم عمره 51 عاما، من يمكنه أن يحتمل فكرة انتظار عودة غائب طوال هذه السنين الطويلة، كبرنا على الألم وسنموت في الحسرة'.
سلخت المأساة ضحكاتها، لتخدش دمعتها الخرساء الوجنتين المتجعدتين متحدثة حول أخر مرة رأت فيها ابنها أحمد: 'رأيته قبل ثلاثة أعوام من وراء الزجاج، كنت أحضر الكلام الذي سأقوله له في الليل، وعندما أراه، أنسى كل شي، لا أتفوه بكلمة، أبقى في حالة شرود، أقول له أريد أن تمتلئ عيناي بصورتك يما، توسلني عبر التلفون المخصص لأهالي الأسرى أن أسمعه صوتي، ولا أستطيع!'.
ابتسامة خافتة اعتلت محياها، بعدما تذكرت كيف كانت تتنقل في اليوم الواحد بين خمسة سجون مختلفة، حينما كان أبناؤها أسرى' ست سنوات وأنا على هذه الحالة، غير أن التعب يتلاشى بمجرد رؤيتهم'، قالت شحادة.
وأضافت: 'زوجة ابني أنجبت طفلا، حملته بين ذراعي، تذكرت أحمد، تساءلت في نفسي هل يمكن أن أرى طفله يوما ما؟، لم أستطع البكاء، في اليوم ذاته أصبت بالجلطة، لكن أملي بالإفراج عنه قوي، ولكن عندما يسوء وضعي الصحي أخشى الموت قبل رؤيته'.
في أزقة مخيم قلنديا، صور أحمد، في المنزل رائحته وذكرياته، 'أحمد الكوني في هذا الصفيح الضيق المتمزق الحالم وهو الرصاص البرتقالي..البنفسجة الرصاصية، وهو اندلاع ظهيرة حاسم في يوم حرية'، هكذا قال شاعرنا درويش، ترى هل سيعود أحمد؟.