الإنجاز والإخفاق في قرار دمج مجموعات من القرى الفلسطينية
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد ابو الريش- "لم يتجاوز ما حققه قرار الدمج، تشييد مقرٍ للبلدية (المشتركة) يتألف من 4 طوابق، يحتوي 25 مكيفاً، ومصعداً هو الاول في المنطقة.." قال الرئيس السابق لمجلس قروي فقوعة، محمود أبو الدخان، بنوع من السخرية المرة تعقيبا على ما حققته عملية دمج 10 قرى في محافظة جنين (قريته- فقوعة، واحدة منها)، ضمن توجه باشرته وزارة الحكم المحلي الفلسطينية قبل ثلاث سنوات، لتوحيد مجموعات من القرى ودمجها في مجالس مشتركة.
ورغم مضى ثلاث سنوات، على قرار وزارة الحكم المحلي سالف الذكر، إلا أن الجدل حول هذا القرار وتداعياته واثاره لم تتوقف، الأمر الذي وصل برفض سكان بعض القرى التي شملها القرار، الى رفضهم التعامل مع الهيئات التي تم دمجها، فيما استقال ممثلو هيئات اخرى.
واتخذت الوزارة عام 2010، قرارا بدمج بعض الهيئات المحلية في الضفة الغربية، وذلك بهدف تنمية قدراتها، وتنظيم تقديم الخدمات لسكانها، وتحسين جباية الضرائب، كما تقول، فيما يقول أهالي بعض التجمعات السكانية التي شملتها عملية الدمج بأن القرار يصادر حقهم في الاستقلالية، ويبررون رفضهم القرار بأن الوزارة، وعدتهم بـ"سيل" من المشاريع التنموية، في حال تنفيذ قرار الدمج، الامر الذي لم يحدث، كما أكدوا في أحاديث منفصلة لـدوت كوم. أهالي قرية فقوعة في محافظة جنين، يرفضون قرار الدمج، ورفعوا قضية ضد ذلك في المحكمة العليا، حيث يقول الرئيس السابق لمجلس قروي فقوعة، محمود أبو الدخان: " القرية موحدة في رفض قرار دمجها ضمن بلدية مرج ابن عامر، التي تضم 10 قرى، هي: دير ابو ضعيف، فقوعة، الجلمة، جلبون، عرانة، دير غزالة، عربونة، بيت قاد الشمالي، بيت قاد الجنوبي، وقرية عابا الشرقية ".
ويرى أبو الدخان، أن قرار الدمج ضاعف الأعباء على سكان القرية، فالمعاملات اليومية للمواطنين، باتت بحاجة إلى رحلة طويلة لاتمامها، خاصة وان مركز البلدية الجديدة في بيت قاد الشمالي، ولا يوجد خط للمواصلات بينهما، ما يضطر المواطنين لاستئجار سيارات لاتمام معاملاتهم هناك".
واضاف:" خدمات النظافة تراجعت كثيرا في البلدة، كما تم رفع سعر تكلفة التيار الكهربائي على سكان القرية" مشيرا إلى أن وزارة الحكم المحلي وعدت بتقديم مشاريع تنموية في القرية حال تم الدمج، إلا أنه " لم ينفذ منها سوى 10%".
وقال: المجلس القروي لم يوافق على القرار (الدمج)، و" الوزارة تشاورت مع عدد قليل من سكان القرية، ووعدتهم بتنفيذ مشاريع في حال الدمج".
ويرى ان قرار وزارة الحكم المحلي، "فشل" بدليل فشل أعضاء الهيئات المدمجة في بلدية مرج بن عامر، في انتخاب رئيس لمجلس البلدية، ما دفع الوزارة إلى "تعيين موظف في الوزارة كرئيس للبلدية".و يشير الى ان ما حققته عملية الدمج التي شملت قريته وعدة قرى اخرى لم يتجاوز تشييد "مبنى للبلدية (المشتركة) يتألف من 4 طوابق، ويحتوي 25 مكيفاً، ومصعداً هو الاول في المنطقة.. لكن ليس هذا ما يحتاجه السكان".
وليست قرية فقوعة غير واحدة من 12 تجمعا، يرى سكانها في قرار الدمج "ظلما لهم"، خاصة فيما يتعلق بتوزيع المشاريع التنموية.
ويقول اياد الرجوب من قرية "الكوم " بمحافظة الخليل، وهي واحدة من القرى التي طالها قرار الدمج في تلك المنطقة بأن بلدية "الياسرية" التي تضم الهيئات المحلية: دير سامت، والكوم، وبيت عوا، "هَضمت حق التجمعات الصغيرة، وبالاخص تجمع الكوم، الذي بات يفتقر للمياه، التي كانت تصل سكانه من قبل الدمج لمدة 30 ساعة أسبوعيا، وهو ما انخفض الان إلى 13 ساعة، بحجة ان تعداد السكان هو الاقل من بين الهيئات الثلاث".
واوضح الرجوب ان "المشاريع التي تصل للبلدية لا توزع وفق الاحتياجات، وانما وفقا لعدد السكان، كما ان 13 من أصل 15 عضواً، قدموا استقالتهم، وبقي فقط رئيس البلدية، وهو موظف في الحكم المحلي، اضافة الى عضوين آخرين" مشيرا الى أن "العلاقات بين هذه التجمعات، أصبحت متوترة بعد عملية الدمج، بعد أن كانت في السابق مترابطة بعلاقات وطيدة".
وقال:" على سبيل المثال فان نسبة جباية الكهرباء في بلدة بيت عوا، تبلغ 15% فقط اضافة الى خطوط الكهرباء المسروقة، اما تجمع الكوم، فان نسبة الجباية فيه تصل الى 90 %، والعجز الواقع على البلدية تتم تغطيته من الهيئات الثلاث المدمجة، وذلك من خلال رفع سعر تعرفة الكهرباء".
وأشار إلى أن تجمع "الكوم" اوقف التعامل مع البلدية، عقب ما وصفه "تفاقم المشاكل فيها، حيث رفض سكان التجمع تلقي الخدمات او دفع المستحقات".
من جانبه قَلل الوكيل المساعد لشؤون الهيئات المحلية في وزارة الحكم المحلي، عبد الكريم سدر، من المشاكل الناجمة عن قرار دمج الهيئات المحلية، وقال في حديث لـ دوت كوم، بأنها (المشاكل) "تنحصر في 12 تجمعا سكانيا من أصل أكثر من 100 هيئة محلية طالها قرار الدمج" وهذه اشارة اخرى على نجاح العملية.
ويرى سدر ان المشاكل التي تواجه عددا من الهيئات المحلية هي "آثار جانبية ولا تعني فشل الفكرة، انما يجب معالجة المشاكل"، مؤكدا على "ضرورة التمييز بين المشاكل التي نجمت عن الدمج، والتي يمكن حلها، وبين إلغاء فكرة الدمج بشكل تام بسبب هذه المشاكل".
وقال:" الاثار الناتجة عن الدمج لا تعني ان الدمج سلبي، لكن اي ظلم وقع على بعض التجمعات فنحن جاهزون لحله".
وأوضح سدر أن "عدد الهيئات المحلية قبل الدمج كان 483 هيئة، حيث لا يوجد في 75% منها مهندس تنظيم، او مستشار قانوني، ولا محاسب، و6% منها لا يملك سوى موظفين جباية، ومنها و 40 % من هذه الهيئات، تعتمد كليا على المساعدات التي تقدمها السلطة الفلسطينية، حيث انهم لا يقوموا سوى بجباية فواتير الماء والكهرباء". مشيرا الى ان استراتيجية الوزارة في هذا المجال، تقوم على "دمج التجمعات الصغيرة الى تجمع أكبر، وتحويل العديد من التجمعات السكانية خلف الجدار إلى مجالس قروية، (تعتبر نائية)، لتحصل على مشاريع تنموية، وبهذا الشكل تتوفر الامكانيات الفنية في كافة التجمعات".
وحسب وزارة الحكم المحلي فان عدد الهيئات المحلية تقلص بعد الدمج من 483 الى 378 هيئة.