قرن في عشق الأرض
بيت لحم- الف - بهدوء مبالغ فيه، ولا يتناسب مع شخصية بطل تراجيدي، كأنه خارج من الملاحم الاغريقية، رحل الحاج إبراهيم عطا الله، بعد ان اكمل القرن، في المكان الذي ارتبط به، وهو خربة زكريا، او بيت سكاريا، ودُفن بجوار مقام النبي زكريا، بعد ان دَفن خلال رحلة العمر الطويلة، والصعبة، ابناءه، بيديه في الارض التي فشلت سلطات الاحتلال من اقتلاعه منها.
تعرضت بيت سكاريا، ومجموعة قرى مجاورة، نسي الناس اسماءها، الى عملية تطهيرٍ عرقي، بعد الاحتلال الحزيراني عام 1967، وتدميرٍ أدى إلى تشريد سكانها، لإقامة مجمع عتصيون الاستيطاني، وهو أكبر مجمعٍ استيطاني إسرائيلي يحد القدس الكبرى وفقاً للمفهوم الإسرائيلي من ناحية الجنوب، وتعتبر إسرائيل الاستيطان فيه هدفاً استراتيجياً، وكان المكان الاول الذي انطلقت فيه موجة الاستيطان بعيد حرب حزيران 1967، من قبل جيل جديد من المستوطنين، بقيادة حنان بورات.
لم يمتلك الحاج عطا الله، وعيا سياسيا، وفقا للمفهوم التقليدي في الساحة الفلسطينية، ولم ينتم لأحزاب وفصائل، ومع ذلك، وربما بسببه، قاد عملية الصمود الاسطورية، في منطقته، واصبح منزله وسط مجمع عتصيون الاستيطاني، ولم يبْقَ للحاج إبراهيم وأبنائه وأحفاده غير (75) دونماً من أصل 725، كان يمتلكها.
ومنذ الثلاثينيات من القرن الماضي وضعت المنظمات الصهيونية نواة مستوطنة كفار عتصيون في المنطقة وتوسعت المستوطنة حتى عام 1948 حيث وقعت معركة شهيرة عُرِفت بمعركة كفار عتصيون، وهي من المعارك التي انتصر فيها المقاومون الفلسطينيون والعرب، وأفراد من الجيوش النظامية التي دخلت فلسطين وتمردت على أوامر القيادات، وفي الهزيمة الكبرى عام 1967 نفذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمليات تشريدٍ وهدمٍ كبيرة في قرى المنطقة، طالت السكان والمباني والمدارس، وبدأت مشروعاً كبيراً تم خلاله بناء ما أصبح يُعرَف بمجمع عتصيون الاستيطاني، وتم تهويد كل شيء في المكان من ينابيع المياه إلى الأشجار، التي أطلق عليها أسماء يهودية.
ورفض الشيخ إبراهيم الخروج من أرضه عام 1967، وبقِيَ في ما تبقى من منازل العائلة وأرضه. بالقرب من مقام النبي زكريا، وهو مسجد إسلامي.
في لقاء سابق مع مراسلنا روى الحاج إبراهيم: "رغم أجواء الإرهاب التي رافقت الحرب وتشريد السكان وهدم البيوت والمدارس إلا أنني قررت أنْ أبقى مهما كان الثمن، وبعد أسبوعين من الاحتلال مسح الاسرائيليون الأرض وطلبوا مني الخروج وإلا فإنهم سيهدمون البيوت على رأسي ورؤوس عائلتي، وأكدوا أن وجودي يشكل خطراً أمنياً في المنطقة التي اعتبروها حيوية لجيش الاحتلال، حاربتهم بكل السبل وتوجهت إلى رئيس بلدية الخليل آنذاك محمد علي الجعبري وطلبت منه التدخل لمنع الاحتلال من إخراجي من أرضي".
رتب محمد علي الجعبري، لقاءً جمعه والحاج إبراهيم ورؤساء بلديات فلسطينية مع وزير الحرب الإسرائيلي المنتصر موشيه ديان الذي أبدى استعداد الاحتلال إعطاء الشيخ إبراهيم وعائلته بيوتاً وأرضاً بديلاً من أرضهم، "لأن الجيش الإسرائيلي يحتاج لهذه الأرض"، ورفض الشيخ إبراهيم ذلك بشدة.
وصمد الحاج إبراهيم، وبنى نواة لتجمع عربي، يضم نحو 80 فرداً من أبنائه وأحفاده، يعيشون في ظروفٍ صعبة دون خدمات، وخاض عدة معارك قانونية ضد سلطات الاحتلال عطلت نسبياً إزاحته من المنطقة.
ومُنِع الشيخ إبراهيم من البناء، وحتى أن سلطات الاحتلال هدمت مئذنة الجامع المبني فوق مقام النبي زكريا ثلاث مرات، وتمنع رفع الاذان، لعدم "ازعاج المستوطنين"، الذين كانوا يصابون بالدهشة، عندما ينطلق صوت الاذان، فيهرع جنود الاحتلال، فلا يجدون مكبرات للصوت على سطح المسجد، وبقي رفع الاذان رغما عن الاحتلال سرا، حتى رحيل عطا الله يوم الخميس الماضي، والذي كان حريصا على اقامة الصلوات الخمس في الجامع، وكان يقول: "أعتبر نفسي خادماً للنبي زكريا وإذا أخرجوني مِن هنا مَن سيبقى لنبي الله زكريا؟"، وخرج الحاج ابراهيم من الحياة، وامله ان يواصل الابناء والاحفاد طريقه، وعدم ترك (النبي زكريا) وحيدا.
ورفض الحاج إبراهيم خلال مسيرة الصمود عروضاً إسرائيلية بملايين الدولارات لبيع أرضه وعُرِض عليه الحصول على الهوية الإسرائيلية، ورفض متمسكاً بأن أرضه هي جزءُ من الأراضي العربية التي احتُلت عام 1967، ويجب أنْ تعود لأصحابها الأصليين، وتحمل طوال سنوات عمليات الهدم والمصادرة وحرق المنازل والاعتقالات وغيرها من ممارسات.
لم يكتف الاسرائيليون بسرقة ارضه، ولكن ايضا سرقوا ميراثه الثقافي، كبلوطة اليرزا، التي حولها المستوطنون الى معلم سياحي، ياتيه اليهود من شتى انحاء المعمورة، اصبح كل شيء حول الحاج ابراهيم، وما اكثر الاشياء التي تنطق بروعة المكان، يحمل اسماء توراتيه، او عبرنتها وتجريدها من اسمها العربي، مثل عين (ابو كليبة) التي يسميها المستوطنون (عين كالب)، ولا تذكر المنشورات التي تصدر عن (مركز الزوار) في المجمع الاستيطاني، الذي يستقبل السياح من الداخل والخارج، اية اشارة الى الحاج عطا الله ومجتمعه الفريد، الذي يبدو انه موجود في القرون الوسطى، بينما (جيرانه) من المستوطنين، يعيشون في القرن الواحد والعشرين، وفقا لأكثر المقاييس العالمية رفاهية.
يعتبر الإسرائيليون مجمع عتصيون الاستيطاني من المستوطنات الاستراتيجية ويخططون لتكون جزءً من مشروع (القدس الكبرى)، وكل زعيمٍ إسرائيلي يصل إلى الحكومة يزور هذا التجمع الاستيطاني الضخم ويعلن عن مشاريع بناءٍ فيه. وفي قمة كامب ديفيد عام 2000، التي ضمت الرئيس الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك، طرح المفاوضون الإسرائيليون ضم هذا التجمع الاستيطاني إلى إسرائيل في عملية استبدال أراضٍ، وهو ما طُرِح كثيراً منذ بدء ما يُعرَف بعملية السلام.
وكان مسؤول فلسطيني، أعلن في إحدى المرات موافقة السلطة على عملية استبدال الأراضي وضم تجمع عتصيون إلى إسرائيل، ولم يكنْ يعلم هذا بقصة كفاح إبراهيم عطا الله الذي تجند ضد المواقف التي أعلنها المسؤول الفلسطيني، مما اضطر الأخير إلى التراجع عن تصريحاته، وأدتْ إلى أنْ يفقد الحاج إبراهيم أي ثقةٍ بالمسؤولين الرسميين وبجديتهم في مساندة الصامدين في أرضهم، وواجه كثيراً وزراء وناشطين قدِموا إلى المنطقة في عمليات تضامنٍ شكلية بصحبة كاميرات التلفزة، أسمعوه خطابات نارية عن الصمود.
وفي سنواته الاخيرة، امضى الحاج عطا الله، معظم وقته في غرفة صغيرة مغطاة بالصفيح، مهددة بالهدم، يستقبل فيها زواره، وفي كثيرٍ من المرات يكونون من السفراء والقناصل الأجانب، الذين يأتون للوقوف على الظروف التي يعيش فيها الشيخ إبراهيم الذي تحول إلى أسطورة صمود فلسطينية في وجه قوةٍ كبيرة عاتية.
وشهد المكان موقفا مؤثرا، لدى زيارة توني بلير، باسم الرباعية الدولية، يوم 13-3-2009، نزل بلير على قدميه، وتصاغر الى الكرسي المتواضع الذي يجلس عليه الحاج عطا الله، الذي هدته السنوات، وبقي صامدا، ليستمع الى حكايته او جزء منها.
لقد تصاغر بلير، للحاج عطا الله، وبعد ان استمع اليه، لم ينطق بأية كلمة، ربما تعاطف معه بشكل شخصي، ولكنه لم يعلن موقفا سياسيا.
رحل الحاج عطا الله، عن عمر مائة عام، ولم يشارك في جنازته، المسؤولون، والوزراء الذين كانوا يصلون الى موقعه "المحرر" وسط المجمع الاستيطاني، لالتقاط الصور، وارسال الاخبار للصحف ووسائل الاعلام المحلية، التي تنشر بدون أي تدقيق، اخبار العلاقات العامة، وكأنها افعال مقاومة، وهو ما كان يضايق الحاج ابراهيم، الذي لم تنعه القوى الوطنية والاسلامية، واكتفى احفاده بإصدار ملصق له، اعلنوا فيه رحيله.
تعرضت بيت سكاريا، ومجموعة قرى مجاورة، نسي الناس اسماءها، الى عملية تطهيرٍ عرقي، بعد الاحتلال الحزيراني عام 1967، وتدميرٍ أدى إلى تشريد سكانها، لإقامة مجمع عتصيون الاستيطاني، وهو أكبر مجمعٍ استيطاني إسرائيلي يحد القدس الكبرى وفقاً للمفهوم الإسرائيلي من ناحية الجنوب، وتعتبر إسرائيل الاستيطان فيه هدفاً استراتيجياً، وكان المكان الاول الذي انطلقت فيه موجة الاستيطان بعيد حرب حزيران 1967، من قبل جيل جديد من المستوطنين، بقيادة حنان بورات.
لم يمتلك الحاج عطا الله، وعيا سياسيا، وفقا للمفهوم التقليدي في الساحة الفلسطينية، ولم ينتم لأحزاب وفصائل، ومع ذلك، وربما بسببه، قاد عملية الصمود الاسطورية، في منطقته، واصبح منزله وسط مجمع عتصيون الاستيطاني، ولم يبْقَ للحاج إبراهيم وأبنائه وأحفاده غير (75) دونماً من أصل 725، كان يمتلكها.
ومنذ الثلاثينيات من القرن الماضي وضعت المنظمات الصهيونية نواة مستوطنة كفار عتصيون في المنطقة وتوسعت المستوطنة حتى عام 1948 حيث وقعت معركة شهيرة عُرِفت بمعركة كفار عتصيون، وهي من المعارك التي انتصر فيها المقاومون الفلسطينيون والعرب، وأفراد من الجيوش النظامية التي دخلت فلسطين وتمردت على أوامر القيادات، وفي الهزيمة الكبرى عام 1967 نفذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمليات تشريدٍ وهدمٍ كبيرة في قرى المنطقة، طالت السكان والمباني والمدارس، وبدأت مشروعاً كبيراً تم خلاله بناء ما أصبح يُعرَف بمجمع عتصيون الاستيطاني، وتم تهويد كل شيء في المكان من ينابيع المياه إلى الأشجار، التي أطلق عليها أسماء يهودية.
ورفض الشيخ إبراهيم الخروج من أرضه عام 1967، وبقِيَ في ما تبقى من منازل العائلة وأرضه. بالقرب من مقام النبي زكريا، وهو مسجد إسلامي.
في لقاء سابق مع مراسلنا روى الحاج إبراهيم: "رغم أجواء الإرهاب التي رافقت الحرب وتشريد السكان وهدم البيوت والمدارس إلا أنني قررت أنْ أبقى مهما كان الثمن، وبعد أسبوعين من الاحتلال مسح الاسرائيليون الأرض وطلبوا مني الخروج وإلا فإنهم سيهدمون البيوت على رأسي ورؤوس عائلتي، وأكدوا أن وجودي يشكل خطراً أمنياً في المنطقة التي اعتبروها حيوية لجيش الاحتلال، حاربتهم بكل السبل وتوجهت إلى رئيس بلدية الخليل آنذاك محمد علي الجعبري وطلبت منه التدخل لمنع الاحتلال من إخراجي من أرضي".
رتب محمد علي الجعبري، لقاءً جمعه والحاج إبراهيم ورؤساء بلديات فلسطينية مع وزير الحرب الإسرائيلي المنتصر موشيه ديان الذي أبدى استعداد الاحتلال إعطاء الشيخ إبراهيم وعائلته بيوتاً وأرضاً بديلاً من أرضهم، "لأن الجيش الإسرائيلي يحتاج لهذه الأرض"، ورفض الشيخ إبراهيم ذلك بشدة.
وصمد الحاج إبراهيم، وبنى نواة لتجمع عربي، يضم نحو 80 فرداً من أبنائه وأحفاده، يعيشون في ظروفٍ صعبة دون خدمات، وخاض عدة معارك قانونية ضد سلطات الاحتلال عطلت نسبياً إزاحته من المنطقة.
ومُنِع الشيخ إبراهيم من البناء، وحتى أن سلطات الاحتلال هدمت مئذنة الجامع المبني فوق مقام النبي زكريا ثلاث مرات، وتمنع رفع الاذان، لعدم "ازعاج المستوطنين"، الذين كانوا يصابون بالدهشة، عندما ينطلق صوت الاذان، فيهرع جنود الاحتلال، فلا يجدون مكبرات للصوت على سطح المسجد، وبقي رفع الاذان رغما عن الاحتلال سرا، حتى رحيل عطا الله يوم الخميس الماضي، والذي كان حريصا على اقامة الصلوات الخمس في الجامع، وكان يقول: "أعتبر نفسي خادماً للنبي زكريا وإذا أخرجوني مِن هنا مَن سيبقى لنبي الله زكريا؟"، وخرج الحاج ابراهيم من الحياة، وامله ان يواصل الابناء والاحفاد طريقه، وعدم ترك (النبي زكريا) وحيدا.
ورفض الحاج إبراهيم خلال مسيرة الصمود عروضاً إسرائيلية بملايين الدولارات لبيع أرضه وعُرِض عليه الحصول على الهوية الإسرائيلية، ورفض متمسكاً بأن أرضه هي جزءُ من الأراضي العربية التي احتُلت عام 1967، ويجب أنْ تعود لأصحابها الأصليين، وتحمل طوال سنوات عمليات الهدم والمصادرة وحرق المنازل والاعتقالات وغيرها من ممارسات.
لم يكتف الاسرائيليون بسرقة ارضه، ولكن ايضا سرقوا ميراثه الثقافي، كبلوطة اليرزا، التي حولها المستوطنون الى معلم سياحي، ياتيه اليهود من شتى انحاء المعمورة، اصبح كل شيء حول الحاج ابراهيم، وما اكثر الاشياء التي تنطق بروعة المكان، يحمل اسماء توراتيه، او عبرنتها وتجريدها من اسمها العربي، مثل عين (ابو كليبة) التي يسميها المستوطنون (عين كالب)، ولا تذكر المنشورات التي تصدر عن (مركز الزوار) في المجمع الاستيطاني، الذي يستقبل السياح من الداخل والخارج، اية اشارة الى الحاج عطا الله ومجتمعه الفريد، الذي يبدو انه موجود في القرون الوسطى، بينما (جيرانه) من المستوطنين، يعيشون في القرن الواحد والعشرين، وفقا لأكثر المقاييس العالمية رفاهية.
يعتبر الإسرائيليون مجمع عتصيون الاستيطاني من المستوطنات الاستراتيجية ويخططون لتكون جزءً من مشروع (القدس الكبرى)، وكل زعيمٍ إسرائيلي يصل إلى الحكومة يزور هذا التجمع الاستيطاني الضخم ويعلن عن مشاريع بناءٍ فيه. وفي قمة كامب ديفيد عام 2000، التي ضمت الرئيس الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك، طرح المفاوضون الإسرائيليون ضم هذا التجمع الاستيطاني إلى إسرائيل في عملية استبدال أراضٍ، وهو ما طُرِح كثيراً منذ بدء ما يُعرَف بعملية السلام.
وكان مسؤول فلسطيني، أعلن في إحدى المرات موافقة السلطة على عملية استبدال الأراضي وضم تجمع عتصيون إلى إسرائيل، ولم يكنْ يعلم هذا بقصة كفاح إبراهيم عطا الله الذي تجند ضد المواقف التي أعلنها المسؤول الفلسطيني، مما اضطر الأخير إلى التراجع عن تصريحاته، وأدتْ إلى أنْ يفقد الحاج إبراهيم أي ثقةٍ بالمسؤولين الرسميين وبجديتهم في مساندة الصامدين في أرضهم، وواجه كثيراً وزراء وناشطين قدِموا إلى المنطقة في عمليات تضامنٍ شكلية بصحبة كاميرات التلفزة، أسمعوه خطابات نارية عن الصمود.
وفي سنواته الاخيرة، امضى الحاج عطا الله، معظم وقته في غرفة صغيرة مغطاة بالصفيح، مهددة بالهدم، يستقبل فيها زواره، وفي كثيرٍ من المرات يكونون من السفراء والقناصل الأجانب، الذين يأتون للوقوف على الظروف التي يعيش فيها الشيخ إبراهيم الذي تحول إلى أسطورة صمود فلسطينية في وجه قوةٍ كبيرة عاتية.
وشهد المكان موقفا مؤثرا، لدى زيارة توني بلير، باسم الرباعية الدولية، يوم 13-3-2009، نزل بلير على قدميه، وتصاغر الى الكرسي المتواضع الذي يجلس عليه الحاج عطا الله، الذي هدته السنوات، وبقي صامدا، ليستمع الى حكايته او جزء منها.
لقد تصاغر بلير، للحاج عطا الله، وبعد ان استمع اليه، لم ينطق بأية كلمة، ربما تعاطف معه بشكل شخصي، ولكنه لم يعلن موقفا سياسيا.
رحل الحاج عطا الله، عن عمر مائة عام، ولم يشارك في جنازته، المسؤولون، والوزراء الذين كانوا يصلون الى موقعه "المحرر" وسط المجمع الاستيطاني، لالتقاط الصور، وارسال الاخبار للصحف ووسائل الاعلام المحلية، التي تنشر بدون أي تدقيق، اخبار العلاقات العامة، وكأنها افعال مقاومة، وهو ما كان يضايق الحاج ابراهيم، الذي لم تنعه القوى الوطنية والاسلامية، واكتفى احفاده بإصدار ملصق له، اعلنوا فيه رحيله.