صدمة وحزن يخيمان على عائلات ضحايا رحلة "الموت"
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عاشت بلدة قباطية ساعات عصيبة وهي تترقب الأنباء عن أبنائها الذين ذهبوا لأداء العمرة في الديار الحجازية، وهي تتلقى لحظة بلحظة انباء مصرع أربعة من عائلة حنايشة قضوا خلال "رحلة الموت" على مشارف الوطن.
وبصعوبة كبيرة استطاع الحاج السبعيني أحمد عبد الرحمن حنايشة من قباطية أن يهمس بكلمات عقّب من خلالها على مصابه الجلل، قائلا: "اللهم ارحمهم وأجعلهم من اهل الجنة واجعلنا من المتقين"، ومن ثم غار في صمت سرعان ما قطعه عويل وبكاء مرير.
الحاج أحمد فقد أربعة من عائلته في حادث حافلة المعتمرين الفلسطينيين داخل الاراضي الاردنية هم: شقيقه بسام وشقيقته بها وزوجة احد اشقائه رسمية أمين وابنة عمه ربحية قاسم.
وفي المنزل المتواضع توافد أهالي قباطية ليشدوا من أزر العائلة الثكلى بأبنائها الأربعة، وبدت آثار الصدمة والحزن على محيا الجميع لا سيما وأن جنين فقدت 15 من ابنائها الذين ذهبوا في رحلة العمرة، وسيعودون في أكفان محمولين على الأكتاف، دون أن تصل مياه زمزم التي حملوها إلى احبائهم وذويهم.
يقول اللواء الحاج أديب حنايشة قريب الضحايا، تلقينا الخبر وسط صدمة كبيرة، وتارة كنا نصدق وتارة أخرى نكذب ما يصلنا من أنباء، حتى تلقينا الخبر اليقين من أحد أقاربنا بالأردن الذي توجه إلى مكان الحادث ورأى بأم عينيه الضحايا.
بينما قال وائل حنايشة من أقارب الضحايا، إن الأمر وصل ببعض أقاربنا إلى رفض تصديق النبأ، وقرروا الذهاب إلى الأردن ليقفوا بأنفسهم على الحقيقة الصعبة.
جنين انشغلت منذ صباح السبت في خبر الحادث "المشؤوم" وخيمت أجواء الحزن على المدينة الوادعة، وانبرى الناس في استقصاء الانباء من كل المصادر ليتعرفوا على الضحايا ويقفوا على تفاصيل ما جرى، ولم يقتصر الأمر على الأقارب فقط بل الجميع كان يتابع ويتعرف على تفاصيل ما جرى.
يقول محمد نغنغية لـ معا ترى الحزن الكبير على وجوه المواطنين، لم يتصور أي شخص مثل هذه "الفاجعة" وأن من توجهوا للعمرة لن يعودا إلا جثثا هامدة.
وفي منطقة المراح بمدينة جنين، توافد المواطنون إلى بيت محمود مقبل بعد انتشار نبأ وفاة والدته صفية وشقيقته آمال في الحادث.
يقول محمود "حتى اللحظة لا أصدق الخبر، كانت والدتي وشقيقتي قبل أيام بيننا والآن تعودان إلينا على النعش، وبدلا من استقبالهن مهنئين بأدائهن للعمرة نستقبلهن بالدموع والحزن.. وأكثر من يفطر القلب أنهن ماتتا بعيدتن عن العين".
ويضيف محمود والدتي صفية تذهب إلى العمرة سنويا منذ عام 1992 ولا تحب أن يرافقها إلا شقيقتي آمال- ( 52 عاما) أم لستة أبناء- فوالدتي متعلّقة بآمال ولا تحب الذهاب إلى العمرة إلا برفقتها".
ويستحضر محمود وهو يروي لـ معا اللحظات التي سبقت ذهاب والدته وشقيقته إلى العمرة، قائلا: "قبل يوم من سفر أمي إلى الاراضي الحجازية جمعت ابناءها العشرة- سبع بنات وثلاثة ذكور- على وجبة غداء وكانت فرحة بتوجهها إلى العمرة وقالت للجميع يبدو أن هذه ستكون آخر سنة اتوجه فيها للعمرة، فربما في العام القادم لن اتمكن من الحركة لاني تجاوزت الثمانين من العمر، وربما انتقل الى رحمة الله".
ويضيف "والدتي في ذلك اليوم مازحت الجميع وأحساسنا أنها لم تكن طبيعية وكأنها تودعنا، حتى انها تمنت الموت عند الكعبة المشرفة أو المسجد النبوي الشريف وأن تدفن هناك"
أما بشأن شقيقته فيقول "آمال كانت متخوفة من التوجه إلى العمرة وكأنها شعرت أن مكروها سيصيبها أو يصيب والدتها، وكانت خلال وجودها في الاراضي الحجازية تتصل على عائلتها وأشقائها في اليوم أربع أو خمس مرات لتطمئن على الجميع وهذه أول مرة تفعلها آمال وكأنها كانت تشعر أن الموت ينتظرها في الأردن".
ويقول محمود تلقينا الخبر أولا بوفاة والدتي، فعندما سمعنا عبر وسائل الاعلام أن حافلة تقل معتمرين من الضفة الغربية اتصلت على جوال والدتي ليرد أحد المتواجدين في مكان الحادث ربما كان شرطيا أو أحد أفراد الاجهزة الامنية ليقول لنا إن صاحبة هذا الجوال توفيت.
وأضاف اتصلنا على شقيقتي القاطنة في الاردن ليتوجه أبناؤها إلى مكان الحادث ويخبرونا بوفاة والدتي وشقيقتي أيضا، ونحتسب ذلك عند الله لأن الحادث والوفاة قضاء وقدر.
وينتظر أهالي محافظة جنين يوم غد لاستقبال جثامين الضحايا من اجل تكريمهم ودفنهم من خلال مراسيم رسمية وشعبية، حيث من المتوقع أن تصل الجثمانين عند الساعة العاشرة تقريبا من صباح الغد، وتنطلق مراسيم الدفن من مستشفى جنين الحكومي باتجاه مسقط رأس الضحايا لمواراتهم الثرى".
عن معا