بكدار : أموال المانحين استخدمت للابتزاز السياسي وتوقعات بتفاقم الأزمة المالية
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
sh كشف التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار" اليوم الإثنين، عن ارتفاع في نسبة البطالة، وتراجع في قطاع الزراعة، وانخفاض في الاستثمار، واستمرار الاحتلال في وضع معيقات أمام التنمية خلال العام الماضي.
التقرير الذي تناول قياس أداء الاقتصاد الفلسطيني للعام 2012، ومن المتوقع صدوره خلال الأيام المقبلة، أشار إلى أن أهم ما شهده العام المنصرم هو أن أموال المانحين استخدمت للابتزاز السياسي، وتمثل ذلك بامتناع الكونغرس عن دفع المساعدات للسلطة الوطنية، والإجراءات الإسرائيلية المتمثلة بعدم تحويل أموال الضرائب المستحقة، موضحا أن أموال المانحين لم تساهم في توسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني، لأن معظمها يذهب إلى الرواتب.
وتضمن التقرير مراجعة للتقارير الدولية الصادرة بشأن أداء الاقتصاد الفلسطيني، واصفا إياها بالوصفية، وتفتقد لاقتراحات عملية الخروج من الأزمة، منوها إلى أن معظم هذه التقارير لا تحمّل الاحتلال والمعيقات التي يفرضها على الاقتصاد الفلسطيني وعلى موارده الطبيعية المسؤولية عن عدم قدرة السلطة الوطنية على إدارة عملية التنمية.
وأشار، إلى أن عام 2012 لم يحمل أي جديد بخصوص الاستقرار المالي للسلطة الوطنية والذي ما زال غائبا، حيث لم تفلح السياسة المالية المتبعة لزيادة الإيرادات المحلية من قبل السلطة الوطنية في تخفيف الأزمة المالية التي تواجهها، وبقي دور المساعدات الخارجية المقدمة للسلطة أساسيا وأمرا حيويا لديمومتها، كما لم تتمكن السياسات المالية المتبعة من تقليص الفجوة بين الإيرادات العامة والنفقات العامة، ما يشير إلى عجز السلطة الوطنية على إمكانية التغلب على هذه الأزمة بمفردها.
وأوصى التقرير الحكومة أن تراجع أدائها الاقتصادي في القضايا المتعلقة بالاقتصاد والمالية العامة، مضيفا أنه لا بد من وجود مرجعية تراقب أداءها، متوقعا أن الأزمة ستتعمق خلال العام الجاري، رغم الانفراج في الأشهر الستة الأولى، حيث إنه من المتوقع أن تشهد الأشهر الستة الأخيرة الأزمة المالية ذاتها التي واجهتها خلال العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن امتناع إسرائيل عن صرف مستحقات المقاصة لشهري تشرين الثاني وكانون الأول من عام 2012 فاقم من حدة الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الوطنية، وتحديدا خلال الربع الرابع من العام الماضي، الأمر الذي عمّق من أزمة السيولة التي تواجهها أصلا، كون فاتورة المقاصة تشكل حوالي 70% من مجمل الإيرادات المحلية.
وأوضح أن معدل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي سجل ارتفاعا بنسبة 6.1% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2012، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، ما يشير إلى تضارب وعدم انسجام بين متغيرات الاقتصاد الكلي حيث ترافق هذا الارتفاع، بارتفاع في معدلات البطالة، والفقر، وحجم العجز في الميزان التجاري، ما يعكس ضعفا في قدرة السلطة في إدارة الاقتصاد الفلسطيني، وتوظيف المؤشرات الإيجابية لتعزيز القدرة الذاتية للاقتصاد الوطني.
وأظهرت المؤشرات تفاوتا في توزيع الدخل، إضافة إلى عدم استفادة كافة الشرائح الاجتماعية في الأراضي الفلسطينية من معدلات النمو التي سجلت في الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل دخل الفرد منه.
وبالنسبة لمعدلات البطالة فقد أشارت مؤشرات سوق العمل إلى ارتفاع ملحوظ للبطالة خلال العام المنصرم، حيث وصلت نسبتها إلى 24.3% مع نهاية الربع الثالث بعد أن كانت 20.9% مع نهاية العام السابق.
وعزا التقرير السبب الرئيسي لهذا الارتفاع، إلى تركيبة المجتمع الفلسطيني الفتية، حيث زادت نسبة المشاركة في القوى العاملة بنسبة أعلى من الزيادة في عدد فرص المستحدثة، ما ترك أكثر من ربع مليون شخص يبحثون عن عمل، لافتا إلى أن تركيبة المجتمع الفلسطيني تخلق تحديا آخر أمام السلطة لاستيعاب الاستمرار المتزايد في زيادة عرض قوى العمل.
وركز على البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرا، والتي أشارت إلى أن القطاع الصناعي لا يستوعب أكثر من 72 ألف عامل، بسبب صغر حجم المنشآت العاملة فيه، حيث إن أكثر من 90% من هذه المنشآت توظف أقل من 5 عمال.
وأضاف التقرير أن الممارسات الإسرائيلية حالت دون تطور الصناعات الفلسطينية التي يمكن لها أن تنافس الصناعات الإسرائيلية، وأضعفت الترابطات الأمامية والخلفية للقطاع الصناعي الفلسطيني وأجبرتها على استخدام المواد الخام الإسرائيلية والأجنبية وبنسبة تفوق 85% ما أدى إلى جعلها عرضة للتقلبات الإسرائيلية والأجنبية.
وفي قطاع الزراعة، أوضح التقرير أنه أصبح الأكثر تراجعا بسبب سيطرة إسرائيل على عناصر الإنتاج الزراعي مثل الأرض والمياه. وفي ظل تعدد القيود والعوائق المفروضة على الإنتاج والتسويق للمنتجات الزراعية الفلسطينية، غابت البرامج الزراعية الحكومية الداعمة للمزارعين خاصة أن الموازنات المقدمة للقطاع الزراعي محدودة.
كما يعاني القطاع الزراعي من تدني الإنتاجية، وتدني مستوى أجور العاملين فيه، حيث لا يزيد معدل الأجر الذي يتقاضاه المزارع عن 66% من معدل الأجر اليومي للعاملين في قطاعات الصناعة والبناء والقطاعات الأخرى، كما أن الممارسات الإسرائيلية والسيطرة على الموارد الطبيعية وتحديدا الأرض والمياه، ساعد على تفاقم حدة الأزمة التي يعانيها القطاع الزراعي وحد من تطوره.
وأشار التقرير إلى أن الميزان التجاري الفلسطيني يعاني من عجز مزمن لا تتعدى فيه نسبة الصادرات إلى الواردات 20%، ففي الوقت الذي ازدادت الواردات الفلسطينية على 4 مليارات دولار، لا يتجاوز حجم الصادرات السلعية 700 مليون دولار، ما يعكس مدى انكشاف الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الخارجي وخاصة مع إسرائيل، حيث تجاوزت الصادرات السلعية الفلسطينية للاقتصاد الإسرائيلي مع نهاية الربع الثالث من العام 2012 85% من حجمها، في حين بقيت السوق الفلسطينية سوقا واسعة لتصريف المنتجات الإسرائيلية، والتي شكلت حوالي 70% من حجم وارداتها.
وأضاف أن مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي لم تظهر أي تحسن خلال العام الماضي، بالرغم من النمو المتحقق في الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن عملية النمو معتمدة على المساعدات الخارجية من دون تنمية حقيقية ذات ديمومة.