أم اسير: أمنيتي أن ارى ابني حرا
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
تحفظ التفاصيل بالدقائق والساعات والثواني.. لا تنسى منها شيئاً... كانت لحظات عصيبة... ولحظات ألم رهيبة لا تنسى، ويكاد القلب يتمزق على ما جرى... فهول المشهد والحدث أليم جداً.
إنها أم أكثم، والدة الأسير الجريح إصرار محمد عبد الجابر البرغوثي،35 عاماً، من بلدة كوبر قضاء رام الله، والتي سارت مسيرة عذاب طويلة، بدأت من إصابة ابنها إصرار بتاريخ 26/1/2008.
تقول أم أكثم، لمركز "أحرار" لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، أنها كانت تجهز لخطبة إصرار في اليوم الذي أصيب فيه، فأخواته يجهزن الحلويات والبيت يمتلئ بأغاني وزغاريد الفرح، وإصرار انطلق لتجهيز بعض مستلزمات الحفل والخطبة، وهناك كانت المفاجأة.
كان إصرار يريد الدخول لمنطقة الرام في المدينة، وإذا بمواجهات بين شبان وجنود الاحتلال هناك، وليتعرض فجأة للإصابة بثلاث رصاصات في ساقه من النوع المتفجر( دمدم)، وليسقط أرضاً وينزف دماً، دون السماح بإسعافه، وعندما جاء حنود الاحتلال أعلنوا أنهم سيعالجونه لديهم.
وبينما تعلو أغاني الفرح في بيت الأهل... والكل سعيد... وإذا بجنود الاحتلال يقتحمون البيت ويخربونه، ويخبروهم بأنه تم اعتقال إصرار وإصابته... فتتحول الفرحة إلى حزن وانتكاسة... ويخيم الحزن على البيت... بعد أن كان يمتلئ بالفرحة والبهجة.
تقول أم أكثم... لم ندري ما وضع إصرار بالضبط... لكننا عبر المحامي كنا قد عرفنا أنه ظل فاقداً للوعي مدة 57 يوماً، وأجريت له أكثر من عشرة عمليات، وتم تزويده بأكثر من خمسين وحدة دم، فإصابته قد تسببت بتهتك العظم لديه وقطع شريانين.
وتكمل أم أكثم حديثها:" مما زاد ألمي وجنوني على إصرار، أنني لم أتمكن من زيارته في المشفى ورؤيته والاطمئنان عليه، إلا بعد أن أفاق من الغيبوبة بأسابيع، وكانت تلك الزيارة أيضاً محفوفة بالمخاطر والآلام، فلم يسمح لي الشرطي الذي كان يتواجد على باب غرفة إصرار إلا بزيارة مدتها خمسة دقائق فقط، ثم قام بطردي وإخراجي من الغرفة".
رحلة مطاردة للأم في المشفى
ظلت أم أكثم مصرة على البقاء بجانب ابنها في المشفى، توارت عن أنظار الشرطي الذي طردها من الغرفة، علها تستطيع رؤية إصرار من جديد، إلا أن الشرطي وآخرين، ظلوا يلاحقونها من مكان لآخر، وقاموا بتغيير غرفة إصرار حتى لا تعرف مكانه ولا تراه... لم تتراجع الأم وبقيت تبحث عن غرفة ابنها لكن عبثاً، فالاحتلال أصر على طردها من المشفى كله.
كانت الأسرة تتواصل مع المحامي الذي كان يزور إصرار في السجن ويخبرهم عن وضعه بالكامل، فالعائلة كانت ممنوعة من زيارته، إلى أن قررت سلطات الاحتلال بتاريخ 14/4/2008 نقله من مشفى هداسا إلى مشفى سجن الرملة، والذي هو عبارة عن مقبرة للأسرى الفلسطينيين، وهناك كان إصرار يجر قدمه المصابة وراءه.
بقي إصرار في مشفى سجن الرملة مدة سبعة أشهر، وفيها كان الأهل يترددون على زيارته بعد أن تعافى قليلاً وخرج من الموت بأعجوبة، وكانت والدته ذات مرة في زيارته هناك في مشفى الرملة، وذهلت لما رأت من سوء وضع المشفى، وعدم الاهتمام في الأسرى المرضى.
كان إصرار لا يزال يعاني آثار إصابته، وطالت فترة اعتقاله دون محاكمة، إلى أن نطق بالحكم عليه بالسجن 15 عاماً.
أم أكثم تقول لمركز "أحرار": أن وضع ابنها لا يزال صعباً، فهو لا يقوى على المشي كثيراً، ويحتاج لمشدات خاصة لقدمه، وسلطات الاحتلال ترفض إدخال تلك المشدات في مرات كثيرة، الأمر الذي يزيد الوضع صعوبة وتعقيداً.
وناشدت أم أكثم عبر المركز الحقوقي "أحرار" بعلاج ابنها ولو بأقل القليل بالسماح له بالحصول على المشدات.
فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لحقوق الإنسان قال أن مصلحة السجون الإسرائيلية لا تقدم العلاج اللازم للأسير إصرار ، كما تعتمد على سياسة المماطلة في تقديم العلاج وتعمد على المسكنات والوعودات والمواعيد