صدرت شهادة وفاته منذ 13عاماً ويجوب شوارع صانور
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عاطف أبو الرب- في البلدة القديمة وسط قرية صانور، في غرفة يفتح بابها على الشارع، على سرير مقابل للشارع، أمامه أعداد كثيرة من مجلة الإسراء، وكتب دينية، وكتاب تفسير أحلام، وبجانبها عدد من المصاحف، يجلس الحاج محمد سعيد عيسة (أبو معروف)، ابن الثمانية والثمانين عاماً.
يجلس هناك بعد ثلاثة عشر عاماً على صدور (شهادة وفاته). يمارس حياته بشكل طبيعي، ويضفي جواً من السرور على كل من يجلس ليستمع إليه.
أبو معروف يضحك عندما تسأله عن حكايته مع الموت، وعن حقيقة شهادة الوفاة التي صدرت له في السعودية. تسأله عن هذه الوثيقة التي احتفظ بها لسنوات، فيقول إنه قدمها لمديرية الشؤون الاجتماعية ضمن مجموعة وثائق لمساعدته في رعاية ابنته التي تعاني من إعاقة.
أبو معروف يقول: "كنت أؤدي العمرة في السعودية في اليوم الأول من عام 2000، وكان ذلك ليلة القدر من شهر رمضان، حيث فقدت الوعي، ونقلت للمستشفى. يومها قرر الأطباء استحالة شفائي، ونصحوا من كان معي بالعودة للبلاد. لاحقاً عرفت أنني عشت خمسة أيام على الأجهزة، وأن شخصا من قباطية اسمه وليد نزال تعهد بإجراءات الدفن، وكان يتابع حالتي مع الأطباء، وعرفت منه لاحقاً أنه منع الأطباء من رفع الأجهزة عني. لكن، جاء يوم وقرر الطبيب رفع الأجهزة لأنه لا فائدة. وحسبما عرفت لاحقاً، فقد طلب نقلي للمشرحة، وقال: ربنا يرحمه. وأصدرت لي شهادة وفاة. كل ذلك عرفته من الطبيب والممرضات".
ومضى الحاج أبو معروف: "فوراً بعد رفع الأجهزة عطست. أذكر أنني رأيت أمامي الممرضة، ترفع الأجهزة. عندها عادت لي وقلبتني على وجهي، وبدأت تربت على ظهري، وتقول لي: قح يا حج! وبعدها لم أعد أعرف ما يدور حولي. ثم بعد يوم كامل أفقت، وبعدها أخرجوني من العناية الفائقة، وحضر ابن أخي من جدة وأخذني، وفي اليوم التالي تم ترحيلي بالطائرة إلى عمان".
"في عمان كان أخي قد تقبل العزاء بوفاتي، وكان ذلك ثاني أيام عيد الفطر. لم يصدق أنني عدت للحياة. نفس الموقف تكرر في صانور، حيث استقبلتني العائلة على الجسر، ونقلوني إلى البيت، وحضر كل الناس لزيارتي مهنئين بسلامة العودة من العمرة، والعودة للحياة".
مما يذكره أبو معروف عن مكوثه في المستشفى أن ممرضة فلبينية قالت له يا حج انكتب لك عمر جديد حافظ عليه! ويضحك ويقول: "هو أنا باقي حامل سلاح وأقشط الناس، أنا ما عملت شيء أخاف منه".
ويقول حياتي استمرت بشكل طبيعي، وعدت أمارس كل نشاطاتي بشكل طبيعي. ويضيف أحاول أن أعمل بنصيحة الممرضة الفلبينية.
وقال لم أتمن الموت، فالحياة حلوة، وأنا أعيشها مستمعا بها.
يرفض أبو معروف فكرة التشاؤم من السعودية، ويقول إنه بعد الحادث زار السعودية خمس مرات: مرة للحج، وأربع مرات للعمرة.
وعن كيفية استقبال عائلته نبأ وفاته يقول، عرفت لاحقاً أن صاحب شركة العمرة، واثنان آخران حضرا للبيت ثاني أيام العيد، وعندما سألتهم أم معروف عني، حاولوا إبلاغها بما حدث، وأنني قد مت، إلا أنها رفضت تقبل الفكرة، وقالت لهم أبو معروف ما مات، وعندما حاولوا شرح ما جرى معي، قالت لهم هاي مش أول مرة بتصير معه، أبو معروف مات أكثر من مرة، ورجع للحياة. فأنا مريض ربو، وتعرضت لأزمات مماثلة عدة مرات، لكنها كانت الأصعب.