زراعة التبغ: اجراءات السلطة.. تنظيم أم حصار يخدم المستوردين؟!
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد عبد الله - رفض عدد من مزارعي التبغ، العاملين في شمال الضفة الغربية، اقتراحات الحكومة (وزارة الاقتصاد، وزارة الزراعة، ووزارة المالية)، باستمرار تحديد سعر كيلو التبغ البلدي بـ 30 شيكل.
وطالب المزارعون الجهات الرسمية، بضرورة استيعاب محصولهم كاملاً، من قبل شركتي التبغ، العاملتين في الأراضي الفلسطينية (شركة سجائر القدس، وشركة تبغ جنين)، وعدم تحديده بكميات سنوية معينة.
وتبلغ كلفة إنتاج الكيلو الواحد من التبغ البلدي، حسب دراسة صادرة عن مركز الإنتاج الزراعي في جنين، ما بين 22 و 25 شيكلاً، بينما يرى المزارعون أن التكلفة تتجاوز الرقم السابق وتصل إلى 28 شيكلا، مطالبين برفع سعر الكيلو الواحد إلى 35 شيكل.
وتستوعب شركتا التبغ ما لا تتجاوز 350-400 طن سنوياً، بينما يصل إنتاج الأراضي الفلسطينية حسب مزارعين وممثلين عن وزارة الاقتصاد والزراعة إلى أكثر من 1000 طن سنوياً.
وقال سمير عطاطرة، وهو مزارع تبغ من يعبد: إن مبلغ 30 شيكل لا يحقق ربحاً معقولاً مقارنة بالجهد المبذول، والتكاليف المدفوعة المثمثلة بسعر البذور والأشتال، وضمان الأرض، والمياه والأيدي العاملة التي يجب انتعمل بشكل يومي لمدة 6 شهور على الأقل، وتكاليف تجفيفه وتصنيع التبغ المنتج".
وأضاف عطاطرة في حديث لـ دوت كوم "تكلفة الكيلو الواحد من التبغ الجاهز للبيع، تزيد عن 26 شيكل، في حين لا تتجاوز قيمة الربح 3-4 شيكل، وان الدونم الواحد ينتج ما بين 70-90 كيلو غراما من التبغ الجاف، أي أن أرباح كل دونم لا تزيد عن 300 شيكل في كل عملية قطاف"، علماً أن المزارع يقطف من كل شتلة من 3-5 قطفات، ما بين أيار وتشرين ثاني من كل عام.
ويؤيد المزارعون مسألة تنظيم زراعة وتجارة التبغ البلدي في الأراضي الفلسطينية، إلا أن الأسعار التي تعرضها المؤسسات الرسمية المعنية "غير منطقية، وبحاجة إلى مراجعة، كما أنه يتوجب على الشركتين الرسميتين العاملتين في هذا المجال استيعاب كل المحصول السنوي للمزارعين" كما يقول مزارعو التبغ.
وكانت الشركتان استوعبتا نحو 369 طناً، من التبغ خلال العام الماضي، أما باقي المحصول، فإن المزارعين لجأوا إلى تسويقه أو تصنيعه بشكل فردي حتى لا يتراكم لديهم.
ويقول المزارع عطاطرة: "نحن مع تنظيم كل القطاعات الزراعية، لكن لماذا تم استهداف قطاع التبغ فقط لتنظيمه؟ كما أن العديد من الشركات تقوم باستيراد التبغ الجاف من الخارج، وهذا مناقض لهدف الحكومة المعلن بشأن تشجيع المنتج الوطني".
ويقول مزارعو التبغ بان الحكومة، ووكلاء السجائر الأجنبية "هم المستفيد الوحيد" من تحديد سعر كيلو التبغ بـ 30 شيكلا، وتحديد الكميات التي تستوعبها الشركات المحلية من انتاجهم مشيرين الى ان وكلاء السجاير الاجنبية "يقدمون للحكومة اكثر من مليار شيكل سنويا" بدل ضرائب ورسوم جمارك.
ويقول رئيس اتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين في منطقة جنين، هاشم أبو حسن: ان اللجنة الفنية المكونة من وزارة الاقتصاد، والمالية، والزراعة، قامت بتجاهلهم، بعد أن طلبت الأخيرة منهم تحديد كمية التبغ المباعة لشركات السجائر المحلية، وتحديد سعر كيلو التبغ، إلا أن الأسعار والكميات كانت مرتفعة عن سقف الوزارات الثلاث.
واشار نائب رئيس بلدة يعبد، احمد عبادي الى أن 70% من أهالي يعبد والقرى المجاورة، يعتاشون من العمل في (زراعة الدخان)، وأن زراعة الأراضي هناك تحمل بعداً يرتبط بالصمود، لوجود أكثر من 7 مستوطنات تحيط بالبلدة، فضلا عن انه تم ضم أكثر من 25% من أراضي تلك المنطقة داخل الجدار.
وأضاف "زراعة التبغ تعد مصدر دخل لأكثر من 200 آلف عائلة في الأراضي الفلسطينية، إلا أن طواقم الجمارك يداهمون بشكل مستمر البلدة، والقرى المحيطة بحجة عدم التنظيم الترخيص، ما أدى إلى وقوع شجار كبير العام الماضي بينهم وبين أهالي البلدة، وقوات الأمن الوطني، أدى إلى إصابة أكثر من 13 شخصاً.
ويرى أبو حسن، أن تحديد كمية التبغ وسعره، تقوض المنتج الوطني، تماماً كما هو حال زيت الزيتون الذي تمتليء به بيوت المزارعين بانتظار تحسن أسعاره، حتى يتم تغطية تكاليف إنتاجه، "وهو ما ينطبق على ينطبق على التبغ".
واشار وكيل وزارة الاقتصاد عبد الحفيظ نوفل، الى ضرورة تنظيم إنتاج التبغ، وإيجاد "شركاء جديين للتفاهم معهم حول آليات العمل، وتحديد الأسعار بما يتناسب مع الجميع"، ومحاولة الدخول إلى أسواق جديدة.
وقال: "مهمتنا كحكومة أن ننظم القطاع، وأن نحافظ على المزارعين، وتقديم حلول بناءة بشأن قضية الاستيراد من الخارج، فنحن نشدد على الحفاظ على هذه الزراعة والصناعة في الحدود المقبولة والمسموح به، وقد جئنا اليوم للاستماع إلى التجار والمزارعين والجهات المعنية".
وقال عمر العلمي، ممثل شركة سجائر القدس، في كلمة له: مبلغ 30 شيكل لكيلو التبغ، مناسب تماماً للمزارع والتاجر. وبرأيه فان هذا السعر مناسب لتكاليف إنتاجه من قبل المزارعين، وشركتي السجائر المحليتين.
وفيما يتعلق بانتاج الشركتين من التبغ المحلي، فإن وزارة المالية (دائرة الجمارك والمكوس) تحدد الإنتاج السنوي من علب السجائر، محلية الصنع، التي تبلغ قيمتها 10 شواكل بنحو 30 مليون علبة سنوياً، في حين يبلغ معدل الطلب الحالي، حسب دراسة صادرة عن سجائر القدس، من 40-45 مليون علبة سنوياً، ويقول المزارعون بأن الحاجة الفعلية أعلى من ذلك بنحو 30 علبة.
وكانت إيرادات خزينة السلطة من التبغ محلي الصنع، وصلت مع نهاية العام 2012 قرابة 340 مليون شيكل، حيث تتقاضى السلطة عن كل علبة سجائر محلية الصنع، من التي يبلغ سعرها 10 شواكل، نحو 6.4 شيكل، وتسعى للحصول على 7.5 شيكل في حال تم رفع علبة السجائر إلى 11 شيكل.