كي لا ننسى.. 17 عاما على مجزرة الحرم: الدم يدين الجلاد
الخليل - ألف - فضل عطاونة: يمثل الخامس عشر من رمضان من كل عام، علامة فارقة في حياة الخليل، ذلك أن المدينة فاقت فجر ذلك اليوم من العام 94، قبل سبعة عشر عاما، على مذبحة مروعة في الحرم الإبراهيمي الشريف راح ضحيتها 29 مواطنا، وجرح عشرات آخرين.
ومنذ المذبحة التي سجلت رسميا على ذمة مستوطن من مستوطنة "كريات اربع" يدعى باروخ غولدشتاين، لم تعد المدينة لمن يعرفها، المدينة الوادعة، ذلك ان المذبحة أوضحت في سياق تداعياتها اللاحقة ملامح دولة المستوطنين أو "الخليل اليهودية" التي يتحمس لإقامتها وزراء ومسؤولون كبار من اليمين الإسرائيلي والحركات اليهودية العنصرية، وهي أيضا غاية مقدسة اقتضت قبل سبعة عشر عاما اقتراف ذات المجزرة البشعة والمروعة.
وفي واقع الحال الذي تعيشه الخليل هذه الأيام وما قبل ذلك بكثير، يبدو أن كل شيء فيما يتعلق بمشروع إقامة دويلة المستوطنين في قلب المدينة القديمة، صمم سياسيا وميدانيا لفرض المشروع حتى ولو تطلب ذلك مجزرة مماثلة.
لا يمكن لأحد ان يخضع ما يجري في الخليل، لإحصائيات دقيقة لفعاليات القتل والتنكيل والإغلاق التي يزاولها جيش الاحتلال والمستوطنون الذين يقيمون في أربعة انويه استيطانية إلى جانب المستعمرة الأم المعروفة باسم "كريات أربع" وجارتيها "خارصينا" و "كريات خمسة" .
يقول خبير الاستيطان عبد الهادي حنتش، أن حقيقة كل نشاط عسكري ميداني يزاوله جيش الاحتلال في المدينة إنما يتم بذريعة أمنية تتعلق بتواجد 400 مستعمر، وبتطوير المشروع الاستيطاني.ويضيف أن حملة المستوطنين المستمرة من أجل توسيع المستوطنات القائمة تسير جنبا إلى جنب مع قرارات وأوامر المصادرة العسكرية الإسرائيلية، ومحاولات وضع اليد على مبان وعقارات مملوكة لمواطني المدينة.
"ببساطة، نحن نعيش تحت وطأة سيطرة إسرائيلية مزدوجة لجنود الاحتلال والمستعمرون !!" بهذه العبارة الموجزة لخص احد التجار من عائلة البايض يفتح متجرا في السوق القديمة، ما اسماها بمصيبة الخليل، وقال "ان مذبحة الحرم، هي مذبحة متصلة تطال الحياة اليومية لمئات العائلات التي تقيم لفناءات منازلها سقوفا من سياج لدرء حجارة المستوطنين.
وفي الخليل يجهد المستوطنون دون كلل إقامة "دويلة" لهم: حواجز عسكرية، بوابات الكترونية وحديدية، وإغلاق أحواش، واستيلاء على منازل، ومصادرة ممتلكات، واحتلال أماكن مقدسة، ونقاط تفتيش ومراقبة، وجنود يضعون أصابعهم دوما على الزناد، وعربدة وترويع، وإحراق حقول ومتاجر وسيارات، وتهجير، ورغبة جامحة في القتل.
وفي الخليل، كل مواطن هدفا محتملا لعنف وإرهاب ميليشيا المستوطنين المسلحين بالبارود والعنصرية، وفيها يحدث تطهير عرقي ضد الوجود الفلسطيني في البلدة القديمة ومحيطها. باختصار، إنها مدينة في القبضة المنفلتة لإرهاب دولة الاحتلال.!!
وتؤكد تقارير حقوقية ان الانتهاكات التي يقوم بها جيش الاحتلال والمستوطنون في الخليل ومحيطها، تسببت في تهجير العائلات الفلسطينية من نحو ألف منزل، وإغلاق نحو 1500متجر ومصلحة حرفية، تقع معظمها في البلدة القديمة من المدينة.
وأشار تقرير سابق أصدره مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسيلم" إلى أن الأرقام المشار إليها بخصوص آثار الانتهاكات الإسرائيلية في الخليل، جاءت كحصيلة لعملية تدمير متواصلة للبنية المعيشية الفلسطينية وعبر القيود الصعبة على الحركة التي يفرضها جيش الاحتلال على المواطنين، لا سيما منذ اندلاع انتفاضة الأقصى.وأوضح التقرير أن سياسة الطرد الهادئ أرغمت مئات العائلات الفلسطينية على مغادرة منازلها سواء في البلدة القديمة من الخليل، او في محيطها بمواقع قريبة من المستوطنات، منوها إلى ان الممارسات التعسفية الإسرائيلية حولت الخليل إلى مدينة أشباح ودمرت نسيج الحياة الفلسطينية فيها.