'كارمن' في بيت لحم.. عشق وموسيقى وقتل
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
يزن طه _ أن ترسم أبعاد لوحة، أو أن تخط حروف المكان، أن تأخذ نفسا عميقا فور سماع الإيقاع، وقبل نفخة الكلارينت، تلقي بحمل نهارك، بل عمرك كله جانبا، مصغيا لا مستمعا أو سامعا، لأوبرا اصطلح على تسميتها 'أوبرا كارمن'.
بأيد فلسطينية سويسرية، عزفت الأوبرا في حفل استضافه قصر المؤتمرات في مدينة بيت لحم، مساء أمس السبت، وبتنظيم من معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، حيث عزفت أوركسترا المعهد وجوقة سان ميشيل السويسرية 'أوبرا كارمن'.
عزف كل ما فيه حياة، وشوق، وحب واغتراب، وفراق، وقفت كارمن بردائها الإسباني الأحمر، وفتنتها، تجتذب رجال إشبيلية الإسبان المفتونين بحسنها حولها، واحد منهم فقط تجرأ على تجاهلها، إنه الدون خوسيه، لتبدأ الفاتنة الإسبانية الغناء 'الحب لا يتبع القوانين'، ولتشتعل نار عشق غير ظاهر بينهما.
تعود الفاتنة الغجرية كارمن إلى مصنع السجائر حيث تعمل، هناك يقع شجار بينها وزميلاتها، فيحضر الدون خوسيه، ويعتقل كارمن، التي ترفض الإجابة عن الأسئلة، لكنها في أغنية 'قرب أسوار مدينة إشبيلية' تراود الدون للرقص في حانة وتلوذ بالفرار، لتحكم عليه بالاعتقال، لأنه فرط في سجينة.
خلف كارمن وقف المؤدون بردائهم الأحمر وكوفيتهم الحمراء، التي يقول عنها الموسيقي فيليب سافوي 'اخترناها حمراء، لا بيضاء وسمراء كما هي الكوفية الفلسطينية، لأنها رمز فلسطيني، ولكن لونيها الأحمر والأبيض كلون العلم السويسري، الذي ننتمي إليه، وبهذا نكمل لوحة التضامن'.
وتواصل كارمن الغواية والفتنة حينما يُطلق سراح الدون خوسيه، لكنها تقرر إشعال نار غيرتهن وتبدأ غناء 'سأرقص على شرفك'، على أنغام القيثارة الإسبانية، ثم تخبره عن ليلة أمضتها في الغناء والرقص مع الجنود، الأمر الذي يسخط قائد خوسيه وغريمه 'زونيغا'، الذي يفتعل شجارا مع خوسيه الذي يفر من الجيش.
وفي المشهد الأخير؛ يظهر الدون خوسيه مجددا، ليطلب المغفرة من كارمن التي تلقي له خاتما قدمه لها، ما يدفعه لطعنها وإردائها قتيلة، معترفا بقتل المرأة التي أحب، واضعا حدا لقصة عشق ما اجتمع صاحباها كثيرا، ولعرض دام قرابة الساعة والربع.
كل هذه المشاهد سمعها الحضور موسيقى وغناء، وترك لهم العازفون والمؤدون والمغنون مهمة رسم المشاهد بأنفسهم، فالنغم المتسارع، صعوده وهبوطه، هدوؤه تارة واشتعاله تارة أخرى، ومن نبرة صوت المؤدين، ومن هدوئهم و'صراخهم'، ومن حركات أيديهم، والمؤثرات الصوتية التي اختلقوها، ومن طرقهم على خشبة المسرح، تمكن الحضور من رسم مشاهد القصة.
ولأن العرض يحمل رسالة تضامنية بامتياز، ظهرت عديد الصور التضامنية؛ فالأمر لم يتوقف على ارتداء الكوفية، أو الحضور لفلسطين تضامنا بالموسيقى والغناء مع شعب يعاني، بل باختيار أغنية فلسطينية وغنائها في نهاية العرض، فبصوت واحد ردد المؤدون السويسريون 'هذي أرض جدودي، هذي أرض جدودي، فلسطين، فلسطين'.
وبعيدا عن العرض الذي أشعل المدرجات وألهب جمهورا لم يعتد حضور عروض مشابهة، ما قادنا لسؤال عن تأثير ذلك على الجمهور، وهو الأمر الذي أجابتنا عنه عازفة الكمان نادين بابون؛ بأن 'لغة الموسيقى يفهمها الكل، ويستطيع تمييز نوع الموسيقى، تشويقا كانت أم رومانسية أم دراما، ومجرد حب سماع الموسيقى سيمتع الحضور، أما معرفة القصة فلا يشكل فرقا في الاستمتاع بالأوبرا، لكنه يشكل إضافة في الانخراط فيها وتشربها'.
وبتوافق تام يقول عازف الكلارنيت محمد نجم: 'الأوبرا ليست شيئا غريبا على أي ثقافة، إنما هي أسلوب الغناء، صحيح أنها من المرات القليلة التي ينظم فيها عرض أوبرا في فلسطين، ولكن بما أن الكل يسمعون الموسيقى وبكل أنواعها، وكل الطبقات الاجتماعية تستطيع فهمها، فلن يكون هناك عائق، وأضف لذلك أنه في هذه الأوبرا 'ثيمات' ومقاطع مشهورة، تجمل كل المجتمع بكل اختلافاته، ولأن مشاهدة وسماع الأوبرا هو لاستكشاف الحضارات الأخرى وتذوق الموسيقى وجمالية الأداء والفنية العالية، فهذه عوامل للاستمتاع بالأوبرا بصرف النظر عن قصتها'.
haيزن طه _ أن ترسم أبعاد لوحة، أو أن تخط حروف المكان، أن تأخذ نفسا عميقا فور سماع الإيقاع، وقبل نفخة الكلارينت، تلقي بحمل نهارك، بل عمرك كله جانبا، مصغيا لا مستمعا أو سامعا، لأوبرا اصطلح على تسميتها 'أوبرا كارمن'.
بأيد فلسطينية سويسرية، عزفت الأوبرا في حفل استضافه قصر المؤتمرات في مدينة بيت لحم، مساء أمس السبت، وبتنظيم من معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، حيث عزفت أوركسترا المعهد وجوقة سان ميشيل السويسرية 'أوبرا كارمن'.
عزف كل ما فيه حياة، وشوق، وحب واغتراب، وفراق، وقفت كارمن بردائها الإسباني الأحمر، وفتنتها، تجتذب رجال إشبيلية الإسبان المفتونين بحسنها حولها، واحد منهم فقط تجرأ على تجاهلها، إنه الدون خوسيه، لتبدأ الفاتنة الإسبانية الغناء 'الحب لا يتبع القوانين'، ولتشتعل نار عشق غير ظاهر بينهما.
تعود الفاتنة الغجرية كارمن إلى مصنع السجائر حيث تعمل، هناك يقع شجار بينها وزميلاتها، فيحضر الدون خوسيه، ويعتقل كارمن، التي ترفض الإجابة عن الأسئلة، لكنها في أغنية 'قرب أسوار مدينة إشبيلية' تراود الدون للرقص في حانة وتلوذ بالفرار، لتحكم عليه بالاعتقال، لأنه فرط في سجينة.
خلف كارمن وقف المؤدون بردائهم الأحمر وكوفيتهم الحمراء، التي يقول عنها الموسيقي فيليب سافوي 'اخترناها حمراء، لا بيضاء وسمراء كما هي الكوفية الفلسطينية، لأنها رمز فلسطيني، ولكن لونيها الأحمر والأبيض كلون العلم السويسري، الذي ننتمي إليه، وبهذا نكمل لوحة التضامن'.
وتواصل كارمن الغواية والفتنة حينما يُطلق سراح الدون خوسيه، لكنها تقرر إشعال نار غيرتهن وتبدأ غناء 'سأرقص على شرفك'، على أنغام القيثارة الإسبانية، ثم تخبره عن ليلة أمضتها في الغناء والرقص مع الجنود، الأمر الذي يسخط قائد خوسيه وغريمه 'زونيغا'، الذي يفتعل شجارا مع خوسيه الذي يفر من الجيش.
وفي المشهد الأخير؛ يظهر الدون خوسيه مجددا، ليطلب المغفرة من كارمن التي تلقي له خاتما قدمه لها، ما يدفعه لطعنها وإردائها قتيلة، معترفا بقتل المرأة التي أحب، واضعا حدا لقصة عشق ما اجتمع صاحباها كثيرا، ولعرض دام قرابة الساعة والربع.
كل هذه المشاهد سمعها الحضور موسيقى وغناء، وترك لهم العازفون والمؤدون والمغنون مهمة رسم المشاهد بأنفسهم، فالنغم المتسارع، صعوده وهبوطه، هدوؤه تارة واشتعاله تارة أخرى، ومن نبرة صوت المؤدين، ومن هدوئهم و'صراخهم'، ومن حركات أيديهم، والمؤثرات الصوتية التي اختلقوها، ومن طرقهم على خشبة المسرح، تمكن الحضور من رسم مشاهد القصة.
ولأن العرض يحمل رسالة تضامنية بامتياز، ظهرت عديد الصور التضامنية؛ فالأمر لم يتوقف على ارتداء الكوفية، أو الحضور لفلسطين تضامنا بالموسيقى والغناء مع شعب يعاني، بل باختيار أغنية فلسطينية وغنائها في نهاية العرض، فبصوت واحد ردد المؤدون السويسريون 'هذي أرض جدودي، هذي أرض جدودي، فلسطين، فلسطين'.
وبعيدا عن العرض الذي أشعل المدرجات وألهب جمهورا لم يعتد حضور عروض مشابهة، ما قادنا لسؤال عن تأثير ذلك على الجمهور، وهو الأمر الذي أجابتنا عنه عازفة الكمان نادين بابون؛ بأن 'لغة الموسيقى يفهمها الكل، ويستطيع تمييز نوع الموسيقى، تشويقا كانت أم رومانسية أم دراما، ومجرد حب سماع الموسيقى سيمتع الحضور، أما معرفة القصة فلا يشكل فرقا في الاستمتاع بالأوبرا، لكنه يشكل إضافة في الانخراط فيها وتشربها'.
وبتوافق تام يقول عازف الكلارنيت محمد نجم: 'الأوبرا ليست شيئا غريبا على أي ثقافة، إنما هي أسلوب الغناء، صحيح أنها من المرات القليلة التي ينظم فيها عرض أوبرا في فلسطين، ولكن بما أن الكل يسمعون الموسيقى وبكل أنواعها، وكل الطبقات الاجتماعية تستطيع فهمها، فلن يكون هناك عائق، وأضف لذلك أنه في هذه الأوبرا 'ثيمات' ومقاطع مشهورة، تجمل كل المجتمع بكل اختلافاته، ولأن مشاهدة وسماع الأوبرا هو لاستكشاف الحضارات الأخرى وتذوق الموسيقى وجمالية الأداء والفنية العالية، فهذه عوامل للاستمتاع بالأوبرا بصرف النظر عن قصتها'.