ذاكرة في الأسر
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
أمل حرب - كان عمر الأسيرة المحررة حياة اعبيدو 15 عاما، عندما ذهبت لتستطلع وضع زميلة شقيقتها، بعد أن داهم جيش الاحتلال منزلها في حي السعدية بالبلدة القديمة في مدينة القدس عام 1968.
تقول اعبيدو، كانت قوة كبيرة من جيش الاحتلال تحيط بالمنزل، وانتشر عشرات الجنود داخل ساحته، بينما كانت سيدة كبيرة في السن ترثي بعض الملابس دون اكتراث لحملة تفتيش منزلها، تقول حياة 'اقتربت من هذه السيدة وسألتها عن ابنتها هل هي موجودة في البيت.. فقالت لي .. أنها غير موجودة ولم يتم اعتقالها، فذهبت مسرعة إلى منزلنا لأخبر شقيقتي بما شاهدته.. فسارعت شقيقتي وجمعت أغراضها وغادرت المنزل على الفور'.
وتابعت اعبيدو 'استيقظت من النوم في صباح اليوم التالي وإذا بجيش الاحتلال فوق رأسي، يفتشون البيت بحثا عن شقيقتي حنان.. وحين لم يجدوها ... أخذوني ووالدي رهينة ..للضغط على شقيقتي لتسليم نفسها للاحتلال'.
وأشارت اعبيدو البالغة من العمر الآن (60 عاما) إلى أن مدينة القدس في تلك الفترة شهدت العديد من نشاطات الحركات الوطنية التي تدعو إلى تحرير القدس والنضال ضد الاحتلال، وقدمت المرأة الفلسطينية خلال تلك الفترة دورا كبيرا في هذا الحراك النضالي بكل مستوياته خاصة مدارس القدس التي انخرط عدد من طالباتها ومعلماتها في النشاطات الوطنية في مواجهة الاحتلال، وتعرضن للاعتقال والملاحقة.
وأشارت إلى أنها تعرضت للتحقيق مدة 55 يوما عانت خلالها من الضرب والتعذيب الشديد، للإدلاء بمعلومات عن شقيقتها وزميلاتها الناشطات اللواتي تم اعتقال عدد منهن.
وحول ظروف المعتقلات في تلك الفترة أكدت، أن الاعتقال هو الاعتقال في كل زمان ... إلا أن التعذيب الجسدي الوحشي كان المتبع لانتزاع اعترافات من الأسرى.
وقالت 'كانت غرف التحقيق لا تميز بين الجنسين، وكنت أشاهد الأسرى الآخرين وهم يتعرضون للتعذيب والشبح مثل غازي القواسمى، وبشير الخيري، وغازي أبو عكر الذي استشهد أمامي تحت التعذيب'.
وأوضحت انه لم تتم محاكمتها نظرا لصغر سنها ولكن تم اعتقالها إداريا لمدة ستة أشهر وتم تجديدها تلقائيا لمدة ثلاث سنوات.
وأشارت اعبيدو، إلى أن نضالات الحركة الأسيرة داخل سجون الاحتلال بغرض تحقيق مطالب وانجازات للأسرى، وأوضحت أنها خاضت إضرابا عن الطعام والشراب لمدة 45 يوما احتجاجا على اعتقالها الإداري بدون توجيه تهمة محددة لاحتجازها، وبينت أن الإضراب عن الطعام في تلك الفترة، مختلف عن الإضراب في الوقت الحاضر وأصعب وأكثر خطرا على صحة الأسرى.
وأوضحت أن إدارة السجن حاولت كسر إضرابها عن الطعام، بإجبارها على تناول الطعام خاصة بعد تدهور صحتها، عن طريق إدخال الطعام بواسطة أنبوب يوصل الطعام للمعدة مباشرة، ولكن تعرضت في هذه المحاولة إلى خطأ كبير في إدخال الطعام إلى الرئة مما استدعى نقلها إلى مستشفى صرفند العسكري للمعالجة، وهناك تعرضت لمحاولة قتل من قبل المرضى اليهود في المستشفى مما استدعى إلى تشديد الحراسة عليها من قبل ما يعرف بإدارة أمن السجون.
وأكدت اعبيدو، أن الأسيرات في تلك الفترة والتي تجاوز عددهن 27 أسيرة، حولن الظروف البائسة وظلمات الأسر إلى حياة ثقافية فكرية تبادلت خلالها الأسيرات الثقافة، وتعلم اللغات والمهن الحرفية، وتأليف الأغاني الوطنية التي كانت تحمس الأسرى وترفع من معنوياتهم، وأكدت أن تضامن الأسيرات مع بعضهن عوض عن الحياة الأسرية التي هن بحاجة إليها.
وتذكر اعبيدو زميلاتها في الدراسة اللواتي اعتقلن معها في سجن الرملة من أمثال الأسيرة عزية وزوز، وحنان العسيلي، بالإضافة إلى عائشة عودة، ورسمية عودة، وفاطمة البرناوي وهي أول سجينة فلسطينية وكانت تابعة لحركة فتح، فضلاً عن الأسيرة لطيفة الحواري التي علمتهن الرسم والشعر، وعايدة القيمري التي علمتهن اللغة الانجليزية، ونفوز المفتش، وليلى عودة، وليلى قمري، وانتصار بسيسو، وأمينة الحسيني والتي كانت كبيرة في السن وأمضت في الأسر عام ونصف.
وأردفت اعبيدو أن إدارة السجن كانت تستغل الأسيرات في العمل بأجر بخس قيمته اغورتين في اليوم أو بأربع سجائر، وبينت أنها عملت في الزراعة بحديقة سجن الرملة، وتذكر أنها قامت بطلاء سياج الحديقة، وقامت برسم شعار النازية على باب مدير السجن، مما أثار الغضب الشديد فعوقبت اعبيدو بالسجن الانفرادي لمدة 15 يوما.
وأكدت أن الحركة الأسيرة أنجزت العديد من مطالب الأسرى خلال عمليات نضالية طويلة مع إدارة السجن للتخفيف من معاناة الأسرى منها: إدخال الكتب التعليمية، وأدوات الرسم، و'قوارير' الزراعة وتحسين أوضاع الأسرى، والعديد من المطالب التي استفاد منها الأسرى فيما بعد.
وبعد أن قضت اعبيدو ثلاث سنوات في الأسر تم الإفراج عنها ووضعت تحت الإقامة الجبرية لثلاث سنوات، ومنعت من السفر خارج البلاد لمدة 16 عاما.
وأكدت معاناتها مع الإقامة الجبرية حيث كانت تجبر على إثبات وجودها مرتين في اليوم في مقر المسكوبية في مدينة القدس، إلى أن تزوجت وغيرت إقامتها إلى مدينة الخليل.
ومرة أخرى تقع اعبيدو تحت تجربة معاناة ذوي الأسرى بعد اعتقال زوجها بعد مضي شهرين على زواجهما. وفي هذا المجال وصفت اعبيدو هذه المعاناة بالقول 'أن أكون أسيرة أفضل من أن أكون زوجة، أو شقيقة، أو والدة أسير'، مؤكدة أن معاناة زوجة الأسير كبيرة وصعبة وتقع عليها مسؤوليات مضاعفة، مشيرة إلى أنها اضطرت للعمل في سلك التدريس بسبب الوضع المادي الصعب الذي عانت منه في ظل غياب الزوج، بالإضافة إلى ضغوط الاحتلال على أسرتها بالقبول بخيار النفي من فلسطين مقابل الإفراج عن زوجها وقد رفض الطلب.. وأفرج عنه بعد سنوات، وأعيد واعتقل أكثر من مرة.
وبقيت مشاعر اعبيدو، متعلقة بالأسرى وبقضيتهم العادلة، خاصة مع الأسرى المرضى والمضربين عن الطعام.
haأمل حرب - كان عمر الأسيرة المحررة حياة اعبيدو 15 عاما، عندما ذهبت لتستطلع وضع زميلة شقيقتها، بعد أن داهم جيش الاحتلال منزلها في حي السعدية بالبلدة القديمة في مدينة القدس عام 1968.
تقول اعبيدو، كانت قوة كبيرة من جيش الاحتلال تحيط بالمنزل، وانتشر عشرات الجنود داخل ساحته، بينما كانت سيدة كبيرة في السن ترثي بعض الملابس دون اكتراث لحملة تفتيش منزلها، تقول حياة 'اقتربت من هذه السيدة وسألتها عن ابنتها هل هي موجودة في البيت.. فقالت لي .. أنها غير موجودة ولم يتم اعتقالها، فذهبت مسرعة إلى منزلنا لأخبر شقيقتي بما شاهدته.. فسارعت شقيقتي وجمعت أغراضها وغادرت المنزل على الفور'.
وتابعت اعبيدو 'استيقظت من النوم في صباح اليوم التالي وإذا بجيش الاحتلال فوق رأسي، يفتشون البيت بحثا عن شقيقتي حنان.. وحين لم يجدوها ... أخذوني ووالدي رهينة ..للضغط على شقيقتي لتسليم نفسها للاحتلال'.
وأشارت اعبيدو البالغة من العمر الآن (60 عاما) إلى أن مدينة القدس في تلك الفترة شهدت العديد من نشاطات الحركات الوطنية التي تدعو إلى تحرير القدس والنضال ضد الاحتلال، وقدمت المرأة الفلسطينية خلال تلك الفترة دورا كبيرا في هذا الحراك النضالي بكل مستوياته خاصة مدارس القدس التي انخرط عدد من طالباتها ومعلماتها في النشاطات الوطنية في مواجهة الاحتلال، وتعرضن للاعتقال والملاحقة.
وأشارت إلى أنها تعرضت للتحقيق مدة 55 يوما عانت خلالها من الضرب والتعذيب الشديد، للإدلاء بمعلومات عن شقيقتها وزميلاتها الناشطات اللواتي تم اعتقال عدد منهن.
وحول ظروف المعتقلات في تلك الفترة أكدت، أن الاعتقال هو الاعتقال في كل زمان ... إلا أن التعذيب الجسدي الوحشي كان المتبع لانتزاع اعترافات من الأسرى.
وقالت 'كانت غرف التحقيق لا تميز بين الجنسين، وكنت أشاهد الأسرى الآخرين وهم يتعرضون للتعذيب والشبح مثل غازي القواسمى، وبشير الخيري، وغازي أبو عكر الذي استشهد أمامي تحت التعذيب'.
وأوضحت انه لم تتم محاكمتها نظرا لصغر سنها ولكن تم اعتقالها إداريا لمدة ستة أشهر وتم تجديدها تلقائيا لمدة ثلاث سنوات.
وأشارت اعبيدو، إلى أن نضالات الحركة الأسيرة داخل سجون الاحتلال بغرض تحقيق مطالب وانجازات للأسرى، وأوضحت أنها خاضت إضرابا عن الطعام والشراب لمدة 45 يوما احتجاجا على اعتقالها الإداري بدون توجيه تهمة محددة لاحتجازها، وبينت أن الإضراب عن الطعام في تلك الفترة، مختلف عن الإضراب في الوقت الحاضر وأصعب وأكثر خطرا على صحة الأسرى.
وأوضحت أن إدارة السجن حاولت كسر إضرابها عن الطعام، بإجبارها على تناول الطعام خاصة بعد تدهور صحتها، عن طريق إدخال الطعام بواسطة أنبوب يوصل الطعام للمعدة مباشرة، ولكن تعرضت في هذه المحاولة إلى خطأ كبير في إدخال الطعام إلى الرئة مما استدعى نقلها إلى مستشفى صرفند العسكري للمعالجة، وهناك تعرضت لمحاولة قتل من قبل المرضى اليهود في المستشفى مما استدعى إلى تشديد الحراسة عليها من قبل ما يعرف بإدارة أمن السجون.
وأكدت اعبيدو، أن الأسيرات في تلك الفترة والتي تجاوز عددهن 27 أسيرة، حولن الظروف البائسة وظلمات الأسر إلى حياة ثقافية فكرية تبادلت خلالها الأسيرات الثقافة، وتعلم اللغات والمهن الحرفية، وتأليف الأغاني الوطنية التي كانت تحمس الأسرى وترفع من معنوياتهم، وأكدت أن تضامن الأسيرات مع بعضهن عوض عن الحياة الأسرية التي هن بحاجة إليها.
وتذكر اعبيدو زميلاتها في الدراسة اللواتي اعتقلن معها في سجن الرملة من أمثال الأسيرة عزية وزوز، وحنان العسيلي، بالإضافة إلى عائشة عودة، ورسمية عودة، وفاطمة البرناوي وهي أول سجينة فلسطينية وكانت تابعة لحركة فتح، فضلاً عن الأسيرة لطيفة الحواري التي علمتهن الرسم والشعر، وعايدة القيمري التي علمتهن اللغة الانجليزية، ونفوز المفتش، وليلى عودة، وليلى قمري، وانتصار بسيسو، وأمينة الحسيني والتي كانت كبيرة في السن وأمضت في الأسر عام ونصف.
وأردفت اعبيدو أن إدارة السجن كانت تستغل الأسيرات في العمل بأجر بخس قيمته اغورتين في اليوم أو بأربع سجائر، وبينت أنها عملت في الزراعة بحديقة سجن الرملة، وتذكر أنها قامت بطلاء سياج الحديقة، وقامت برسم شعار النازية على باب مدير السجن، مما أثار الغضب الشديد فعوقبت اعبيدو بالسجن الانفرادي لمدة 15 يوما.
وأكدت أن الحركة الأسيرة أنجزت العديد من مطالب الأسرى خلال عمليات نضالية طويلة مع إدارة السجن للتخفيف من معاناة الأسرى منها: إدخال الكتب التعليمية، وأدوات الرسم، و'قوارير' الزراعة وتحسين أوضاع الأسرى، والعديد من المطالب التي استفاد منها الأسرى فيما بعد.
وبعد أن قضت اعبيدو ثلاث سنوات في الأسر تم الإفراج عنها ووضعت تحت الإقامة الجبرية لثلاث سنوات، ومنعت من السفر خارج البلاد لمدة 16 عاما.
وأكدت معاناتها مع الإقامة الجبرية حيث كانت تجبر على إثبات وجودها مرتين في اليوم في مقر المسكوبية في مدينة القدس، إلى أن تزوجت وغيرت إقامتها إلى مدينة الخليل.
ومرة أخرى تقع اعبيدو تحت تجربة معاناة ذوي الأسرى بعد اعتقال زوجها بعد مضي شهرين على زواجهما. وفي هذا المجال وصفت اعبيدو هذه المعاناة بالقول 'أن أكون أسيرة أفضل من أن أكون زوجة، أو شقيقة، أو والدة أسير'، مؤكدة أن معاناة زوجة الأسير كبيرة وصعبة وتقع عليها مسؤوليات مضاعفة، مشيرة إلى أنها اضطرت للعمل في سلك التدريس بسبب الوضع المادي الصعب الذي عانت منه في ظل غياب الزوج، بالإضافة إلى ضغوط الاحتلال على أسرتها بالقبول بخيار النفي من فلسطين مقابل الإفراج عن زوجها وقد رفض الطلب.. وأفرج عنه بعد سنوات، وأعيد واعتقل أكثر من مرة.
وبقيت مشاعر اعبيدو، متعلقة بالأسرى وبقضيتهم العادلة، خاصة مع الأسرى المرضى والمضربين عن الطعام.