المقاومة الشعبية بين إرهاب المستوطنين وحماية الاحتلال
في سباق محموم مع الزمن، تعزز المؤسستان السياسية والدينية الاسرائيلية الاستيطان، بكل الطرق غير القانونية، بهدف تثبيته في المنطقة باعتباره أحد أهم مقومات وجود إسرائيل واستعمارها للأرض الفلسطينية، وتنفيذ مشروعها التهويدي الرامي الى تهجير السكان الأصليين، وذلك بإطلاق حملات إرهابية منظمة يقودها المستوطنون وفق فعل عنيف وإجرامي متصاعد تحت حماية ودعم قوات جيش الاحتلال. في المقابل، لا يزال شعبنا يجترح التجارب النضالية الطويلة من خبرة مواجهته المباشرة مع الاحتلال ومستوطنيه، ويستخدم سلاحه القانوني السلمي بالمقاومة الشعبية التي طورت نماذج مختلفة، شكلت حالة نضالية يومية استطاعت فيها أن تجلب الانتباه الدولي ودعمه في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ومشروعه الاستيطاني الاستعماري. وتنامت حركات وتجمعات ولجان سلمية متعددة في الأراضي المحتلة لحماية المناطق المحاذية للجدار والمستوطنات مثل كفر قدوم، والنبي صالح، وبلعين ونعلين والمعصرة والخليل وغيرها.
ولم توفر قوات الاحتلال جهداً في لجم الكفاح الشعبي، وتعمدت استهداف نشطاء المقاومة السلمية وقادتها وملاحقتهم خشية نجاح جهودهم في تعرية ممارساتها الاستعمارية والكشف عن وجهها الاحتلالي البشع وتحالفها الوثيق مع غلاة المستوطنين أمام العالم. فقتلت عددا منهم مع سابق الإصرار والترصد وعلى رأسهم الشهيد مصطفى التميمي، شهيد المقاومة الشعبية الأول الذي سقط عام 2009، تبعه الشهيد باسم أبو رحمة، والشهيدة جواهر أبو رحمة في 2011.
إلاّ أن هذه الممارسات الإجرامية لم تمنع حماة الأرض من الدفاع عن أرضهم، إيمانا بحقهم الطبيعي بحمايتها والعيش عليها بأمن وسلام. ففي مدينة الخليل، تصدرت المقاومة السلمية أجندة قادة جيش الاحتلال ومستوطنيه في المدينة، وأثارت حالة من الفزع والتوتر دفعها الى مطاردة القائمين على قيادة النشاطات السلمية وتهديدهم بالتصفية الجسدية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، شكل المهندس عيسى عمرو، منسق تجمع شباب ضد الاستيطان في الخليل، أحد أبرز الأهداف المباشرة والمهددة بالاغتيال والاعتقال على يد الاحتلال. فقد اختير عمرو 'مدافعاً عن حقوق الإنسان لعام 2010' من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وهو يعدّ من أبرز المشاركين في تخطيط وتنفيذ فكرة قرية باب الشمس الفلسطينية، حيث شكّل مع رفاقه حركة التضامن الدولية في الخليل، وتمكنوا من استعادة قرى دمرها المستوطنون. ونظموا دوريات ليلية لحراسة الأهالي من بطش المستوطنين، واتخذوا من أجسادهم سلاسل بشرية لمنع هجمات المستوطنين الإرهابية على الأهالي وممتلكاتهم. كما شاركت التجمعات السلمية بالتعاون مع لجان الدفاع عن الخليل بتأسيس 'مشروع تل رميدة لحقوق الإنسان'، وإسكان المتضامنين الأجانب والإسرائيليين مع العائلات الفلسطينية لحمايتهم. وأسس عمرو ورفاقه مشروع الرد بالتصوير، حيث تم توزيع كاميرات فيديو على العائلات الفلسطينية في منطقة تل الرميده وشارع الشهداء ومحيط مستوطنة 'كريات أربع'، ودربوا العائلات على تصوير الاعتداءات المتكررة عليهم وتوزيعها على وسائل الاعلام والفضائيات العربية والدولية.
توصل المستوطنون لقرار التخلص من عيسى ورفاقه كمقدمة للتخلص من فكرة المقاومة الشعبية المناهضة للاحتلال، فقام كل من رئيس بلدية الحي اليهودي ابراهام بن يوس والمدير العام للحي أوري كارزن بتوجيه رسالة الى قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال 'آفي بلوث'، وقائد شرطة الخليل 'اسحق رشاميم' تطالب بوقف نشاطات عمرو مباشرة، والتهديد بالتخلص منه على طريقتهم نهائياً إن لم يتم اعتقاله إداريا، وتوعدوا أن أي تأخير في التعاطي في هذه القضية سيكون مكلفاً ويؤدي الى إراقة الدماء'. وقد تم توزيع الرسالة على وسائل الاعلام العبرية والدولية في سابقة هي الأولى من نوعها .
وقد أسفرت الضغوطات التي مارستها أعلى سلطة تمثيلية للمستوطنين عن اعتقال عيسى ومجموعة من أصدقائه لأكثر من 20 مرة في العام الماضي ما بين حالة اعتقال واحتجاز وتنكيل، واعتقل للمرة الواحدة والعشرين بتاريخ 9 نيسان الجاري على خلفية تصويره مقطع فيديو يظهر فيه تعليم وسائل المقاومة السلمية صباحاً، ومنع قوات الاحتلال لشباب التجمع من حماية الأهالي، ورصد انتهاكات المستوطنين ليلاً.
يقول عمرو: 'لقد أثارت فعالياتنا الشعبية والدفاع عن أرضنا بالطرق السلمية غضب المستوطنين وحفيظتهم، وشعروا بالضغط والتوتر، ورداً على ذلك، قاموا بحرق مركز تل رميدة، تحت حماية مطلقة من قوات جيش الاحتلال الذين لم يبعدوا سوى خمسة أمتار عن المركز، حيث أنهم يعيشون مع المستوطنين، ويأكلون من طعامهم، ويعيشون سوياً بوحدة متناغمة، هذا بالإضافة إلى أن غالبية قادة الجيش وجنود الاحتلال هم من المستوطنين أنفسهم، ويدعمون بعضهم البعض'.
ويضيف: 'إن قوات الاحتلال على دراية تامة بأفعال المستوطنين، ويعملون كوسائل ردع للنشطاء الفلسطينيين، ويرصدون تحركاتهم بشكل كامل ودقيق، ويؤمنون لهم الحماية، وينسقون لتغطية المنطقة أمنياً للاعتداء على الحقول وكروم العنب، والممتلكات والأهالي والبيوت الآمنة، ولا تتم محاسبتهم على الإطلاق على الرغم من مئات الشكاوي التي يقدمها السكان'.
إن عيسى عمرو، وهو يمثّل حالة شعب بأكمله تحت الاحتلال، يوجه رسالة إلى العالم والمجتمع الدولي، مفادها أن الاستيطان الاستعماري الذي خلقته إسرائيل هو جريمة وانتهاك صارخ للقوانين والاتفاقات الدولية يشهد عليها العالم بأكمله، وأن إدامة وجود المستوطنين على حساب الأرض والإنسان الفلسطيني، ودعمهم بالمال والسلاح وحمايتهم من قبل قوات الاحتلال، هو جريمة حرب أخرى وفقاً لاتفاق روما.
ويطالب عمرو المجتمع الدولي وهيئات حقوق الإنسان العالمية والأمم المتحدة بالتدخل العاجل لحماية شعبنا والمدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطيني، وتسليط الضوء على تهديدات المستوطنين لنشطاء المقاومة الشعبية السلمية، واستخدامهم لجيش وشرطة الاحتلال للتخلص من كل من يرصد انتهاكاتهم غير القانونية.
ويضيف: 'إننا ندعوكم الى كتابة رسائل لسفراء حكومة الاحتلال في دولكم، ولخارجية الاحتلال الإسرائيلي، ومساءلتهم عن تهديدات المستوطنين للسكان الأصليين ولأصحاب الأرض، والاعتقالات غير القانونية وجميع الانتهاكات الإسرائيلية التي ستؤدي الى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها، ومتابعة هذه الخروقات من قبل مؤسسات حقوق الإنسان.
لقد آن الأوان لتحمل مسؤولياتكم الأخلاقية والسياسية والقانونية في رحيل المستوطنين والاحتلال الوحيد المتبقي في العالم.
دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير
zaولم توفر قوات الاحتلال جهداً في لجم الكفاح الشعبي، وتعمدت استهداف نشطاء المقاومة السلمية وقادتها وملاحقتهم خشية نجاح جهودهم في تعرية ممارساتها الاستعمارية والكشف عن وجهها الاحتلالي البشع وتحالفها الوثيق مع غلاة المستوطنين أمام العالم. فقتلت عددا منهم مع سابق الإصرار والترصد وعلى رأسهم الشهيد مصطفى التميمي، شهيد المقاومة الشعبية الأول الذي سقط عام 2009، تبعه الشهيد باسم أبو رحمة، والشهيدة جواهر أبو رحمة في 2011.
إلاّ أن هذه الممارسات الإجرامية لم تمنع حماة الأرض من الدفاع عن أرضهم، إيمانا بحقهم الطبيعي بحمايتها والعيش عليها بأمن وسلام. ففي مدينة الخليل، تصدرت المقاومة السلمية أجندة قادة جيش الاحتلال ومستوطنيه في المدينة، وأثارت حالة من الفزع والتوتر دفعها الى مطاردة القائمين على قيادة النشاطات السلمية وتهديدهم بالتصفية الجسدية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، شكل المهندس عيسى عمرو، منسق تجمع شباب ضد الاستيطان في الخليل، أحد أبرز الأهداف المباشرة والمهددة بالاغتيال والاعتقال على يد الاحتلال. فقد اختير عمرو 'مدافعاً عن حقوق الإنسان لعام 2010' من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وهو يعدّ من أبرز المشاركين في تخطيط وتنفيذ فكرة قرية باب الشمس الفلسطينية، حيث شكّل مع رفاقه حركة التضامن الدولية في الخليل، وتمكنوا من استعادة قرى دمرها المستوطنون. ونظموا دوريات ليلية لحراسة الأهالي من بطش المستوطنين، واتخذوا من أجسادهم سلاسل بشرية لمنع هجمات المستوطنين الإرهابية على الأهالي وممتلكاتهم. كما شاركت التجمعات السلمية بالتعاون مع لجان الدفاع عن الخليل بتأسيس 'مشروع تل رميدة لحقوق الإنسان'، وإسكان المتضامنين الأجانب والإسرائيليين مع العائلات الفلسطينية لحمايتهم. وأسس عمرو ورفاقه مشروع الرد بالتصوير، حيث تم توزيع كاميرات فيديو على العائلات الفلسطينية في منطقة تل الرميده وشارع الشهداء ومحيط مستوطنة 'كريات أربع'، ودربوا العائلات على تصوير الاعتداءات المتكررة عليهم وتوزيعها على وسائل الاعلام والفضائيات العربية والدولية.
توصل المستوطنون لقرار التخلص من عيسى ورفاقه كمقدمة للتخلص من فكرة المقاومة الشعبية المناهضة للاحتلال، فقام كل من رئيس بلدية الحي اليهودي ابراهام بن يوس والمدير العام للحي أوري كارزن بتوجيه رسالة الى قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال 'آفي بلوث'، وقائد شرطة الخليل 'اسحق رشاميم' تطالب بوقف نشاطات عمرو مباشرة، والتهديد بالتخلص منه على طريقتهم نهائياً إن لم يتم اعتقاله إداريا، وتوعدوا أن أي تأخير في التعاطي في هذه القضية سيكون مكلفاً ويؤدي الى إراقة الدماء'. وقد تم توزيع الرسالة على وسائل الاعلام العبرية والدولية في سابقة هي الأولى من نوعها .
وقد أسفرت الضغوطات التي مارستها أعلى سلطة تمثيلية للمستوطنين عن اعتقال عيسى ومجموعة من أصدقائه لأكثر من 20 مرة في العام الماضي ما بين حالة اعتقال واحتجاز وتنكيل، واعتقل للمرة الواحدة والعشرين بتاريخ 9 نيسان الجاري على خلفية تصويره مقطع فيديو يظهر فيه تعليم وسائل المقاومة السلمية صباحاً، ومنع قوات الاحتلال لشباب التجمع من حماية الأهالي، ورصد انتهاكات المستوطنين ليلاً.
يقول عمرو: 'لقد أثارت فعالياتنا الشعبية والدفاع عن أرضنا بالطرق السلمية غضب المستوطنين وحفيظتهم، وشعروا بالضغط والتوتر، ورداً على ذلك، قاموا بحرق مركز تل رميدة، تحت حماية مطلقة من قوات جيش الاحتلال الذين لم يبعدوا سوى خمسة أمتار عن المركز، حيث أنهم يعيشون مع المستوطنين، ويأكلون من طعامهم، ويعيشون سوياً بوحدة متناغمة، هذا بالإضافة إلى أن غالبية قادة الجيش وجنود الاحتلال هم من المستوطنين أنفسهم، ويدعمون بعضهم البعض'.
ويضيف: 'إن قوات الاحتلال على دراية تامة بأفعال المستوطنين، ويعملون كوسائل ردع للنشطاء الفلسطينيين، ويرصدون تحركاتهم بشكل كامل ودقيق، ويؤمنون لهم الحماية، وينسقون لتغطية المنطقة أمنياً للاعتداء على الحقول وكروم العنب، والممتلكات والأهالي والبيوت الآمنة، ولا تتم محاسبتهم على الإطلاق على الرغم من مئات الشكاوي التي يقدمها السكان'.
إن عيسى عمرو، وهو يمثّل حالة شعب بأكمله تحت الاحتلال، يوجه رسالة إلى العالم والمجتمع الدولي، مفادها أن الاستيطان الاستعماري الذي خلقته إسرائيل هو جريمة وانتهاك صارخ للقوانين والاتفاقات الدولية يشهد عليها العالم بأكمله، وأن إدامة وجود المستوطنين على حساب الأرض والإنسان الفلسطيني، ودعمهم بالمال والسلاح وحمايتهم من قبل قوات الاحتلال، هو جريمة حرب أخرى وفقاً لاتفاق روما.
ويطالب عمرو المجتمع الدولي وهيئات حقوق الإنسان العالمية والأمم المتحدة بالتدخل العاجل لحماية شعبنا والمدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطيني، وتسليط الضوء على تهديدات المستوطنين لنشطاء المقاومة الشعبية السلمية، واستخدامهم لجيش وشرطة الاحتلال للتخلص من كل من يرصد انتهاكاتهم غير القانونية.
ويضيف: 'إننا ندعوكم الى كتابة رسائل لسفراء حكومة الاحتلال في دولكم، ولخارجية الاحتلال الإسرائيلي، ومساءلتهم عن تهديدات المستوطنين للسكان الأصليين ولأصحاب الأرض، والاعتقالات غير القانونية وجميع الانتهاكات الإسرائيلية التي ستؤدي الى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها، ومتابعة هذه الخروقات من قبل مؤسسات حقوق الإنسان.
لقد آن الأوان لتحمل مسؤولياتكم الأخلاقية والسياسية والقانونية في رحيل المستوطنين والاحتلال الوحيد المتبقي في العالم.
دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير