"القطار الخفيف" ثقيل على المقدسيين.. وشرعنته "جريمة حرب"
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
سعيد عموري - أثار قرار المحكمة المركزية في باريس، الذي "شرعَن"، مشروع القطار الخفيف، ونفذته شركتان فرنسيتان، في القدس المحتلة، عدة تساؤلات حول نزاهة وحيادية القرار، لا سيما وان اكثر من 60% من خط السكة الحديدية، مقام على اراضٍ يعترف المجتمع الدولي (بما فيه فرنسا) بأنها اراض "محتلة" يحظر تغيير طابعها او نقل سكان من الدولة القائمة بالاحتلال (اسرائيل) نقل سكان لها والاستيطان فيها.
وبررت المحكمة الفرنسية قرارها في قضية القطار الخفيف الذي اصدرته قبل نحو اسبوع، وذلك بعد نحو خمس سنوات من رفع هذه القضية من قبل منظمة مناصرة للفلسطينيين، بالقول: "رغم أن القطار أقيم في منطقة محتلة، الا انه يخدم سكان هذه المناطق (الفلسطينيين) أيضاً، حيث يمر القطار عبر شطري القدس" الغربي الذي ينظر له كجزء من اسرائيل، والشرقي الذي يقر العالم بأنه ارض فلسطينية محتلة يتوجب على دولة الاحتلال (اسرائيل) الانسحاب منه، ما يشكل مخالفة فرنسية صارخة لقواعد اتفاقية جنيف الرابعة، والقواعد المتفق عليها باعتبار القدس الشرقية جزءا من الاراضي المحتلة (لا تزال دول العالم، بما فيها فرنسا، ترفض حتى مجرد عقد اي لقاءات مع مسؤولين اسرائيليين في القدس الشرقية انسجاما مع فكرة انها ارض محتلة).
وبالعودة الى تبرير المحكمة الفرنسية المستندة الى "استفادة الفلسطينيين ايضا من القطار"، رغم ان الجزء الاكبر من خط سكة الحديد (60% منها) يمر بالجزء الشرقي من القدس، الذي احتل عام 1967، الا ان بلدة شعفاط هي التجمع العربي الوحيد الذي يعبره القطار، ولكن ليس لخدمة سكانه، بقدر ما هو كمسار اجباري للوصول الى المستوطنات، وتحديدا مستوطنتي "التلة الفرنسية" و"بسغات زئيف" المقامتين على جزء من اراضي القدس التي احتلتها اسرائيل عام 1967.
وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت، الدكتور ياسر عموري، تعقيبا على قرار المحكمة الفرنسية، ومدى انسجامه مع قواعد القانون الدولي:"إن القرار الصادر عن المحكمة الفرنسية يخالف القواعد والاحكام المتفق عليها باعتبار القدس الشرقية جزءاً من الاراضي الفلسطينية، ما يعني ان اسرائيل لا يمكنها تغيير المعالم الديمغرافية والدينية فيها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة".
واضاف العموري في حديث لـ القدس دوت كوم: "من الواضح تماماً ان القطار يربط بين المستوطنات الاسرائيلية في القدس، التي هي بالاساس مبنية على أراضٍ محتلة، واستنادا لذلك، فإن القانون الدولي، يعتبر فرنسا شريكة في جريمة حرب، كما انها تكون انتهكت القانون الدولي الانساني".
وعن استفادة المقدسيين من القطار واستخدامهم له، اشار عموري الى "ان المسافة التي يقطعها القطار في مناطق القدس الشرقية بسيطة للغاية، وهم جعلوه يمر منها لانهم مضطرين لذلك.. كان الأجدر بهم، حسب القانون الدولي، مراجعة المقدسيين، الذين سيمر خط القطار بمناطقهم، والحصول على موافقتهم".
ويبلغ طول خط سير "القطار الخفيف" 14 كيلومتراً، منها نحو كيلو ونصف الكيلومتر في بلدة شعفاط، التي يقطنها نحو 35 الف فلسطيني، علما بأن اجمالي عدد السكان الفلسطينيين في القدس يبلغ نحو 300 الف نسمة، ما يظهر حقيقة حدود الإفادة المتحققة للفلسطينيين التي بررت المحكمة الفرنسية قرارها بالاستنادا لها.
ويحتل مسار القطار في بلدة شعفاط المكتظة بالسكان، نحو ثلثي مساحة الشارع الرئيس فيها، ما إضطر بلدية الاحتلال في القدس لتخصيص مسلكٍ واحد فقط لسير مركبات المواطنين هناك، علما أن اكثر من 20 مركبة تعبر هذا الشارع كل دقيقة، ما خلق أزمة مرورية خانقة، خاصة في ساعات الصباح، حيث اصبح سكان شعفاط مضطرين لتبكير وقت مغادرة منازلهم عند التوجه لاعمالهم ومدارسهم، بأكثر من نصف ساعة، تتبدد كل صباح بسبب الازمة المرورية.
ولا يعتبر القطار وسيلة رئيسية يعتمد عليها المقدسيون للتنقل، حيث لا يشكلون 30% من مجمل ركابه في الايام العادية، فمن أصل 23 محطة تنتشر على امتداد خط سير القطار، لا يزيد عدد المحطات المقامة في المناطق العربية (شعفاط وقرب البلدة القديمة من القدس) عن 4 محطات، في حين يشكل سكان مستوطنات "بسغات زئيف" و"النبي يعقوب" و"التلة الفرنسية" ومنطقة "بيت هكيرم" معظم ركاب القطار.
ونظرا لأن مقاطع من خط سير القطار الخفيف في القدس اقيمت في تجمع عربي كثيف بالسكان، فان القطار يشكل خطرا حقيقيا ومباشرا على سلامة الفلسطينيين وخاصة الذين تقع بيوتهم قرب سكة القطار، فقد توفي قبل نحو 3 أعوام الفتى عبد الجبار الصفا (16 عاما)، عقب انزلاقه على الشارع الرئيس ودهسته شاحنة نقل لم يستطع سائقها السيطرة عليها او الانحراف بسبب ضيق الشارع الذي ذهب ثلثيه للقطار ولم يتبق منه للمركبات غير مسار واحد.
وقال الناشط المجتمعي النقابي منويل عبد العال من بلدة شعفاط: "إن مرور القطار عبر البلدة، أثّر بشكل سلبي على النشاط الاقتصادي فيها، بسبب تضييق الشارع، لان المتسوقين اصبحوا يتجنبون دخول البلدة".
واعرب عبد العال عن استغرابه من قرار المحكمة الفرنسية، قائلاً: "كيف يخدم السكان العرب، علما بأنه يتم تعطيله (وقفه عن العمل) خلال الاعياد اليهودية مثلا، ولا يتم بالطبع ذلك خلال اعياد المسلمين والمسيحيين..!!".
وقال: "إن إسرائيل تسعى لإجبار المقدسيين في بلدة شعفاط على استخدام القطار، من خلال منع الحافلات العمومية من المرور منها، عبر شق شارع آخر (بديل) باسم شارع "21".
يذكر ان بلدة شعفاط تضم 5 مدارس، يتعلم فيها اكثر من 1000 طالب وطالبة، وتطل بوابات هذه المدارس على الشارع الرئيس، ولا تبعد اكثر من 3 امتار عن خط السكة الحديدية للقطار الخفيف، ما يشكل تهديدا مباشرا على سلامة التلاميذ الفلسطينيين فيها.