استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

أطفالُ القدس.. اعتقالاتٌ وحبسٌ منزليّ وإبعادٌ بالجُملة

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
فاطمة أبوسبيتان - كان الراحل ياسر عرفات، يُؤثر وصف أطفال فلسطين بـ "جنرالات الحجارة"، ولكن بين رمزية الدلالة التي كانت تحرك ابو عمار ويدركها جيداً، وحقيقة الواقع، هوة ضخمة، لا يراها قمع المحتل وسياساته التي اصبحت تتعامل مع اطفال فلسطين كجنرلات حرب حقيقيين.
هكذا.. فإن الصغار ليسوا محصنين أو محميين من أي قمع أو قانون أو إجراء قد تتخذه سلطات الاحتلال، ولم تعد التهم مقتصرة على قادة أو مقاومين، بل تجاوزت هؤلاء لتطال أطفالا دون السادسة عشرة، ما جعل صهيب الأعور (15 عاماً)، يعتقل وبانتظاره ملفان: أُغلق الأول الذي يتعلق بتهم رشق الحجارة والمولوتوف على قوات الاحتلال، وملف آخر ينظر الان امام المحكمة، ويتلخص باتهامه بـ "تنظيم خلية فتية في سلوان"!
ووفقاً لرواية مرشدته النفسية سحر العباسي، فإن رجل الأمن الإسرائيلي الذي حقق مع الطفل صهيب الأعور، في زنازين المسكوبية، وضع كرسياً على ركبتي صهيب، الذي لم يكن تجاوز الـ 14 من عمره، حيث كان جالساً على كرسي أيضاً، ويداه مكبّلتان إلى الخلف، وجلس (المحقق) بكل ثقله فوق الطفل بهذه الوضعية. وأُخضع الطفل صهيب في سجن المسكوبية للتحقيق والتعذيب والضغط طوال ثلاثين يوما، في كل يوم حكاية، تعرض فيها لكافة أنواع الضغط النفسي والضرب المبرح، حرموه من النوم ومن زيارة المحامي وذويه، كما حُرم من "لقمة هنيّة يرُمُّ بها جسده الهزيل"، ولعل خسارته 10 كيلوغرامات من وزنه خلال شهر، مؤشر على بعض ما تعرض له.
ويعتبر مجرد الاحتجاز في الزنزانة تعذيباً لا يتوقف، فالمكان لا يصلح لمكوث البشر، فهي أقرب للمصارف الصحية، حيث لا تبرحها المياه العادمة والروائح الكريهة والجرذان، ما يجعل مغادرتها حلما حتى لو كان للمحكمة، لكن الاحتلال سعى لتبديد ذلك، حيث كان يعمد لنقل الفتى صهيب من الزنزانة إلى غرفة أكثر قذارة، فضلاً عن أنه كان يضعه لساعات تحت مكيف هواء بارد جداً لا يناسب شهر آذار (الوقت الذي اعتقل فيه عام 2012).
وخرج صهيب بعد اتهامه برشق الحجارة والمولوتوف على جنود الاحتلال من السجن، ليتم حبسه في المنزل، وليُبعدَ من بيته الى بيت جدته في جبل المكبر لمدة 4 شهور، فضلاً عن فرض غرامة مالية عليه، حيث دفعت عائلته نحو 18 ألف شيقل نقداً، وأرغمت على أن توقع على دفع مبلغ 65 ألف شيقل أخرى في حال خرق ابنها "قوانين الحبس المنزلي" الذي فرض عليه بعد خروجه من السجن.
وبعد أن أنتهت فترة الحبس والإبعاد عند جدته، فرض الاحتلال على الفتى صهيب، الحبس في سجن آخر، كان هذه المرة في منزله الكائن في سلوان، ولكن بعد تحركات من العائلة، سمحت سلطات الاحتلال لصهيب بالذهاب لمدرسته على أن ترافقه والدته في رحلة ذهابه وإيابه، إلا أن الاحتلال اعتقله مرة أخرى من موقف الباصات (وهو برفقة والدته) بعد مغادرته المدرسة، متهماً إياه هذه المرة بـ"خرق قانون الحبس المنزلي، ومحاولة ضرب مستوطن".
ورغم أن صهيب أنهى فترة الحبس المنزلي الذي فُرض عليه منذ نحو شهرين، إلا أن الاحتلال مستمر في مطاردته، حيث اعتقله مجدداً فجر الأحد 5-5-2013 من حارة الأعور في سلوان.
وليس الفتى صهيب غير واحد من عشرات الأطفال الفلسطينيين الذين باتوا هدفاً رئيساً لملاحقات الاحتلال، لا سيما في القدس المحتلة، حيث اعتقل بعضهم أكثر من 13 مرة، حُرموا خلالها من أبسط الحقوق، فضلاً عما تركته من آثار نفسية وجسدية جسيمة ستلازمهم طوال سنوات طويلة، وربما لن تفارقهم طوال أعمارهم.
وحسب التقارير الشهرية التي أعدها مركز معلومات وادي حلوة، فإن شهر كانون الثاني من العام الحالي، سجل أعلى نسبة اعتقال بين الأطفال ما دون السادسة عشرة، حيث اعتقل نحو 70 طفلاً (من سلوان، العيسوية، البلدة القديمة، حي الشيخ جراح)، وفي شباط 50 طفلاً (سلوان، العيسوية، البلدة القديمة). ولم يستطع المركز إحصاء عدد الاعتقالات في شهر آذار، او مجمل الاعتقالات التي تمت في كافة أحياء القدس، أما خلال شهر نيسان الماضي، فقد اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 25 طفلاً من مناطق الطور، والعيسوية، وسلوان، وصورباهر، والقدس، من منازلهم وبشكل مخالف حتى للقانون الإسرائيلي ذاته، حيث يتم تكبيل ايديهم وعصب عيونهم، ولا يسمح لأحد من آبائهم بمرافقتهم.
ويتعرض هؤلاء الصغار كما الكبار، لعمليات تحقيق قاسية وممنهجة، ويحتجزون في ظروف مرعبة ويتعرضون لضرب وحشي، لانتزاع اعترافات تستخدم كأدلة لإدانتهم، حيث حقق الاحتلال جزءاً من أهداف ذلك عبر زرع الرعب في قلوب أطفال القدس، لدرجة أن قسماً منهم باتوا يؤثرون عدم مغادرة منازلهم حتى لمدارسهم، التي لم تعد آمنة من ملاحقات الجنود لهم.
ويوضح مدير مركز معلومات وادي حلوة في سلوان، جواد صيام، لـ القدس دوت كوم أن " نسبة التسرب من المدارس، ازدادت في الآونة الأخيرة، في عدة مناطق بالقدس بسبب اقتحام القوات الإسرائيلية الخاصة والجيش للمدارس، وإلقاء قنابل الصوت والغاز الدامع في باحاتها لإرهاب الأطفال، ثم اعتقالهم دون تدخل أي أحد". وقال: "أنا أُجزم أن 30% من أطفال سلوان تسرّبوا أثناء ملاحقتهم في مدارسهم".
وأشار إلى أن وتيرة اعتقال الأطفال ارتفعت منذ الانتفاضة الأولى، حيث تم استهداف الأطفال بشكل خاص بسبب "الحجارة"، ولم يكتفِ الاحتلال باعتقال الطفل مرة واحدة، بل كرر ذلك عدة مرات، تماماً كما حدث مع الطفلين مسلم عودة ولؤي الرجبي، اللذين اعتقلا أكثر من 13 مرة.
ويصف صيام لجوء الاحتلال لعقوبة الحبس المنزلي والإبعاد التي تتبعها سلطات الاحتلال على نطاق واسع ضد أبناء القدس المحتلة، بأنها "سياسة عذاب تلحق بشكل أوتوماتيكي باعتقالات الأطفال، وبالرغم من أن الأهل يعتبرونها أفضل من السجن الفعلي، إلا أن الأطفال يتذمّرون منها، وتسوء نفسيتهم إزاءها، وتقيّد حريتهم وتحرمهم من أبسط حقوقهم في اللعب والتجوال في مناطق سكناهم". أما الإبعاد، فحكاية أخرى تُنهك الوالدين اللذين يتوجّب عليهما التواجد مع الطفل المبعد عن منزله طوال الوقت، (24 ساعة)، لتلبية متطلباته، عدا عن المبالغ الطائلة التي يوقّعون عليها في حال خرق قوانين الإبعاد والحبس المنزلي.
وتقول مركّزة نشاطات الأطفال والنساء في دائرة الصحة النفسية والاجتماعية في مركز مدى، سحر العباسي، تعقيباً على الآثار التي تتسبب بها سياسات الاعتقال، والإبعاد، والحبس المنزلي التي طالت مئات الأطفال والفتية: " إن 23% من الأطفال الصغار الذين تعرضوا للاعتقال، يعانون من التبول اللاإرادي والخوف والهلع، وأن 42% تأخروا في دراستهم، و 44 % منهم تركوا المدرسة بشكل نهائي".
وأشارت العباسي إلى أن السبب في هذه التأثيرات هو سياسة الحبس المنزلي التي تعقب الاعتقالات، فالأهل لا يَعون قوانين هذا الحبس، ورغم انه يسمح للطفل بالذهاب إلى مدرسته إلا أن ذويه يمنعونه خوفاً عليه، ما يؤدي الى تأخره عن دراسته، ويبعده عن اجواء الدراسة، وصولا إلى فصله من المدرسة في كثير من الاحيان.
ولفتت إلى أن 27 % من الأطفال كانوا بحاجة لرعاية طبية مباشرة بعد خروجهم من السجون الإسرائيلية، فمنهم من خرج وقد اصيب بنزيف في عينه، وآخر بآلام شديدة في الظهر، ورضوض في الجسد، نتيجة الأسلوب القاسي في التعامل معهم أثناء التحقيق. موضحة أن 90% من الأطفال الذين اعتُقلوا كان لديهم حالات ترقّب وهلع وفقدان شهية وكوابيس ليلية في الأسبوع الأول لخروجهم من السجن.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025