"قراءه في رواية يا مريم جنون الواقع" - حسن صالح
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
وأنت تهم بقراءة رواية " يا مريم للأديب العراقي سنان انطون ،يجب ان يحضر معك الكثيرون وخاصة أولئك الساسة الدين اطلقوا مارد الطائفية ووحشها بالتعبير اﻻنسب واؤلئك الدين يجعلون من اﻻديان مطية ممكنه وسهلة لتخريب اﻻوطان واشعال الاحقاد لصالح حفنة من المال ولكنهم ودائما يفعلون ذلك لخدمة قوى خارحية معلومة او غير معلومة. ان جمال او قسوة هده الرواية ينبع من قدرة كاتبها سنان انطون على استخدام لغة بسيطة واﻻبتعاد المتعمد عن جماليات اللغة وزخرفها ﻻنه يعرف ان استخدامها يغاير قسوة الواقع ويومياته الثقيلة ويفقدها هذا الصدق والوجع الذي تعبر عنه . يا مريم وكأنها رواية للوجع العراقي.ومن شدة صدقها ربما تتلمس وجع ما يجري في ليبيا ومصر مع بعض اﻻختلاف في مكونات المجتمع هنا أو هناك , وان كان الوجع اقرب الى واقع ما يحري في سوريا فلعبة الطائفية والتفجير والقتل على الهوية تهدم بنيان المجتمع واعمدته وتفتح اﻻبواب لهروب طاقات البلاد ماﻻ وعلما وشبابا الى الخارج بحثا عن حياة يومية عادية وانسانية وكرامة , وسبل عيش صارت عزيزة ان لم نقل ملفوفة وملفعة بالخوف والموت .أما آن للجميع ان يفهم ان مجتمعاتنا تتكون من تشكيلات اجتماعية متنوعة دينيا وأعراقا وطوائف.. وهو ما يتوقف في تعايشه معا على الفكرة والسياسة القائمة فإما أن تحول ( الفكرة والسياسة) أن تحول ّذلك التنوع إلى مصادر للغنى في التعايش ثقافيا وانسانيا وحتى ماليا واقتصاديا..بدﻻ من اﻻقتتال واﻻختصام وذهاب الريح ؟!.
وبين هّذا الصراع الإنساني لأبطال الرواية بين الضدين السابقين تدور أحداثها الرواية..فيصبح حتى زمن اﻻنقلابات العسكرية زمن عبد الكريم قاسم وعبد الرحمن وعبد السلام عارف في نهاية الخمسينات والسيتينات مقبوﻻ ومعقوﻻ أمام هذيان العنف الطائفي والقنابل المنفجرة داخل الكنائس والحسينيات والجوامع.
هل الصخب والمحاورة القلقة والصادمة بين مها وعمها رغم احترامها له،نتاج حاضر صار ضيقا ومنرفزا ،خائفا ومخوفا حتى وان كانت هذه المجابهة الكلامية بين الماضي والحاضر حيث يقول "العم:"هل اهرب فعلا من الحاضر إلى ملجأ الماضي."فما العيب في ذلك اذا كان الحاضر مفخخا ومليئا باﻻنفجارات .
أما المفجع فهو توصيف الغربة في الوطن ووجع الرقابة وان ﻻ تكون أنت أنت، أن تكون محلا للاستغراب واﻻستتكار وخاصة استنكار النظرات الظالمة،وكل ذلك ﻻ لشيء سوى انك آخر في الديانة او الطائفة.. أو آخر بأي شيء آخر، حينها يصبح كل شيء يابسا..ضيقا..جارحا وذابحا !!؟.
ناهيك عن تطور المفردات إلى مفردات جديدة"اختطاف ،فديه الخ". والمرعب عندما يقتل الخاطفون المخطوف على الهوية وينحرونه .
يا مريم رواية في اﻻدب صحيح تماما, ولكنها رواية الوجع في لحظة تدهور المجتمع إلى الغرائز الذابحة واﻻنقسامات العبثية للذات والروح والتجربة الواحدة. هذه رواية يجب أن يقرآها أهل السياسة أوﻻ وان يركز اﻻعلاميون الضوء عليها, وان يتناقلها الشباب كأفكار وحوارات ومواقف وقراءة حتى نستطيع جميعا أن نفعل ولو صغيرا ومحدودا أمام بشاعة ما يجري في بلادنا.
شكرا سنان انطون وروايتك يا مريم وقدرتك على إيلام أرواحنا الضروري والمهم .