برقة تسترد أرضها المغتصبة - بدوية السامري
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
sh'كأنني وجدت ابني المفقود منذ سنوات، وهل أجمل من هذا الشعور؟ سعادتي لا يمكن وصفها بالكلمات' هكذا عبّر فتح الله حجة (65 عاماً) عن شعوره بقرب استعادة 21 دونماً و600 متر مربع من أرضه وأرض أشقائه، التي تستولي عليها سلطات الاحتلال في قرية برقة شمال نابلس.
وقال 'عادت أرضنا، عاد وزننا، فمن ليس له أرض ليس له وزن. إنه عيدنا، استرداد أرضنا.. عرضنا'.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت قرارا بإلغاء وضع اليد وإعادة أكثر من 2200 دونم من أراضي قرية برقة وتسليمها لأصحابها، والتي استولت عليها سلطات الاحتلال منذ عام 1978 وأقامت عليها مستوطنة 'حومش'.
وقال حجة: 'كنت شاباً في ذلك الوقت، لا يمكن أن أنسى أشجار الزيتون، والتين، واللوز، والمشمش، والرمان، والعنب. كانت رائعة، وكنا نعمل بها لساعات متأخرة من الليل، إلى أن جاء قرار الاستيلاء عليها. ذهب تعب سنوات من العمل ليقلع الأشجار ويحطم كل طموح بنيناه فيها'.
وأضاف: ربما تحوي الأراضي الآن أقل من ربع الأشجار التي كانت عليها في ذلك الوقت، لكننا سنعود لزراعتها، والسكن والبناء فيها، ولن أسمح للمساس بها ثانية.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، إنه وبقرار المحكمة انتصرت قرية برقة، واستعادت 2200 دونم من أراضيها التي كان يسيطر عليها الاحتلال وسط مستوطنة حومش المخلاة والتي كانت مقامة على أراضي القرية.
وقال: 'اليوم ابتسم التراب الذي اشتاق لأنامل أصحابه، الذين غابوا عنها 35 عاماً'.
وأضاف دغلس أن المستوطنة التي أخليت منذ العام 2005 لم يستطع أصحاب الأراضي الوصول إليها بسبب استخدامها لأغراض التدريبات العسكرية، وفي كثير من الأحيان لتنزه المستوطنين ما سبب خشية أصحاب الأراضي من إعادة استصلاحها.
وقال: 'إنها من أجمل المناطق في الريف الفلسطيني'.
تقع قرية برقة شمال غرب نابلس، وتبلغ مساحتها حوالي 26 ألف دونم، ويبلغ عدد سكانها حالياً حوالي 5 آلاف نسمة.
وكانت مستوطنة حومش قد أقيمت في العام 1978 على مساحة 700 دونم من أراضي الفلسطينيين من سكان قرية برقة، حيث تم الاستيلاء على هذه المساحة لأغراض عسكرية بحسب وصف حكومة الاحتلال، وفقاً لما كان متبعاً آنذاك.
وأقيمت مباني المستوطنة في المكان، وصدرت أوامر وضع اليد على أراض إضافية، وفي العام 2005 ووفقاً لخطة الانسحاب أحادي الجانب، تم إخلاء المستوطنة وهدم المباني المقامة، وظل الموقع مهجوراً منذ تلك الفترة إلا من خزان للمياه، ويحاول المستوطنون بين الحين والآخر العودة إلى المكان من خلال أعمال تنظمها حركة 'حومش أولا'، حيث كان يتم إخلاؤهم من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.
وأشار مشير سيف الذي يملك مع أشقائه 45 دونماً من الأراضي المستعادة، إلى أنه ما زال يتذكر عرض الإدارة المدنية التابعة للاحتلال على جده بيع الأراضي أو استئجارها، وقال: أتذكر جيداً مدى رفضه، وغضبه، وحنقه، فالأرض بالنسبة له حياته، وفي ذلك الوقت أعلن جميع الأهالي وقفتهم يداً واحدة برفضهم لأشكال الظلم والسيطرة'.
وأضاف سيف أن الأهالي شكلّوا لجنة للمطالبة باستعادة أراضيهم وتوجهوا إلى مركز القدس للمساعدة القانونية بعد إخلاء المستوطنة في العام 2005، وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار.
ودعا الجهات المسؤولة والمعنية لدعم أصحاب الأراضي في إعادة تحديد كل حصة منها لأصحابها، وتسييجها، وزراعتها وتغيير الواقع الحالي.
وقال رئيس مجلس قروي برقة جهاد شريدة: بعد إخلاء مستوطنة حومش سمحت سلطات الاحتلال للمستوطنين التنزه بها، فخشي أصحاب الأراضي من العودة إليها.
ووصف الشريدة استقبال أهالي القرية للخبر بـ'العيد'، فالفرحة عمت الجميع والسعادة بدت واضحة على الوجوه، لكنه حذر من عدم انصياع المستوطنين لقرار المحكمة الإسرائيلية قائلاً: إن أربعة سيارات خاصة بالمستوطنين تواجدت في هذه الأراضي، وترجل منها المستوطنون ومكثوا مدة من الوقت هناك.
وقال مدير دائرة المناصرة في مركز القدس للمساعدة القانونية عبد الله حماد، إن الأراضي بقيت عرضة لاعتداءات المستوطنين حتى بعد إخلائها عام 2005، فتوجه أصحاب الأراضي للمحكمة لاستعادتها، ومن ثم التعويض عما لحق بهم من أضرار بفعل انتهاكات المستوطنين، خلال 35 عاماً مضت.
وأضاف: كان هناك أمر بوضع اليد على الأراضي من قبل سلطات الاحتلال ولم يُلغ إلا بقرار المحكمة بإعادة الأراضي لأصحابها، ليعود التراب إلى حضن أهله.