ختام (14) عاما ..قصة إعاقة تخترق حاجز العجز
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
ابتهال الرجوب وهبة النتشة-
هي المأساة الكئيبة التي رسمت بفرشاة الحزن، ولونت بسواد الحظ ، فبين تلك القسمات الرقيقة وبين تلك العيون الغارقة في بحار المعاناة قصة تشابكت خيوطها التي حكيت بظلم الإنسان وقهر الزمان، براءة طفل لم يبلغ الرابعة عشر من عمره ،وئدت على عتبات الإعاقة والعجز أو هكذا أريد لها ، ففي ركن ضيق من فناء بيتها تجلس متطلعة بعيون الشوق إلى أفق الانتظار ،ترتمي على رصيف الذكريات المؤلمة التي اجتاحت ماضيها ، وترتجى في ذات الوقت الزحف نحو بر الأمان في مستقبل يكون أفضل مما كان .
ختام البالغة من العمر 14عاما ، من مدينة الخليل ،تروي قصتها من حيث الختام،ربما لم تداري الحياة ألمها الذي عقد قرانه عليها مذ كانت في جوف الغيب ، ترفض بصوت يكسوه الحزن والألم أن تتحدث بادئ الأمر عما حل بها ،بل تود أن تصل الرسالة قبل أي شيء ،حققت ختام ولازالت ترنو الوصول إلى هدف تريده ، قائلة :"رغم كل المعيقات والتحديات ، ورغم الإعاقة إلا أنني استطعت أن اثبت وجودي بتميزي وتفوقي ، بعد تلك الصفعة الكبيرة التي تعرضت لها ."
حكاية المعاناة
وأي صفعة تعرضت لها ختام لا احد كان يدري .بل الكل يدري ولكنهم يخفون الحقيقة ويهضمون حق كل من كتب عليه أن يكون معاقا ، تستكمل ختام حديثها الذي ينزف ألما وكمدا، وينفطر له كل قلب، كيف بدأت معاناتها قائلة :" عند ولادتي ولدت وولدت الإعاقة معي، وباتت قرينا ثقيلا يلازمني ،فقد كانت ركبتاي تتجهان نحو الخلف، وقدماي متلاصقتان لجسدي ،كان هذا حملا ثقيلا على عائلتي ، فأبي كان يعاني من مرض الفشل الكلوي، أما أمي فمصابة بمرض السكري".
ولبرهة قصيرة يخيم الصمت على أرجاء المكان ،وتغرورق العينان بالدموع التي سرعان ما تتحول إلى بكاء شديد يغطي ملاح ذاك الوجه ،فما يختلج ذاك القلب ،وما يعتمل ذاك الصدر لا يمكن لأي احد تقمصه أو حتى الشعور به ،تعاود ختام الحديث بتبمتتمات بالكاد تسمع لتكمل رواية تلك الحكاية وتقول :"منذ صغري ومن ذاك الوقت بدأت اخضع لعمليات جراحية عدة ،لقد أصبحت حقل تجارب، وكل مرة كانت المحاولات تبوء بالفشل ،حتى أن الأطباء يأسوا من الأمر ، فلم يكن هناك أي تحسن يمكن أن يشي ببارقة أمل، على العكس تماما كنت من سيء إلى أسوء ،استسلم أهلي كما استسلم الأطباء وها أنا أعيش مع هذا الوضع كما ترون ."
وتستطرد ختام قولها :"عندما كبرت وبلغت الخامسة من عمري ،كنت كايما طفل يحلم بذهاب إلى المدرسة، والتعلم وكان هذا حقي دون أن يمنه على أي شخص ،ذهبت إلى المدرسة المجاورة لبيتنا برفقة والدتي وقدمت كل الأوراق المطلوبة وتم قبولي ،لقد كانت لحظات رائعة ،فعلى الرغم من صغري وعدم إدراكي للأمر ."
وفي لجة تلك اللحظة ترتسم على وجهها ابتسامة سرعان ما تقتلها الأحداث التالية ،تقول ختام :" بعد أسبوعين من بداية الدراسة ،قامت مديرة المدرسة بطردي دون رحمة أو حتى شفقة منها ، لقد قالت لامي أنني لا استطيع قضاء حاجتي بمفردي وأنني أتحرك على عجلات ،هذه مدرسة حكومية وليست حضانة أطفال .:
"هذه مدرسة حكومية وليست حضانة أطفال " بهذه الكلمات حاولت تلك المدرسة أن تقتل حلم ختام بالتعلم ، ولعام كامل نزلت ختام تحت وطأت قرار معلمة بالفصل من المدرسة تقول :"لقد مكثت في المنزل عاما كاملا دون فعل أي شيء ،او حتى دون محاولات من احد لإعادتي ،التهمة الوحيدة التي وجهت لي كانت هي الإعاقة والعجز .
وفي لحظة تتغير ملامح ذاك الوجه لتتزين بالإصرار والتحدي تستكمل ختام حديثها :" بعد عام كامل ،قامت أمي تسجيلي في إحدى المدارس الخاصة بالمعافيين ،وهناك قامت ادارة المدرسة بارسالي مرة اخرى الى احدى المدارس الحكومية ليتكرر ذاك المشهد ،طردت رغم التفوق الكبير الذي اظهرته لهم ،لكن حجة الاعاقة عندهم كانت هي الاقوى ، لاعود وامكث في البيت 3 سنوت .وعلى الرغم من ان عمري 14 عاما ألا إنني لا زلت حتى الان في الصف الثالث الابتدائي ،وانا الان في مدرسة قام احد أقربائي بالتوسط لإدخالي فيها ،واشعر بفرح كبير وانا اجلس واقرا واخالط زملائي من الطلبة ."
فالإعاقة وان كانت في قواميس البعض ممن لا يقدرون هؤلاء هي العجز ،وعدم القدرة على فعل أي شيء ، إلا أنها في حقيقة الأمر تعي اختراق العجز ،فختام وبعض كل تلك المحاولات لدخول المدرسة وهو حق كفله لها القانون وكافة المواثيق الدولية وتنكر له أناس لا هم لهم سوى التغني بقدراتهم وإهمال قدرات الآخرين ،ثبت ختام اليوم للجميع بأنها أقوى من كل شيء وأقوى من تلك الإعاقة.
عن بي ان ان