هكذا تُطبق "الفضيلة" ويُراقب منسوب الرجولة بغزة!
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
سناء كمال
غزة: ثَبَّتت حملة وزير الداخلية في حكومة حماس بغزة خطاها على أرض الواقع والتي كانت آخرها "مراقبة منسوب الرجولة"، على الرغم من الاستهجان والاستنكار الذي أطلقته منظمات حقوقية ومؤسسات مجتمع مدني.
وتنتشر مجموعات من رجال المباحث في شرطة حماس بالزي العسكري في المرافق العامة، مثل المتنزهات وبعض مفارق الطرق القريبة من الجامعات، يراقبون ويتابعون المواطنين، وحين يرتابون من أحدهم يتقدمون إليه لاستجوابه، خاصة الشباب الذين يكونون برفقة فتيات، ويتم استجوابهم عن درجة القرابة بينهم.
لم يكن يعلم الشاب العشريني (م.أ) أن جلوسه وحيداً في متنزه برشلونة بتل الهوا بغزة سيثير ريبة رجال المباحث ويستجبونه عن سبب تواجده في المكان، وعن ماهية المكالمة التي كان يجريها لبضع دقائق.
أجابهم الشاب:" أنا هان لأني زهقان وحابب أقعد شوي لحالي وأفكر بهموم الدنيا"، لم تعجب إجابته رجل الأمن فسأله:" مين البنت اللي كنت تكلمها وبدك اياها تجيك؟"، فأخبرهم وعرقه يترشح من جبينه خوفا، بأنه لم يواعد أحداً.
وقام رجل الأمن بطلب هاتفه لتفتيشه وهويته الشخصية، وبعدها أخبروه بأن يعود إلى بيته دون أن يلتفت وراءه، وهو ما نفذه الشاب (م.أ) بالفعل، لدرجة أنه تعرقل أكثر من مرة في مسافة لا تتجاوز عشرات الأمتار.
وفي ذات المكان كانت تجلس (س.ك) برفقة رجلين، لا يمتون لها بصلة قرابة من الدرجة الأولى ولكن يجمعهم عمل واحد، اقترب منهم رجال الشرطة أخذوا كل رجل في زاوية بعيدة عن الآخر للاستجواب.
استهجنت (س.ك) الموقف وسألت رجال الأمن عن سبب تصرفهم بهذه الطريقة خاصة وأنهم يجلسون في مكان عام وواضح للعيان، لكن رجال الشرطة طلبوا منها السكوت نهائياً، وهددوها بإبلاغ ذويها، وهو ما طلبت منهم فعله لتؤكد لهم أنها لم تتواجد بالمكان دون علم أهلها.
وبعد مشادة كلامية أمروها بمغادرة المكان هي والرجال، الذين هددوهم بالاعتقال والضرب في المرة المقبلة.
وتقول (س.ك) :" يبدو واضحا أن الداخلية لم ترضخ لمطالب الشعب وأن تخضع للقانون، فتريد أن تثبت للمواطنين أنها القانون ويحق لها تجاوزه".
رجل المباحث محمد رمضان التتر قال لزمن برس:" هناك تعليمات أن نسأل أي شخصين مع بعض، والذي نشتبه به عن هويته وسبب تواجده بالمكان، وأن نعتقله إن زاد الشك ونربيه – نضربه – حتى لا يكررها".
وأوضح التتر لمراسلة زمن برس أنه قبل أيام قليلة تم اصطحاب شاب وفتاتين إلى أحد المراكز التابعة لهم للتحقيق معهم عن سبب تواجدهم في مقهى برشلونه، وعندما تبين أن الشاب هو شقيق لإحدى الفتاتين وجهت له تهمة التواعد مع صديقة اخته وعزمه على مقابلتها في وجود شقيقته للتغطية على فعلته – على حد تعبيره.
وقال:" من حقنا الحفاظ على هوية مجتمعنا المتدين وألا نسمح للأخلاق السيئة ان تسود في القطاع، كما أننا نطبق الشريعة ولسنا نفتري على أحد".
وفي ذات الشأن قام أعضاء من حركة حماس ونواب في المجلس التشريعي باستجواب وزير داخلية المقالة فتحي حماد حول بعض القضايا التي أثيرت في القطاع، وحملات الفضيلة التي تطبق بين الفينة والأخرى، وذلك على غرار الاستهجان من قبل المواطنين ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني.
ولكن حماد أنكر قيامه بأيٍّ من الحملات، غير أنه أكد بأن من حقه الدفاع عن خصوصية المجتمع الفلسطيني المحافظ.
مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان خليل أبو شمالة أكد بأن الضمان الأكبر والأقوى للمواطنين من أي انتهاكات ينفذها رجال الأمن هي التقدم بالشكوى وتوثيقها لدى المنظمات الحقوقية، مشيراً إلى أنها تكفل جبر الضرر الذي يلحق بالمواطنين الذين تنتهك حقوقهم.
وأوضح أبو شمالة أن المشكلة التي يواجهونها في إيقاف تلك الانتهاكات خوف المواطنين من التوجه والتشكي على المعتدين، على الرغم من توفر بعض الجرأة مقارنة بسنوات ماضية على حد تعبيره.
وقال أبو شمالة:" لا يحق لأي رجل أمن أن يوقف المواطنين دون إذن قضائي أو وجود شبهة أو التباس، خاصة إن كانوا في أماكن عامة"، مشيرا إلى أن أغلب الحالات التي تم توثيقها لديهم كان المتضررون هم في حالة قرابة من الدرجة الأولى.
وأضاف:" القانون يحمي الحريات العامة، ولا يوجد نص قانوني حول حملة الفضيلة التي أطلقت في الآونة الأخيرة، وإن كانت الحملة دعوية فيمكن الدعوة إليها من خلال المساجد"، متابعا:" أما بالنسبة لمراقبة منسوب الرجولة، فهي كلمة فضفاضة تعطي مجالا للأجهزة الأمنية للتدخل السافر في الحريات العامة".
ومن ناحيتها استمرت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة من خلال منابرها الإعلامية بالحديث عن أهمية تلك الحملات وقالت" إنها تستهدف توعية أبناء قطاع غزة بضرورة الظهور بمظهر الشعب الأصل المتلزم المحافظ".
وقالت الوزارة على صفحتها على موقع فيسبوك" إن من غير المقبول أن يترك الشباب يرتدون بعض الملابس التي تظهر العورات ...هذه أفعال منافية للحـــــــياء ومرفوضة".
وختمت تصريحها بالقول إن ما تقوم به الوزارة هو عملية توعية وليست بالإكراه على حد تعبيرها.