اسرائيل بلد الفصل - هآرتس – جدعون ليفي
ماذا يريدون من إدارة السوبرلاند؟ انها في المحصلة العامة حديقة ملاه تبين فجأة انها صورة صادقة للمجتمع. فقد اجترأت السوبرلاند على أن تكون ايضا اسرائيل مصغرة. فاذا كان الامر كذلك فلماذا الغضب؟ ألأن مديريها سلكوا سلوكا كسلوك الجميع. أو لأنهم عملوا كالدولة؟ ان متنزه أحلام ايضا يوجد على ارض الواقع فلماذا يكون "سوبر اسرائيل" (اسرائيل مكبرة)؟
بالغنا في الطلبات من السوبرلاند. قرر مديروها فصلا بين الأولاد العرب واليهود، وبين الحريديين والعلمانيين ايضا وهذا هو الواقع السائد في البلاد. ان الغضب العام وفرقعة الألسنة المنافقة من اليمين واليسار، وتقديم المواعظ والتنديد ليست أكثر من نفاق وطموح الى الشعور شعورا طيبا مع أنفسنا ورغبة في تحطيم المرآة التي اقامتها اللونا بارك هذه حيث ظهرت صورة القبح. ان مجتمعا يحيا في سلام مع الفصل والظلم والعنصرية – المغروسة عميقا والمؤسسة المنهاجية – استيقظ فجأة للاحتجاج والغضب لان السوبرلاند فعلت فقط ما يفعله الجميع.
ان اسرائيل بلد الفصل. فالأولاد الفلسطينيون يستطيعون أن يحلموا فقط للوصول الى رمال ريشون لتسيون ولا يعترض احد على ذلك. ويستطيع الأولاد العرب (او الحريديون) في الحقيقة الوصول الى هناك لكن في فصل فقط كما اعتادوا. فاسرائيل هي بلد الفصل. ولن يلقى فيها ولد يهودي علماني عادي ابدا ولدا فلسطينيا او عربيا اسرائيليا او حريديا.
انها بلد الفصل حيث المحابس والطوائف. وثم فصل عنصري في مناطق الاحتلال، وفصل عنصري مخفف في داخل دولة اسرائيل، لكنها تضج لما يحدث في الدولاب الضخم. ويضج تحته عصف الظلم لكننا نريد فقط ان يختفي ذلك على الدولاب كأنه لم يكن موجودا. والا تضايقنا شياطين الفصل في قطار الأشباح ايضا. وأن يتجاوز القطار الجبلي هذه الهاوية.
هذا طلب وقح. فمن الوقاحة الغضب بسبب هذا الفصل وتجاهل كل ما يحدث حوله. ومن الوقاحة ان يعبر وزراء الحكومة واعضاء كنيست عن "امتعاض" في وقت يسنون فيه قوانين عنصرية وقومية. لا يوجد أي حق لدولة لم تنشئ طول سنيها ولو بلدة عربية واحدة في الجليل، والتي يعد "تهويد" الجليل والنقب العنصري فيها هدفا قوميا، ولا يحل فيها تقريبا الحديث عن النكبة، ويمحون فيها اللغة والتراث لجزء من ابناء البلاد من القدماء فيهم، والتي تكون "المنطقة الصناعية" في مدينة عربية فيها هي مجموعة محال تصليح اطارات وكراجات، وليس فيها حتى جامعة عربية واحدة – ليس لهذه الدولة أي حق في أن تحتج على اللونا بارك.
ان دولة يدرس فيها معلمون عرب طلابا عربا فقط، ولا يتعلم الأولاد العرب الا في مدارس عربية فقط تقريبا لا تستطيع ان تعترض على فصل ليوم واحد. والدولة التي فيها كل عربي هو شيء مشتبه فيه الا اذا ثبت عكس ذلك، ويحرض قادتها على المجتمع العربي يجب ان تصمت حينما يتصرف جسم خاص مثلها بالضبط. ان كل ولد يهودي يتعرض للخطاب العام يأتي السوبر لاند غارقا في المخاوف والكراهية للولد العربي فاذا كان الامر كذلك فلماذا يترجح معه في نفس الارجوحة؟
ما أسهل الاحتجاج الغاضب على السوبرلاند – ما أجملنا اننا مستنيرون؛ ولن ندع العنصرية ترفع رأسها بيد أنها رفعت رأسها منذ يوم انشاء الدولة التي تقوم بقدر كبير على مبادئها من قانون العودة الى قانون املاك الغائبين. الدولة اليهودية في حقيقة تعريفها دولة قومانية فلماذا نحتج على السوبرلاند؟.
يثور فيها من وقت لآخر فضيحة صغيرة مثل فرع مصرفي لا يفتح حسابات للعرب او حاخام يدعو الى عدم ايجار العرب شققا، او سائق حافلة يرفض نقل عرب – وتضج البلاد ولكن هذا الضجيج يرمي فقط الى الطمس على الشيء الاساس والى اخفاء حقيقة أن كل ذلك يحدث في سياق واسع. يرمي كل هذا الاحتجاج السخيف الى شيء واحد فقط وهو ان نكذب أنفسنا قائلين اننا لسنا كذلك.
دعوا السوبرلاند وشأنها. فمديروها يستحقون شكرا خاصا لأنهم اظهروا للاسرائيليين كيف يبدون لا في مرآة اللونا بارك المحدبة بل في مرآة الواقع الحقيقي.