لا بديل عن وزارة الثقافة،انها ضرورة- فتحي البس
شكلت الحكومة بلا وزير للثقافة، في قرار غير مدروس ان صح ما تداولته تعليقات المثقفين على صفحات التواصل الاجتماعي،تماما كما حصل في الاردن عام 2003،حيث الغي منصب وزير الثقافة وطرح تشكيل مجلس اعلى للتربية والثقافة والعلوم كبديل.
سارع الكثير من الكتاب بالترحيب بالقرار،الا انني كتبت حينها انه قرار متسرع وغير مدروس،لان وزارة الثقافة جهة تنفيذية لبرامج التنمية الثقافية،وفي دول العالم الثالث ضرورة،وان كان لا بد من تشكيل مجلس،فيجب ان يكون مركزا للتخطيط والتفكير يرفد الوزارة بما قد ينقصها،وقلت انذاك اذا كان كل اردني "مستوزر"،فقد اصبح كل مثقف "مستجلس" حيث عقدت مؤتمرات وندوات لتحديد مواصفات عضو المجلس،ومهماته وقانونه وعلاقته بالحكومة،وطالب كل رؤساء الروابط والهيئات الثقافية واتحاداتها بأن تمثل في المجلس لانها الاقدر والأعرف.بعد جدل طال لاكثر من عام،وبعد حالة شلل تام في الحياة الثقافية،عقد المؤتمر الثقافي الاردني الأول،قرر في نهايته المجتمعون المطالبة بعودة وزارة الثقافة ومنصب الوزير،فعينت انذاك السيدة اسمى خضر،التي نسبت الى رئاسة الوزراء بتشكيل "المجلس التأسيسي للمجلس الاعلى للتربية والثقافة والفنون" ليكون رديفا لوزارة الثقافة،فشكل المجلس برئاسة الشريف فواز شرف،وكان لي شرف العضوية،فعقد المجلس اكثر من 40 جلسة حوار وتفرع عنه عدة لجان،ولكن في نهاية المطاف،وبعد صياغة قانون المجلس،وبعد نقاش مطول في مجلس النواب وفي مراكز الدراسات كمركز الرأي،طويت صفحة المجلس،وظلت وزارة الثقافة ،يستعين وزيرها بمستشاريين ان شاء ذلك.
وأظن ان الامر سيتكرر في فلسطين،شلل واضطراب وفوضى ،فلماذا لا نستفيد من تجارب غيرنا،فأحوالنا ليست مختلفة،بل ان عدد "المستجلسين"سيكون اكثر بكثير بفوضى رؤى ومطالب معقدة وبتصورات غير قابلة للتطبيق.
افهم ان الكثير من النقد يوجّه لوزارة الثقافة،فهناك قصور في نواح كثيرة،لكن الوزارة انجزت في الكثير من البرامج وبجب ان يظل المثقفون يطالبون بتطوير ادائها .بالتأكيد يكون الاختيار لوزير الثقافة في بلادنا بدون تدقيق،فيكفي ان يصر فصيل على ان المنصب لاحد اعضائه،ليتم التعيين دون التدقيق بالقدرة والمعرفة،والاهم من ذلك الخبرة في الادارة الثقافية،المختلفة عن اي وزارة اخرى،تماما كاختلاف المنتج الثقافي وضرورته للتطوير والبناء النفسي والتنويري،عن اي منتج اخر.
اذن،وزارة الثقافة ضرورة،والمطلوب تطوير الاداء،فهي الوزارة الاهم التي يحتاجها المجتمع،خاصة اذا نجحت بالتعاون مع الوزارات الاخرى،كالتربية والتعليم لوضع تصور لبناء الاجيال معرفيا وحضاريا،واذا استطاعت ان تستمع الى الكتاب والمثقفين وان تدرس مع كافة العاملين في الصناعات الثقافية،واقعها وخطط معالجة مشاكلها،بدون تعال او استخفاف،وتنفذ الممكن ضمن ما يتيحه واقعنا تحت الاحتلال.